منذ الأمس النرجسي

مروان بركات

تَرَكت نسمات الأمس الندّية سراً في مرآة ذاكرتي التي ما زالت ترضع من ألوان لوحة ذلك اللقاء الذي سرق باقةً من أناشيد القلب. 
منذ الأمس الورديَّ وأنفاسك الآذارية في واحة صدري تبسط أصدافاً من الأشواق، ودواويناً من الشعر أبلغ من قصائد الحريري في لحظة فراقه لحبيبته.
منذ الأمس الضحوك الذي ملأت كؤوس الحياة نبيذ النشوة .. وأنا أعبر الزمن إلى فصول الغد، وفي أنابيب ذاكرتي عناوين تلك الكلمات التي غسلت الآلام من جسد الأيام التي كانت فيها المعاني حبيسة الصمت.
منذ الأمس.. جين نفض الأقحوان أجفانه من اللحظات المشاكسة، وعَصَرَ السماء نوراً برتقالياً في أحداق الطرقات التي حفظت كل أسفار العشق الأزلية… كانت سلوك الرياحين تشبه رموش صبية لحظة سيمفونية الهمسات في أول لقاء مع حبيبها الخجول.
منذ الأمس النرجسي… لا يزال الروح يتلكأ بين جدائل تلك اللحظات، وهو في انتشاء الزهر قد ضمّه الندى، وكفراش الربيع في مسارح الجمال. 
في حضرة الأمس الأسطوري الخالد دفنَ النار في ظل ذلك القميص المنسوج لحكايات التفاح، وأُشعل البرد بشرارة الشوق بعد انتظار طويل.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف

إلى أنيس حنا مديواية ذي المئة سنة صاحب أقدم مكتبة في الجزيرة

 

ننتمي إلى ذلك الجيل الذي كانت فيه الكتابة أمضى من السيف، لا بل كانت السيف ذاته. لم تكن ترفاً، ولا وسيلة للتسلية، بل كانت فعلاً وجودياً، حاسماً، مزلزلاً. فما إن يُنشر كتاب، أو بحث، أو مقال مهم لأحد الأسماء، حتى نبادر إلى قراءته، ونتناقش فيه…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…