يأتي الاحتفال السّنوي بإصدار أول صحيفة كوردية في 22 نيسان كاحتفال جمعي لكل الفنون الإبداعيّة والكتابيّة الكورديّة, فهو عيدُ الكتاب والشّعراء واللغويين والسّاسة والصّحفيين, فالصحيفة نشرت الكتابة الكورديّة, وسوّقت القصيدة والإبداع, وعرّفت باللغة الكورديّة, وشكّلت الرؤية السّياسية الوطنية والقومية الكوردية, ومكانا تجميعياً للتراث والفلكلور الكورديين.
وللتخلص من الرتابة المناسباتية للحدث, كـ يومٍ للخطب الجوفاء وتمجيد الماضي, نرغبُ في أن تكون المناسبة دفعاً جديداً للصحافة نحو المهنية والرصانة وتخلصاً من عوائقٍ ومصاعبٍ جمّة تحيطُ بها كردياً أولا ورسمياً ثانياً, من خلال استحضارها حوارياً, والتي تمنعُ صحفييها من تقديم الأفضل, فلا يمكننا الحديث عن صحافة يومية بعد, لعدم وجودها أصلاً, فما هو موجود أقربه “نصف شهرية” أو شهرية وحتى فصلية ومناسباتية/موسمية لدى البعض, وكأن المنشور مَحضُ ترف للبعض وطقساً حزبياً لا أكثر.
المُنتج الكوردي –الحالي- تحت مسمى الصّحافة لا يرتقي إلى المُسمى والدلالة رغم توفر الكثير من الظروف المساعدة وسائل الطباعة والانترنيت وسرعة التواصل والمعلومة, رغم تقديرنا للمجهود “الشّخصي” للبعض, لكن العمل الإعلامي الكوردي لم يأخذ في سورية الطّابع المُؤسساتي والتّخصص بعد, فلا تجد مفهوم “المحرر” ولا الصّحفي المُختص بالشؤون التحليلية أو الثقافية أو الخبرية, ولا تجد هيئة تحرير متكاملة, يمتد كلامنا إلى الإعلام الكورديّ الالكترونيّ في سورية أيضاً, رغم قيمة وأهمية ما قدّمه لم يرتق أيُّ موقعٍ كورديّ سوريّ ليكون محط ثقة وكالات الأنباء أو المحطات, تستقي منها الأخبار الخاصة بالكورد السّوريين ومعاناتهم, وربما يمكننا التأكيد والجزم بأن مواقع الانترنيت شكلّت للكورد مُتنفساً وهرباً من “الحزبويّة” الضّيقة في المنشورات الكورديّة السّوريّة والاصطفافيّة ومصدراً –محليّاً- للأخبار والمكان الوحيد الذي يُسمع فيه الرأي والصوت الآخر.
مع التأكيد في الوقت عينه على دور تلك النشرات والجرائد الحزبية في تعريف الكورد بقضاياهم القومية الكوردية والوطنية السّورية ضمن ظروفٍ أمنية وطباعية صعبة كصوت للواقع الكوردي ومعاناته وتعريفا بها سوريا وعربياً, والاحتفال بعيد الصحافة هو عرفانٌ بالجميل لكل من عمل وساهم ووزع وكتب في الصحافة الكوردية على مرِّ السنوات الـ/114/.
وكي لا ننصاع لمقولة محمد الماغوط “الحزن يسكننا كأي مستأجر” والتشاؤم ومقولات النقد والتباكي راضخين لواقع لا نراه يعكس آمالنا, ليس للكردي إلا العمل, لذا نحنُ مُتفائلون بجيلٍ شاب “إعلامي” يعرف اللعبة الإعلاميّة ويُحسن استعمال أدواتها, مُستندين لتجارب كورديّة سوريّة-شخصيّة طبعا- جديرة وبمواقع كورديّة بدأت تُحسّن لغتها وصورتها وتبحث عن بدائل يومية للارتقاء برسالتها ومهنيتها بموضوعية وتخصص.
وتبقى الصّحافة صانعة الرأي ونبض الشّعوب وخاصة للشعوب التي لا زالت تئن من الإقصاء والتهميش كشعبنا الكوردي.
mehmudabdo@gmail.com