تجارب تخص إسعافات أولية مع النازحين من ديارهم

 ابراهيم محمود
      -1-
رأيت جموع النازحين بآلافهم المؤلفة
قلت أشهري سيوفك يا مشاعري في مسالك المبارزة السانحة
انصبي مدافعك يا أحاسيسي على قمم التحدي
حرَّكي دباباتك يا خواطري في ساحات اليقظة الاستعراضية
استجمعي براكينك وأطلقيها لاستدرار العزة اللافتة
أعلني النفير العام يا هممي على حدود التباهي
وأرَّخي لساعة انعطاف تاريخ الالتفاف على الهزيمة بعلامتها الفارقة
ولتكن البداية عندها كالتالي، وهكذا بدأتُ :
المسنُّ الذي بالكاد كانت يداه ترياني
دعَّمته بأفواج من الكلام العاطفي الخامد
أردت إمتاع سخريتي بجرعة ملاطفة على سبيل التسلية
تاركاً قلبي في مخاض أهواء جانبية
لمست رعوداً من غضب مكتوم خلل عيني المسن
وسط سحب من تراب دروب النزوح عالق بأهدابه
*********
المرأة التي تتقاسم قلبها أمواج من التلوع وألسنة الحزن النافذة
على صغيرتها ذات الشهرين
كانت الكآبة تثقِل خطوات أنفاسها
تقدمت منها مصحوباً بجيش عرمرم من العبارات المختالة
رمتني بقذيفة من نظرة تترجم تقريعها العميق لخيلائي
**********
الفتاة ذات العشرين وردة عمراً
تخيلت عرائس المروج في جسدها المكسو بمخاوف وأهوال
واسيتها بقطيع وعول من لمسة فوقية
ترجمة طغيان رغبة تقدمتني بطاقة غير معهودة
وثمة تماسيح شبق مخرت نهر مشاعري تجاه صدرها ذي البرجين
كانت مكورة على طعان من حزن
اكتفت بأن ألبستني عتاباً ممزوجاً بويل منتظَر
**********
ثمة رجل لا يخفي رعود عزيمة تتلوى في مشيته
تقدمت منه بحلوى كلام صحبة دوائر من ابتسامة تعال ٍ
أعلمته بأفراس قدراتي وجموح ساحات اقتداري للفت نظره المهدود
اكتفى بسوط من حركة يد منفّرة مني وتأنيب نظرة نازفة
        -2-
أوووه يا لساعة قلبي المتوقفة عن الرؤية 
يا لرعونات غزلان العاطفة في الوقت المناسب
انتفضت أنا الذي يجب أن أكون على أنا الذي كنته
فكان ما كان :
لحقت الرجل المسن المترَع باليأس
أفردت له طيور قلبي أجنحة مؤاساتها بالجملة
ورميتُ بكتفي عكازةً من خشوع له
انفرج صبح امتنان خلل نظرته المصابة
ونفضتْ تجاعيد وجهه ظلمات قهر كانت تنخر فيها
وأودعني عمراً إضافياً من حياة
************
المرأة حاملة الفتاة الشهريْنية
لقمتُ يديها بموجة ارتكاز من يدي
منحتها ماء من حب مطلوب على وجه السرعة
علها تلتقط أنفاساً لها قصفها خوف الغزاة
وكسَتني موجة من ود فلتر أنهار روحي أكثر
ثم سلّمتني طريقاً من محبة افتقدتها سالفاً
**********
الفتاة التي كانت منهوبة بالدروب المكتظة بالرهبة
أطلقت روحي علَّها تزيح الغبار السميك عن قلبها المتغرغر
أختاه! كلمة أشرقتها، وأنا أسلّم لها أخويتي القياسية
اكتفت بطيف ابتسامة
تعلِمني بأخوة صادقتْ عليها
واستحثت خطى حياة مدخرة لديها
**********
كان الرجل ذو العزيمة المرثية له
على مسافة صمت مهموم معتبَر مني
نهرتُ خذلاني له
ومددت له قلباً انفتح على هواء أراد استنشاقه على عجل
شعرت بكامل أوصاله تصيح:
أخي يا أخي
*********
اقشعرت أرواح ذئاب الغزاة رعباً
تبحث خطواتها المصدومة بمنافذ للهروب ما أمكن
ولملمت البلاد حدودها بشموس مترقبة

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…