قصة قصيرة .. كانت آنذاك طويلة جدا ً…

 سردار رشيد

ذالك الازدحام الفوضوي المزركش بضجيج الناس وأنين سياراتهم الكهلة والمحمل بمطر هطل في وقت غير مناسب جدا.. جعله ينطق .. جعله يلتفت إلى إنسانة متمسكة بألف غرض بواسطة يدين باردتين كزجاج هذه السيارة اللعينة التي تكاد تنفجر من كثرة إصدارها لأصوات شيخوخة لا تمل… هل لازالت تبكي..؟؟ سألها وهو يدرك الجواب .. سألها وهو يكره الجواب …نعم ..نعم ..بكائها الذي أعلن له أنه ضعيف ..أنه  ليس على قدر المسؤولية .. مسؤولية عدم تعرض فلذات الكبد إلى المرض..
بكائها الذي ما زال يؤكد له كل ثانية أنه … أب فقير في كل شيء…الأم تحاول جاهدة أن تحيل ذلك المشهد الذي لا يطاق إلى ربيع يرقص .. ولكنها تفشل .. فهو يخشى أن يلتفت إلى الوراء…إلى مقعدها في جوف خالتنا الكهلة ..يا مركبة كرهتها منذ الوهلة الأولى.. يا سائق كرهت لا مبالتك منذ الوهلة الأولى…ابنتي مريضة يا صاحبي ..أسرع..
واجعل هذه اللعينة تصل بنا إلى آخر مثلك لا مبال  .. طبيب تعود أن يبكي الطفل إلى درجة الموت .. قبل أن يلقي تلك النظرة المباركة.. عليه.. وبعد أن ينتهي من الطقطقة على كمبيوتره اللعين…أعشق المطر يا إلهنا .. المطر ضروري لنا ..ولكنني اكرهه الآن فسامحني .. أكره عرقلته لي ووقوفه كشرطي المرور .. عائقا ً لوصول صغيرتي إلى غرفة انتظار أخرى.. إلى مرحلة صبر وتحمل أخرى…بكائها يجرح حلقي ..يخدش أذني الوسطى. يبكيني يارب ..فأوقف المطر.. وانزل الرحمة في قلب ذاك الشرطي … واجعل هذه الجدة اللعينة تطير …يا خال.. يا عم .. يا سائقنا .. والله هذه السيجارة تزيد حالتي سوءا ً.. حالتها سوءا ً.. فارميها… لو سمحت.. وارمينا هنا.. سنمشي .. لقد اقتربنا … خذ مائة .. معي ألف . أنه دين كغيره ..كحياتي كلها…
أين الطبيب… ماهذه الزحمة… الكل مرضى.. يالا حظي التعيس … أنه يوم المرض العالمي للأطفال.. دور .. دور ماذا … إنها تبكي…أنحن في دائرة حكومية… نحن في عيادة… دور .. دور … حسنا ً..حسنا ً…لننتظر.. خذ خمسمائة.. كان معي ألف …إنه دين كغيره… كحياتي كلها…ماذا يفعل الطبيب أهو تحقيق .. أيسردون قصص حياتهم له.. ابنتي تبكي..توقفت عن البكاء.. ابنتي يا غالية ..ابنتي ..ابنتي توقف عن البكاء..عن التنفس أيضا ً.. عن..ابنــــــــــــــــــــــــتي ….

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…