أكاذيب إبراهيم يوسف

 ابراهيم محمود  

 يظهر أن ابراهيم يوسف: الكاتب والشاعر والصحفي، وحتى المشير بذاته إلى أنه كان يعنى بكل شيء: من الاهتمام بالبيئة والصحة وحقوق الإنسان، لا بل والزعم بأن مواهب شابة كثيرة كردية وغير كردية ما كان لها أن تكون إلا من خلاله. لدى ابراهيم يوسف ” هذا ” قدرة غريبة عجيبة على العودة بين الفينة والأخرى إلى تدوين أكاذيب لا أظن أن كثيرين كثيرين مما عاصروه أو كانوا قبله أو جاؤوا من بعده لديهم مثل هذه ” الموهبة المهجّنة ” مع ذكر التاريخ الدقيق أحياناً والمكان الدقيق أحياناً، وحتى ذكر الأسماء، وفي صفحات وصفحات أحياناً وأحياناً من داخل بيته شبه الحدودي مع نصيبين في قامشلو حتى أمكنة كثيرة خارج حدود سوريا أحياناً معلِماً لافتاً النظر إلى أن الذي لديه ليس لدى سواه .
 وابراهيم يوسف بمواقعه: الكاتب والشاعر والصحفي ومتعدد المزاعم في الاجتماع والسياسة والثقافة ورعاية آخرين وآخرين والداخل في اشتباكات جانبية…الخ، لا ينفك يعود لينبش فيما كان، في موضوعات شتى: تارة بالنسبة إلى ما هو بيئي ” وحمايتها ” وتارة إلى حقوق الإنسان ” الكردي وغير الكردي ” وزعم أنه كان المبادر الأول والريادي الأول، وتارة ثالثة، وهذه لها قصب السبق، في استعادة تواريخ قديمة نسبية والضلوع في نسج أكاذيب يكون محورها، تارة بود، وتارة بحيلة إنشائية، وتارة ثالثة بتشبيه معين، وتاريخ بأسلوب مباشر كما هي عادته، ليعلِم من لا يعلم أن الذي يكتبه، ولعله واضع أمامه خطة تخص مدونته ” مدونة ابراهيم يوسف “، ووضع كل من يهتم بما هو كردي قبل كل شيء، أنه في مقام المرجع في كل ما أشيرَ إليه، أعني بذلك أن حلقات كذْباته ” أكاذيبه ” ربما تطول، وكل حلقة في حلقات في نشرها هنا وهناك الملاحظة الوحيدة والتي يهمني إيرادها بصدد ما تقدم: ليته ليته خفف من هذا ” الود ” الذي يعني به أسماء وأسماء وأسماء لا تستحق مثل تلك الأوصاف ولو أنه يأتي على ذكرها عرَضاً سوى أنها تأخذ موقعها في خطاب ” أكاذيبه “، ولا بد أنه لن يترك عادته، فالرجل المتمرس في الأمور الحزبية والعلاقات مع جهات شتى، كما هو المستشف من قائمة أكاذيبه التي يظهر أنها تعد بالمزيد، لا ينفك يعلِم هذا أو ذاك من المقربين منه، ومن خلال حلقات أكاذيبه بالذات مدى طعنات كثيرين ممن ” احتواهم ” و” ربّاهم ” و” نمّاهم ” فانشقوا عنه، كما لو أنه معتاد على ذلك، ومستمر في سلوك جهات ليظل قادراً اليوم وغداً كذلك على نشر الكثير مما يعتبر منتمياً إلى الذاكرة الكردية: ذكريات أكثر من كونها ذكريات، وانطباعات أكثر من كونها انطباعات، ومقالات أكثر من كونها مقالات…الخ. لعل كثيرين يتمنون أن يكونوا مثله، إزاء هذا الاستمرار في الدفق الأكاذيبي، ولأنه في تحديده للزمان والمكان وشهود عيان، يثير لدى الكثيرين حفيظة خاصة وحسداً، أو غيرة إزاء هذه المقدرة في كتابة النقائض ودون أن يستثني أي شيء طالما أنه موصول بما يعني الكردي .

ولكن التمتع بمثل هذه ” المواهب ” تستلزم دربة ومعايشة ومتابعة ثقافية وغيرها خاصة خاصة! لا أشك أن ابراهيم يوسف بأكاذيبه التي لا تتوقف ولن تتوقف، لأن ابراهيم  يوسف هو ابراهيم يوسف، ولعله سيبقى ابراهيم يوسف وهو المتنقل بين الأمكنة برغبة ومن دون رغبة، ولا يعلَم أحد الآن تماماً، أي أكاذيب ستضاف إلى أكاذيبه المنشورة وتلك التي تنتظر النشر، أو تكون قيد النشر” على الدور “، خصوصاً بعد انتقاله ” هجرته ” إلى المانيا ” في مدينة إيسن المتهضبة التي أعرفها جيداً نسبياً “، ووعوده مع نفسه ومخططه الداخل في حمَى أكاذيب لا أحد يعلم بحدودها وفي نطاق أوربي وأكثر راهناً، لا شك أنه في كل ما تقدم، يثير وسيثير حفيظة الكثيرين، حتى وهو يأتي على مدحهم أحياناً، أو على ذكرهم بود معين، لأن الذي يرد في السياق هو أن ابراهيم يوسف لديه ما ليس لدى غيره، وأن ما يكتبه على الورق الضوئي يقلق و” يزعج ” كثيرين من كرده وربما غيرهم ..
من جهتي وأنا أتوقف عند هذه الأكاذيب ولو على سبيل الإشارة، أقول: لقد بات ابراهيم يوسف” رغم كل ما يمكن إثارته بصدد ” أكاذيبه ” هذه “، بات علامة في الثقافة الكردية وفي التاريخ الكردي وهو بهذا التنوع الأكاذيبي، وأن ما يثيره في كتاباته يمثّل علامة حية ومؤثرة يفتَقد إليها بأكثر من معنى في الثقافة الكردية، وأن الرجل فيما عاناه ويعانيه، من الطبيعي جداً أن يختصم معه كثيرون أو يشقون عنه لا بل ويثيرون حوله لغطاً، وهو في هذا التنوع الذي لا أعتقده حلية أي كان، أي كان دون استثناء، ولعله دفع ولا زال يدفع الثمن غالياً في صحته وفيما عرِف به شاعراً وكاتباً وصحفياً خاصاً، ولا ينفك يذكّر أنه مستمر في الطريق الذي سلكه منذ أكثر من أربعة عقود زمنية، وكونه يميط اللثام عن أمور كثيرة وأشخاص أحياء وآخرين رحلوا أو ماتوا.
 لكم أستمتع بقراءة أكاذيب ابراهيم يوسف، فاحرصوا يا كرد السياسة والثقافة والالتفافات الخاصة والاجتماعات الخاصة، احرصوا على رجل لا يكف عن سرد الأكاذيب التي يصعب الرد عليها باعتبارها أكاذيب دامغة، احرصوا عليه ليستمر في أكاذيبه، إذ مهما كان الخلاف أو الاختلاف معه، يستحيل ومنذ سنوات وسنوات تصور الكردية قبل كل شيء دون التفكير في رجل لما يزل ينام واقفاً، ويحترق واقفاً ويستقطب الكردي وغير الكردي، تصوروا الكردية كثقافة وكعلاقات تجمع بين النقيض ونقيضه بهذه القدرة والجلَد والمجابهة والمعاندة من خلاله، وهو في تعدد أدوائه، وهي من خصال خاصة جداً، هو:  ابراهيم يوسف فقط .
 م: لا أظن أنني مدحت ابراهيم يوسف، ولن أمدحه، هو أو غيره، فيما ذكرت ونوّهت إليه، سوى أن الذي سطّرته يخص واقعة تاريخية واجتماعية وسياسية وثقافية كردية قبل كل شيء، وما قام ويقوم به ابراهيم يوسف ويدونه ربما يختلَف على صيغته، سوى أن الأمر الوحيد الذي يستحيل نفيه هو أن المأتي على ذكره ينتمي إلى ما كان وما يمكن أن يكون، وقد أشرت إليه بطريقتي هذه التي لا بد أنها ستثير حفيظة وربما ” متعة ” كثيرين، سوى أنني أطالب هؤلاء قائلاً: إذا كان لديكم ما لدى ابراهيم يوسف من أكاذيب مماثلة فهاتوها خدمة لثقافة لما تزل تبحث عن مستقر أغنى لها، تفضلوا، فالطريق سالك ولكنه ” مراقَب “، فهو غير متاح لأي كان، هاتوها كي نتداوى قليلاً بعقاركم الأكاذيبي ونخفف وطأة ” الصّدْقات ” المطحلبة والنافقة ….!

دهوك  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…