حول صوريّة عمل بعض مؤسسات المجتمع المدني

شهناز شيخه

اتصلت بي زميلة اعلامية تحدثني عن الشكاوى التي وردت اليها بشأن عمل احدى مؤسسات المجتمع المدني التي باتت منطقتنا زاخرة بها سواء تلك التي تعمل بجديّة ناجمة عن رغبة حقيقية في خدمة مجتمعها – وهي جد قليلة – بصرف النظر عن كون عملها واقعا تحت الاضواء الاعلامية ام لا , او تلك التي يكون عملها صوريّاً ينشط يوماً ويغيب شهوراً , بل وتلك التي تستغل المصلحة العامة من اجل تحقيق مآرب ذاتية ماديّة في أغلبها وهناك نماذج تستغل الطاقات الواعدة في عمل مضني يقومون به طوعيّاً بسعادة وحماس بينما هي تكسب من وراء جهدهم مالا لا يستطيع المرء الا ان يصفه بالحرام وفق المفهوم العام للكتب المقدّسة , دون اعتبار للحالة المدنية التي يقع على عاتقها مهمة المساهمة ولو بجزء يسير في تطويرها وتقدمها الحضاري ……
تخلل حوارنا نبرة من الحزن والأسف , فالوطن وناسه أمانةٌ في الأعناق , لكن هل يكفي ان نحزن ونتأسف أم أن علينا إيقاف تلك الحالات المريضة عند حدّها وعندها قد نتعرض لمواجهات كارثيّة مع البعض ,المسؤول عن تلك الجرائم التي لا تقل عن الانتهاكات الاخرى بشأن بحقوق الانسان !
وحيث أن المجتمع المدني يعرّف بأنه :
مجموعة واسعة من المؤسسات غير الحكومية وغير الربحية, لها دور في الحياة العامة, تنهض بعبء التعبير عن اهتمامات وقيم أعضائها استنادا لاعتبارات أخلاقية ثقافية او علمية او سياسية او دينية او خيرية , تقوم على المساواة وتتبني ثقافة الحوار وقبول الاخر………
 ولعل استقلاليتها هي التي تجعلها تضطلع بدور هام في ظل أي نظام ديموقراطي قائم حيث يكفل القانون الدولي من خلال الإعلان العالمي لحقوق الانسان حرية الانتساب لتك المؤسسات
فالمجتمع المدني ينمو بمقدار استعداد افراده للعطاء , والتمتع بالروح الجماعية المبدعة, وقبل كل ذلك ينبغي توفير الثقافة والارضية الفكرية الملائمة لمفهوم المجتمع المدني, وحاجة الانسان اليه في كل الظروف سواء حين يعيش حالة الاستقرار أو في زمن الازمات… سيما ما يمر به الوطن من ظروف عاصفة وويلات رسبّت عللا نفسية ناجمة عن هذا الكم الهائل من القتل والتدمير, فهناك من يقول نحن في حالة حرب ودمار ليس الوقت ملائما للحديث عن المجتمع المدني الان , غير مدركين ان هناك مؤسسات المجتمع بأمسّ الحاجة اليها الان مثل مؤسسات الدعم النفسي. فعلى سبيل المثال في مناطقنا الكردية ما حدث لاطفال سريي كانييه وقرية حدّاد اعني الذين بقوا منهم على قيد الحياة وهم يرون اباءهم وابناء بلدتهم اشلاء امام اعينهم والحالة الهستيرية التي تعرضوا لها فهم بحاجة لمؤسسات دعم نفسي تزيل عن قلوبهم وارواحهم تلك الماسي….
فالمجتمع المدني ومؤسساته تشكل قوّة حقيقية فيما لو مارست دورها الحقيقي في العطاء وبناء الحالة المدنية,
فالمؤسسات المدنية يمكنها أن تضغط على النظم السياسية من خلال ممارسة الرقابة على أنظمة الحكم في سبيل قضايا المواطنين وذلك حين تبتعد عن الصورية والمصلحة الشخصية بغية تحقيق ثورة سياسية حقيقية تخدم الإنسان بل إن مبدأها ومنتهاها هو الإنسان.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صبري رسول

 

توطئة للفسحات:

يهندس خالد حسين أشكال الحب في قصيدة: واحدة، في مجموعته رشقة سماء تنادم قلب العابر الصادرة عن دار نوس هاوس بداية 2025. المجموعة عبارة عن أربع فسحات، وهي الفهرسة الهندسية الخاصّة التي تميّزت بها، أربعة أقسام، كلّ فسحة مؤلفة من أربع فسحات صغرى معنونة، وتحت كل عنوان تندرج عدة مقاطع شعرية مرقمة وفق…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “ليالي فرانشكتاين” للروائيّ والفنّان الكرديّ العراقيّ عمر سيّد بترجمة عربية أنجزها المترجم ياسين حسين.

يطلّ عمر سيّد “ليالي فرانكشتاين”، حاملاً معها شحنة سردية نادرة تمزج بين الميثولوجيا السياسية والواقع الجحيمي، بين الحكاية الشعبية والتقنيات المعاصرة، ليقدّم نصاً مكثّفاً عن الجرح الكردي، وعن الوطن بوصفه جثةً تنتظر التمثال المناسب كي تُدفن…

عبد الجابر حبيب

 

يا لغرابةِ الجهات،

في زمنٍ لا يعرفُ السكون،

وعلى حافةِ قدري

ما زالَ ظلّي يرقصُ على أطرافِ أصابعي،

والدروبُ تتشابكُ في ذاكرتي المثقوبة،

ولا أحدَ لمحَ نهايتَها تميلُ إلى قبري،

ولا حتى أنا.

 

على الحافة،

أُمسكُ بزهرٍ لا يذبل،

يتركُ عبيرَه عالقاً في مساماتِ أيّامي،

كأنّه يتسرّبُ من جلدي

ثم يذوبُ فيّ.

 

الجدرانُ تتهامسُ عنّي،

تعدُّ أنفاسي المتعثّرة،

وتتركُ خدوشاً على جلديَ المتهالك،

كأنّ الزمنَ

لا يريدُ أن…

إبراهيم محمود

 

 

1-في التقصّي وجهيّاً

 

هي ذي أمَّة الوجوه

غابة: كل وجه يتصيد سواه

 

هي ذي أمة الوجوه

سماء كل وجه يزاحم غيره

 

هي ذي أمَّة الوجوه

تاريخ مزكَّى بوجه

 

ليس الوجه التقليدي وجهاً

إنه الوجه المصادَر من نوعه

 

كم ردَّدنا: الإنسان هو وجهه

كم صُدِمنا بما رددناه

 

كم قلنا يا لهذا الوجه الحلو

كم أُذِقْنا مرارته

 

قل لي: بأي وجه أنت

أقل لك من أنت؟

 

ما نراه وجهاً

ترجمان استخفافنا بالمرئي

 

أن…