العربة

رشاد شرف

سلك جاندار, شارع الجسر و في قلبه أكثر من سؤال. استدار يمنة و شمالاً كالخائف من شيءٍ عتيقٍ ما.. 
فكر بإرتباك.. تردد في خطواته.. شعر بثقل في جسمه.
حاول جاهداً العثور على عربة أبيه.. رأى اصطفاف العربات بانتظام و قد استولت على حرم الأرصفة.. كان الجمع هائجاً.. و الصياح يصم الآذان..
يالا كيلو بندورة ب…
يا عسل يا موز كيلو ب…
يا شفايف العروس يا مشمش
و في كل لحظة تهجم دورية الشرطة على العربات.. تصطاد بعضهم و يلوذ الآخرون بالفرار.
كل من كان هناك يحمل في قلبه أكثر من حلم.. أكثر من اغماضة عين.
لقد انصرف جاندار من المعهد.. لا كالمعتاد ليتسنى له مساعدة أبيه الذي سلبته السنون عنفوان الشباب.
في الطريق إلى أبيه.. تذكر جاندار موعده مع صديقه ريزان في الخامسة تماماً.. 
شعر أن الوقت يمضي ببطء شديد.. يا إلهي متى أحلُّ في الاجتماع..
سأقول لهم, أشياء كثيرة..
سأقول أن..
صعقته صفير سيارة شاحنة. كاد أن يرتطم بمقدمتها. 
دب الخوف في أوصاله.. الحمد لله فقد نجوت بأعجوبة..
بحلق المارة في وجهه بإزدراء أو بإشفاق..
ماذا لو دهستني الشاحنة..؟!؟!
كنتُ سأغيب عن ذلك الاجتماع المهم..
لو دهستني لذهبت أقوالي التي أصررتُ على قولها للرفاق في بطن الديدان..
ترى هل تأكل الديدان الأفكار … و الأحلام أيضاً؟
 وصل إلى القرب من عربة أبيه.. 
الناس مجتمعون حول رجل أشيب.. طاعن في السن. لم يتصور أن المرتمي على الأرض أبوه. و بصعوبة اخترق جدار الفضوليين..
كان أبوه ينزف بشدة, و العربة مقلوبة.
ارتمى على جسمه.. أبي.. أبي
من فعل بك هذا ؟ ! ؟ أبي.. أبي..
تلفظ أنفاسه الأخيرة.. و قال: إنهم فعلوها يا جاندار.. يا ولدي.
إنهم.. آخ.. الكلاب.. فعلوها..
الكلا……

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماڤ خالد محمد

هؤلاء أصدقائي كلنا جئنا من جهات مختلفة من سوريا (عفرين، كوباني، قامشلو والحسكة)، نحن أبناء مدن كانت بعيدة عن بعضها، ولكن الغربة قربتنا حتى صار بيننا ما هو أقرب من المدن.

لم يكن يخطر ببالي أننا سنلتقي يوماً ولا أن قلوبنا ستتشابك بهذه الطريقة، لكن الغربة بحنينها القاسي جمعتنا، وجعلت من…

حيدر عمر

 

نماذج من حكايات شعوبٍ آسيوية

1 .حكايات ذات نهايات سعيدة.

 

يمكن اعتبار حكاية “علاءالدين والمصباح السحري” من حكايات “ألف ليلة وليلة”، نموذجاً للحكايات التي تنتهي بنهايات سعيدة إذ نجد علاء الدين يصيب الغنى بمساعدة جنّي عملاق يخرج من مصباح قديم وجده في مغارة.

كان لعلاء الدين عمٌّ جشعٌ، طلب منه دخول المغارة للبحث عمّا…

زوزانا ويسو بوزان

حبّذا لو نتغاضى طرفًا…
نمرُّ هامشيّين على أطراف القرى،
نسيرُ كما يشاء لنا الريح،
نخطفُ فاكهتنا من حقائب الغجر،
ندخلُ خيامهم سرًا،
نغفو على موسيقاهم،
ونحلمُ كما يحلمُ الغرباء.

أغوصُ في التغاضي،
ألهثُ خلف أحاسيس مبعثرة،
ألملمُ شظايا ذكرياتٍ،
أتخاصمُ مع الواقع،
كأنني أفتّشُ في سرابٍ لا ينتهي.

كما أنقبُ عن ذاتي،
في مرآةٍ مكسورة،
ترسمُ ملامحي كما تشتهي،
تغفلُ ما خُطَّ على جبهتي من تجاعيدِ الرحيل،
ولا تُظهرُ…

أحمد عبدالقادر محمود

 

الجبلُ يبقى شامخاً لو عبثت فيه الفئران

صلدٌ لا ينحني و إن غزتْ سفحه الغربان

لا يرتضي بالخنوع و إن رمته النائباتُ أذان

تبقى المهابة فيه لو دنت الجيْفُ والخصيان

يعلو ولا يستجيب لمنْ أتاهم ذلَّة إذعانُ

صخرٌ ولكن ينادي في المدى عزَّة و برهان

لا تنكسرْ عزّتهُ لو مزقوه قسوة و هوان

يصغي لصمت الرياح و في ثناياه الأسى…