وداعا صديقي..

دهام حسن
اليوم كنت في عزاء الفقيد النابغة، الصديق توفيق الحسيني رحمه الله.. تعرفت على الفقيد الراحل توفيق الحسيني في عام1960 وبقيت في دوام ودّي له، وتقديري لسموّ ثقافته وإنْ غيبتنا الظروف الغلابة، وأجهر قولا أن موهبته اللغوية والكتابية أغرتني للمطالعة والكتابة في هذه السن المبكرة، واستعرت بواسطته كتبا من مكتب شقيقه الأكبر الشيخ سليم الحسيني رحمه الله المرجع القانوني الكبير، كما رحت أرتاد حجرة شقيقه عفيف الحسيني المرجع في الشريعة والنحو العربي.. كانت بحقّ عائلة نابغة دون مبالغة.. 
كان صديقنا توفيق مشرق الوجه ضحوكا كثير المزاح يعرفه كلّ أهالي البلدة أقصد مدينة عامودا، قبل سويعات علمت أنه لم يتخط في دراسته غير الصف الخامس، كان يترجم من الإنكليزية إلى العربية، اذكر له نصا مترجمة إلى العربية بعنوان (أسراب السنونو الخضراء) كما أذكر له كتابا من تأليفه يعود تاريخ صدوره إلى عام 1959 ودعني أتجرأ هنا لأقول أن بداياتي في المطالعة وربما الكتابة تعود الفضل لهؤلاء الأخوة الثلاثة النوابغ (سليم, عفيف, توفيق) والمدّ أو المنبع كان مكتبة الشيخ سليم الحسيني فقد استعرت منها بعض الروايات والدواوين..
 استدعتْه مؤسسة ثقافية أو دار نشر من الكويت ليقوم بالترجمة من الإنكليزية إلى العربية فكتبت له وأذكر أني قلت له معرفته ببعض طباعه، قلت له أخشى أن تعود قبل أن تصلك رسالتي وفعلا عاد ومعه بطاقة صحفية من الكويت.. ساعدته في التوظيف بحقول رميلان كضارب آلة كاتبة باللغة الإنكليزية أجري له امتحان فتم قبوله لكنه لم يداوم.. كان يعمل في مكتب شقيقه الأكبر شيخ سليم الحسيني، ولو أنه ابتغى جمع المال لاغتنى لكن المال كان آخر شيء يفكر فيه أو يراود فكره… كان يهتم كثيرا ببريق وجنته في البدايات لكن الإهمال بان واضحا في السنوات الأخيرة.. كان علمانيا في السنوات الأخيرة من حياته ويبالغ في التظاهر بالجهر بعلمانيته.. 
مما يؤسف له أن الحركة السياسية وحتى الثقافية لم تدر له بالا، ولم تقدم له يد المساعدة في سنواته الأخيرة سنوات العدم.. وإن حاول بعضهم استغلاله.. 
وداعا صديقي.. وداعا أيها الفقيد الكبير، وداعا أيها الراحل العزيز.. وداعا لا لقاء بعده.. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عثمان حمو

لو كنّا في زمن ما قبل العولمة ووسائل التواصل الاجتماعي، لكانت رواية “إثر واجم” مسرحيةً فلسفيةً جميلةً من شخصين فقط على خشبة المسرح، وراوٍ يدير الدفّة من خلف الستار.

وصلتني منذ فترة رواية الكاتبة مثال سليمان مشكورةً بإهداء جميل، وكعادتي آثرتُ قراءتها بتمهّل وهدوء. وبطبيعة الحال، حاولتُ في البداية فكّ شيفرة عنوان الرواية “إثر واجم”…

غريب ملا زلال
رستم أغالا فنان كردي كانت منطقة كردستان العراق بوصلته التي تعيده إليها ليساهم في ازدهارها فنيا عبر أعماله ومشاريعه الثقافية والفنية التي تعيد طرح أسئلة وجودية لتجيب عنها بوجهة نظر تفهم الواقع باستعادة التاريخ ورموزه التي تبدو في بعض الأحيان مشتركة بين الشعوب والحضارات.

تذكرت مقولة الكاتب الألماني رودولف أرنهايم (1904 – 2007): “من…

عِصمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي

تَرَاءَتْ أَمَامَ البَابِ كَنَسْمَةِ العَبِيرِ

ابْتَسَمَتْ وَقَالَتْ تَنْتَظِرُ

مِنْ زَمَنٍ نَذِير

كَالهَمْسِ قُلتُ لَهَا

أَنْتَظِرُكِ كَالمَوْجِ هَدِير

جَلَسَتْ كَالوَرْدِ طَرِيٍّ

عَلَى أَوْرَاقِهِ نَدًى سَلْسَبِيل

<p dir="RTL" style="text-align: right;"...

قصة: مشعل تمو
ترجمة: ماهين شيخاني

في تلك الغرفة الواسعة , المترامية الأطراف ، كان الضابط يخطو جيئة وذهابا , ومابين كل خطوتين , بثني ركبته اليمنى ويداه متشابكتان , تهتزان خلف ظهره ، ودون أن ينظر إليَّ قال:
– نعلم ماذا تفعلون و ماذا تكتبون ! إذاكان رأسك صلداً فقد كسرنا روؤس أقسى ! إذاكنت عنيداً فنحن…