مَجلة «أبابيل.نت» تُواصِل تألـُّـقَها، واحْتِفاءَها بالكوْن الشعريّ

  بقلم : فريد أمعضشـو- المغرب

تواصل مجلة “أبابيل.نت” تألقها في سماء دنيا الشعر بإصدار عددها الـرابع والعــشرين الذي جاء غنياً بإبداعــاته ومواضيعه

ولـلإشارةِ، فهذه المجلة صحيفةٌ متميزة، بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، أنترنيتية تختص بالشعر وبكل ما يُمِــتُّ بصلةٍ إليه، يشرف عليها الأديب المتألق عــماد الدين موسى، وتقــدِّم مادتها للمتـــلقي في حُلّــة رائـعة بـــرع في تصـــميمها المبدع الســوري حسن إبـراهيم الحسن، ونغتنم الفرصة هنا لتهنئته بمناسبة تأهله إلى نهائيات مسابقة “أمير الشـــــعراء” التي ترعاها هيأة أبي ظــبي للثقافة والفنون. والمجلة المذكورة تصدر في الواحد والعشرين من كل شهر ميلادي، ولها موقع جميل على شبكة الأنترنيت (www.ebabil.net).
لقـــد توزّعت مواد العدد الجديد من مجلة “أبابيل.نت” على ثلاثة محـــاورَ رئيسةٍ، وهي: عائلة القصيدة، وأشجار عالية، وقوارب الــورق. فأما بالنسبة إلى أول المحاور فقد حوى عدداً من النصوص الشعرية التي جادت بها قـرائح ثلة من شعرائنا المـــعاصرين، ويلاحَظ – بوضـوح – تمَــحُّض أكثرها لقاموس الطـــير كما تعكس ذلك عناوينها، وغـلبة التكــثيف والإيحاء والتجـــديد على لغتها كما يـــلمس ذلك قارئُها.  ومن هذه النصوص “عصفورة بجناح واحد” لكولالة نوري، و”حـــكاية غراب أسود” لـــدارين أحمد، و”الكَـنَار المزْعِج” لمنذر مصري، و”عصفور شامي يترك رسالة” لـــعمر الشيخ، و”طــيور الرماد” لمحمد جميل أحمد، و”القبَّرَة العاشقة” لعيسى بطارسه، و”أغاني النَّوْرَس المهاجر” لمحـــمد طالب الأسدي، و”طائر يحلم بالنوم” لمـحمد عبيد، و”طائر الأسطورة!” لعبد الله الفَيْفي، و”طاوس وقصائد أخرى” لعـبد الرزاق الربيعي، و”طائر النقـطة” لأديب كمال الدين، و”السعادة بطائرها الأزرق” لعلي جازو، و”مثل طــائر خذلته أنثاه” لعبد الرحيم الخــصار، و”الشرفة” لفاطمة نـــاعوت، و”امرأة معلقة كـــحبّة كرز” لمـــعتز طوبر. ووردت نصوص القصائد مُرْفَقةً بلوحات فنية أبدعتها ريشة الفنان الكبير إبراهيم بوسعد. 
وأما المـــحورُ الثاني فقد ضمّ بين دفــتيْه نصين شعريين مترجَميْن إلى العربية؛ أولهما بعنوان “الأندلسية” للشاعر الوُجْـــداني الفرنسي ألفريد دي موسّيه (ق.19م)، ترجــمه الكاتب المغربي فريد بن محمد أمعضــــشو. وثانيهما بعنوان “كُتّـــــابٌ في مقهى” للشاعر الأمـريكي مارفيل هيل، عرَّبه الكاتب والشاعر الفِلسْطيني محمد حَلْمي الرّيشة. وينضاف إليهما مقال مركّز حول الشعر المنثور بنيوزيلندا (بيرناديت هول نموذجاً)، ترجمه إلى العربية رافد شنان.
وأمـا آخرُ المحاور الموسوم بـ”قـوارب الورق” فقد اشـتمل على جـملة من الأخـــبار الثقافية والقـــــراءات النقدية والدراسات الشعــرية؛ منها نبأ عن جائزة “جكرخوين” للإبداع الشعري في دورتها الجديدة، والتي أجمع أعضاء لجنة القراءة على منْـــحها للشاعر الكردي محمد علي حسو؛ صديق مقــرَّب للشاعر الراحل جـــكرخوين الذي تحمل الجائزة اسـمه، ولد عام 1930، صدرت له إلى حدّ الآن ثلاثة دواوين، هي: “نالين”، و”الأنانية” (أو “إزيـــتي” بلغة الأكراد)، و”زيـلان”، وتعرض إلى الاعتقال والســـجن حوالي ستّ مرات، بسبب مواقفه وأفكاره. ويأتي إعطــاءَه هذه الجائزة – كما جاء في نص الخبر – “تقديراً لجهوده الكبيرة في خدمة الأدب الكردي على امتداد بضعة عقود”. وتجدر الإشارة إلى أن جائزة جكرخوين عرفت انطلاقتها الفـعلية سنة 2001، وكانت تقدَّم لحائزيها من الشعراء الأكراد كل سنتين إلى أن تَقــرَّر تحويلها إلى جائزة سنوية بدْءاً من دورتها الأخيرة. وقد نالها إلى حد الآن كلٌّ من سيدايي كلش، وبـــي بهار، ومـلانوري هساري. ومن مـواد المحور الثالث كذلك خبر عن رحيل الشاعر أبي نضال نصر علي سعيد (ابن سلمية)، مُـــدَبَّج بيَراع مفيد نبزو. والراحلُ من زمــرة الشعراء المكفوفين الذين لم يفقدوا نور البصيرة، رغم فقْدِهم نور البصر؛ مثلــما كان الشأن بالنسبة إلى الشاعر الإغــريقي الضرير هومير؛ صاحب الملحمتين الشهيرتين، وأبي العلاء المعري؛ شاعر الفــلاسفة وفيلسوف الشعراء في القرن الهجري الــخامس. ويأتي رحــيل أبـي نضال بعد عـمر (55 سنة) حافل بالعطاء والإنتاج الإبداعي المــتواصل، بحيث خلّــف وراءه اثني عشر عملا شـعرياً؛ صدر أولها (“بوح القوافي”) عام 1982، وآخـرها (“هـمسات أنثى دامعة”) عام 2006. وتضــمَّن المحور نفسُه خمــسة تقارير ومـــقالات موجَزة عن أعمـــال شعرية مختلفة صدرت حـــديثاً. بحيث انصَبّ التقرير الأولُ – الذي كتبه راسم المدهون – على ديوان “الشاعر السوري عابــد إسماعيل “لــمع سراب”، الذي ضمَّ بين دفتيــه اثنتيْن وثمانين قصـــيدة منثورة، والعملُ صادرٌ عن دار التـــكوين بدمشق عام 2006. والتـــقريرُ الثاني عبارة عن قراءة واعية وعميقة في ديوان “الكرسي” للشاعر الكـردي شــيركوبيكه س. الذي ترجمه إلى العربية من أصله الكردي سـامي إبراهيم داوود، وصدر – في ترجمته العربية – عن دار المدى بــدمشق، وهو عبارة عن قصيـدة درامـية مـطوَّلة واحدة تـستوي على حوالي 140 صفحة، وتلتقي فيها عدة أجناس وفنون أدبية (المسرح – السرد – …)، وتتكشَّف أهميته – كما يقول هشام الصبّاحي – “في إعْطاء الكرسي قِيمة الإنسان الكـــامل”. وقدَّم التقرير الثــالث – وهو لعــبد السلام العطاري – قراءة في “بيــت العين”؛ المجموعة الشعرية الثالثة لــرانة نَزّال؛ شاعرة فِلـسطينية الأصل، سَــعودية الميلاد، بَحْرَيْنِية الإقامة. وقد صدر هذا العمل مؤخراً (2008) عن المؤسسة العربية للدراسات والــــنشر، بعد أن صدر لها،عن دار النشر عـــيْنِها، مجــموعتا “فيما كان”، و”مزاج أزرق”. وعـــرَّفنا التقرير الرابع بآخر إصدارات الشاعر المغربي المرموق بن يونس مـــاجن، ويتعلق الأمر بــديوانه “فــرامل لعجلات طائشة في الهواء”، الذي صدر عن دار الزمان الدمشْقية، ويضم عشرين قصيدة (83 ص. من القِطْع المتوسط)، وتســتقر على غلافه لوحة للفنان جــبر علوان. وكتب التقرير الأخـيرَ إلهامي لطفي حول ديوان سهام جبار الجديد “قديماً مثل هـيــــباشيا”، الصادر – الشهرَ الماضي: يونيو 2008- عن دار الحضارة بالقاهرة، ضــــامّاً بين دفتيْه إحدى وعشرين قصيدة نثرية. وصـــاحبةُ الديوان شاعرة وناقدة عراقية حصلت على درجة الدكـتوراه في تخـــصُّص النـــقد الأدبـــــي من الجامعة المستنصــرية ببغداد، وصدر لها أول ديوان شـــعري العام 1995 عن إحــدى دور النشر البغدادية، تحت عنوان “الشـاعرة”، ومن كتبها المنشورة “الكاتبة في مدار النقد”، علاوةً على أبحاث ومقالات أخرى، وترجمت أشعارُها إلى أكثر من لغة أجنبية، وعاشت الشاعرة محــنة الحرب الأخيرة التي شُنَّت على بغداد، وأسفرت – كــما هو معلوم – عن إسْـقـاط نظام صدام وإدخال العراق في دوّامة من الفوضى والدمار والـــلااستقرار، وانتقلت مؤخراً للعيش في الديار السويدية.

وفي محور “قوارب الورق” دائــماً، نقرأ مقالة أدبية نقــدية رصينة لــرائد وحش عنوانُها “محمود درويش وسليم بركات: مَنْفَـيان ومَنْفِـيان في لعبة المرايا الــمتقابلة”، سلطت الضياء على تجربة الاغــتراب والمنافي لدى المــــبدعيْن المَــعْنييْن، وبحثت عن التقاطعات والتمــايزات بينهما. فقد عاش الشاعر الفلسطيني درويش فعلاً تجربة الغربة والنأي عن الوطن لأسباب معروفة، وعَبّر عنها في أشعار ملتهبة تنبض بحرارة العاطفة وصدق الشعور. ونُلْفي الشيءَ نفسَه لدى الشاعر والروائي الكـردي سليم بركات (يسميه الأكراد باسم “ســليمو” عادة)، إذ إنه – كما قال كاتب المقال – “لم يكن إلا هو، المبدع شعراً، والمَنْفي دوماً في الحياة وفي النــص. وهو،بكلمة واحدة، الهادِم، لكنه بنى على أنــقاض ما قوَّضه لحظة جديدة وبكْراً في الكتابة الشعرية المغايرة… منضَمّاً بألق كلماته إلى الكبار مباشرة، وبجدارة لا تليق بغير الفاتحين والمؤسّـسين”. واحتوى المحور نفسُه على تقرير عن كتاب “في عالم بلا أسماء”، وهو عبارة عن أنطولوجيا للشعر الفلسطيني في القرن العشرين، تضمّنت نصوصاً شعرية لخمسة وثلاثين شاعراً فلسطينياً (مثل: الأخوان طوقان، ومــحمود درويش، وسمـيح القاسم، وجبرا إبراهيم جـبرا، وعز الدين المِـناصرة، ومحمد حَـلمي الريشة، وسَــــلمى الخضراء الجيوسي، وتوفيق الصائغ، ومعين بسيسو، وتوفيق زياد، وبشير شلش)، ترجمتها إلى الإيطالية؛ اللغة التي كتبت بها الأنطولوجيا الصادرة في إيــطاليا، ماريا كوراو، وسيون سابيليو، وفولفيا دي لــوركا. وخُتِم العددُ كله بتقديم ورقة تعريفية بالعدد الأخير من مـــجلة “أدب ونقد”، مع التركيز على الوقوف عند إحـدى موادّه، ويتعلق الأمر بديوان “سُــــلالتي الريح” للشاعر الفلسطيني المعاصر مــوسى حــــوامدة.

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ألمانيا- إيسن – في حدث أدبي يثري المكتبة الكردية، صدرت حديثاً رواية “Piştî Çi? (بعد.. ماذا؟)” للكاتب الكردي عباس عباس، أحد أصحاب الأقلام في مجال الأدب الكردي منذ السبعينيات. الرواية صدرت في قامشلي وهي مكتوبة باللغة الكردية الأم، تقع في 200 صفحة من القطع المتوسط، وبطباعة أنيقة وغلاف جميل وسميك، وقدّم لها الناقد برزو محمود بمقدمة…

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…