من يوميات صديق فيسبوكي.. قالب غالب و وطن بالمقلوب.. وطن (الخال و الخوارزي)

الكاتب والمخرج جوان حسين(كردي)

قبل أن تدخل الى أي جهة اعلامية لتحظى بوظيفة ومرتب، عليك أن تنقاد أولا للشعار المقدس بأننا “لسنا اول لكننا افضل” ثم تنزع عنك اخلاق المهنة لتمتهن خلق التطبيل والتزمير و الرقص على موال صاحب الكل بالكل، و الويل ثم الويل لمن لا يجيد الاسراف في التملق، أو يخالف سيد العمل سواء أكان رئيسا أو ملكا أو شبحا مخفيا أو علنيا، هذا لمن يريد أن يعرف أسرار المهنة والصنعة في الوطن المفشكل، أما في الإعلام الكردي فالامر لا يختلف كثيرا من حيث تورم الذات الاعلامية، و السير على نهج التطبيل والتزمير و الرقص على موال صاحب الجريدة أو التلفاز أو مهما تكن الوسيلة الاجتماعية مع فارق بسيط في تقديم الوجبة الاعلامية، فالعربي لا يفتفر الى الخبرة والكوادر والمال الازم قبل اعداد المادة المنتظرة مع قليل من البهارات التقنية والتكنيكية، رغم عدم حياديتها و جهدها في تكريس و خدمة أجندات تعود لأصحابها حتى لو اصطنع خبرا كاذبا أو اضطر الى تزييف الحقيقة وجعل الباطل حقا، فكل ذلك لا يهم طالما هناك من يتابع عن غباء ويصدق كل ما يقال .
في حين يفتقر اعلام الكردي الى كل ما سبق من حيث الكوادر المؤهلة والخبرات العملية و الاموال الكافية حتى إن توفرت بعض العوامل لن تتوفر الارادة الحقيقية نحو اعلام متطور، بسبب العقلية المتكورة على ترسبات الحالة السياسية و خير دليل على ذلك خيبات صديقي مع الاعلام الذي دق خازوقا في طموحه الذي ترعرع في قلبه منذ الطفولة، وهو أن يصبح محررا أو مذيعا أو أي عمل في وسيلة إعلامية توصل الحقيقة الى الناس، لكن أمله خاب عندما رفض طلبه في كل القنوات الفضائية والسبب بسيط نه ليس صديقا حزبيا على هوى أية قناة، بل ذنبه أنه يقف على الحياد. وعندما شعر بخيبة أمله كتب قصيدة عن الوطن و الذئب 
لكن قصيدته الوطنية واجهت عاصفة من الاهمال، وكلما سأل القائمين على جريدة وأخواتها يتفاجأ بإجابات متشابهة وهي ” نحنا أسفين استاذ مو كل شي صالح للنشر عندنا مشان مكانة الجريدة والموقع” 
و الغريب في الأمر أن صديقي الذي راح نصف عمره وهو يتعلم ويقرأ يكاد يجن حين يسمع و يرى أناسا جاؤوا من سوق الخضرة وتجارة الغنم وصاروا مراسلين ومقدمي برامج، و ناس مبارح خلصت الصف التاسع و ما تعرف الخمسة من الطمسة، وبتألف دواوين شعر و تكتب روايات ومقالات عن حب عبلة لكريستيانو لوناردو، و ولع فيروز بالقدود الهندية، و يا ماشالله جريدة بتنشر هالمقال والشعر من جريدة، للكاتب والفيلسوف والشاعر والباحث يلي لسى بيجر المرفوع، وبيرفع المنصوب، وكل شيء يصح ويمشي ويصير في صحافة وإعلام ” الخال والخوارزي ” ويختم صديقي حكايته برجل أشفق على حاله و وافق أن ينشر له قصيدته في إحدى المواقع الالكترونية، شرط أن ينتظر ريثما يتوسط له عند الحزب أو رئيس التحرير والمشرف على الجريدة
لكن صديقي كان أشطر منهم جميعا فبدل أن يعطيهم قصيدته قدم لهم مقالا بدايته
” إذا كان إعلامنا و أحزابنا بهذا القالب، فحتما سنبني وطنا بالمقلوب “

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…