حباك الدهر مجدا لا يدانى
ففي الدارين تبقى مشتهانا
محمّد كنت في الدنيا رئيسا
فجئت الخلد، أسلمك العنانا
نهد ت تنازل الأقدار فردا
فلا نارا خشيت ولا دخانا
كأن الموت عاينه اختيارا
فلا يحيا لمن يحيا جبانا
أم النيران لم تشبع مزيدا
فلما أن قضى، هدأت لسـانا
سألت القوم عنك ـ عداك ذم ـ
فكالوا في مد يحك ما دها نا
وأما النادبـات مـن الصبايا
يصحن : محمد يبقى فتانـا
وما دوّى كما دوّى لعمري
سعيد في مواكب حين بانا
فجاب الجمع ثم جثا بوجم
يجسّ رفات نجله عنفوانا
ومن يك ذا أب كأبيه خلقا
لما أبطا مغيثا أو تـوانى
وباكية قـد انتبذت قصـيّا
نساء قـد أحطن بها حزانى
تصيخ: محمـد ولدي نواحا
وتذرف عينها دررا جمانا
أبا فهد لقد أثكلـت أمـا
وزوجا أمّ أطفال رزانا
أبا فهد وكم أحييت ناسـا
ومن أحيا قد امتلك الجنانا
وريت بحفرة مغنى ومثوى
قرير العين واجفة ربانا
فلله درّه كم كان شهما
إذا ما رمته غـوثا تفانى
فنم في ربوة أسمى مقاما
فإن التبر تبر أين كانـا
أتاك المادحون بكل وفد
لينثر فوق رمسك الأقحوانا
فمثواه لقد أضحى مزارا
كما أمسى لعامـودا مظانا
وعامودا بما ثكلت تراها
بثوب العزّ تحيي مهرجانا
(*) في مساء الثالث عشر من تشرين الثاني من عام 1960 شبّ حريق هائل في سينما شهرزاد السينما الوحيدة في عامودا وما أن سمع الممدوح (محمد سعيد آغا الدقوري) بالخبر حتى سارع باتجاه السينما ورغم الحظر وخطر الموت الأكيد ، داهم النيران غير هائب ولا مبال واقتحم صالة عرض الفيلم وأنقذ ما أمكنه من إنقاذ الأطفال.. لكن النيران كانت نهمة شرهة فالتهمته فقضى بالحريق مع عشرات الأطفال الذين جاء لنجدتهم وإنقاذهم واكتسب بهذا شرف الشهادة عن 32 عاما ..