هل من وصال يا نوروز ؟

د. آلان كيكاني

لك من الوحشة يا نوروز ما لم يسبقك إليها إنس ولا جان ولك من الجاذبية ما يفوق ما للكواكب والمجرات والأجرام  وحلاوتك من الشَهد , شَهَدَ عليها الإمام عليّ ابن أبي طالب رضي الله عنه قائلاً عندما ذاقها : نورزونا كل يوم , ومهرجونا كل يوم .

أربعة نوارز مرت ترفل في ثوبها الكردي ببهاء وجلال ثقيلةً على قلبي المصاب بآفة الغربة , العليل بألم الفراق , لَكَأَنَّ أمي دعت عليً في ساعة عقوق مني في ليلة القدر قائلة : ألا اذهب يا بني حرّمك الله من نعمة نوروز . وقبل الله دعاءها .
أربعة نوارز مرت , وأنا البعيد عنها , في كبرياء عذراء تمشي واثقة الخطى تأسر قلوب الشباب لوعة وعشقاً تبحث في ثنايا التاريخ عن عريس لها يليق بها وسامةً وبهاءً وحسباً ونسباً .
أربعة نوارز ومعها أربعة رِباعٍ  تمر الآن دون أن أهنأ بربيع , ولا أداوي العين بشقيقة نعمان , ولا أسعف الأنف بزهرة أقحوان , أنا الجبلي القابع وسط الصحراء .
نوروزان مرّا في ربوع وطن مصاب بمرض الناعور ينزف وينزف دون أن يُقدَّم له الترياق اللازم لوقف دمه المهدور عربوناً لتأبيد عرش الطاغية .
يطل نوروز كل ربيع يتبختر حسناً وجمالاً , ويعتري قلب الأمة الكردية بنشوة غامرة ويجتاحه كله غير آبه بحجراته الأربع : الأذينتين والبطينين ولا بذلك الجدار السميك الفاصل بين البطينين ولا بذاك الرقيق الفاصل بين الأذينتين مصراً على أن القلب واحد لا يمكن تقسيمه وإن كان له أربعة أجواف , على إيقاع نبضاته يرقص الكرد وعلى أنغامه يسكرون .
أحن إليك وبي لوعة عليك , يا نيروز , فهل من وصال ؟

أضناني البعاد والتنائي ورمى بي إلى أتون كآبة تعتصر جوارحي عصراً.  وتلوي أحشائي لوياً . فهل من وصال ؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…