ابراهيم زورو
بين النونين علاقة أبداعية لا تبرح في أن تكون أحدهما على الإطلاق، من لفظتي: الثقيلة والخفيفة، إذا ما آثرنا ترك نون النسوة جانباً فأغلب الكتاب سوف يبحثون عنها في أعماقهم عن جملة الموااصفات التي كانت مرسومة في أذهانهم عند النظر في الجانب الثقيل من النون، أما الخفيفة منها فأمرها مختلف في سياق كل شيء قابل للأكل. من هنا يمكن التفكير في أحترام الأول وترك الثاني جانباً.
من أمراض المجتمعات التي تعاني من مرض العضال هو صورة الكويتب (الكاتب) الذي يجر الويلات على مجتمعه نتيجة تأليهه لنفسه القاصر من الأبداع، وينسج حول نفسه هالة من القداسة التي غالبا ما تكون حرام التقرب إليه ومحصنه كشرفه بالمعنى الأجتماعي، فهو يضع ذاته في خانة الممنوعات للمجتمع المعني، ويجعل كل شيء ضمن خدمته لأن يكون كاتباً مرموقاً يتكلم عن شخصيته كنبي سقط من نجم بأمر إلهي كأن هناك عقوداً لزواجهم مع الفكر والكتابة تم توقيعها بينهم وبين الله!
من حيث الأبداع سر من أسرار الألهة يضعها في أنبيائه! أو هو بحالته هذه يتناص من الأنبياء بطريقة مقززة ويتخيل أن ما يجرى في خياله واقعاً معاشاً ويتكلم بين الناس عن خياله هذا وعن اشياء شتى تحدث في الواقع، قيل على لسان احدهم بما معناه المرض النفسي هو غضب الرب على من يشتغل في حقل الفكر الذي خص الرب لنفسه فقط؟! أي هالة وهمية جعلته بهذه الحالة، فهو لا يصلح حتى أن يكون مريضاً في عيادة نفسية، لأنه بالأصل لا يتوفر فيه سمات المرض النفسي الذي يعتقد أغلب الأطباء النفسيين أن هناك علاقة حميمية بين المرض النفسي والكتّاب والفلاسفة وهو ربما أمر جيد، بهذا المعنى أن المرض النفسي لا يكون صديقاً حميمياً لمثل هؤلاء الكويتب أنه عدواً لوطنه أكثر من عدو حقيقي واضح، وهو فعلاً يملك خيالاً ولكن خياله بشروط فرويدي لا يربو حتى أن يتعاطف مع فرويد في محنته، أيام الذي يدافع عن نفسه مع تلاميذه الذين أمسوا لهم نهجاً وفكراً خاصة بهم على ضد من معلمهم فرويد في سياق نشؤه، وينسى المعتوه أن زمن الأنبياء ولى هارباً دون رجعة أبداً!. هذا لا يعني أن يكون كل الكتاب مرضى نفسيين وتكون تلك الأمراض حكراً على الفلاسفة بل يمكن القول إذا لم يكن عضوياً فهو حكراً على الأذكياء-إذا اتخذنا من الكتاب والفلاسفة تلك الصفة- أما إذا كان عضوياً يصيب أناساً عاديين في مجتمعاتهم، أما المرض “الغير العضوي” كيف ينّظر للواقع ويضع نصب عينه على جانب الخير ومساعدة مجتمعه ثقافياً وهو بذلك يقف على ارضيه صحيحة وبطريقته الخاصة في تطوير المجتمعات ويكون سبباً في تراكم الثقافة العالمية. وأعتقد جازماً ما من كاتب جر الويلات على شعبه مثلما فعل الكويتب، لأن الكاتب عندما يكتب يرفه عن نفسه والكتابة بالنسبة له نزهة نفسية تخلصه من ضغط نفسي، يكون داعماً قوياً للخيرات بين الأفراد والشعوب لهذا قيل أيضاً أن الله يحقد على الفلاسفة والكتاب نتيجة تقاربهم من عمل الله!!.
أما الكويتب الذي نحن بصدده فهو يتمارض ويبدل ملابسه وشكله كي يشبه الأصلاء مما ذكر، ويمكن ان يقول لمستعميه أن رأسه يؤلمه! ويجعل الشر هدفاً له حتى لا يكشف امره، ويعمل جاهداً أن يهاجم ولا يتقبل النقد مطلقاً وليس في ذهنه صورة مثالية له أو بمن تأثر من الكتّاب والفلاسفة وهو امر ليس محموداً لسيرة كاتب، لأن الفعل الثقافي هو فعل تراكمي أو بمثابة نهر عليك أن تنهل منه، أما إذا كان من سدنة الله فهو جانب آخر غير ما نعرفه في واقعنا، يرى ذاته محاطاً بالأعداء ولا يفكر بمن حوله لماذا هذا الجاهل سيربي الأعداء بين جوانجه؟ ومن هو؟ وماهي أهميته؟ هذه الأسئلة تبدو خلبيه كونها لا تمت إلى الواقع بصلة يذكر، لأن الواضح من الأشياء لا يبعث الخوف وأنما الحذر منه، سمات هذا الكويتب أنه يجعل الوهم عدواً.