الإيزيدي ليس إيزيدياً

 ابراهيم محمود


   سأثبتها بدايةً: الإيزيدية هي العقيدة الأوحد
في العالم وفي المنطقة ” الشرق أوسطية ضمناً ” تلك التي تميّز كل الذين
يؤمنون بها، وبها يعرَفون، وعلى أساسها جرى ويجري التعامل معهم، والنظر إلى ”
دواخلهم “، وأنه من هذه الزاوية التي تضيق إلى حد كبير، تقرَّر مصير
الإيزيدية كعقيدة وحُكْم قيمة، ومحاولة إمرار الإيزيدي منها وفيها. 
 
عقيدة خلافية من جهة الذين يحيطون بها
بعقائدهم وتنوع انقساماتها، لينظَر إليها في العراء، حتى من قبل الأقرب إليها بالمفهوم القومي
تقديراً، كما تقول وقائع التاريخ، وهي حكمة السماء الملونة  والمهموزة بحكم الأرض هنا !
لهذا، باتت الكتابة عن الإيزيدي وما يكونه
تاريخاً وواقعاً، تسمية أقرب إلى شخص موجود وغير موجود، هو وليس هو، باسمه
الدقيق” رغم الاختلاف الكبير في الكتابة ةالتهجئة : إيزيدي، إيزدي، أزيدي،
يزيدي، يزدي، ازيدي..الخ ، اختلاف يؤخَذ بعين الاعتبار لغوياً ودلالياً جهة الصواب
في التاريخ وحقيقة المعني به “، بين تقديمه كردياً بدايةً وإيزيدياً تالياً،
أو إيزيدياً دون الأولى، وصفة التردد والتداخل بينهما ” وهي علاقة تقيم
الدنيا ولا تقعدها هنا وهناك على صعيد الانتماء بالمفهوم الاثني، وفي نطاق سياسات
الدول والأنظمة والجهات السياسية والجماعات والشخصيات التي تتعامل معه .
 

الكتابة عن الإيزيدي وما يصله بالعقيدة،
بالعقيدة وما يصلها بالإيزيدي ليتم الافتراق أو التباين وإمعان النظر، كثيراً ما تقرب مجدداً من
الكتابة على الماء، كما لو أنها عصية على التجلي انطلاقاً من الأثر الرجعي
للكتابة، ولكنها القيمة المقرَّرة منذ البداية في أذهان الكثيرين، ومن زوايا
اعتبارية مختلفة، لها مرام ٍ ورهانات وحسابات تتجاوز حدود الكاتب القريب منه أو
البعيد عنه، المتكلم بلغته مباشرة، أو بلغة مجاورة أو بعيدة كلياً عنه، لتتسع
دائرة التصورات، أعني هنا: الانقسامات، فلا يعود الإيزيدي في المحصّلة إلا هذا
المستقطَر والمركَّب في الذاكرات الجمعية ومتخيلات ذوي الفضول في تحرّي جغرافيا
الأمم والجماعات، ومتحرّي الغرائب ومغامري عوالم تنتسب إلى المخيلة أكثر، بمفهومها
الأكثر هوليودية ” استشراق الاستشراق ” نظراً لخصوصية الخصوصية، إذ في
الحالة الأولى يكون الاستشراق وكيفية التعريف بالموضوع كما هو المدرَك عنه، وليس
ما هو قائم، ليكون لدينا شخص له ملامحه واسمه وتاريخ ما، وفي الحالة الثانية يكاد
ينعدم هذا الشخص على وقع المتردد عنه من تصورات وسرديات تغذّي المتخيل العجائبي
والصادم أكثر. 

 
ما أكثر ما كتِب عن الإيزيدي إذاً، ما أقل أقل ما كتِب عنه إذاً، ما أعجب
مما يمكن تلمسه في الحالتين . 
 
هل نضع حساب العقيدة التي يكون عليها الإيزيدي كينونةَ هيئة ”
مورفولوجيا ” واسم، وسلوك ونظرة إلى الكون ؟ 
 
قد يكون من باب المغامرة الأكثر طراً لحظة التشديد على أولوية
المحتَسب العقيدي وليس أي تنسيب آخر، لا بل ربما يكون هذا التأكيد تموقعاً في نطاق
إحدى الحالات: الأكثر، أقل الأقل، الأعجب بالنسبة إلى هذا المقرَّر إيزيدياً ،
وتحديداً في مثل هذا الوقت ونحن نشهد هذا النوع الأحدث من الفرمان الـ” 74
” الذي يطاله في العمق بالتأكيد انطلاقاً من وقائع واعتبارات لها صلة
بالمتحولات العالمية وحقوق الإنسان أو شرعة الأمم ..الخ. 
 
ليكن معلوماً لمن يعنيه أمر هذا التصادم والتداخل أو التواجه بين الديني
والقومي، وبالنسبة للكرد عموماً وما يصلهم بالإيزيدي أو بالعكس، أن المعبَر
العقيدي كان ولما يزل فاعلاً في توجيه مشاعر وأفكاراً تترى. 
 
نعم، يسهل على الذين أمكنهم السعي إلى الكتابة عن الإيزيدي تلمس
هذا التنوع الذي يأتي ليس حصيلة ثراء عالم الإيزيدي بالذات فحسب، وإنما ما يبقيه
عرضة لنهب القيمة، وهدر المعنى، وحتى للتذرير التاريخي هنا وهناك بعمق أيضاً .

يلتقي هنا الأقرب إليه وهو الإيزيدي تماماً، مع الأبعد عنه في كل
شيء: الحريص والمغرض والمتردد، ليس من باب التساوي بين هؤلاء طبعاً، وإنما على
صعيد الرقعة الجغرافية الواسعة والعميقة الغور لمفهوم العقيدة.

فالحريص عليه لا يخفي تخوفه من المغرض وفي ذهنه إحصائيات الذين
سمّاهم التاريخ في إغارتهم عليه، ومحاولاتهم المتكررة النيل منه بصور شتى، ليكون
في خانة دفاعية، وربما ليجد نفسه منساقاً صحبة لائحة من مشاعر اصطدام وتألمات
وانجراحات تطال كل شيء فيه، وربما هجومية أحياناً تحت تأثير لاشعورات، يستحيل
تجاهل تردداتها في بنية القول أو اصطفاف المقرَّر في اللغة والأحكام أو التقييم. 

 
ومن لديه رغبة في الكتابة لأمر يعنيه فضولاً أو لكسب ود، يكون
له دأبه المتطفل على المعرفي قبل كل شيء. 
 
والمتعرض له باعتباره اثنوغرافياً أو انتروبولوجياً أو صاحب مقال
سياسي أو دعائي…الخ، هو الآخر ووسط هذا المختلف في التسميات، في ممرات تقوده
إليه باعتباره طريدته وليس نظيره في الإنسانية موقعاً كثيراً . 
 
يمكن هنا سرد قائمة لا بأس بها من الذين كتبوا عن الإيزيدي،
ومارسوا تعريفاً به، كما لو أن هذا التعريف هو الذي يجب الأخذ به ليصار إلى
التعامل معه، وليس النظر إلى المثار عنه، ومقارنته بما هو قائم وحي طبعاً، ودائماً
ليجد المعني نفسه في الحالات كافة في المنحدر الشديد الوعورة لمفهوم الإيزيدية
كعقيدة، حيث ممثّل الشر الكوني ” لا بد من تسميته: الشيطان ” الماثل
أمام الأنظار، ومن سوى الإيزيدي معنياً به خلاف كل ما عرفه تاريخ المنطقة الطويل
من عقائد، وكأنه بالتجسيد الشراني هذا يتجاوب مع العنف المتجدد بكل حمولته الأرضية
وسفك الدماء الذي لم يتوقف، إذ العنف يسمّي شره، ويواجهه، والإيزيدي بؤرته الصالح
لأن يحفّز كل المعنيين بأصول الشر المفترضة على التركيز عليه. أرأيت كم يوحّد
الإيزيدي العالم عقيدياً..إنما..ضده؟!: 
 
من محاولة ربط الإيزيدية بشخصية مختلَف عليها هي شخصية
” عدي بن مسافر ” لدى أحمد تيمور، في: 
 
اليزيدية ومنشأ نحلتهم، القاهرة، 1928.

إلى محاولة إضاءة تاريخ الإيزيدية، من خلال
روايات لم يدقَّق فيها، من قبل اسماعيل بك جول، في : 

 
اليزيدية قديماً وحديثاً، 1934 
 
إلى الاعتماد على النقل إلى جانب استعراض الآراء التي تضعف من
حضور الإيزيدي الفعلي في التاريخ لدى عباس العزاوي، في :

تأريخ اليزيدية وأصل عقيدتهم، بغداد، 1935 .

إلى مقاربة تاريخية للإيزيدية طقوساً ونظرات إلى العالم على
أساس عقيدي، لدى روجيه ليسكو، في :

اليزيدية في سوريا وجبل سنجار، ترجمة: أحمد حسن، دمشق، 2008 .

وفي هذا السياق يمكن أن نقرأ، ولو من زاوية
مسحية اثنوغرافية مختلفة، كتاب الليدي درور: 

 
طاووس ملك اليزيدية، ترجمة: رزق الله بطرس، بيروت، 2008 . 
 
وكذلك جون س كَيست، وبشكل أوسع وسرديات حياة يومية أكثر، في : 
 
الحياة بين الكرد” تاريخ الإيزديين “، ترجمة:
عماد جميل، دهوك، 2005 . 
 
وهذا ينطبق على كارل ماي، في : 
 
العيد الكبير للإيزديين، ترجمة: داود مراد الختاري، دهوك،
2008 . 
 
إلى التجني عليهم كثيراً، من قبل عبدالرزاق الحسني، في
 
اليزيدية في حاضرهم وماضيهم، بغداد، 1950 . 
 
إلى سعيد الدملوجي الذي لم ير الإيزيدية أكثر  من ” حركة سياسية خالصة، جعلت لها صبغة
دينية..ص9 “، في: 
 
اليزيدية، المجمع العلمي العراقي، 1973 . 
 
إلى جورج حبيب الذي استخف باليزيدية، كما هو فحوى
عنوان كتابه: 
 
اليزيدية بقايا دين قديم، 
بغداد، 1987 . 
 
وليظهر زهير كاظم عبود أكثر ميلاً إلى لزوم تحري
الموضوعية، كون الإيزيدية شعباً مستقراً منذ القدم في المناطق التي يعرَف فيها، في
 
الأيزيدية” حقائق وخفايا وأساطير “، بيروت، 2005 . 
 
وليتعمق في هذا المبحث، في محاولة لإنصافهم، في : 
 
التنقيب في التاريخ الإيزدي القديم، أربيل، 2006 . 
 
كما تعمق في موضوع محوري في الإيزيدية، في : 
 
طاؤوس ملك رئيس الملائكة الإيزدية، 2005 . 
 
إلى التعرض لتاريخ طقوسي وشعائري متنوع دون تمحيص المصادر
علمياً، لدى أحمد ملا خليل، في : 
 
من أذربيجان إلى لالش، دهوك، 2006 .
 

إلى محاولة التمايز من خلال متابعة تاريخية ومقاربة
تحليلية ودلالية للإيزيدية كعقيدة ورموز فاعلة، لدى هوشنك بروكا، وهو يشير إلى
الكم الوافر من الدراسات المغرضة الخاصة بموضوعه، في : 

 
ميثولوجيا الديانة الإيزيدية، تقديم : ابراهيم يوسف، دمشق، ط2،
2009. 
 
ولعل شعوره بهذا الشطط المتلمس في مجمل الدراسات التي
تحيل الإيزيدي إلى ممثل الشر، من خلال عقيدته، هو الذي دفع به إلى وضع كتاب آخر،
تحت عنوان لافت هو : 
 
لغز طاوسي ملك..

أو أصل الخير والشرّ في الإيزيدية ، وهو ما أعلم بأمره،
قيد الطبع في دار نشر عربية، وكَوني مطلعاً عليه. 

 
وهو الموضوع الذي أسهم في تبينه ولو باختصار الكاتب
الكردي الراحل توفيق وهبي بك قبل عقود زمنية عديدة، وببراعة لافتة،  جهة نفي صلة الإيزيدي بالشر، كما تردَّد عنه، في
 
الآثار الكاملة، ج1، السليمانية. 
 
ولعل الدكتور ممو فرحان عثمان، أقرب إلى هوشنك في رهانه
على الإيزيدية باعتبارها تاريخاً وعقيدة وبنية فلسفية تحتاج إلى الكثير من الشرح
والتفسير، في : 
 
دراسات ومباحث في فلسفة وماهية الديانة الإيزيدية، دهوك،
2013 . 
 
 إلى
القيام بمجرد سرد تاريخي
لشعائر اليزيدية، لدى توفيق الحسيني، معتمداً على ليسكو، آغاثا كريستي، العزاوي،
هوشنك بروكا، في :

الإيزيديون: نشأتهم، عقائدهم، كتابهم المقدس، دمشق، 2008

 
إلى الناظر إليهم من موقع اتهامي مباشر، وهو :د.
آزاد  سعيد سمو، في : 
 
اليزيدية” دراسة حول إشكال التسمية “، دمشق، 2009 . 
 
وهذا ما 
كان مثاراً بشكل موسَّع في كتابه السالف: 
 
اليزيدية من خلال نصوصها ” المقدسة “، بيروت،
2001 
 
وهو يرى لزوم دعوة الإيزيدية إلى الإسلام مثلاً
” ص 265 ” 
 

ويوازيه في الاتهام والطعن محمد الناصر صديقي، في : 

 
تاريخ اليزيدية” النشأة، الفكر والمعتقدات، العادات والطقوس “،
دار الحوار، اللاذقية، 2008 ” وهو في أكثر من 500 ص من القطع الكبير ” 
 
إلى محاولة الكشف عن أصول الإيزيدية بدقة أكثر من قبل منتم
إليها، وهو الدكتور خليل جندي، في : 
 
الإيزيدية والامتحان الصعب، أربيل، 2008 . 
 
كما في ضرورة تجاوز الدائرة الضيقة للعقيدة باعتبار الوطن
أوسع وأهم ” ص 1982 ” .

إلى كاظم حبيب الذي أبدى ضرباً من المقاومة
ضد مساعي تشويه العقيدة هذه، في العنوان ذي الدلالة: 

 
الإيزيدية ديانة قديمة تقاوم ثوابت الزمن، أربيل، 2003 .
 

إلى متتبع قائمة وثائق تظهِر مدى تعرض الإيزيدية للفرمانات،
وهو داود مراد الختاري، في :

الإيزدية في الوثائق العثمانية 1886-1894،
دهوك، 2010 . … 

 
قائمة من العناوين اطلعت على مضامين كتبها، تتنوع في
موضوعاتها، لكنها، وكما نوَّهت منذ البداية تبقي الإيزيدي في الغالب معلقاً في
الفراغ، أو دون مقاربته باعتباره كائناً لديه اعتقاد لا يسيء به إلى سواه، إلا لأن
الآخر يعتبره نيلاً منه، من خلال الزاوية الخلافية كلياً، وهي خلافية تقوم على
مفهوم تصيدي، أو استحالة القدرة في تفهم وعي عقيدة الإيزيدي، أعني المتعلقة بالخير
والشر، أي حيث يكون الشر هو الأبرز . 
 
قائمة العناوين هذه والتي أوردتها فقط للمتابعة وفي حيّز
الجاري تناوله، تضعنا في صورة الحدث الإيزيدي وتاريخه الذي يقرَأ بلغات أخرى
وتصورات أخرى، وهي ، وغيرها، لا تمتلك مشروعية امتلاك الحقيقة لمجرد القول بوجود
غموض فيه، أو تكتمه ” الإيزيدي “، لأن ذلك لا يشمل تاريخه مذ وجد، إنما
يحفّز على تحرّي تاريخ هذا التكتم وكيف تم، ومنذ متى ؟!
 

إزاء ذلك تكون غالبية المبررات التي تحفّز الآخرين ممن
يختلفون كلياً بعقائدهم عن عقيدة الإيزيدي إلى جانبهم في الحال، وفي الوقت الذي
يجد المرء نفسه في مواجهة مأساة تتسع دائرتها باضطراد، وفي الوقت الذي يلتزم
الإيزيدي بالصمت أو بعدم الرد، وهو مأهول بصورة العالم الذي يملأه الشر المهدّد
لأمنه، سوى أنه ليس شره في المجمل، لتزيد صورته قتامة، ومن حقه هنا أن يصرخ
مراراً: الإيزيدي الذي تسمونه لست أنا.. لست أنا.. 

 
نعم، الإيزيدي ليس إيزيدياً في مجمل ما تم التذكير به، ولو
كان كذلك، لما كان الحدث الشنكالي بمثل هذه الفظاعة غير المسبوقة، فهل إله الإيزيدي
ممثّل للشر أم ماذا ؟

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ألمانيا- إيسن – في حدث أدبي يثري المكتبة الكردية، صدرت حديثاً رواية “Piştî Çi? (بعد.. ماذا؟)” للكاتب الكردي عباس عباس، أحد أصحاب الأقلام في مجال الأدب الكردي منذ السبعينيات. الرواية صدرت في قامشلي وهي مكتوبة باللغة الكردية الأم، تقع في 200 صفحة من القطع المتوسط، وبطباعة أنيقة وغلاف جميل وسميك، وقدّم لها الناقد برزو محمود بمقدمة…

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…