ضحكات باكية من عفرين

جان كورد 
وصلتني نسخة ورقية من “ضحكات باكية” للأخ العزيز محمد حمو، الشاعر الذي افتتح مؤخراً (حمو سنتر) في مدينة هولير (أربيل) للاهتمام بالثقافة والفنون الكوردية، ويخاصة ما يتعلّق بغرب كوردستان، ومن ذلك مختلف النشاطات الثقافية والفنية للكورداغيين الذين يمرون الآن في محنةٍ عظيمة تكاد تكون الأخطر على وجودهم القومي في جبل الكورد (كورداغ) عبر تاريخه العريق.
الكتاب الذي يتألف من 122 صفحة يضم مجموعة من القصص الساخرة التي صدرت عن مؤسسة جمال عرفان الثقافية ومركز مارغريت باقليم جنوب كوردستان، وقد قام السيد آزاد عكاش بترجمتها عن الكوردية حيث اسم الكتاب باللغة الأصلية (1) وصمم الغلاف ثم طبعه لدى مطبعة ياد في مدينة السليمانية في عام 2017. ولقد أهدى الكاتب مؤلفه هذا إلى “واضع حجر الأساس في قواعد الكردية، صاحب المدرسة القومية (مجلة هاوار)، أمير الثقافة الكردية، الكردي الغيور، الأمير جلادت عالي بدرخان” وهذا يعني أن الأخ محمد حمو قد اختار الأفضل والأكبر من بين كل الذين خدموا الثقافة واللغة الكردية.
تقول مقدمة الكتاب التي كتبها المترجم ونقرأ منها جزءاً على صفحة الغلاف الأخيرة: “الكتاب الذي بين يديكم مجموعة قصص متناثرة تم تصنيفها على بابين رئيسيين، أولهما وقد أخذ معظم المادة، عبارة عن إحدى عشرة قصة من الأدب الساخر المستمد من الواقع اليومي الذي عايشه الكاتب عبر فصول عمره…” والكتاب يعكس صورة الأدب الواقعي الكوردي من خلال القصص المدونة بلغةٍ سهلة وأسلوب كلاسيكي للقصة من دون تكلّف ورونقة مصطنعة، وهذا يذكرنا بكتابات الكاتب الشهير (عزيز نسين) الذي ألّف بالتركية قصصه الرائعة.
الكتاب الذي يعتبر الفقرة السابعة من سلسلة مؤلفات الكاتب يضم مجموعة قصصية تعطي القارىء العربي انطباعاً إيجابياً عن الأدب الكوردي الذي لا يعلم عنه إلاّ قليلون من ذوي الاهتمام الثقافي العام في المنطقة، ولذا نجد هذا العمل المترجم عن الكوردية مهماً لتعميق التواصل الروحي بين أبناء وبنات شعوب المنطقة، في وقٍتٍ يزداد فيه الإرهاب شدة وعنفاً ويعمل البعض على تفجير المنطقة بأسرها وتحويلها إلى ساحة صراع بين شعوبها. 
كان عندي ضيفٌ قبل أيام، فأعطيته هذا الكتاب لينظر فيه ويبدي رأيه، وانشغلت عن ذلك ببعض الأمور، فشرع يقرأه بشغف، ثم بعد فترةٍ سألته عما إذا قرأ منه قصةً من القصص الرائعة فيه، فقال: “والله، قرأت معظم القصص وآمل قراءة ما تبقّى في زيارتي القادمة لك.” ولم أعطه الكتاب ليأخذه معه، حيث هذه النسخة هي الوحيدة بين يدي، وقال أيضاً بأنه وجدها قصصاً “حلوة” بكل معنى الكلمة. 
لي ملاحظة صغيرة على الطباعة، فهناك  العديد من الكلمات التي التصقت حروفها ببعضها، وهذا كان يجب تفاديه. وآمل أن يتم النظر فيها لدى إصدار الطبعة التالية من الكتاب. ولكن هذا لا يعيق قراءة النص بشغف وسهولة. 
فإلى مزيدٍ من الانتاج في مركز ((حمو سنتر) 
مع فائق الاحترام والتقدير 
جان كورد
(1) Kenê Girînok

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…