زخاتُ مطرٍ رهفَة…

ريـوي كربري

هناك حيث غابات التشابه بين الياسمينةِ والقرنفل وسحابات التصادم في وريقات البابونج البري الملطخة بالندى ألمح كارثة البعاد وأعجوبة ما يخلفهُ الشوق والسهاد..
تواريخ الأمس تنعقد مع قلادات الحاضر حيث الانشقاق في الروح والشرخ العظيم في ترنيمات الملتفين حول باقة النارنج البهية والغد المسيلِ بذخا بما تخبئهُ التواريخ..
ومن هنا وبين الواقع المنثور كَفناً والغائب المبعثر ألماً وبيني وبينكِ كل هذهِ التواريخ المدفونة بين حبيبات الشوق ليتني قتلتُ أول قبلة في تكوينات وجهك الناظر للشمس.

بيني وبينكِ آلاف القطارات والكثير من البعاد ولكن تبقى أنتِ وأنا وما بيننا زخات مطرٍ رهفة تنثر القزح حيث نحنُ وحيث الشوق فينا يحنوا.
وبأول أنشودة في سباقات المنحدرين من الغموض اندلقت صفصافة التآخم بيني وبين التزاحم في شرايين الطوفان الاكبر حيثُ التاريخ يهجوا التاريخ والحاضر يبكي الغائب والماضي ينسلُّ من تحت أصابع المستقبل فتغدوا الأرقامُ كتيباتٌ تتسللُ فوق جدران التواريخ..
وحين تنجرفُ القبلاتُ بعبق السيل القادم من شفاهك تتخبطُ الأزقة الموازية لقَبات نظراتك المندلقةِ سهاماً لؤلؤية خجلةً ما بين الخدين..
وأنا والوميض في تواريخ ثغرك المنتحل دماً نتقاذف حيث اللا معقول في معقول ما قد جرى فينا، فزخرفةُ العناقيد المتضاربةِ في جوف غيمةٍ من الماضي وسحابةٍ من الآتي تبرقُ كربيع الشوق الذي يتآكلُ فيما بيننا…
أما التواريخ حيث لا تاريخ لنا ولا وجود لحاضرٍ ومستقبل حين تأتي صفيحاتُ الماضي كي تبعثر جميع اللمسات وتسرق من بين اكف أناملك الطرية كنعناع النهر القريب من شرفات قلبي المتلهف برؤاك..
هل حقاً كانت تلك القبلات من وقائع التواجد على شرفات شفاهك الندية، أم هي قرابين المنكوبين في ما بين الشفة العليا والشفة السفلى، أم هي قناديلٌ أشبه بالماء حين ينحدرُ من بين حبيبات الأرض..
أم تبقى تواريخٌ ماتت في جنبات المنتحرين حين نامت أول سبابة في نحرك المعلن عن ثلج الربيع في جسد الريحان وتفاصيل اللقاء..
 
Rêwî girpirî

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…