دحام عبدالفتاح
الحلقة الأولى
الحلقة الأولى
يتسم كتاب ” أهل الحق ” هذا بكونه ملفاً متعدد الروافد والمساهمات ، تتمحور خطوطه العريضة حول موضوع إشكالي في كثير من جوانبه . وهو ذو تشعبات متداخلة تجمع بينها خيوط دقيقة تكاد لا تُدرك تشابكاتها الضبابية إلا بسر الحدس الغنوصي الذي قد يزيد غامضها غموضاً في بعض تفسيراته الدلالية … ومن ثم تتكامل نهاياتها على شكل منظور سلوكي عقائدي ، يأبى معتنقوه إلا أن يطلقوا على أنفسهم تسمية ” أتباع الحقيقة المطلقة ” التي هي حقيقة الذات الإلهية ، بينما ينعتهم آخرون غيرهم من الجوار المذهبي بما يكرهون ، إذ يدعونهم بـ ” العلي إلهي ” كناية عن مغالاتهم القصوى في حب الإمام علي ، ليحشروهم في زاوية التجديف الممجوجة إسلامياً وهم لها رافضون .
والكتاب ( الملف ) هذا يتكون من خمس مقالات متفاوتة العناوين مترادفة المضامين ، متكاملة . وهي لكُتّابٍ أربعة ، تتفاوت جهودهم المساهمة أهمية بتفاوت اقترابهم من المداخل المؤدية إلى الكشوفات المقصودة من ظواهر ” الكلام ” المقدس وبواطنه ، سواء بالبحث الميداني أو التفسير الدلالي لموروث مغيَّب كثر فيه القول والاختلاف في مقاصد القول . و المقالات حسب تسلسلها في الكتاب هي :
– المقالة الأولى للأب الباحث ( توماس بوا ) بالفرنسية . وهي حصيلة قراءة معمقة لكتاب ” الباطنية الكردية ” الذي ألفه ( الحاج نور علي شاه إلهي ) باللغة الفارسية استكمالاً لما بدأه والده ( الحاج نعمت الله جيحون آبادي مكري ) من قبله . وقد ترجم الدكتور محمد مكري الكتاب إلى الفرنسية فاطلع عليه الأب الأديب توماس بوا وأعجب به فكتب انطباعاته عنه وعن الطائفة في مقالته هذه ، مستعرضاً نشأة المذهب ومبادئه وطقوسه كما وردت في الكتاب مع شيء من الشرح والتعليق .
– المقالة الثانية بعنوان : ” حقيقة باطنية وتاريخ خارجي عالم أهل الحق في كردستان ” ، كتبها الباحث ( زيبا مير حسين ) بالإنكليزية . وهي مقالة بحثية تتناول جوانب عديدة من معتقدات الطائفة وطقوسها .
– المقالة الثالثة للدكتور محمد مكري وهي بعنوان ” تفسير الأحلام عند أهل الحق ” ، كتبها بالفرنسية . يتناول فيها الدكتور مكري دلالات الأحلام الرؤيوية وتفسيراتها المختلفة عند أهل الحق ويقارنها بما يماثلها عند الشعوب الإيرانية عامة .
– المقالة الرابعة بعنوان ” رمزية الدرة في الفولكلور الفارسي وعند أكراد أهل الحق ” وهي أيضاً للدكتور مكري وباللغة الفرنسية . في نهاية المقالة الرابعة هذه يورد الدكتور محمد مكري أبياتاً منظومة من الشعر المثنوي تبلغ نحو (415 ) بيتاً مقتبسة من كتاب ” شاهناميى حقيقت ” أي (كتاب ملوك الحقيقة ) للحاج نعمت الله جيحون آبادي مكري . والكتاب ملحمة شعرية فريدة بطابعها المميز ، متَفرّدةً بمضمونها المتوهج بالألق الروحي الفياض . يبلغ عدد أبياتها نحو (11117 ) أحد عشر ألفاً ومئة وسبعة عشر بيتاً من الشعر المثنوي ، المنظوم على البحر المتقارب . والكتاب مدوَّن باللغة الفارسية الممزوجة باللهجات الكردية ( الگورانية ، اللورية ، الهورامانية والكرمنشاهية ) . وهي لهجات كردية أصيلة ، متقاربة يسهل التفاهم بين أبنائها المتحدثين بها .
– المقالة الخامسة والأخيرة كتبها ( إصلاح دحام عبد الفتاح ) ، مترجم المقالات الأربع([1]) السابقة إلى العربية ( الأولى والثالثة والرابعة من اللغة الفرنسية و الثانية من الإنكليزية ) ، عنوان هذه المقالة ” الأثر الإيراني القديم في الثقافة الدينية لأهل الحق ” . ويبدو واضحاً من العنوان أن الكاتب يعقد مقارنات بين بعض وجوه التشابه والتلاقي في معتقدات وطقوس أهل الحق وما يناظرها في ديانات الشعوب الإيرانية القديمة .
أصل العقيدة عند أهل الحق ( باختصار شديد ) قائم على الإيمان بالله الواحد الأحد ، المتفرد بوحدانيته ، خالق أزلي ، عندما كان لم يكن أحد أو شيء سواه . خلق من جوهر ذاته الإلهية الدرة البيضاء ، الكامنة في قاع المحيط البدئي ، ومن الدرة خلق السماوات والأراضين وما بينهما ، وخلق الأرواح قبل الماديات . فهو الخالق لكل موجود ومتواجد في باطن كل مخلوق ( على مبدأ وحدة الوجود ) . الأرواح في معتقد أهل الحق خالدة والأجساد بالية . والجنة وجهنم مفهومان معنويان لا وجود لهما في الواقع المادي . والمفهومان يعنيان القرب من الله والبعد عنه . فبقدر ما يكون العبد قريباً من الله ينعم بالفرح والسعادة والاطمئنان ، وبقدر ما يكون بعيداً عنه يشعر بالمرارة والخزي والعذاب .
تقوم أسس المعتقد الديني عند أهل الحق على مبدأين :
1- مبدأ التجسد أو ما يسمى عندهم بالـ ( دونه – دون ) . وهو أن تتجسد الذات الإلهية أو أحد الملائكة أو الرسل أو أحد الأولياء في شخص ما ويظهر على هيئته .
2- التجلّي أو ما يسمى بـ ( مظهريت ) . وهو ظهور المتجسِّد في صورة وهيئة الشخص المتجسَّد فيه .
وبناءً على هذين المبدأين فإن حياة الإنسان في هذا العالم رحلة الروح المستمرة عبر سلسلة متلاحقة الحلقات من التجسدات والتجليات قد تبلغ الـ ( 500 ) حالة تقمصية في مدة زمنية قد تبلغ الـ ( 1000 ) سنة . ( الكتاب ) .
إن درجات الارتقاء أو الانحدار في حالات التجسد مرهونة بأعمال الإنسان . فبقدر ما تكون الأعمال صالحة يرتقي المرء في تجسداته حتى يبلغ الكمال المنشود . وينحدر بسوء أعماله إلى الحضيض في تجسدات حيوانية أو حشرية .
إن هذا الاعتقاد يخلق حافزاً قوياً عند المؤمنين من أهل الحق ، يدفعهم للتسابق إلى الخيرات وصالح الأعمال أملاً في المكافأة المجزية التي يحصلون عليها في حياتهم ( الدنيوية ) هذه .
وفق ” الكلام خان ” فإن عقيدة أهل الحق هذه قديمة ترجع إلى الأزل ، وان العالم المحيط بنا من الجهات الثماني ، في إطار الزمن الكوني يمتلك أبعاداً دائرية ، تتكون من حلقات دائرية متلاحقة ، من التجسدات والتجليات المختلفة ، التي عبرت عن مفهوم التبدلات المرحلية لشكل الحقيقة المتجلية ، التي تُدرك بالكشف العرفاني ( معرفت) كالتالي :
– في دائرة الحلقة الأولى كان الـ ” خوندگار” الخالق ، فكان خلْق العالم وما فيه .
– في دائرة الحلقة الثانية كان التجسد الإلهي في ” عليّ ” فكان الإسلام وكانت الشريعة .
– في دائرة الحلقتين الثالثة والرابعة كانت الطريقة العرفانية والإستشراقية الصوفية الـ ( معرفت ) ، معرفة الحقيقة الإلهية المطلقة .
– في دائرة الحلقة الخامسة تجلّت الذات الإلهية في جسد السلطان “إسحاق ” ( سيهاك ) فكانت الحقيقة المطلقة التي نسخت كل ما قبلها من عقائد وديانات وشرائع . وبهذا التجلي تحررت طائفة أهل الحق من قيود أحكام الشريعة الإسلامية ، التي كانت مفروضة عليهم قبل ظهور السلطان إسحاق ( الكتا ب) .
وأحياناً يطلق على مذهب أهل الحق تسمية ” مذهبي ياري ” أي مذهب العشاق ( عشاق الحقيقة المطلقة التي هي حقيقة الذات الإلهية ) كما يطلق على أهل الحق تسمية ( يارسان ) . ففي المعاجم الكردية والفارسية تأتي الكلمة بمعنى واحد ، فهي كلمة مركبة من ( يار + سان ) . و( يار ) تعني العاشق ، الصاحب ، الخليل ، الصديق ، الأليف . أما ( سان ) ففيها آراء :
1- هي في اللهجة الگورانية الكردية وفي اللغة البهلوية القديمة تأتي بمعنى ” الشاه ” ([2]) ( الملك أو السلطان ) . وبهذا تكون كلمة ” يارسان ” بمعنى ( ملك العشاق ، سلطان العاشقين ، أتباع الشاه ، أصحاب السلطان …) . وتطلق عموماً على الدراويش من أتباع السلطان إسحاق ومريديه ( أهل الحق ) .
2- والتفسير الثاني هو أن ( سان ) لاحقة مكانية مخففة من ( ستان ) التي تدل على المكان ، وبهذا التفسير فإن ( يارسان ) تعني موطن ( اليار ) أي مكان أهل الحق وموطنهم .
3- التفسير الثالث ، نبهني إليه المرحوم ( حسن قزلچي ) في بحثه القيم حول الإبدال في اللغة الكردية ([3]) ، إذ يقول ، تُبْدل الـ ( ك ) بالـ (س ) في بعض الكلمات ، مثل ( سات = كات ). وبناءً عليه يمكن تحليل كلمة ” يارسان ” على الوجه التالي :
– بالإبدال المذكور : يارسان = ياركان
– فإذا افترضنا أن ( الراء ) في ( يارسان ) مفتوحة وأن الفتحة حذفت للتخفيف في الاستعمال الشعبي ( يارَسان = يارَكان ) .
– يارَكان : – ( يار ) بمعنى العاشق ، المعشوق ، الحبيب …
– ( ئه كان / أَكان ) في الكرمانجية الجنوبية علامة الجمع تلحق الأسماء المعرفة .
وعلى هذا الوجه تكون كلمة ( يارَكان ) بمعنى العشاق ، الخلان ، الأصحاب …. وبإعادة الحرف الأصلي (س) ، تكون ( يارَسان ) أو بحذف فتحة (الراء) ( يارسان ) بمعنى العشاق ، الخلان ، الأصحاب …
وتأييداً لهذا الرأي فإن كلمة (يارسان) مستعملة في كل ما مرّ معنا في الكتاب بصيغة الجمع ( الياريون والياريين ) بمعنى ( أهل الحق ) . ويقول الباحث في شؤون أهل الحق ” گلمرادي مرادي ” :
” إن تسمية الطائفة بأهل الحق خطأ والأصح تسميتهم بـ يارسان ” ([4]) .
….. يتبع
– المقالة الأولى للأب الباحث ( توماس بوا ) بالفرنسية . وهي حصيلة قراءة معمقة لكتاب ” الباطنية الكردية ” الذي ألفه ( الحاج نور علي شاه إلهي ) باللغة الفارسية استكمالاً لما بدأه والده ( الحاج نعمت الله جيحون آبادي مكري ) من قبله . وقد ترجم الدكتور محمد مكري الكتاب إلى الفرنسية فاطلع عليه الأب الأديب توماس بوا وأعجب به فكتب انطباعاته عنه وعن الطائفة في مقالته هذه ، مستعرضاً نشأة المذهب ومبادئه وطقوسه كما وردت في الكتاب مع شيء من الشرح والتعليق .
– المقالة الثانية بعنوان : ” حقيقة باطنية وتاريخ خارجي عالم أهل الحق في كردستان ” ، كتبها الباحث ( زيبا مير حسين ) بالإنكليزية . وهي مقالة بحثية تتناول جوانب عديدة من معتقدات الطائفة وطقوسها .
– المقالة الثالثة للدكتور محمد مكري وهي بعنوان ” تفسير الأحلام عند أهل الحق ” ، كتبها بالفرنسية . يتناول فيها الدكتور مكري دلالات الأحلام الرؤيوية وتفسيراتها المختلفة عند أهل الحق ويقارنها بما يماثلها عند الشعوب الإيرانية عامة .
– المقالة الرابعة بعنوان ” رمزية الدرة في الفولكلور الفارسي وعند أكراد أهل الحق ” وهي أيضاً للدكتور مكري وباللغة الفرنسية . في نهاية المقالة الرابعة هذه يورد الدكتور محمد مكري أبياتاً منظومة من الشعر المثنوي تبلغ نحو (415 ) بيتاً مقتبسة من كتاب ” شاهناميى حقيقت ” أي (كتاب ملوك الحقيقة ) للحاج نعمت الله جيحون آبادي مكري . والكتاب ملحمة شعرية فريدة بطابعها المميز ، متَفرّدةً بمضمونها المتوهج بالألق الروحي الفياض . يبلغ عدد أبياتها نحو (11117 ) أحد عشر ألفاً ومئة وسبعة عشر بيتاً من الشعر المثنوي ، المنظوم على البحر المتقارب . والكتاب مدوَّن باللغة الفارسية الممزوجة باللهجات الكردية ( الگورانية ، اللورية ، الهورامانية والكرمنشاهية ) . وهي لهجات كردية أصيلة ، متقاربة يسهل التفاهم بين أبنائها المتحدثين بها .
– المقالة الخامسة والأخيرة كتبها ( إصلاح دحام عبد الفتاح ) ، مترجم المقالات الأربع([1]) السابقة إلى العربية ( الأولى والثالثة والرابعة من اللغة الفرنسية و الثانية من الإنكليزية ) ، عنوان هذه المقالة ” الأثر الإيراني القديم في الثقافة الدينية لأهل الحق ” . ويبدو واضحاً من العنوان أن الكاتب يعقد مقارنات بين بعض وجوه التشابه والتلاقي في معتقدات وطقوس أهل الحق وما يناظرها في ديانات الشعوب الإيرانية القديمة .
أصل العقيدة عند أهل الحق ( باختصار شديد ) قائم على الإيمان بالله الواحد الأحد ، المتفرد بوحدانيته ، خالق أزلي ، عندما كان لم يكن أحد أو شيء سواه . خلق من جوهر ذاته الإلهية الدرة البيضاء ، الكامنة في قاع المحيط البدئي ، ومن الدرة خلق السماوات والأراضين وما بينهما ، وخلق الأرواح قبل الماديات . فهو الخالق لكل موجود ومتواجد في باطن كل مخلوق ( على مبدأ وحدة الوجود ) . الأرواح في معتقد أهل الحق خالدة والأجساد بالية . والجنة وجهنم مفهومان معنويان لا وجود لهما في الواقع المادي . والمفهومان يعنيان القرب من الله والبعد عنه . فبقدر ما يكون العبد قريباً من الله ينعم بالفرح والسعادة والاطمئنان ، وبقدر ما يكون بعيداً عنه يشعر بالمرارة والخزي والعذاب .
تقوم أسس المعتقد الديني عند أهل الحق على مبدأين :
1- مبدأ التجسد أو ما يسمى عندهم بالـ ( دونه – دون ) . وهو أن تتجسد الذات الإلهية أو أحد الملائكة أو الرسل أو أحد الأولياء في شخص ما ويظهر على هيئته .
2- التجلّي أو ما يسمى بـ ( مظهريت ) . وهو ظهور المتجسِّد في صورة وهيئة الشخص المتجسَّد فيه .
وبناءً على هذين المبدأين فإن حياة الإنسان في هذا العالم رحلة الروح المستمرة عبر سلسلة متلاحقة الحلقات من التجسدات والتجليات قد تبلغ الـ ( 500 ) حالة تقمصية في مدة زمنية قد تبلغ الـ ( 1000 ) سنة . ( الكتاب ) .
إن درجات الارتقاء أو الانحدار في حالات التجسد مرهونة بأعمال الإنسان . فبقدر ما تكون الأعمال صالحة يرتقي المرء في تجسداته حتى يبلغ الكمال المنشود . وينحدر بسوء أعماله إلى الحضيض في تجسدات حيوانية أو حشرية .
إن هذا الاعتقاد يخلق حافزاً قوياً عند المؤمنين من أهل الحق ، يدفعهم للتسابق إلى الخيرات وصالح الأعمال أملاً في المكافأة المجزية التي يحصلون عليها في حياتهم ( الدنيوية ) هذه .
وفق ” الكلام خان ” فإن عقيدة أهل الحق هذه قديمة ترجع إلى الأزل ، وان العالم المحيط بنا من الجهات الثماني ، في إطار الزمن الكوني يمتلك أبعاداً دائرية ، تتكون من حلقات دائرية متلاحقة ، من التجسدات والتجليات المختلفة ، التي عبرت عن مفهوم التبدلات المرحلية لشكل الحقيقة المتجلية ، التي تُدرك بالكشف العرفاني ( معرفت) كالتالي :
– في دائرة الحلقة الأولى كان الـ ” خوندگار” الخالق ، فكان خلْق العالم وما فيه .
– في دائرة الحلقة الثانية كان التجسد الإلهي في ” عليّ ” فكان الإسلام وكانت الشريعة .
– في دائرة الحلقتين الثالثة والرابعة كانت الطريقة العرفانية والإستشراقية الصوفية الـ ( معرفت ) ، معرفة الحقيقة الإلهية المطلقة .
– في دائرة الحلقة الخامسة تجلّت الذات الإلهية في جسد السلطان “إسحاق ” ( سيهاك ) فكانت الحقيقة المطلقة التي نسخت كل ما قبلها من عقائد وديانات وشرائع . وبهذا التجلي تحررت طائفة أهل الحق من قيود أحكام الشريعة الإسلامية ، التي كانت مفروضة عليهم قبل ظهور السلطان إسحاق ( الكتا ب) .
وأحياناً يطلق على مذهب أهل الحق تسمية ” مذهبي ياري ” أي مذهب العشاق ( عشاق الحقيقة المطلقة التي هي حقيقة الذات الإلهية ) كما يطلق على أهل الحق تسمية ( يارسان ) . ففي المعاجم الكردية والفارسية تأتي الكلمة بمعنى واحد ، فهي كلمة مركبة من ( يار + سان ) . و( يار ) تعني العاشق ، الصاحب ، الخليل ، الصديق ، الأليف . أما ( سان ) ففيها آراء :
1- هي في اللهجة الگورانية الكردية وفي اللغة البهلوية القديمة تأتي بمعنى ” الشاه ” ([2]) ( الملك أو السلطان ) . وبهذا تكون كلمة ” يارسان ” بمعنى ( ملك العشاق ، سلطان العاشقين ، أتباع الشاه ، أصحاب السلطان …) . وتطلق عموماً على الدراويش من أتباع السلطان إسحاق ومريديه ( أهل الحق ) .
2- والتفسير الثاني هو أن ( سان ) لاحقة مكانية مخففة من ( ستان ) التي تدل على المكان ، وبهذا التفسير فإن ( يارسان ) تعني موطن ( اليار ) أي مكان أهل الحق وموطنهم .
3- التفسير الثالث ، نبهني إليه المرحوم ( حسن قزلچي ) في بحثه القيم حول الإبدال في اللغة الكردية ([3]) ، إذ يقول ، تُبْدل الـ ( ك ) بالـ (س ) في بعض الكلمات ، مثل ( سات = كات ). وبناءً عليه يمكن تحليل كلمة ” يارسان ” على الوجه التالي :
– بالإبدال المذكور : يارسان = ياركان
– فإذا افترضنا أن ( الراء ) في ( يارسان ) مفتوحة وأن الفتحة حذفت للتخفيف في الاستعمال الشعبي ( يارَسان = يارَكان ) .
– يارَكان : – ( يار ) بمعنى العاشق ، المعشوق ، الحبيب …
– ( ئه كان / أَكان ) في الكرمانجية الجنوبية علامة الجمع تلحق الأسماء المعرفة .
وعلى هذا الوجه تكون كلمة ( يارَكان ) بمعنى العشاق ، الخلان ، الأصحاب …. وبإعادة الحرف الأصلي (س) ، تكون ( يارَسان ) أو بحذف فتحة (الراء) ( يارسان ) بمعنى العشاق ، الخلان ، الأصحاب …
وتأييداً لهذا الرأي فإن كلمة (يارسان) مستعملة في كل ما مرّ معنا في الكتاب بصيغة الجمع ( الياريون والياريين ) بمعنى ( أهل الحق ) . ويقول الباحث في شؤون أهل الحق ” گلمرادي مرادي ” :
” إن تسمية الطائفة بأهل الحق خطأ والأصح تسميتهم بـ يارسان ” ([4]) .
….. يتبع
[1] – حصل المترجم على المقالات الأربع من أرشيف المركز الثقافي الفرنسي في دمشق
[2] – فؤاد عبد الرحمن : مجلة ” سَرْدَم ” Serdem)) باللغة الكردية ( الصورانية ) العدد (84) لعام (2009) – السليمانية – كردستان العراق .
[3] – حسن قزلچي : مجلة المجمع العلمي الكردي – المجلد (6) – بغداد (1978 )
[4] – فؤاد عبد الرحمن : مجلة ” سَرْدَم ” Serdem)) باللغة الكردية العدد (84) لعام (2009) – السليمانية – كردستان العراق .
.