ندوة نقدية عن مجموعة «إنها الريح» لعمر كوجري

متابعة: حسين خليفة

ريح نقدية عاتية
بدا لحضور الندوة النقدية التي شهدها المركز الثقافي الروسي 11/6 عن باكورة أعمال الشاعر عمر كوجري «إنها الريح» أن السادة النقاد يريدون لشاعر ينشر مجموعته الأولى أن يحقق فتوحاً أدبية، ويثوّر النص الشعري، ويخرج كل شياطين الشعر من سباتها الطويل، وعلى هذا الأساس استل الناقدان د. خالد الحسين ود. هايل الطالب كل سواطيرهما النقدية وبدأا بتشريح النصوص التي حوتها المجموعة فرأى د.هايل أن المجموعة تحمل ثلاثة مقولات: الأنوثة ـ الشهوة، الطبيعة، الشاعر والذات في علاقته بالآخر، وقال إنه يقرأ هذه المجموعة فيجد صوراً جميلة لكن يثقلها السرد الطويل.

والشاعر ـ برأي الدكتور هايل ـ اعتمد في بناء النص على تقنيات مكرورة (التلاعب اللفظي) وفيه إرهاق وإفساد لجمالية الصورة، هذا الهدر اللغوي الفظيع سبب انفلاشا في بناء النصوص وأضعف من سيل اللغة الشعرية.
ويلاحظ إعادة البنائية في النصوص مع تكرار نفس التيمات المعتمدة في بناء النص مما أذهب وهج النص.
وسمى تجربة الشاعر بشعرية المسافات القصيرة مشبهاً إياها بسباق المسافات القصيرة حيث يكون الفارق بين المتسابقين يقاس بالثواني.
وتمنى على الشاعر أن يترك مسافات بينه وبين المتلقي.
أما د.خالد حسين فأشار إلى هلهلة النص وأن الشاعر يتحرك في فضاء التماثل والسائد الشعري ولا ينجز اختلافه وتميزه.
لذلك جاءت القصائد ـ برأي الحسين ـ في مناطق محدودة ملفعة بالدهشة، وحاول الشاعر أن يحفر في اللغة العربية هسيس لغته (الكردية) لكن مع غياب قوة الأداء اللغوي أصبحت عبئا على النص.
واتفق مع د.هايل على أن هذه المجموعة لا تنجز اختلافها مشيراً إلى غياب إستراتيجية الكتابة عند عمر، فالقصائد تتشابه والمعجم يتكرر، وهناك افتقاد لاقتصاد النص، واعترض على العنوان فكلمة الريح فقدت فاعليتها الشعرية، والقصائد تفتقد إلى الرشاقة اللغوية مستشهدا بمقاطع من المجموعة.
لكن كان للنقاد د.حمزة رستناوي والأستاذ احمد هلال والشاعرة نورا محمد علي آراء مختلفة، اذ قرأ د.حمزة في تحولات البعد الزمني في المجموعة، فرأى ان النصوص تحن وتستعيد ذكريات الطفولة وزمن الحبيبة، ولا تملك القصائد كينونة مستقلة عن الشاعر، ورغم أن النص مكتوب بالعربية لكنه نص متمرد يظهر البعد الفئوي فيه مثل قصص سيامند وخجي وأسماء ومصطلحات خاصة بالموروث الكردي يصعب فهمها على الآخر وهذه كثيرا ما ترد في الأدب الذي يكتبه أبناء الأقليات القومية.
أما الناقد أحمد هلال فلاحظ الانسياق مع الأنا الذاتية في النص الشعري، والشاعر يريد أن يؤسس صوته الخاص بذلك النص الحر الرعوي، فالنصوص بسيطة وليست مثقلة بالأيديولوجيا متطيرة إلى الحالة الفطرية الأولى.
ورأى أن الشاعر يؤسس لفضاء حر لا يستطيع القارىء أن يؤوله بالكثير، وإنما أن يتماهى معه إلى أفق من المتعة والمساءلة.
الشاعرة نورا محمد علي قدمت قراءة مبتسرة في قصائد المجموعة فاستعرضتها واحدة واحدة وتوقفت عند بعض الأبعاد الجمالية والنفسية في المجموعة.
في المجمل جاءت الندوة إضاءة نقدية لقصائد الشاعر الأولى رغم القسوة البادية في أحكام الناقدين: د. هايل ود.خالد، وكان يفترض أن ينظر إلى العمل الأول للشاعر على انه عتبة لأعمال قادمة لا بد أن يشهد مطبات لكن الإشارة إلى بقع الضوء الكثيرة في المجموعة يعطي الصورة كاملة دون مجاملة ولا مجازر نقدية.

أدار الندوة الزميل إدريس مراد وشهدت حضورا لافتا في هذا القحط الثقافي.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…