دهام حسن
عندما أسمع بعبارة (ادب المقاومة) يقفز إلى ذاكرتي محمود درويش وغسان كنفاني وسميح القاسم، هؤلاء الأعلام وسواهم، استحدثوا نمطا من الكتابة الأدبية، شعرا ونثرا بنَفَسٍ ثوري، عرفت بأدب المقاومة، مقاومة الغزو والاستيطان الإسرائيلي لفلسطين، بمؤامرة دولية، ليس المجال للخوض فيها الآن والوقوف على أسبابها، فكانت مهمة الأدب والأدباء هنا هي حثّ النفوس، وإثارة الحميّة والهمم في النضال من اجل (حقّ لايموت) بتعبير الكنفاني ..
واليوم في ظلّ هذه الهجمة البربرية، وهذه البدائية في التفكير، وهذا التوحش في الممارسات الهمجية من قبل الإسلامويين المتطرفين إلى جانب مسمّيات أخرى، وقد ارتسمت ملامحها واضحة في (شنكال وكوباني) وما عملوا فيهما من قتل وتدمير وهلاك، حيث استحالت كوباني إلى أطلال، من هنا يرتسم في الذاكرة ما للأدب من دور ريادي في المقاومة، ووظيفة نضالية، وشرف المقاومة، وهذا ما ينبغي أن يستفز مشاعر مثقفي وكتاب وشعراء شعبنا الكوردي، حيث تستهدف أرضه، وينتهك عرضه..
فالأدب علاوة على الوظيفة الجمالية، فليس أمامه هنا في هكذا حالات إلا ان يكتسي برداء النضال وشرف المقاومة، وذلك بصفاء التعبير، ودقة المعنى، ونبل الهدف..
تبقى شنكال وكوباني رغم ما بينهما من مسافات وحدود تبقى في بال وقلوب شعبنا الكوردي المنكوب اليوم بهمجية هؤلاء الباغين..
من هنا لابد للأدب من أن يلعب دوره النضالي، من توضيح اللوحة السياسية، وبيان همجية هؤلاء الغزاة، وسعيهم الدائب للعودة بنا إلى جاهلية القرون الوسطى، إلى عهود الطلاسم والأضغاث والغيبيات، إن الهجمة البربرية المتوحشة استنهضت فينا روح الأنفة والعزة والإباء، من هنا كان لا بد من الإقرار بما للأدب بشتى فنونه من المكنة والقدرة على توضيح أية مسألة مثارة، كما يرشد المتابع المعني على سواء السبيل الذي ينبغي اتخاذه، فمعركتنا اليوم تفرض علينا معالجة مسالة مصيرية، تدفعنا لهذا التساؤل المرير:أن نكون أو لانكون، فلا أحد يرضى لنفسه، أو لشعبه بالذل أو الفناء، من هنا فليس أمامنا سوى العزيمة لنفرض وجودنا على الخارطة السياسية..
إن شنكال وكوباني أثارتا في نفوس شعبنا الكوردي قاطبة الحميّة، وأحيا فيها الكثير من الصمود وروح التحدي والمقاومة، كما جذبت اهتمام الكتاب والشعراء، وقُل سائر المثقفين بمختلف تلاوينهم بغرض تناول الموضوع بجانبه المعرفي لتذكية روح النضال والمقاومة في النفوس..
أجل فهاهي كوباني وشنكال تشهدان على مدى همجية هؤلاء البغاة الغزاة، كما تشهد على مثل البطولة والتضحية والمقاومة لدى شعبنا الكوردي مما أثار اهتمام وإعجاب العالم، ووقوفه أمام شجاعة وفداء المرأة الكوردية بزيّها الفدائي، وبالتالي استقطاب الرأي العام العالمي لمؤازرة قضيتنا العادلة في محنة شعبنا البطل والمنكوب..
وفي الختام أتقدم بهذا النص الشعري التالي وهو من نظمي بلسان من يرغب ان يمضي إلى شنكال وكوباني للمشاركة في شرف النضال والمقاومة..
الحـرامان..
إذا ما كان للشنكال مسـعى
ففي وسعي إلى شنكالَ أسعى
وكوباني هي الأخرى سبتْني
لها نفسي بما حملته وسعا
وما استغنى عن (الحرمين) كردٌ
فأمّـوا نجدةً فردا وجمعا
أتانا منهما عجلا ً رسولٌ
ملأنا الدرب أجنادا ودِرعا
فمنّا ما اغتدى للحرب إلا
وكان المبتغى شرفاً وشرعا
فلا نخشى الأعادي يوم جربٍ
فنجرعهم من الآجال جرعــا
أقول إذا أتى منه وعيدٌ
:خسئت إذنْ متى أفزعت سبعا
أسنتنا تراها في نزالٍ
تلازم نحرهم ضرباً ووقعا
تعربد سابحات في سمانا
يفرّ عدوّنا للجحر فزعا
قد اعتاد الفرار لنا خصومٌ
تزغرد نسوةٌ للفار رُجعــى
غدوتُ غداة يوم في بكورٍ
وفوضى الناس ألسنة ً وسَمعا
يحوم الطير سربا في توالٍ
على الباغين من كلمى وصرعى
فلا باهى من الأكراد أنس ٌ
بما قد خاب للأشرار مسعى
فكم سرنا إلى الملهوف غوثاً
أثارتْ خيلنا في الهجم نقعا
فإن كنتم بريبٍ من مقالي
سلوا عنّا إذن أشبال درعا
فقد كنا لهم مدّاً وعوناً
وجاء الغوث أعرافا وطبعا
فإنّـا معشـــرٌ جــدا ً ودودٌ
أثرنا في الدُّنى صيتاً وسِمعا
إذا ما عاشروا قوما بيوم
تراه طاعةً أصلا وفــرعا
ترى (البيشمركَ) كالآساد كـرّا
و(صقر الكرد) يقظانٌ ويرعى
سليل الأكرمين َ أبـاً وأمـاً
وحسبه من أب ٍ قد فاض نبعا
إلى القمم العوالي قد صعدنا
نزفُّ النصر صقعا ثمّ صقعا
لسان القوم فيضٌ من ثناءٍ
أجيش الكرد قد أحسنت صنعا
أشنكالي وكوباني سلاما ً
لكردستان َ نفدي الروح طوعا
————————–
_ المقصود بصقر الكرد السيد الرئيس مسعود البارزاني