ابن ديرك جمال سعدون وداعاً

فدوى كيلاني
 
الخبر الذي انتشر صباح الحادي والثلاثين من آذار حول وفاة ابن ديرك الفنان جمال سعدون كان له وقع حزين في نفوس كل محبي فنه وصوته، إذ تصدرت صورته، وموجز عن حياته، وموجز سريع عن إبداعه الفني صفحات التواصل الإجتماعي، أو بعض المواقع الكردية، ليسود جو من الحزن والألم ، ويبدي كل من عرفه، أو تابع مسيرته الفنية أسفه على هذا المصاب الجلل.

لا أريد عبر هذه الكتابة السريعة عن فناننا الكردي الكبير جمال سعدون، أن أستعرض محطات حياته وفنه، لأن الكثيرين كانوا أكثر دقة مني ، وفعلوا ذلك، إلا أنني أريد أن أبين أن للفنان جمال مكانة متفردة في نفوس أبناء شعبه الكردي، لأنه قدم له الكثير، وكان صاحب الموقف،
 فهو تعرض للاعتقال من قبل النظام واضطر للهجرة، ولكن قيود المهجر الألماني ضاقت به، وظل قلبه موزعاً بين ديرك وزاخو حيث أسرته وبين منفاه الألماني ومن ثم بلغاريا التي لجأ إليها أولاده وأراد أن يلحق بهم، فتم اعتقاله في بلغاريا، ليمرض ويشتد عليه المرض اللعين وليتوقف قلبه عن النبض، وهذا ما يدل على ارتباطه بأسرته الأولى التي فقدت ربتها (ليلى) ابنة ديرك التي توفيت بمرض عضال وعمل لأجلها حتى اللحظة الأخيرة، وأكبر دليل على ذلك أن طفله الرضيع الذي اضطرت أمه أن تتركه بقي معه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة.

إن غياب الفنان جمال سعدون في هذه الفترة ووطنه مكبل بالسلاسل ومحاصر بالنار والخوف والرعب من كل الجهات ، بينما كان يتطلع من أجل مستقبل مشرق لكل أهله بعد كل هذه المعاناة التي تعرضوا لها على مدار عقود من الظلام والاستبداد.
الخلود لروحك فناننا جمال سعدون الذي أدى رسالته بأمان ،ولم يرفع يديه مستسلماً بل كان كله يقيناً بالفجر الطالع الذي رأى خيوطه بعينه  عندما زار مسقط رأسه بعد الثورة السورية ،ليرى كل ذلك وكان في انتظار أن يغني لمكانه لا أن يكفن ويزف إليه ليحتضنه بعد عقود من رحلة العذاب والحلم والأمل تاركاً وراءه زوجته الثانية وأطفاله الصغار يتامى في خرائط الآخرين .

فلترقد روحك في سلام أيها الذي غسل فنك أرواح الملايين .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

فرح دو سكي والزهر الذابل الشاعرة فرح تحاول استنهاض الوعي من الجمود والركود

 

عصمت شاهين الدوسكي

 

ربما هناك ما یرھب الشاعر عندما یكون شعره تحت مجھر الناقد وھذا لیس بالأمر الحقیقي ، فالشاعر یكتب القصیدة وينتهي منھا لیتحول إلى تجربة جدیدة ،حتى لو تصدى لھ ناقد وبرز لھ الایجابیات وأشار إلى السلبیات إن وجدت ، فلیس هناك…

فيان دلي

 

أرحْتُ رأسي عندَ عُنقِ السماءْ،

أصغيْتُ لأنفاسِ المساءْ،

بحثْتُ فيها عن عُودٍ ثقاب،

عن فتيلٍ يُشعلُ جمرةَ فؤادي،

ناري الحبيسةَ خلفَ جدرانِ الجليد.

 

* * *

 

فوجدْتُه،

وجدْتُه يوقظُ ركودَ النظرةِ،

ويفكّكُ حيرةَ الفكرةِ.

وجدْتُه في سحابةٍ ملتهبةٍ،

متوهّجةٍ بغضبٍ قديم،

أحيَتْ غمامةَ فكري،

تلك التي أثقلَتْ كاهلَ الباطنِ،

وأغرقَتْ سماءَ مسائي

بعبءِ المعنى.

 

* * *

 

مساءٌ وسماء:

شراعٌ يترنّحُ،

بينَ ميمٍ وسين.

ميمُ المرسى، عشبٌ للتأمّلِ وبابٌ للخيال

سينُ السموّ، بذرةٌ للوحي…

ربحـان رمضان

بسعادة لاتوصف استلمت هدية رائعة أرسلها إلي الكاتب سمكو عمر العلي من كردستان العراق مع صديقي الدكتور صبري آميدي أسماه ” حلم الأمل ” .

قراته فتداخلت في نفسي ذكريات الاعتقال في غياهب معتقلات النظام البائد الذي كان يحكمه المقبور حافظ أسد .. نظام القمع والارهاب والعنصرية البغيضة حيث أنه كتب عن مجريات اعتقاله في…

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…