دروب قاحلة رواية دولة المنارة… اللامنتهية

ياسين حسين

صدرت مؤخرا رواية (دروب قاحلة) للروائية شيرين خطيب،  وجاءت الرواية في 205 صفحات من القطع المتوسط وبغلاف لوحة جميلة من أعمال الفنان خليل عبد القادر.
تتحدث الرواية عن حقبة زمنية محددة -منذ بداية الخمسينيات والى يومنا الراهن- تمر بها دولة المنارة كما يوضح في الكتاب على ان المكان في الرواية هو دولة اسمها المنارة. وينجلي عنصري الزمان والمكان بشكلهما الراسخ في نهاية الرواية، والذي يبدو في بدايتها مبهما نوعا ما.
والملاحظ ان لغة الرواية تبدو وكانها مترجمة من لغة من اللغات الشرقية، حيث في أكثر من مكان نقرأ بعض العبارات التي لها دلالتها في اللغة الكردية، ولا تخدم السرد الروائي في هذه الرواية، وعلى سبيل المثال:
(الشجرة التي لا يكون منشأ الدود منها، لا تموت) ص 145والتي يقابلها في الكردية المثل التالي:
Ku kurmê darê ne ji darê be, dar xera nabe
في سياق الحديث (عندما ترى خلف رقبتك) ص  186 ويقابلها في الكردية

Ku tu paş histê xwe bibîne

بالاضافة الى العديد من الاشارات الاخرى في هذا الصدد، والتي كان بمستطاع الكاتبة ان تتلافاها.
تبدأ الرواية مباشرة بسرد للحياة في مدينة عفا عنها الزمن –كما يقال- كحال أي مدينة في بلدان العالم الثالث، حيث تعاني من الظلم والفقر والحرمان، تكون عائلة حبيب الحسيني المثقفة من الطراز الرفيع، حيث الصحفي والطبيب، المكونة من اربعة افراد (شاهين – روان – يونس-حنان) بالاضافة الى والدتهم.
 تكون بطلة الرواية (روان) ، المتمردة حصرا في العائلة، على شاكلة أجدادها، والمتمردة في المدينة ايضا. وتستلم زمام المبادرة بأن تكون بطلة الرواية والراوية في آن واحد. مما يدل مدى التفاعل بين الشخصيات وبين الكاتبة التي تكون بالمرصاد لكل شخصياتها.
حيث الاب مناضل قديم كان يحاول ( الجمع بين قيادة الوطن نحو الديمقراطية وبين الوعي وانسانية الانسان التي يجب ان تصان وتقدس….). وهو سليل أسرة متمردة ومشهورة في مدينة المنارة بوقوفها في وجه الظلم والطغيان. وتاتي روان لتسلك طريق والدها وتتعلق به، فهي تحمل رسالة والدها وتبدأ منذ تخرجها من كلية الاداب بممارسة مهنة الصحافة في جريدة النهار الجديد بكتابة المقالات السياسية التي بسببهها اعتقلت، مما حدا بالأب بإرسالها الى أوربا لتبتعد عن المشاكل – على حد قول أخوها شاهين.
لاتتوقف روان عن الكتابة في ميدان الصحافة بل وتكتب الرواية نفسها (دروب قاحلة)، تتمرد على الواقع المعاش كتابة وحبا أيضا، حيث (لاتعترف بسيادة حضارة تسحق الفرد)، و حيث يكون حبها أيضا مأساة من ماسي المنارة ونموذج لتمردها الذي اودى بها الى حب عزيز صادق الدكتور الغني والمتزوج من امراة أخرى. هذا الحب الذي باء بالفشل، وحبها الاخر الذي انتهى بانتهاء الرواية لـ محمد أمين الغني والثري أيضا والذي يعيش في هولندا.
تتراتب الأحداث بنسقية تامة، وتبدأ من المنارة كمكان أوحد وميدان لاتستطيع ان تتخلى عنه روان، وتبدأ بموت الوالد(حبيب  الحسيني) الى اعتقال الشبان في المظاهرات وموتهم تحت التعذيب، مع الحيز الكبير لعلاقة الحب بين روان وعزيز والذي اخذ قسما كبيرا من الرواية ، تلك العلاقة التي تذكرنا بروايات المنفلوطي في الفضيلة وماجدولين، أو على غرار دراما تلفزيونية هشة ومقرفة في بعض الاحيان.
رواية دروب قاحلة لاتفتقر الى عنصر التشويق ، الا ان ماتوحي به دولة المنارة من دلالات اقليمية وقومية ايضا، فكان من المرجح ان تتناول هموم اهل المنارة وتكون الافضلية لالقاء الضوء على هذه المدينة المنسية لما يحل بها من ظلم وحرمان.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

محمد فتحي المقداد. سوريا

الأدبُ الوهَّاجُ المُتوهِّجُ سيبقى نافذةً نُطِلُّ منها على ذَواتِنا، وهو المرآةُ العاكسةُ لأحوالِنا، وفيما يُكتَبْ من نصوصٍ أدبيَّة شعريَّةٍ أو نثريَّةٍ أو مقالاتٍ أو خواطر، جميعها تتوخَّى المِصداقيَّة بمُقاربات، تقترب أو تبتعد عن الهدف، وجميعها خاضعة لقدرة ومهارة الكاتب.

الأمرُ الذي يدفعُنا كقُرَّاء أيضًا للتساؤل حول جدوى الكتابة، أمام آلة الموت القاسية التي…

مصدق عاشور

أناملي

تداعب أوتارَ الزمن،

حنينٌ لروحِ أمٍّ،

تراتيلُ نغمٍ،

إنها صدى الروح…

 

فمتى تتناغمُ النغماتُ،

يا ياسمينَ الأغاني؟

قُم، وحاكِ ذاتَك،

أما آنَ لك أن تُواكِبَ الأغنيات؟

 

اليومَ سماؤُنا بيضاءُ،

تتماوجُ فيها الأوتارُ،

فلا تهتمّ، ولا تحتجّ،

عُد من شواطئِ البحار،

 

أيّها البحّارُ العجوز،

اركبْ موجاتِكَ بالأوتار،

فهي حكاياتُ الزمن،

وتغريدةُ عصفورٍ

يُشعِلُ الصباحَ بالحبِّ والحنين.

أ. د. قاسم المندلاوي (1)

كرميان أو جرميان أو غرميان هي منطقة إدارية ضمن إقليم كوردستان وتسمى رسمياً إدارة كرميان المستقلة. تعتبر مدينة كلار مركزها، وكانت تابعة لمحافظة كركوك سابقاً، وقبل عام 2003 كانت ضمن محافظة السليمانية. وفي عام 2012 أصبحت إدارة مستقلة، وهي أكبر قضاء في إقليم كوردستان.

كانت مرشحة لتكون…

سلمى جمّو

 

– 1 –

والأسودُ

من حُسنك حسِدٌ

أنْ ما لك تسرقُ وقّارَك من كُلّي؟

والجهامةُ

من بسمة ثغرِك مكفهرّةٌ

أنْ من أين لك وهذا السحرُ الذي يلغيني؟

يا ويحَك!

يا بن هذا الكبدِ القطمير

رويداً عليّ، فالقلبُ أضناه السقمُ

امشِ هويناً

واخلعْ نعليّ الوساوسِ زاجرها

فأنت في حرم جسدٍ مباركٍ.

تغلغلْ فيه

شجرةَ تينٍ وزيتون

واسقِه عذباً فراتاً

من رُضابك العسل.

يا أنت الخرافيُّ الكينونةُ

يا مسيحَ المعجزاتِ

مسّدْ تشنّجاتِ توتّري بتراتيلك.

 

– 2…