الطالب سفيراً فوق العادة.. إلى طلابي الأعزاء

إبراهيم يوسف
elyousef@gmail.com

لكأنني لا أصدق البتة…!:،
ثلاثون سنة من العمل في عالم التعليم، هي ذي تمر كومضة حلم، لا أكثر حيث توزعت بوصلة روحي عناوين كثيرة: مدارس، وتلاميذ، وطلاب ، وكراريس وكتباً، وأقلاماً، وحيوات اجتماعية،ا شتى، وإداريين، وقوانين، ومناخات متباينة، لتستحق أن أكتب عن كل حركة من الخط  البياني الذي أتركه خلفي مجلدات، وكتباً لا تعد ولا تحصى……!
وإذا كان -الطالب- إزاء هذه التجربة الزمانية، هو محور العملية التربوية، وهو من توجه إليه رسالة التعليم، فهو بطلها، وحقل تجربتها، وهدفها، وثمرة شجرتها، فإن ذلك ما ينهض في التجربة على امتداد ذلك الشّريط الهائل من الوجوه، والأسماء والشخوص، أنى تواجدوا، الكثير من الذكريات، لدرجة يكاد يكون لي كمرب، كتاباً في كل اسم، وكل وجه عرفت خلال هذه التجربة المتواضعة في عمر دورة الزّمان، والشاغلة لمساحة هائلة -بحقٍّ- من حياتي، وهو لأكبر إرث لي -أنا الذي لم أبحث عن مجد- سوى حب المعرفة، والحقيقة، وبذل كل ما أمكن من جهود في سبيل ذلك، مستحثاً خطا الرّوح، على ما اخترت من درب، كي يكون كل هؤلاء، واحداً واحداً من عداد أسرتي الشخصية التي بهم، تكبر، ماداموا سفراء لأسرهم، بل ومربيهم -أنى كانوا- يؤدون رسالة اشتركت في صنعها معهم بيوتهم، ومدارسهم، في آنٍ واحد…!.

وإذا كان الطالب هو البذرة، فالغرسة، الأكثر أهمية في دنا عالم التعليم، فإن ذلك ما يجعل معلمه – فجأة- أمام دور جد خطير، جد كبير، جد حساس، لأن المعادلة التي يتنطع المعلم كي يكون جزءاً منها، أو طرفاً فيها مع ذوي -الطالب- ومدرسته، وبيئته -أيضاً- وهي مسؤولية عظمى- ومن هنا، فإن مهمة التعليم تكتسب أعظم شرف مقدّس، كما يخيّل إلي!.

وإذا كان من شأن دورة الزمان، أن تنسى المربي، خاصة أمام استطالة شريط علاقته بعالم التعليم، أسماء كثيرين من تلاميذه، وطلابه، ما لم تسعفه جداول أسمائهم في -دفتر عائلته- الكبير “لأن أسرة المعلم هي أكبر أسرة في العالم والحياة”.
إلا أن هناك اسماء تظل محفورة بجدران الذاكرة، عالقة بشغاف القلب، وطيات الروح، وهو مايدفع بالمربي، وهو يقف أمام لوحة إعلان مهندس كبير، أو ظهور اسم طالب من طلابه في جداول مبدعين، أو ممن توكل إليهم مهمات رسمية لافتة، أو حتّى أثناء نجاحهم الاجتماعي، والدراسي، ما يدفع بالمربي إلى الاعتزاز، تماماً، شأن اعتزازه بأبنائه، وبناته، وهم يحققون إنجازات معروفة، وليس من أجمل وسام للآباء والمربين -كما يخيل إلي- من نجاح بينيهم، وتلامذتهم، وطلابهم، بل لعل شعور المربي إزاء طلابه ليكون مضاعفاً – إذا ماقورن بشعور أولياء أمور طلابه، ليكون مضاعفاً – إذا ماقورن بشعور ولي أمر الطالب، أحد هؤلاء الأولياء، وكيف لا؟ مادامت رسالته تترجم في أكثر من بيت ، وعنوان ، وإن هذه الرسالة، لا تقف عند حد، معين، بل تتداخل مع سواها، من رسالات ستظل متواصلة مع دورة الزمان ، مادام أن خيار التعليم، هو صنو الحياة، والتطور، والإبداع، ولاغنى عنه البتة، شأن الهواء والماء والرغيف…!
– فصل من كتاب للمؤلف بعنوان:أسرتي الكبيرة -ثلاثون سنة بين المحابر والمنابر – معد للنشر

احتفل الكاتب في يوم 5-12-2009 بمرور30 سنة على عمله في مجال التعليم.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.
رفوف كتب
وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير في…

حاورها: إدريس سالم

 

في زمن الانهيارات الكبرى والتحولات الجذرية، لم يعد ممكناً التعامل مع القضايا المصيرية بمنطق الإنكار أو الاستخفاف؛ فالمشهد السياسي السوري، بكل تعقيداته وتناقضاته، بات يفرض على الفاعلين الكورد مسؤولية مضاعفة في إعادة تعريف أدوارهم، وترتيب أولوياتهم، وبناء مشروع وطني يتجاوز الاصطفافات الضيقة والانقسامات القاتلة، فالسكوت لم يعد ترفاً، ولا الشعارات تُقنع جمهوراً أنهكته…

فراس حج محمد| فلسطين

مقدمة:

أعددتُ هذه المادّة بتقنية الذكاء الاصطناعي (Gemini) ليعيد قراءة الكتاب، هذا الكتاب الشامل لكل النواحي اللغوية التي أفكّر فيها، ولأرى أفكار الكتاب كما تعبّر عنه الخوارزميات الحاسوبية، وكيف تقرأ تلك الأفكار بشكل مستقل، حيث لا عاطفة تربطها بالمؤلف ولا باللغة العربية، فهي أداة تحليل ونقد محايدة، وباردة نسبياً.

إن ما دفعني لهذه الخطوة…

غالب حداد

1. مقدمة: استكشاف “العالم الجميل الموجود”

تُقدّم مجموعة القاص والشاعر الكردي السوري عبد الرحمن عفيف، “جمال العالم الموجود”، نفسها كعمل أدبي ذي كثافة شعرية فريدة، يرسم ملامح مجتمع مهمش، ويحول تفاصيل حياته اليومية إلى مادة للتأمل الفني والوجودي. ويأتي تحليل هذه المجموعة، التي تمثل تطورا لافتا في مشروع عفيف الأدبي الذي تجلت ملامحه…