حوار مع الكاتبة نسرين تيللو

  حاورها: عبدالباقي حسيني

أهلاً بك في بلدك الجديد، مملكة النرويج، حيث نلتقيك بعد مرور أكثر من عقد ونيف، هناك عندما كانت تجمعنا الكلمة الكردية في عدة منابر ثقافية كردية في قامشلو والمدن الكردية السورية الأخرى. واليوم بعد ان تحررت نسرين تيللو من سجنها الكبير، تاركة الحرب والدمار والقتل والدم وراءها، على أمل ان تعيش هي وبقية أفراد عائلتها في أمان وحرية، و تحرك قلمها بدون قيد وتطلق عنان كلماتها لتكون أكثر قوة وجرأة في فضائها الجديد،..

حبذا لو تحدثي القراء الأعزاء بإيجاز عن السيرة الذاتية للكاتبة نسرين تيللو، نشأتها دراستها، اهتماماتها، موقعها الثقافي والسياسي، أبرز المحطات في حياتها؟
إمرأة كردية أنا، ولدت ونشأت في مدينة القامشلي فيها أنهيت مراحل دراستي الثلاث ثم التحقت بجامعة دمشق وأنهيت دراستي بكلية الآداب  قسم الجغرافية 1979وخلال هذه الفترة تزوجت وأنجبت ابنتاي جين ومايا.
عملت في حقل التعليم الابتدائي رسميا منذ عام 1977 ونقلت نقلا تعسفيا لأسباب سياسية عام 1979 الى دائرة التأمينات الاجتماعية بتهمة قيادتي للاتحاد النسائي الكردي مع عدد كبير من المدرسين، لفقت لكل منهم تهمة جاهزة، الا أن القاسم المشترك بيننا  وحده كان انتمائنا للقومية الكردية،  وفي عام 1980 عدنا الى مدارسنا بعد اندلاع حوادث الإخوان المسلمين في حلب وحماة بهدف تطويق السلطة لأزمتهما وللتخفيف من السخط وحدة الإحتقان السائد في طول البلاد وعرضها. عدت للعمل في ثانويات المدينة. بعد اجتيازي مسابقة إنتقاء مدرسين, إلا أن الضغوط الأمنية عادت أشد وطأة, واخترقت المدارس أمنيا بشكل فاضح , وتلاحقت فرمانات السلطة بشأن منع التكلم باللغة الكردية , مشفوعة بتهديدات الفصل من العمل .. في ظل سلب الكرد حقوق المواطنة ,وانتزاع الهوية منهم ,وسلب أراضيهم الزراعية ,وتغيير أسماء القرى والبلدات والمدن الكردية . وفقا لما سمي بمشروع الحزام العربي ,وتطبيقا  لمقترحات (محمد طلب هلال) التي اقتضت تجويع الأكراد وتجهيلهم  وتشريدهم .   ولاشك أن دولة تمتلك الأحزمة الناسفة , وأحزمة البؤس , إلى جانب حزامها العربي انها ضليعة في حصار الإنسان. فما بالك  بحال مدرسة من منبت وطني, تكتب بالكردية ,وتحيي أماسي أدبية , وتحمل وجهة نظر مخالفة لسلطة الاستبداد والقمع، وتشد أزر الطالبات الكرديات ,وترفع معنوياتهن لإكمال مسيرة العلم في أشد الظروف حلكة , في بلد تهدر ثرواته لإفساد الضمائر، لضمان حراسة السلطة من الشعب، بتحرى خطوات المواطنين وإحصاء أنفاسهم , للوصول إلى مقاصدهم, وخصائص عقولهم, وخفايا صدورهم . ووفقا لهذه العقلية  الإقصائية جاء تصنيقي (الكردية الخطيرة على أمن الوطن) وطوال خدمتي لثلاثين عاما بقيت  مهددة بالفصل والنقل , مع استجوابات أمنية متلاحقة  وتسجيلات  لأقوالي . ومن ثم نقلي تعسفيا الى جلا اغا (الجوادية) عام 2008 ومن ثم نقلت الى عامودة , ورافق ذلك استدعائي لدائرة الأمن  السياسي في الحسكة ,لاستجوابي مطولا وتسجيل أقوالي . ولم يكن هذا حالي لوحدي بل أصبح لدي مع الزمن شركاء من المثقفات الكرد وناشطاتهم . ولم تتوانى الفروع الأمنية أحيانا عن اخراجي من الصف, واستجوابي في مكان العمل.
السيدة نسرين سيكون لقاءنا سيكون في ثلاثة إتجاهات؛ 1 نسرين المرأة والإنسانة، 2 نسرين الكاتبة والمثقفة، 3 نسرين السياسية.
أولاً : نسرين تيللو المرأة والإنسانة، من هي؟
انا انثى عاشقة للحياة , أنشد السلام والإستقرار, أريد أن أجد لذاتي الفردية وضعا اعتباريا مغايرا داخل القيم الذكورية, تحت وطأة المعاملات والأحكام المسبقة . أغمس ريشتي في أحاسيسي لأترجم حقيقة الوجود , أحب الانطلاق المبدع, الهارب من سجن الذات التقليدية. أرى الزمن حركة متواصلة الى الأمام لا تنتهي , أقرأ لغة الطبيعة المشفرة كاكتشاف, وأصوغها كتركيب جديد وفق ماأملك من مخزون معرفي وحسي.
أطمح في كل ما أكتب الى الحرية ,  والسلام , والمساواة .اتمسك بخيط الأمل وان كنت على حافة اليأس.
  ما هو موقع المرأة الكردية السورية الآن مقارنة بالماضي القريب في الخارطة اليومية للحياة؟    
عموما تمتعت المرأة الكردية  باحترام الرجل ,وبحرية  نسبية  قياسا الى  بقية المكونات المجتمعية الأخرى .وفق علاقات الانتاج في مجتمع زراعي , شاركت فيه المرأة بالانتاج الاقتصادي المنزلي, بدءا من بناء البيت, مرورا بتوفير الغذاء, وتوفير الوقود, والملبس جنبا الى حنب مع الرجل, لكن الأمية كانت متفشية على نطاق واسع بين مختلف الشرائح إلى جانب الفهم الخاطئ لتفسير الظواهر, من مرض, وكوارث طبيعية , وسياسية.  فالملا  وحده في القرية يشفي الامراض , والفقر والغنئ قدر من الله , ولاشك أن هذه المفاهيم كانت تخدم سياسة الدولة ,وتطيل أمد بقائها ,ما دام الشعب يتهم الله ويبرئ اللصوص.  لذا سعت الدولة جاهدة  لتكريس هذه المفاهيم عبر رجال الدين لكن الجمعيات و الأحزاب الكردية بدأ تاثيرها الفاعل على الأرض منذعام 1925 حيث أثرت في  توهين هذه المفاهيم وعملت جاهدة  على  زعزعة نظم الفكر المهادن.  الى جانب نضال الشخصيات الوطنية المستقلة التي استقرت في سوريا بعد اخفاق ثورة الشيخ سعيد بيران والغوص في أعماق الأرياف الكردية  للحض على العلم وإيقاظ الوعي القومي  وفصل الديني عن القومي في بلاد  يعرب فيها المسلم تدريجيا ,وتمحى علاماته الفارقة . ولعلنا اليوم نرى ونلمس  ثمرات ذلك النضال,  فالمرأة الكردية اليوم  تمتلك بوصلتها الى حد ما ..فهي المهندسة والمدرسة , والطبيبة والمحامية , والممرضة وصاحبة المتجر والناشطة السياسية والمسجونة والملاحقة , إلى جانب تحرر المظهر, مما أهلها لممارسة أدوارا  جديدة زادت في الحقيقة  من أعبائها بسبب ينابيع ثقافة  الشرق , التي لا ترى الأنثى كائنا يماثل الرجل حق الوجود الفعلي .حيث التربية الدوغماتية السائدة  تأخذ شكلا من أشكال العنف المقنع , لبعدها عن الحوار والتجربة  والاستقراء والاستنتاج .إلى جانب واقع مفيرس بالموانع  متربص بالأجنحة , مما يشي رغم كل شيء بهيمنة قيم العبودية، وأملنا في الثورة السورية اليوم التي  تحمل في رحمها بذور التغييرالسياسي والاقتصادي والاجتماعي النوعي.
كنت مهتمة بأحوال المرأة ومشاكلها  وحضرت عدة ندوات ومؤتمرات في الشأن النسائي، كناشطة ماذا قدمت للمرأة في منطقتك ؟
تجلى اهتمامي بقضية المرأة في كتاباتي .ومواقفي وحضوري  في الصحافة وظهوري على القنوات الفضائية الكردية،  وترشيحي من قبل  لجان احياء المجتمع المدني لتقديم تقرير شامل عن أحوال المرأة السورية عموما, والكردية خصوصا, لمنظمة العفو الدولية في بيروت.أعقبها تكريمي من قبل لجان المجتمع المدني مع مجموعة من نشطاء المدينة أمام جمهور حاشد.  وترشيحي من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني لتقديم تقرير عن احوال العنف ضد المرأة في سوريا والمرأة الكردية في سوريا لمنظمة حقوق الانسان القادمة من السويد، تم اللقاء بحضور سكرتير الحزب الدكتور عبد الحكيم بشار وعقيلته في القامشلي .ودعيت لحضور مؤتمرنساء الكرد في السويد لالقاء كلمتي حول اوضاع المرأة الكردية في سوريا  باللغة الكردية .احييت وشاركت في احياء عشرات الأماسي القصصية والشعرية .ونشرت عشرات المقالات حول العنف ضد المرأة ,وانتحار النساء أو نحرهن ومقالات مطولة حول العقلية الاقصائية. والاتجار بقضية المرأة من خلال الديمقراطية المزيفة  .على المواقع الكردية وما لايحصى من المقالات في المواقع الألكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي . .وندوات حول  العنف ضد المرأة في  عدة مدن سورية .وندوات حول  قتل الشرف. ونلت شهادة تقدير من حزب الوحدة جناح اسماعيل عمر .مع عدد من الكتاب الكرد  كمهتمين اوائل بالكتابة باللغة الكردية .ونشرت لي قصائد في مجلة  ريا تازة  وفي ريكا آشتي وسوسياليزم وفي آسو ,زانين وزين ,وكلستان, وهفند,  وشاركت في المهرجان الثاني لمهرجان الشعر الكردي في دهوك .مع عدة لقاءات تلفزيونية في قناة كردستان ,وقناة فين ,وقناة روناهي ) وكان لي عدة لقاءات في صحف كردية خبات، الوفاق،  باس.  الا أن الأهم  برأيي هو ما استطعت ترسيخة  في نفوس الفتيات من ثقة بالنفس وشعور بالمسؤولية ومساعدتي للكثيرات على تخطي العثرات والصعاب التي واجهتهن .حتى غدوت لعدد كبير منهن أماً روحية.
هل لك مشاريع مستقبلية تخص تطور المرأة؟
بالتاكيد أتمنى ان أضع تجربتي الغنية في خدمة نضال المرأة وتطوير وسائل هذا النضال من خلال تأسيس اتحاد نسائي يهدف أولا  الى الاندماج في المجتمع الجديد مع  التأكيد على قيم الأصالة والخصوصية للمرأة الكردية والمجتمع الكردي. وتعريف العالم بهذه الأصالة من خلال  المعارض والندوات  واحياء الحفلات الموسيقية و المناسبات القومية كعيد نوروز. ومد يد المحبة لنساء البلد والتزود بتجاربهن.
في خضم الثورة السورية، كيف تقيمين دورالمراة السورية عموما والكردية خصوصا؟
بلدي تستعيد الثورة خلقه مجددا..، الثوار ليسوا رجالا وحسب بينهم أيضا مئات النساء والأطفال وثورتنا ليست ثورة داخل القصر انها ثورة شعبية عارمة. انطلقت من الشوارع , لتزلزل الأرض تحت أقدام مغتصبي السلطة , ومن حولهم من عصابات  قتل,  والاجرام . الثورة  تهدف الى بناء سوريا المعاصرة  والى بناء الانسان السوري الذي غيب عن باقي  مكوناته عنوة حيث قامت السلطة وباسم الوحدة الوطنية الى اللعب بورقة التعددية سلبا بما يخدم مصالحها . لتلهي الشعب عن سرقة لقمة عيشه  بنهب خيرات البلد  ووضعه داخل حلقة مفرغة للتأخر .ولتأخذ دور الشرطي في النزاعات التي اختلقتها .وباسم الوطن أدامت حالة الطوارئ وصار الرئيس ملكا  .وباسم الحرية  تناسلت السجون وأديمت حالة الطوارئ …
هذه الثورة  تطيح بالشعارات النظرية الجوفاء وتقلب المفاهيم الاجتماعية المستكينة الى رثاثتها لترسي مكانها قيما  ثورية أكثر انسانية وعدلا وتسامحا, وشفافية  لتكون سوريا للجميع في ظل نظام ديمقراطي علماني تعددي، وذلك بفصل الدين عن الدولة.
المرأة السورية انخرطت في الثورة السورية إلى جانب الرجل،, فقتلت ,وعذبت ,وشردت  وهجرت، هذه الصورة الجديدة  للمرأة السورية وبهذا الكم الهائل , لا شبيه لها في تاريخ المنطقة على الاطلاق ,وهذا من شأنه أن يحطم قيم     الديمقراطية المزيفة التي أنتهجتها البعث الغاشم حيث مثلت  المرأة قي مجلس  الشعب نسبة 12% لكن 90% منهم كانوا من البعثيات اللواتي فرضت أسمائهن في قوائم السلطة الانتخابية وما أدراك ما انتخابات السلطة … ولم يكن لها أي دور حقيقي في القرار السياسي أي أن  المراة كانت ماكياج يوضع ويزال حسب المناسبات تدلي بما يمليه عليها الرجل. هذه المفاهيم لن تجد لها في سوريا الجديدة مكانا   وستزول بزوال السلطة مع كل اشكال الاضطهاد القومي والديني والعرقي وكل اشكال التمييز بين المرأة والرجل , نساء سوريا اليوم مصدر اعتزاز وفخرلنا جميعا اذكر منهم  المناضلة سهير الاتاسي وزاهدة رشكيلو , وفدوى سليمان ,وبهية مارديني , وهرفين اوسيو, ومئات المناضلات اللواتي سيذكرهن التاريخ باعتزاز وستفخر بهن الأجيال.
ثانياً: في المجال الثقافي والأدبي
بداياتك في مجال الكتابة، بمن تاثرت ؟ باي لغة بدأت؟
الكتابة بالأساس موهبة يدعمها جدية الإهتمام بالمطالعة، لا أتوقف عن المطالعة ومتابعة الحدث . عمليا أنا متاثرة بكل ما رأيت وقرأت اؤمن بالكلمة الحرة جسرا للتواصل بيني وبين العالم .الطبيعة كانت ولا تزال منهلي الأول  .لكني لا أستطيع أن أكون مبدعة  في جميع الأوقات. لأن لحظات الابداع برق خاطف يدوم ثوان . تضيئ به مساحات واسعة من الحلم والذاكرة. تأثرت في بداياتي بكتابات المرحوم اسماعيل باشا. الذي أعجب بموهبتي , و دعمني بسلسلة  من كتب نوعية , مترجمة ,وتابع كتاباتي لفترة.  بداياتي كانت مع الشعر بالعربية .وكان أول ظهورعلني لي أمام الجمهور عام 1984 في أربعينية الشاعر الكبير جكرخوين.
تعرفت إلى نسرين تيللو أيام مراسلتها لمجلة زانين الكردية، أذكر حينها الإحتجاجات النقدية على لغتك الكتابية، هل كانت هذه الإحتجاجات عائدة برأيك لعلة في القارئ الكردي؟  أم أن كتاباتك كانت للنخبة فقط ؟
كتبت بهوية كردية واضحةضد ما هو مكتمل وجاهز , وضد تقاليد بالية قائمة على تعليب الجسد, وتكبيل عقل  المرأة بإرث جاهز, كوسيلة للإخضاع عبر قمع مبرر بالمقدس , بعد أن ارتدى ثياب السماء.  أردت تسليط الضوء على  الجمال القابع في قلب الإهمال عبر طريقة متحررة ومتمردة على عمود القصة  من بداية , وذروة ,ونهاية , كتبت عن شخصيات مشتتة  تتمتع برهافة عالية,  تكابد الكتمان, تعاني من خارج يطأ أسرارها, مع نهايات مفتوحة على الإحتمالات كقصة ( تابوو) ,  أو منتهية بصيغة  سؤال كبير كقصة (جوانييه نيجزن ، جوان العصري) . وأعتمدت  أحيانا على السرد من خلال المونولوج الداخلي كوسيلة أعمق من مناجاة  كسرد حميم , متدفق قائم على ضمير المتكلم يكشف رشاقته كجسد يكشف أسراره على إيقاعات الرقص. في قصة (هشتبي، الأخطبوط). وفي قصة (بوازك، الموشور) حيث شقاءالمرأة بتفاصيله الإنسانية في حروبها النبيلة ضد الإهمال وهي تبحث عن شيء صميم بالداخل حيث الداخل مكان للذاكرة والحلم وباقي المفقودات . مع درجات من الواقعية . أما عن القراء الكرد الذين غيبت عنهم لغتهم وتاريخهم,  بسبب حصار تاريخي وروحي مديد وكثيف,  فكانوا أمام صعوبات بالغة في القراءة با للغة الأم.  وهؤلاء كانو يمثلون الأغلبية .ناهيك عن أسباب مشتركة بين القراء ألا وهي : تغييب ثقافة المطالعة عموما في سوريا وحجب المواقع الألكترونية من قبل السلطة, وارتفاع أسعار الكتب , وانشغال الانسان بهم العيش . ليتحول الإنسان إلى متلق مستسلم مذعن قانع . لكن بالمقابل وجد القارئ الكردي الباحث القارئ المتأني وإن كان لا زال يمثل الأقلية . 
ما هي مشاريعك الثقافية والأدبية المستقبلية بماذا مشغولة نسرين تيللو الآن؟
مشاريعي الحالية مرتبطة بفهمي لوضع الجالية الكردية في النرويج، وعلى ضوء هذا الفهم يمكننا معا بناء مشاريعنا .لدي مشاريع وافكار يمكن ان تضاف الى جهودكم واتصور أن الفرص متاحة في بلد  ديمقراطي منفتح على جميع ثقافات العالم ,مشغولة الآن بتدوين ملاحظاتي حول طبيعة البلد القارسة .وتكيف الانسان هنا مع البيئة  في طرائق ومواد بناء المسكن , اضافة الى الحفاظ على البيئة بكل كائناتها , من غطاء نباتي وحيواني, وتدوير النفايات للافادة منها مجددا  والحفاظ على نقاء الهواء والتربة.  
كيف تنظرين الى المستوى الثقافي والأدبي لدى أكراد سوريا..؟ ما رأيك بهذا الكم الهائل من الجمعيات والاتحادات للكتاب والصحفيين في سوريا؟
هناك كم هائل من المثقفين والكتاب, وبعض الباحثين واللغويين .واصدارات لا تعد ولا تحصى من الكتب سنويا ,أكثرها لا يخضع لرقابة , ومعظمها لا يضيف جديدا للمكتبة الكردية .وهذه الظاهرة لا يمكن معالجتها الا بوجود اتحاد كتاب وصحفيين كرد يقيم الانتاج الأدبي المطروح للطباعة والنشر لذا كان  تأسيس الرابطة حلمنا جميعا الا أن مرض الانقسام على الذات  سرعان ما انتقل من الأحزاب الكردية مع الأسف الى رابطة الكتاب  ليتحول الى اتحادات وهذا ما أراه مرضا ولا أفسره بظاهرة صحية . بل تمييعا لقدسية الكلمة. لأن اختلاف وجهات النظرفي المواقف الأدبية  لا يبرر الصراع على المقاعد , وعند ظهور بوادر الانقسام سعينا جاهدين انا وزوجي الى تقريب وجهات النظر وبذلنا جهودا مضنية  بحضور أطراف النزاع. وبدا كأننا نجحنا في مهمتنا الا أننا بعد اسبوع فوجئنا بانقسام طولي في الاتحاد  ليتحول الى اتحادين .تلاه انقسام ثاني وثالث، برأيي أن الانقسام هنا يوحي بجهل بأصول العمل التنظيمي ويعبر عن فهم قبلي للقيادة . كما أن لهذا التمييع لمسات أمنية .كما جرت العادة .
أما حول انشطتنا في الرابطة فقد أحيينا عدة أماسي شعرية  لشعراء وشاعرات كرد .وعدة ندوات سياسية بحضور جماهيري كبير في القامشلي , في صالة اوصمان صبري, وصالة جلادت بدرخان. وفي ديريك أحيينا احتفالا كبيرا بمناسبة اعلان تشكيل فرع ديرك .وساهمت الرابطة في انجاح انعقاد المؤتمر الأول لنساء الكرد وقمنا باحياء ذكرى وفاة الشاعر أحمدي بالو ,  كما أصدر الرابطة مجلة بينوسا نو، وهي تتناول قضايا الكرد السياسية والاجتماعية والأدبية لتنوير القراء بمستجدات الأحداث العالمية وانعكاساتها على سوريا والوضع الكرد ي.
ثالثاً: دورك في المجال السياسي
معروف أنك تنتمين لعائلة وطنية عمل معظم أفرادها في الشأن الكردي العام، وخاصة والدك المرحوم عبدالقادر تيللو والملقب ب (عبدي تيللو)، متى كانت بداياتك السياسية؟    
شعرت بتميزي واضطهادي قبل دخولي المدرسة عندما كنا نوقظ على جلبة البيت لاخفاء الكتب الكردية . أذكر منها  تاريخ الكرد وكردستان, وشرفنامه , وهاوار ,وهيفي , وجارجر, اوأناشيد الأطفال , وارشيف جمهورية مهاباد ,وصور البرزاني الخالد, كممنوعات.  فوالدي كان عضوا في جمعية خويبون ومديرا لنادي (جوانين كرد*شبيبة الكرد) وأمين سر الجمعية الخيرية لفقراء الكرد المؤسسة سنة 1932  وفوق داره في عامودة رفرف العلم الكردي عاليا وهزجت الحناجربإنشودة( أي رقيب) .ولهذا كان علي أن أتحلى بالشجاعة وأكون أكبر من مسطرة الزمن ريثما تنتهي نوبة التفتيش ، لتنصرف دورية الأمن ويبقى شبحها هاجسا يلاحقني كالوسواس.
عيون أزيلت عنها الغشاوة باكرا لتقرأ الحقيقة المرة العارية بمانشيت عريض …زمرة دمنا تزعجهم….، لنكبر وتكبر معاناتنا ,مع استجوابات أمنية واجراءات جائرة بحق الوالد ومن ثم اخي الأكبر من تسريح ومنع من العمل بقرارات أمنية صريحة.
لكنني نأيت بنفسي عن عطن السياسة وبطشها الإيديولوجي. فلم أقدم طلب  إنتسابي لأي حزب, وبقيت على مسافة متساوية من الجميع, مع ميل روحي نحو الحزب الديمقراطي الكردستاني.    
كأول امرأة كردية في سوريا ترشح نفسها لعضوية مجلس الشعب وقبلها لعضوية مجلس المحافظة. هل لك أن تحدثينا عن هاتين التجربتين؟
رشحت نفسي لعضوية  مجلس المحافظة  عام 1987 وعضوية مجلس الشعب عام     1999بعد اجماع الأحزاب الكردية على ترشيحي معتزة بالثقة التي أولتني إياها الأحزاب الكردية  دون غيري , وفي المرتين كنت متخوفة ومترددة من الاقدام على هذه الخطوة  بسبب معرفتي بحقيقة الأنظمة الديكتاتورية ,التي تريد الدمى ولا تريد البشر. حيث الانتخابات ليست سوى أقنعة  للديمقراطية المزيفة , لتتاجر بها أمام الرأي العام. الا أني خضت التجربتين . وقامت الأحزاب بما يلزم من دعاية انتخابية وتسخير مندوبين عني على معظم صناديق الاقتراع , النتيجة حصلت على 13 ألف صوت انتخابي لكنني لم أفز. بسب ترشيد الأمن لكافة الناخبين، بأن المرشحة نسرين تيللو قد انسحبت ولا داعي لانتخابها.ومن ثم احضار البعث للهويات الشخصية في مناطق البدوفي أكياس خيش كبيرة وتسجيل أسماء الناخبين بأيدي مندوبي السلطة .وهكذا فاز البعث كالعادة  بنسبة 99% من أصوات الناخبين وتعرضت فوقها  لازعاجات أمنية لا مجال لذكرها الأن. اما عن ترشيحي لمجلس الشعب بسبب تفائلي وتفائل الأحزاب بالتغييرات التي حصلت في العالم,لأخوض التجربة مجددا لكن السلطة هذه المرة جهزت قائمة الظل . وهي مجموعة من السلطويين أيضا الحقت أسمائهم بقائمة السلطة. باسم مستقلين وأوعزت الى جميع المراكز بتزكيتهم. وهددت باقي المستقلين بضرورة اعلان انسحابهم قبل بدء الاقتراع بأربع وعشرون ساعة على الأقل .مما أجبرنا على الانسحاب . خوفا من بطش السلطة .علما أن جميع موظفي الدولة والعاملين فيها اضافة الى طلاب الجامعات  كانوا مجبرين على انتخاب قائمة السلطة آليا وممنوعين من الدخول الى الغرفة  السرية للادلاء بأصواتهم . هكذا كانت تجري  انتخابات البعث ،أخي عبدالباقي.
 بعد أحداث 2004 أين كانت نسرين تيللو من تلك الأحداث ؟.. الى أي مدى تأثرت نسرين بالظلم الذي وقع على أكرادها ..؟ هل من مواقف معينة تركت أثرا فيك؟
في الأول من آذارغادرت القامشلي متوجهة الى دمشق لإجراء عمل جراحي  وعندما عدت كان الأمن قد ملأ المدينة اشاعات مفادها أنني في السجن بسبب احراقي لمخازن الأعلاف. ابتسمت في البداية ولم أعلق ظانة أنها مزحة وتعليق من صديقاتي, لكن الدعاية اتسعت ولم يبق من مجال لتجاهلها .ولما تابعت مصدر اشاعة النبأ تبين أن مديرة ثانوية القادسية( أ. خ ) حينها هي من وقفت أمام المدرسين بايغاز أمني وأخبرتهم بما أملي عليها حولي…. لينتشر الخبرانتشار النار في الهشيم , وليملأ البلد , بما يسيء الى سمعتي كمربية ,ومناضلة كردية.
تابعت الأحداث من خلال شريط فيديو, لأشاهد ما فاتني من قتل, ومظاهرات عارمة , لم تشهدها مدينة سورية  لها مثيلا من قبل. حول اليوم التالي للأحداث, عندما  خرج المتظاهرون لتشييع  قتلى الملعب البلدي . فواجهت السلطة المشيعين بالرصاص الحي ليصل عدد الجرحى الى حوالي سبعين , بين قتيل وجريح, فثارت الجموع وحطمت تماثيل حافظ أسد في عدة مدن كردية .وتابعت صور الشهداء على مغتسل جامع قاسمو. أحد الشهداء كان يبدو قويا في مقتبل الشباب وقمة العنفوان  ,بدا صدره مرتفعا كالجبل. فكتبت فيه نصا شعريا  مؤثرا ,تناقلته الصحافة الكردية مما دفع الأمن السياسي  لاقتحام بيتي بدون اذن والتحقيق معي مطولا بخصوص أحداث القامشلي وتوجيه اتهامات لي بأنني مسؤولة الاعلام الخارجي في حزب الوحدة جناح اسماعيل عمر .وأنني أتواصل مع الخارج . ولما أعلمتهم أنني تغيبت عن واجبي بسبب سفري  طالبوني باحضار أوراق تثبت أنني أجريت العملية في دمشق .فلم أحضر أية  ورقة لأنهم كانوا على علم بما يطلبون و كانوا يتقصدون ازعاجي واهانتي , مستكثرين علي التعاطف مع بني جلدتي، تبعهم بعدها بعدة أيام عناصر أمن الدولة, الذين اقتحموا البيت مرة اخرى لنفس السبب. واستمرت السلطة في حملة اعتقالات واسعة لشباب الكرد .تجاوزت اعدادهم المئات وضاقت بهم المعتقلات .وتعرضوا  لشتى صنوف ا لتعذيب المنحط  والاهانات بينهم يافعين وأطفال فارق بعضهم الحياة تحت التعذيت. كاليافع فرهاد محمد  ومكث عدد كبير في السجن بدون محاكمات لمدة سنتين .وعندما افرج عن عدد منهم . أقامت الأحزاب الكردية .احتفالا جماهيرا حاشدا في ساحة قرب حي الهلالية  بهذه المناسبة اصطف فيها المفرج عنهم .في الصدارة لتلقي عليهم الجماهير التحية  .وكانت على جباه ورؤوس اثنين منهم  آثار الجراح والندوب والقطب البارزة  .فتقدمت منهم وقبلت جراحهم وقلت لهم  ..هذه الجراح نجوم على جباهكم فافتخروا. واستطيع القول أن  الكرد هم أول من حطم جدار الخوف وفتح كوة في صدر قلعة الحديد المغلقة  سوريا.  
 الثورة السورية، بداياتها، تداعياتها، تشكيل المجلس الوطني السوري ومن ثم الكردي، تأثير الثورة على الوضع الكردي، حبذا لو تحدثينا عن مجمل هذه القضايا من وجهة نظرك؟  
بدأت الثورة السورية في درعا على أثر استجواب تلاميذ كتبواعلى جدار المدرسة ( الشعب يريد اسقاط النظام) .عذب اولئك الأطفال واقتلعت أظافرهم. خرج المواطنون الى الشوارع للتنديد بهذه الممارسات والمطالبة بتقديم رئيس الأمن السياسي لمحاكمة عادلة .الا أن السلطة استمرت في معالجتها للأزمة وفق طرائقها الأمنية .فاتسعت المظاهرات لتشمل جميع مدن وبلدات درعا والهتاف ضد النظام والمطالبة بتنحي الرئيس . فما كان من السلطة الا أن  انزلت الدبابات الى الشوارع وواجهت المتظاهرين بالبطش والقتل وتشويه جثث بعض الأطفال ورميهم في العراء مثل (حمزة الخطيب) امتدت الثورة الى بانياس وحمص وحماة  وجسر الشغور والرستن ومعرة النعمان رافقها نزوح كبير الى الدول  المجاورة  ليتحول السوريون أخيرا الى لاجئين …  وعمدت السلطة الى تسميم مياه الشرب ونهب الممتلكات وانتهاك حرمات النساء على مرأى أزواجهن وآبائهن,  على يد قطعان الشبيحة وقوامهم مجرمون أطلق سراحهم من السجون  وأطلقت يدهم في الشعب همجية وقتلا مريعا .وهكذا امتد اوار الثورة الى المناطق الكردية وتم تحطيم  أصنام السلطة في عامودة أولا . ثم الى القامشلي والدرباسية تضامنا مع الثورة , وفي محاولة السلطة لايقاف المد الثوري في بقية المناطق عمدت الى قتل الناشطين البارزين في بيوتهم, ومخابئهم, وفي وضح النهار .مطلقة على هذا النوع من الاجرام عمليات استئصال جراحية صغيرة . هادفة الى القضاء على الناشطين والمؤثرين البارزين. على يد عملائها من مجرمين محترفين . فقتل المناضل البارز مشعل التمو في القامشلي ، وفي اليوم التالي خرجت جموع غفيرة قدر عددها بخمسين ألف متظاهر لتشييع التمو واجهتهم السلطة بالغازات والرصاص الحي فأردت أربعة قتلى أحدهم مختنقا بالغازات .وبعدها تمت تصفية نصر الدين برهك عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا  في منطقة جلا آغا . ثم تصفية الشاب الناشط  جوان  قطنة , من تنسيقيات الدرباسية .وتوالت حملات القتل والخطف للمطلوبين .كنا من المشاركين في كتابة شعارات الثورة , وحث الشباب على الاستمرار في التظاهرات السلمية  والخروج في تظاهراتها الشبه يومية , وشعارنا واحد, واحد, واحد, الشعب السوري واحد. وحرية حرية حرية ونبذ الطائفية والعنف .اذ أن النظام كان يهدف جاهدامن خلال العنف الرهيب الى اجبار المواطنين على حمل السلاح , لتحويل الثورة عن مسارها السلمي ,و ليبرر لنفسه عمليات الارهاب المريعة التي يرتكبها بحق المواطنين العزل, ليرتفع عدد القتلى تدريجيا الى مائتي قتيل يوميا .وارتكاب مذابح بحق الأطفال لاشبيه لها في أفلام الرعب من هوليود , ولا في حروب هولاكو . كمذبحة  أطفال الحولة ,ومذبحة  داريا . وازاء هذه المستجدات الخطيرة كان لا بد من اطارسياسي جامع يمثل كل أطياف الشعب السوري فتمخضت الجهود عن تشكيل المجلس الوطني السوري الذي حسم مقترحات الحوار مع السلطة و أعلن عهد التفاوض لاسقاط النظام . اما موقف الأحزاب الكردية فكان حذرا في البداية خوفا من تكرار احداث 2004 عنما واجه الكرد السلطة بمفردهم .الا أن شباب الكرد بادروا الى التظاهر فورا والانضمام الى المعارضة السورية . ورفعوا شعارات  الثورة السورية وطالبوا باسقاط النظام . ونسقوا النضال فيما بينهم لتبقى الثورة سلمية , ونبذ الشعارات الفئوية , والطائفية, وضرورة الحفاظ على السلم الأهلي, وبعدهم جاء تشكيل المجلس الوطني  في اواسط ايلول 2011الكردي كاطار تنظيمي وكمرجعية كردية تنضوي تحتها كافة أحزاب الحركة الوطنية .والذي وحدد المجلس  خياره بالوقوف الى جانب الثورة .من خلال المعارضة السلمية ,مطالبين المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق ,والهيئات السياسية الأخرى , بضرورة الاعتراف بحقوق الشعب الكردي  وتقرير مصيره ضمن وحدة البلاد , وتعويض المتضررين من المشاريع العنصرية التي طبقت بحق الكرد. الى جانب الاعتراف الدستوري بالقومية الكردية في سوريا كثاني أكبر قومية في البلاد, تعيش على أرض آبائها وأجدادها منذ ألاف السنين . وكان لنا دورا ناشطا  في توجيه الشباب والمستقلين حول ضرورة دعم ومساندة المجلس الوطني الكردي .كما أعلنا في الاتحاد النسائي الكردي عن تضامننا مع المجلس الوطني الكردي ونهجه  .وبفضل الثورة تقاربت الأحزاب الكردية .
كيف ترين مستقبل سوريا عموما ومستقبل كرد سوريا خصوصا ؟  هل من أفق ؟
الثورة الشعبية العارمة في سوريا جاءت نتيجة لبلوغ السيل الذبى من انتهاكات  فاضحة لحقوق الانسان وكم الأفواه وتفرد البعث بالحكم ,ومن ثم تفرد عائلة الأسد بالحكم . وسياسة التمييز بين المواطنين ,على اساس الانتماء القومي , والمذهبي, وتفقير الشعب وانحدار مستوى المعيشة الى دون خط الفقر .واستئثار عائلة الاسد واقربائه ومقربيه بزمام السلطة والاقتصاد .بنسبة 90%  وليقتات 90% من أبناء البلد ب 10% فقط من خيرات بلدهم .وما أطال أمد بقائهم كان استثمار التنوع الاثني والعرقي والديني بشكل سلبي يخدم مصالح السلطة .التي اقتضت اثارة الحساسيات بين عناصر هذه المكونات لتلهي الشعب بهذه الخلافات الجانبية  عن سرقاتها الكبيرة لثروات البلد وتاريخ سلالاته ولتأخذ دور الشرطي في حل تلك الخلافات.وهو شأن جميع الأنظمة الديكتاتورية التي تغتصب السلطة بالقوة عن طريق انقلابات  عسكرية  ,من هنا اتصور ان الثورة قامت بالأساس لالغاء الضيم الجائر على  ابنائها . وستستمر حتى اسقاط أخر معقل من معاقل السلطة .وان كان حكم اللأسد ساقط سياسيا  وعسكريا على الأرض .لكن عدم وجود مناطق امنة ,وعدم حظر الطيران الجوي يمنح السلطة فرصا جديدة كل يوم لمزيد من تدمير المدن وقتل الامنين .مما يوحي بعدم تناول الملف السوري بجدية كاملة في المحافل الدولية حتى اليوم .اضافة الى انضمام عناصر جهادية خارجية الى جانب السلطة من جهة  وانضمام عناصر جهادية خارجية الى جانب المقاومة  مما يوحي بأن سوريا تحولت الى أرض لتصفية الحسابات الأقليمية .على حساب بؤسها ,اضافة الى وقوف روسيا الى جانب السلطة  وتزويدها بالسلاح  في حربها على الشعب .وتدخلها السافر في سوريا حتى ليخيل للمشاهد أن لا فرورف ليس الا الناطق الرسمي باسم السلطة .حيث تدافع روسيا عن اخر موطئ قدم لها في الشرق الأوسط  .كل هذا يقدم المؤشرات الكافية للتكهن  بطول أمد الحرب الدائرة في سوريا مما يعني ان المقاومة  حتى الان تواجه كل هذه القوى باسلحة خفيفة وليس لها الا صدورها العارية  دريئة لمواجهة هذه القوى المتمرسة في القمع والبطش.وهاهو القصف الجوي اليوم  يطال الآمنين في المناطق الكردية يقتل ويشرد لتفرغ المدن من سكانها .وليصل العدد الرسمي للقتلى السوريين الى ثلاثين ألف شهيدا عدا المفقودين. ولن يسرع في حسم المعركة الا موقف دولي  جاد وموحد .ينهي هذه الحرب ويطوي هذه الحقبة السوداء من تاريخ سوريا، كما تم في دول عربية اخرى ..
الا أن المرحلة القادمة لن تكون مفروشة بالورود وستواجه الثورة المنتصرة مشكلات جديدة الا وهي حقوق الأقليات وستبقى سوريا هشة وضعيفة المناعات وعرضة لصراعات طاحنة مالم تتسلح بمبادئ الديمقراطية الحقيقية. وتكرس مبادئ العدالة والمساواة .وتعترف دستوريا بوجود الأقليات كشركاء حقيقين في هذا الوطن  وبحقوقهم القومية المشروعة وبعد أن تصغي الى كل هذه الأصوات  القادمة من داخلها  لتعزف سيمفونية التعدد الشجي.  وتستثمر جميع الطاقات لبناء سوريا المعاصرة.
كلمة أخيرة تقولها نسرين تيللو من المهجر

 اولا أشكركم على هذا اللقاء وان نكأ في أرواحنا جراحا لا تندمل.ونحن اذ نستعيد هذه المواقف انما للعبرة وارساء قيم التسامح وتعريف العالم بأحد أعتى أشكال الاستبداد والذي اكتوى به جميع السوريون على مدى خمسون عاما الا أن معاناة الكرد وصمودهم كان استثنائيا غلى أعمدة من نار على مرأى ومشهد العالم اذ كانت معاناته مزدوجة ومركبة ومبرمجة  ومبيتة .النصر للثوار و للثورة السورية لتكون  سوريا وطنا لجميع  أبنائها.  
——-
المصدر: جريدة بينوسا نو، العدد السابع، الصادرة عن رابطة الكتاب والصحفيين الكرد في سورية 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…