هذه أمي. أمّ خالد جميل محمد.

  خالد جميل محمد

 إنها… قَــرْنٌ كاملٌ من الأحزان. مئة عامٍ من الأنين تحت أعباء الحياة بكرامة وإباء. مئات الشهور من الألم والأمل. آلاف الأسابيع من العمل في الحصاد وجني العدس والحِمَّص وجمع القش والسنابل الذهبية تحت قُـبُلات شمس قامشلو. عشرات المئات من الأيام في صناعة الــلَّـــبِــن (Kelpîç) وبناء البيوت الطينية وإعداد وجبات الوحَــل المخلوط بالتبن والممزوج بعرقِ البسطاء من بشرٍ أدركوا بعمقٍ شديدٍ مرارةَ الظلم وقساوة الحرمان. أطنانٌ من التعب في إعداد خبز التـنور. وآلاف الخطوات لجلب الماء من بئر (حَـوادِيــس) مشياً على أقدام لم تعرف أحذيةً (راقية! حتى في يوم الزفاف) وبصفائح محمولةٍ على أكتاف أتعبتها أعباء السنوات وهلكتها صروفُ الزمان. أرقامٌ عجيبة من ساعات ودقائق وثوانٍ طــــــويــــــــــــــلة في انتظار سعادةٍ لــمّـا تأتِ… عمرٌ مــــــديــــــــــد كقامة الحزن في استقبال حظٍّ مختبئٍ في قلب صخرة مجهولة العنوان.. 
هذه أمي.. دهرٌ من متاعبَ “لو نزلتْ على جبلٍ لرأيته خاشعاً متصدعاً”!. أمٌّ كرديّةٌ.. تشبه كردياتٍ كثيراتٍ لم تَـشهدْنَ احتفالاً بأعياد ميلادهن.. ولم تمارسْنَ فرحاً حقيقياً كغيرهن من أمهات هذا العالم المجرمِ بحقِّ مَـنْ بقين عـبثاً في انتظار شمسٍ جديدة عسى أن تأتي بما هو مختلف عمّا مضى.

https://www.facebook.com/xalidcemil.muhemmed?hc_location=timeline

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف

إلى أنيس حنا مديواية ذي المئة سنة صاحب أقدم مكتبة في الجزيرة

 

ننتمي إلى ذلك الجيل الذي كانت فيه الكتابة أمضى من السيف، لا بل كانت السيف ذاته. لم تكن ترفاً، ولا وسيلة للتسلية، بل كانت فعلاً وجودياً، حاسماً، مزلزلاً. فما إن يُنشر كتاب، أو بحث، أو مقال مهم لأحد الأسماء، حتى نبادر إلى قراءته، ونتناقش فيه…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…