ليلة إهانة كريستيانو

إدريس سالم
لأول مرّة في تاريخه في دوري أبطال أوروبا، كريستيانو رونالدو يحصل على البطاقة الحمراء، الأكثر جدلية في مسيرته، لينطلق هذا المشوار بإهانة كبيرة، وبداية سوداء. لعب (29) دقيقة فقط، ليغادر الملعب مقهوراً جاهشاً بالبكاء ومعترضاً على حُكم الحكَمَين. ربّما صورة غريمه ميسي وثلاثيته على “أيندهوفن” الهولندي عالقة في ذاكرته، فقرّر بين نفسه أن يتخطّى رقم البرغوث برباعية في أرض الطليان. خاصّة وأنه انتقل إلى السيدة العجوز في صفقة بلغت المائة مليون يورو.
في أولى مبارياته، في دوري أبطال أوروبا، مع فريقه الجديد «يوفنتوس» الإيطالي، الذي اشتراه بموهبته الرياضية التي تخطّت كلّ الحدود والعقود، بتخطّيه لكلّ الجوائز والأرقام، يتلقّى البرتغالي كريستيانو رونالدو بطاقة حمراء، بنكهة الدمع والسمّ.
لم يكن يعلم كريستيانو رونالدو أن كارثة كبرى تنتظره في المباراة، وعلى ملعب “ميستايا أو لويس كاسانوفا”، الذي طالما شهد تألّقه عندما كان لاعباً في صفوف نادي ريال مدريد الإسباني الملكي، ليحصل بذلك على الطرد رقم (11) في مسيرته الكروية، بينما غريمه الأرجنتيني ليونيل ميسي لم يحصل حتى الآن على أيّ بطاقة حمراء.
الحكم الألماني “فليكس بريتش” وبعد مشاورة حكم خطّ المرمى، يرفع البطاقة بوجه أحد أبرز الوجوه الرياضية في عالم كرة القدم، لاعتدائه على الكولومبي “جيسون موريو” مدافع خفافيش فالنسيا الإسباني «هل يسنحقّ البطاقة الحمراء أم الصفراء؟!»، في لقائه الأول، ضمن منافسات الجولة الأولى للمجموعة الثامنة، من دوري أبطال أوروبا بقميص اليوفي. 
اعتبر المعلّق التونسي عصام الشوالي، أن البطاقة الحمراء كانت قاسية وظالمة بحقّه، وأن كريستيانو لا يستحقّها، مفسّراً التدخّل والاحتكاك ضدّ لاعب فالنسيا بأنه لم يكن خشناً، وبذلك سيغيب كريستيانو عن مباراة يوفنتوس القادمة أمام “يانغ بويز” السويسري، كما سيغيب عن مباراة الذهاب أمام فريقه السابق مانشستر يونايتد الإنكليزي في أولد ترافورد، إلا إذا خفضت العقوبة من الاتحاد الأوروبي، بعد استئناف إدارة اليوفي، وطلب التخفيض.  
لدى المتابعة الدقيقة لكلّ الفيديوهات القصيرة والتغريدات التي نشرت على موقع تويتر، والتي تداولت لقطة الاحتكاك، سيتبيّن أن كريستيانو ضرب مدافع فالنسيا بالكوع، ثم اللمسة الخشنة والواضحة على رأس المدافع، وفي القانون: “أيّ احتكاك مع المنافس بدون الكرة يساوي طرد مباشر”، إذاً قرار الحكم سليم، والطرد صحيح، مع أن الضرب لم يكن عن سابق إصرار وترصّد، وربّما كانت مزحة تشجيعية تضامنية من مبدأ «الروح الرياضية».
 
كريستيانو رونالدو، الذي كان يُمني النفس بهزّ شباك مضيفه فالنسيا الإسباني، ببطولته المفضّلة، وفي ظهوره الأوروبي الأول له مع السيدة العجوز، لكن الحكم الألماني لم يمهله كثيراً، فأهدى أحد أفضل اللاعبين في العالم بطاقة حمراء.
يبدو أن الخفافيش كانوا سعداء جدّاً بطرد كريستيانو رونالدو، آملين بالانتصار والمجد، إلا أن “اليوفيين” انتقموا من زميلهم التعيس، بالفوز الكبير على الخفافيش، الذين بنوا حائطاً دفاعياً قويّاً من الفولاذ، وخلفه الإخطبوط الجديد “ماتيا بيرين” خليفة الأسطورة “جيجي بوفون”، الذي تصدّ لضربة جزاء في الدقيقة السادسة، من وقت بدل الضائع من الشوط الثاني، لينهيها السيدة العجوز بهدفين نظيفين على الخفافيش.  
يعتبر خروج كريستيانو رونالدو من نادي ريال مدريد سبباً لتألق بقية لاعبي الريال، الذي – بحسب المراقبين والمحللين والخبراء – كان عائقاً كبيراً في وجههم، فبعد ذهابه إلى إيطاليا بدأ غالبية اللاعبين باللعب بكل أريحية وروح جماعية، ليتخلّص ريال مدريد من عقدة رونالدو في الحصول على كلّ شيء، هذا النادي الذي أراده المشجّعون والعشّاق أن يكون النادي النجم، وليس نجم النادي.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

في حضرةِ الشعر، حيث يتناسلُ المعنى من رمادِ الكلمات، وحيث يشعلُ الحرفُ فتيلَ الوجود، يولد هذا الديوان: جحيم الأمل.

ليس عنواناً عابراً ولا استعارةً تلقى على عتبة الصدفة، بل هو صرخةٌ تتناوبُ فيها النارُ والندى، وتتعانقُ فيها خيبةُ التاريخ مع شغفِ الإنسان الذي لا يعرفُ الاستسلام.

“جحيم الأمل” انعكاسٌ للروح حين تلقى في أتونِ الأسئلة الكبرى، في…

عِصْمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي

يَقُولُونَ

: لِمَاذَا تَكْتُبُ قَصَائِدَ حَزِينَةً

دَمْعُ هُمُومٍ مَآسِي رَهِينَةٍ

قُلْتُ : مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ

مَنْ جَمَعَ الْبَشَرَ عَلَى السَّفِينَةِ

قَالُوا : حِكَايَاتٌ رِوَايَاتٌ

قُلْتُ : تَوَارَثْنَا الْعُرَى

نَمْشِي عَلَى أَرْضٍ جَرْدَاءَ قَرِينَةٍ

هَذَا الْوَطَنُ

كُورٌ فِيهِ كُلُّ الْأَجْنَاسِ رَغْمَ أَنِينِهِ

عَرَبٌ أَكْرَادٌ مَسِيحٌ تُرْكْمَانٌ صَابِئَةٌ

بِأَلْوَانِ بَنَاتِهِ وَبَنِينِهِ

مِنْ حَضَارَاتٍ ذَهَبٍ وَصُولْجَانٍ

وَفُرْسَانٍ وَقَادَةٍ

تُخْرِجُ الْأَسَدَ مِنْ عَرِينِهِ

………….

ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ الْمَآذِنِ

دُقَّتْ أَجْرَاسُ الْكَنَائِسِ

وَتَجَلَّتْ أَلْوَاحُ السَّمَاوَاتِ

طَافَتْ وَهَبَّتِ الْفَيْضَانَاتُ

عَلَى الْخَنَاجِرِ…

سيماف خالد محمد

في المطبخ كعادتي كل يوم استيقظتُ على فنجان قهوة أُحاول به أن أفتح عينيّ وأمنح نفسي شيئاً من التركيز قبل أن أبدأ بتحضير الغداء.

بينما كنتُ منشغلة بالطبخ أفتح هذا الدرج وذاك، دخلت أختي مايا تحمل لابتوبها جلست أمامي، فتحت الجهاز لتعمل عليه وكأنها أرادت أن تؤنس وحدتي قليلاً وتملأ صمت المطبخ بأحاديث خفيفة.

لم…

فراس حج محمد| فلسطين

تثيرني أحياناً في بعض الكتب عتباتها التمهيدية، من الغلاف وتصميمه، وما كتب عليه في الواجهة وفي الخلفية (التظهير)، والعتبات النصيّة التمهيدية: العنوان، والإهداء، والاقتباس الاستهلالي، وأية ملحوظات أخرى، تسبق الدخول إلى عالم الرواية أو بنيتها النصيّة.

تقول هذه العتبات الشيء الكثير، وتدرس ضمن المنهج البنيوي على أنها “نصوص موازية محيطة”، لها ارتباط عضوي…