امرأة من قلب الله


 أفين إبراهيم

مضرّجة أنا برائحة الشوق …
بكدمات الحنين المر …
مسلولة أنا بأصابع الشمس التي تحجب ستائر دمك …
انتظرت وجهي على مرآة الياسمين ولم أدرك أنه أتى إلا حينما أتيت …

مضى زمن طويل قبل أن أشعر بأني خبأتك في أغصان شجرة تحاول الإمساك بقدميها. ..
كيف لشجرة واحدة أن تحمل كل جذورها وتركض قبل الريح؟…
كيف سيحتمل جدار قلبي كل هذه الأزهار؟…
بعد أن اكتشفتني الظلال المزورة…
كيف سيلتصق الصباح بالليل؟…
وقلبي الصغير يتفرق في ضفائر نجمة…
يجتمع بروحي …
كل روحي في خصلة سقطت من فم ورقة توت تقبل برعمة…
أدرك أني لا أفعل شيئاً سوى لملمة أطراف الفراغ …
حشو الزمن المريض برائحة الزنجبيل الطازج …
سوى قراءة آيات من الكراسي والنفخ في وجه أصابع الألق كي أبقى…
سوى أني أفتت كلمة الله على جسدي الضوء…
ليرش المطر بياض روحي فتسكت تلك الرصاصة ولو لمرة…
أدرك أني لا أفعل شيئا سوى الغناء لرطوبة الرمل …
وهدهدة خطوات ضاعت على جبين الليل قبل أن تصل الحكمة…
سوى أني أرقص. ..
أرقص حتى أهوى وأنسى أني مجرد شفة مائلة نحو الغروب الأول…
نحو قضبان الصدأ التي تشققت ولم تعد قادرة على أعادة الصوت سوى في بحة. ..
أدرك أني لا أفعل شيئا يا حبيبي…
سوى محاولة نسيان أني في هذا الكون الواسع لست فقط مجرد أنثى ..
سوى مزج الفراغ بنَفَس فراشة تشد خيباتنا نحو السماء…
وتعود بجناحي فضة..
– – – – – –
إلهي ..
اليوم ..
اليوم…
قبل الفجر بلحظة ..
أكملتَ أصابعي العشر ..
أصبحت بك هوية ..
مجرد شال أخضر في عنق حصان أبيض يركض في روحي ..
إلهي ما أجملك ..
ما أجملني …
اليوم أكلت جميع حبات الرمان وابتلعت السكين كاملة ..
مع ذلك لم أنجب منه طفلة واحدة ..
بل أنجبت الضوء ..
الضوء يا حبيبي لآخر عتمة…
ابتسم أيها الحصان ..
ابتسم فما زال هناك من الوقت متسع لقطف بكارة الألم ..
للتبخر على سطح الندى والإمساك بلهاث قطار يسابق عزلة…
ابتسم قبل أن يلمحني الوقت ملحاً يابساً يتسرب من جفون النور ..
قبل أن تلمسني يد الله الأخرى..
– – – – –
حدثتني عيون حبيبي ذات حسرة..
حدثت جسدي قائلة..
أنت مجرد خواء يسكن حفرة..
ضحكت ..
ضحكت كما لم أفعل في أي مرة ..
ضحكت حتى باتت كل عيونه الخفية طرقاً…
ورموشه مجرة ..
حتى أصبح الله في داخلي عارياً ..
عارياً تماماً من كل الريش ..
فطارت روحي دون أن تنقلب المظلة..
طارت وما زال جسدي يضحك ..
يضحك كي لا ينسى أن يشتاق الدموع ..
فالدموع يا حبيبي ..
الدموع فقط من يجيد الخروج من شقوق أرواحنا أنهاراً مدللة…
– – – – – –
إلهي …
ما أجمل أن يكبر الضحك والبكاء معاً …
لم أكن أعلم أني سأكبر في حضنه حتى تطال أظافري قلبك …
قلبك الذي قطفته له ووضعته في صدري …
كي ينام ملء الذهول ..
ملء التبدد ..
كي لا يشعر أنه مجرد قطرة…
كي أجده كما أنا..
في أقاصي السماء كما في أعماق هذه الهاوية..
في كلمة تصرخ ..
تصالحنا ..
تصالحنا مع أرواحنا هذه المرة…
في رغبة تنوح كامرأة تبكي على ركبة رجل دون أن تشعر بحاجة لرفع رأسها كي تراه..
لا تقلق حبيبي ..
أدرك أني لا أفعل شيئاً سوى إحاطة وجهك بالفناء ..
أطرز العناكب بماء العشق كي يبقى شال حصانك أخضراً حتى نهاية الرحلة..
أغرقك بالتشابه المخيف كي تهطل النوافذ زجاجاً…
وتنمو أعشاب لغة غير ضارة..
كي لا تسقط الأشجار في فخ الالتباس فتمد يدها لقبر بدل شعرة بيضاء تحلم بالجنة..
كي يتعرف الشتاء منا على ألوانه الكثيرة..
وتصبح أجنحة السفن البيضاء مجرد سخرية فكرة…
وتدرك سناجب صدرك أن الأرض ..
كل الأرض حليب يغلي في ثدي امرأة..
لا تخف حبيبي…
لن أقوى على كسر روحي مرتين ..
أنها فقط هذه المرة …
لا تخف مني حبيبي ..
لست جنية من شمع ..
أو عود ثقاب يشتعل لألف مرة..
أنا فقط امرأة تحاول تعلم لغة الورود التي لم تطأها أصابع قدميك بعد…
تحاول جمع أرواحها كي تقدمها لك جسداً..
جسداً لحبل سرة.

22/6/2014

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أحمد آلوجي

من بين الشخصيات العامودية التي تركت بصمة عميقة في ذاكرتي، أولئك الذين منحوا فنهم جلَّ اهتمامهم وإبداعهم، لا سيّما في المناسبات القومية واحتفالات نوروز التي كانت دائمًا رمزًا للتجدد والحياة. ويبرز بينهم الراحل الفذ مصطفى خانو، الذي أغنى المسرح الكردي بعطائه وإحساسه الفني الرفيع، فاستطاع أن يجذب الجماهير بموهبته الصادقة وحبه الكبير…

آهين أوسو

لم يكن يوما عاديا ،نعم فترة من التوتروالقلق مررنا بها.

إنه آذار المشؤوم كعادته لايحمل سوى الألم .

استيقظت صبيحة ذاك اليوم على حركة غير طبيعية في أصابع يدي ،ماهذا يا إلهي ،أصابعي تتحرك كأنها مخلوقات حية تحاول الهروب من تحت اللحاف ،هممت بالجلوس في فراشي اتحسس يدي ،نعم إنها أصابعي التي تتحرك لاشيء…

(ولاتي مه – خاص):
على امتداد أكثر من خمسة عقود، يمضي الفنان والمناضل شفكر هوفاك في مسيرة حافلة تجمع بين الكلمة الثورية واللحن الصادق، ليغدو أحد أبرز الأصوات التي عبرت بصدق عن آلام الشعب الكردي وأحلامه بالحرية والكرامة.
منذ انخراطه المبكر في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني في سبعينيات القرن الماضي، ظل شفكر وفيا لنهجه…

ماهين شيخاني

في فجرٍ بعيدٍ من فجر الأساطير، خرج رستم، بطل الممالك الفارسية، في رحلة صيدٍ طويلة. ضلّ طريقه بين الجبال حتى وجد نفسه في مدينة «سمنغان»، حيث استضافه الملك في قصره. هناك التقى بالأميرة تَهمينه، فتاةٌ تفيض حُسنًا وشجاعة، قالت له بصوتٍ يقطر صدقًا:

«يا رستم، جئتُ أطلب من البطل ولداً مثله، لا كنزاً…