سألتني طفلة

عصمت شاهين دوسكي 
سألتني طفلة
في شارع الرشيد
هل نحن في عصر الأسياد والعبيد ؟
هل نتجرع مرارة الفقر
ومرارة حلم ، نلبس حذاء للعيد ؟
فبكت الطفلة 
مسحتُ دموعها ، لا تبكي يا طفلتي
لسنا في عصر هارون الرشيد
بل عصر فرعون 
عصر الحرية وحقوق الإنسان وقارون
عصر بلا فضيلة ولا عدالة ولا رغيد
عصر لا ينادي فيه الحاجب
هل هناك محروم جديد ؟ 
******** 
لا تبكي يا طفلتي 
لم يبقى في المدرسة تلميذ ومعلم
لا أحد يصغي حين يتكلم 
ولا أحد ينصت لكي يفهم 
كأن المعلم تلميذ 
والتلميذ معلم 
******** 
محت المظاهر دور المنارة 
والقشور أصبحت هي المهتدى 
هي النوى والنجوى والقيثارة
فلا سفينة ترسو على شاطئ الفكر
ولا قارب يحمل أوتاره 
ولا يقتدي البحار لميناء 
ولا يرى يابسة بمرارة 
تيه وفوضى يا طفلتي 
يدور في النهى أسواره
******** 
نعم اعتدوا على الطفولة 
وأباحوا كل شيء أمام نظرتك
ترتعش من البرد 
والنوافذ تصطك من رجفتك
أهانوا العلم 
فهانت عليهم كل أحلامك 
******** 
لا تبكي يا طفلتي
تحملين فقرا وحلما 
وراحتيك تشتاق رغيفا وقلما
تطردين بنظراتك الأسى
وتعلمين بالبراءة
أكثر من تعلم علما
تبحثين عن حل 
وإن كان الحل علقما
******** 
سرقوا منك القراءة والحساب
علموك كيف تطرقين الأبواب
وتجوبين الشوارع والأزقة والشعاب
بحثا عن لقمة وقطرة شراب
فمن يعلمك يا طفلتي 
إن كان من سرقوا هم الأهل والأغراب ؟
******** 
من يعلمك فضيلة الأخلاق 
وهم بلا فضيلة ولا أخلاق
من يسمو بك للعلا
وكل السمو فيهم احتراق
من يسلمك راية العدالة
والعدالة أصبحت حلم وأشواق
آه يا طفلتي وجعتي قلبي 
ولظى الجمرات في الأعماق 
******** 
نعم يا طفلتي 
نحن في عصر الأسياد والعبيد
يبنون قصورا على الروابي 
ويضعون حراسا ، أسوارا ، وحديد 
هم يضعون القانون والشرائع
ويكتبون كل ما زاد ويزيد
نعم يا طفلتي
طغى عصر فرعون وقارون
لهذا غاب هارون الرشيد  !!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كانت الورشة ساكنة، تشبه لحظة ما قبل العاصفة.

الضوء الأصفر المنبعث من المصباح الوحيد ينساب بخجل على ملامح رجلٍ أنهكه الشغف أكثر مما أنهكته الحياة. أمامه قالب معدني ينتظر أن يُسكب فيه الحلم، وأكواب وأدوات تتناثر كأنها جنود في معركة صامتة.

مدّ يده إلى البيدون الأول، حمله على كتفه بقوة، وسكبه في القالب كمن يسكب روحه…

صدر حديثاً عن منشورات رامينا في لندن كتاب “كلّ الأشياء تخلو من الفلسفة” للكاتب والباحث العراقيّ مشهد العلّاف الذي يستعيد معنى الفلسفة في أصلها الأعمق، باعتبارها يقظةً داخل العيش، واصغاءً إلى ما يتسرّب من صمت الوجود.

في هذا الكتاب تتقدّم الفلسفة كأثرٍ للحياة أكثر مما هي تأمّل فيها، وكأنّ الكاتب يعيد تعريفها من خلال تجربته الشخصية…

غريب ملا زلال

بعد إنقطاع طويل دام عقدين من الزمن تقريباً عاد التشكيلي إبراهيم بريمو إلى الساحة الفنية، ولكن هذه المرة بلغة مغايرة تماماً.

ولعل سبب غيابه يعود إلى أمرين كما يقول في أحد أحاديثه، الأول كونه إتجه إلى التصميم الإعلاني وغرق فيه، والثاني كون الساحة التشكيلية السورية كانت ممتلئة بالكثير من اللغط الفني.

وبعد صيام دام طويلاً…

ياسر بادلي

في عمله الروائي “قلعة الملح”، يسلّط الكاتب السوري ثائر الناشف الضوء على واحدة من أعقد الإشكاليات التي تواجه اللاجئ الشرق أوسطي في أوروبا: الهوية، والاندماج، وصراع الانتماء. بأسلوب سردي يزاوج بين التوثيق والرمزية، يغوص الناشف في تفاصيل الاغتراب النفسي والوجودي للاجئ، واضعًا القارئ أمام مرآة تعكس هشاشة الإنسان في مواجهة مجتمعات جديدة بثقافات مغايرة،…