الحداثة حداثات، والحداثة في مفهومها لا تعرَّف كما يجب، لأنها متحولة ومستمرة، فلها أزمنتها وأمكنتها، ولكنها تظل مرتبطة بالمعنيّ بها، ومدى قدرته على تمثيلها، في النظر إلى الأمور والوقائع، وكيفية إدارة الحياة بنفسه ومع الآخرين في المجتمع، ووعيه للحرية والتجدد، والاستعداد للتجاوب مع المتغيرات.
يعني ذلك أن كل كاتب أو فنان أو باحث يعيش الحداثة بطريقته الخاصة، حتى إن لم يعبّر عنها باسمها، من خلال التوقف عند نتاجه المختلف، وأن هذا يفضي إلى مفترق طرق تشي بثراء الاسم، لتنوع المجالات فيه. بالنسبة للكردي، هو أيضاً مدمج هنا بما هو عائد إلى الاسم: الحداثة! لكل كردي حداثته، ولكن ليس كل كردي حداثياً، بكل معنى الكلمة، عندما ننظر في البنية الأدبية أو الثقافية أو العلمية لما أتى به. إنها مسألة وعي الحرية التي تمكّن من الانفتاح، وكيفية البحث عن المختلف حباً للحياة ولما يجعلها مبهجة ومحفّزة على العطاء.
هنا، ولأسباب كثيرة، لا يمكن خوض غمارها في جملتها، لا يكون الشاعر الكردي، والمعاصر، بعيداً عن الحراك الفني والتاريخي والأدبي للحداثة، كموقف من الحياة عموماً، ومما يعيشه ويكونه خصوصاً.
حسبي أن أشير هنا إلى أن حداثة الشاعر الكردي، ترتد عليه من خلال معطياته الفكرية والفنية والجمالية للعالم، وهي لا ترتد عليه إلا بقدر ما يرد عليها عبر مؤثرات تشهد على نوعية تفاعله مع الحياة وتفعيلها قيمياً.
في حداثة الشاعر الكردي، يكون الموقف من الحياة، من الآخر، من الماضي، أو الحاضر، أو المستقبل، ومن الذات، عبر تجاذبات وتحاورات تجلوها طريقة النظر إلى الجاري، وفيما هو مكتوب باسمه.
هذا ليس كتابة انطولوجية للشعر الكردي من منظور حداثي، إنما هو نوع من التمهيد، والمقاربة المكثفة لحقيقة الحداثة باعتبارها حالة من حالات التعبير عن الخصوصية والذات الاجتماعية والثقافية والفنية، بقدر ما يكون تعبيراً عن كيفية رؤية المتجلي جمالياً في حالات تعبير مختلفة لديه في وضعيات شتى.
لن أسرد أسماء تمثل هذه الحداثة، وقد تطرقت إليها في مقالات منشورة سابقاً، ذات مستويات متفاوتة، ما يهم هنا هو أن أنوّه بأهمية الحداثة للشاعر الكردي، كمثال قابل للدرس والمكاشفة الثقافية والأدبية معاً، كونه الأكثر حضوراً في وسطه الاجتماعي والسياسي، أنّى كان، ويسلَّط عليه الضوء، بغضّ النظر عن مستوى تأهيله حداثياً.
في الشاعر تتداخل عوالم وإيقاعات بالنسبة لموقعه مقارنة مع غيره من نظرائه ونظيراته، كما تتنوع فرص التعبير أو الاستلهام أو دقة التصويب في التعبير أو سرد الخيالات في الصور الشعرية وعلاقاتها البينية، يكاد يكون متنوعاً بالنسبة لذاته في كل مرة، لا بل في المرة الواحدة من حالة جزئية لأخرى لحظة كتابة قصيدة ما.
كمثال، قابل للدرس، ومن خلال نماذج مترجمة إلى العربية، يمكن النظر إلى الشاعر” سليمان آذر1965″Silêman Azer، وهو يحمل شهادة في البيطرة، ومن قرية ” بياندور” على طريق ” ديريك” وبالقرب من الحدود التركية الشمالية، ونشر حتى الآن مجموعة شعرية واحدة تحت اسم” ألحان متحشرجة:
Awazên kelogirî “
باعتباره شاعراً سلّم أمره لهذه الحداثة في طبعتها الكردية، رغم عدم انفصاله عما يجري في مجتمعه ووسطه، من خلال اطلاعاته على ثقافات الآخرين” عبر العربية على الأقل” وأنه اقتصر في الكتابة على الكردية حصراً، وهذا يعني أنه سعى ويسعى إلى أن يفكّر ويكتب بالكردية قدر استطاعته، وتلك محاولة يسهل النظر فيها، من خلال المتابع لما هو شعري، وكيفية تجذره في الواقع، ومدى تفاعل الشاعر مع شعره هنا وهناك.
يمكن تلمس هذا المنحى من خلال إيلاء التراثي مكانة كبيرة، حيث يكون الفولكلور” والفولكلور بالنسبة للكردي وهو يعيش الشفاهة على صعيد ثقافته يكون بأكثر من معنى لأسباب سياسية وتاريخية قبل كل شيء،أكثر من دلالة وقيمة جمالية، كما لو أن التاريخ متجذر فيه، وهو أكثر من اسمه للسبب آنف الذكر”، كما يكون الواقع المتحول أو المتغير، والمستجد بمعان شتى، كما هو إيلاء الجاري أهمية باسم الحداثة أو المعاصرة.
في نصوصه الشعرية المختلفة، والتي نشر بعض منها في مواقع الكترونية” ومنها النصوص التي اعتمدت عليها” يعرّف الشاعر بنفسها بصفته حداثياً عالي الجودة، ليس بالمعنى الاقتصادي أو الدعائي، وإنما من خلال سعيه الدؤوب إلى البحث عن لمفردة الشعرية التي تبقيه على مسافة مرئية مع موضوعه، وكيفية استمداد العزيمة مما يتنور فيه، أو يتحلى به فنياً، حيث تتوافر لديه تلك المفردات التي تصله بالتراثي، وهو يحاول معالجتها، وتقديمها في نص شعري هنا أو هناك، بوصفه نصاً قائماً بذاته.
الشاعر سليمان آذر، كما هي نصوصه المقدمة، يعيش حداثات داخل نصوصه، وحتى بالنسبة للنص الواحد، لحظة النظر إلى مستويات التعبير، أو كيفية إقامة علاقات مختلفة بين جمله، أو عناصر الجملة الواحدة، ومدى دقتها في التركيب أو خلق المعنى أو صدى التلقي لدى قارئه بلغته، أو حين يترجم نصه إلى لغة أخرى.
الشاعر أقرب ما يكون إلى” اللعوب” بالمفردة اللغوية، لغاية شعرية، وكموقف من الحداثة ورموز شعره، ليكون المعرّف بنفسه، ككينونة أدبية وشخصية واجتماعية، وكنوع من لتمايز المشروع في عالم اليوم خاصة.
هذا الشغف بالحداثة، يبلغ به أحياناً درجة، أن متابعه يتبلبل عليه وعيه للبحث عن مخرج مما يقول، أو مما يعنيه، من خلال بنية القصيدة أو تركيبها، ومدخلاتها الصورية، وكيفية الربط بين صورها، وهي صفة جلية في كتابته الشعرية، وربما يتقصد في ذلك، ولكنها تمثل مقدار وعيه لما يعبّر عنه ويريده ويسعى إليه.
إنه في الحالة هذه يعبّر عن رؤيته الفنية لعالمه القريب والبعيد، بقدر ما يكون الشاعر الذي يحاول احتضان العالم هذا بطريقته الشعرية الحداثية، بصفته كردياً، يضع نفسه في موقع المواجهة مع ذاته الواقعية وتلك التي تضعه إزاء المعنيين بأمره، وما يتهيأ له شعرياً، أو يرومه جمالياً، كون الشعرية معايشة جمالية.
في نصوص آذر المختارة، ثمة حداثات حتى داخل القصيدة الواحدة، جهة التفاوت بين جملة شعرية وأخرى، أو بين قصيدة وأخرى، كما في القصيدة الطويلة( الحلم الجوّال للعري)، وما في المقاطع الشعرية لـ( مشاهد من الذاكرة)، أو بالنسبة لـ( ديركا حمكو) نسبة إلى مدينة ” ديريك” بالقرب من نهر دجلة.
يمكن للناظر في النصوص الشعرية المختارة أن يلاحظ ذلك السعي المحموم عن المفردة التراثية أو معالجتها من منظور حداثي، رغبة في إضفاء مسحة من البعد التنويري والشعري وجعلها معاصرة لنا، كما في:
وهي بالتسلسل: تجوال- لعاب، أو ريق- مطمطة-تطهير- اشتهاء- شبق- ارتطام جسم في قاع عميق- قاع..
وهذا ينطبق على التراكيب التي تطال جملاً أو مفردات تتجاوز الكلمة الواحدة، رغبة في إحداث صدى دلا لي من خلال حالة الدمج بينهما، وفي هذه الناحية لا يمكن إغفال ذلك الانشغال بالجدة القائمة في هذا الجهد، مثل:
وهي بالتسلسل: الثغرة بين سن وآخر-صدى الصوت-قول النشيد-الصائر عقيماً- المكان الذي ننتمي إليه، أو الحمَى- المقدَّم أضحية- جهة طرق…
من ناحية ثالثة، يبقى الاهتمام بالصفة الأكثر بروزاً في نصوصه الشعرية الطويلة، حيث نكون إزاء النص الشعري المفتوح، أو الحلزوني، أو المتصاعد، أو اللامنتهي، كما في ( الحلم الجوال)، ونوع التجنيس للنص الذي ينهمُّ به، إلى درجة استحالة معرفة المخاطَب، وخاصة لحظة القراءة بالكردية، حيث يكون المخاطب غير معروف كما هو الحال في العربية، كما في ” أنتَ- أنت ِ”، إلا إذا كان هناك تحديد من خلال مفردة معينة، كما لو أن الشاعر لديه حثيثة في إبقاء الحالة الشعرية منزوعة الجنسية، تعبيراً عن نوع من المتاهة للمعني.
ومن ناحية ثالثة، يبقى الموقف البحثي في دلالة التركيب، وما ينجم عن كل متابعة لمقطع شعري، أو نص طويل، مترامي الأطراف، إن جاز التعبير، وتداخل الصور، أو الربط العصي بين مفردة وأخرى داخل الجملة لواحدة، حيث تتنوع الأمثلة، كما تتوزع داخل مختلف نصوصه الشعرية، والقراءة تكشف عن ذلك.
هل يريد الشاعر الدخول في مغامرة الكتابة الشعرية؟ وإشراك القارئ، قارئه الخاص، معه، أم استدراجه إلى ساحته، وحتى استفزازه ليكون في مقام قارئه، إذ ليس في وسع أي كان أن يصغي إليه أو يقرأه، وهو رهان من رهانات الحداثة المتنوعة وحتى المتشعبة لدى آذر، وكأن الذي يهمه هو كيفية إحداث الصدمة، وهي بمثابة ضخ دماء جديدة في جسد مدمن على ما هو كلاسيكي، أو نوعية مؤطرة رغم جلاء أفقها، لشعر متداول هنا وهناك؟!
ولعل لمهنته دوراً لافتاً، كما في متابعتي لنصوصه وغيرها، من خلال مفردات عما هو جسدي، وعن الولادة، والشبق، والوحام، والرحم، وتحولات الجسد…الخ، وما ينطوي عليه ذلك من انشغال بالمهنة والاستفادة منها خارجاً، أي في المنحى الأدبي والإبداعي، والقيمة المثلى تتمثل في براعة التعبير، وكأن الجملة قائمة بذاتها.
ربما كان كل ذلك وارداً، ولكن، كما أظن، فإن ثمة متعة في المتابعة وفي الاكتشاف، وفي تلمس المفارقات.
ثمة مجموعة نصوص شعرية له، أخذتها من موقع” روزآفا”، وهي تنتمي إلى التواريخ التالية، وبالتسلسل بدورها( 1-3-4-7/2- 10/11-2006- 2-3-7/2-2007)، مع القصائد التالية ، وبالتسلسل أيضاً:
وهي في ترجمتها العربية المقترحة، وبالتسلسل: الحلم الجوّال في العري- مشاهد من الذاكرة- تطاير البؤس- ديركا حمكو- تهجئة- الولادة بين صرَّتين- ضحكتك السريعة- إزاء نفضة عينيك..
ومن المعلوم، أن قصيدة( ضحكتك السرعة) لم أترجمها كاملة، وهي في فقرات، حيث إن الإبقاء على الفقرات يعلِم بذلك، بسبب صعوبة قراءة الفقرات المتنحاة جانباً، وتداخل الحروف، وربما حذف بعضها، ربما من خلال النسخ، أو لأسباب أخرى، تركتها جانباً حرصاً على الدقة.
بقي أن أقول أيضاً، أنني استفدت من بعض الأصدقاء، إزاء مفردات معينة، إشكالية، وللشاعر نفسه أوجّه شكري، من خلال تقديم معلومات تخصه، وحتى بالنسبة لنصوصه الشعرية وبالنسبة لمعاني مفردات معينة..
وأولاً وأخيراً، تبقى الترجمة على المحك، وتترك الباب مفتوحاً لقراءات وترجمات أخرى.. إن خيانة النص، ليست أكثر من تقديم ترجمات مختلفة، تطال روح النص وهي تتراءى لكل معني، من منظور معين، حيث إنه يستحيل التقرب من أي قراءة دون خيانة معينة، طالما أنها تخص شخصاً ما، وما يعنيه من الاستحالة بمكان التعبير عنه تماماً، فيكون التأويل وتأويل التأويل، أي الترجمة في اللغة ذاتها، وبين اللغات وهكذا..
الحلم الجوّال في العري
بلا تعيين مكان إقامة
كانوا يأتون
بلا ظل كانوا
عبروا حدود الرائحة
بخشيشاً كان
أمان ٍبلا ذكرى
كانوا يلعبون على عمر مثقوب
في خمارات منزوعة الأمل
قالوا: نحن فتحنا هوامش تردد الصدى للعري
كانوا يقيسون
بمخاوف الضياع
أعماق الأمكنة.
من افتتح حكاية الأمنية
لماذا تتهافت حياتك من تحت آباط الأزمنة
من أعلمك بارتعاشة العزلة
من انطفاء سؤالك
في شوارع الاحديداب
كم شيئاً يتيبس
في عقد نظراتك
أضحية اللعاب
بجوار الآيل خرابات
إلى متى تستعاد
خيالات وجود من اجهاضات
متوحمة على تخوم الرجولة.
خطى خائفة
من برمة آذان حبَل
تنهمر على ملامح العزلة
أنت مطعون شلل ضحكتك.
أنت تمطمطت
لآذان الانهيار
تهرب من قامة رجولتك
ظلال انبات قول النشيد
تحت تغيُّمات فراغات وجودك
عن ظهر قلب
أغصان مسننة
تُرى هل أطهّر ملامح أمنيات مهترئة
بماء نهر جاف
من تعارك حدود
كم عمراً يلزم لجراح نسياناتك
على جثة غافية
على الآيل خرابات
كم رقّعت من أمكنة
وسط أصابع” يا ليت”
تصفَّت صوب شللك؟
خطوات حبك
بذرّات هبوب
مطمطت من قامة خوفها. قبل أيديك
من إظهار نفسها
لإسعاف نحسك
في جريان أطراف تخوم النسيان.
على تظليل قامة توالدك
في نسج دوار حبكة اسمها
مفتوحة
مشاهدات أصبحت عقيمة
من صياح وحام أصابع حبَلات راقدة
على ادراكاتك
كيف تعقدين نفسك
بأحاسيسك الفجة
من رقَع جلدك المرققة
مشاهد من الذاكرة
كم شفة عاشقة
حرثت حلمات الحب
وفيها مضت تائهة؟
لا يهم
نعم، لا يهم
لو كنت عارية
خطّاءة
مثل قصيدة.
في عتمة الليالي
تبحث الأحلام
عن الأثداء
-4-
لو أن قلب الشاعر
مثل عينيك
فإن الحب
في الشمالات هذه
أيقظت الشمس بقدوماتها
بطاقة مسحوبة من الزمن
ربحت قبلة- دشَّنت محطة حب
أيقظ أمل
قطيع أحلام للرعي الليلي
لا هو رعى الأزمنة
زعل الليل مني
ومضى
زعلت مني الشمس
ومضت
زعلت مني الأزمنة
ومضت
بقينا أنا والموت صاحبين
هجر طائر
أغصان شجرة
صباحاً
تعمشقت وردة
حفظ نشيداً عن ظهر قلب
واستحال صدره
جبلاً من آمال
لا الجبل كان يعلو
خرجت موجة
من شاطئ بحر
صارت الموجة دمعاً
والبحر بدوره صار عيناً.
نافذتان متقابلتان
– تعِبتان
– في افتتاح بوابة أخرى
نافذتان
ذبحتا بللورهما
واحداً واحداً
في معبد الانتظار
وهما في انتظار ذلك الانتظار
يداك- تطيّران عمرك المفتوح
خيمة بؤسه
على جناح تجوال رؤية حلم
اشتهاؤك المشلول
في حبائل نسيان
قشعريرات خوفك
صدر الافتتاح
مرعى ألفات محمومة
لعزلتك
أنت تدير- رؤية أحلام يتيمة
في مغازل لياليك
أنت تصطدم بآثار خطى أمنياتك
يلتف حول
ظل تجوال العزلة
تعلو على تمنياتك
مفتوحة جهاتك لحركة تجلي جنون ضحكتك.
مهترئة كردية هيبتك
تهزك
تضحيات صوتك القائمة
لليالي وديانه
ربااااه…
كيف استطعت أن تعمل إضافات
بهاء بتهالاتك
من مد إجهاضات
المدينة التي نسيت نفسها
في تعفرات سباق تلاشيك
التي مضت
خوفك وشاح في حقيبة تطواف
التي تقبل
محمولة في طحلب الرَّحِم
التي تعفنت من حالات العقم
فاقع شبقك من ذكورة
جهات هامدة
ماالذي يكون نصب العين
نشرته للريح
نضوج أنوثته.
شفاهاً تمتص نفسها
ببرودة الصمت
أمام خرائب الاشتهاءات
ارتدي
لباس عزلتك
من انتظار شيخوخة صدورك
إنها تبحث عن أمسياتك
أصابع مشلولة من عدّ عبورات روائحك
اشربي
على نشوة عصية
من وجودك الصريح
تطمرين أملك بالدفن: ر/د.م
حوالي شاهدة الخيالات
تدفنين تجفلاتك في التراب
كم مرة
صدرك مفتوح
ليقظتك- حفظت عن ظهر قلب
لون الصلابة
مثل ظل جبان
شوَّطت أجنحتك بأشعة الشمس-
كم حلم يوم
منحوساً
أمام هامة انطفاءاتك
من الاشتياق
كم مرة
طويت عصعوصك في بكاء الأزمنة.
لأمنيتك
تطحنين الشمالات
لحالات اللاوجود.
===========
ديركا حمكو
في زاوية عزلتها
لافّة نفسها
بموازاة جبل جودي
على كتف الجزيرة
اضطجعت
تطهّر حدوداً بتيارات دجلة
تنسجت برائحة الشمال والجنوب
غرست نفسها
على كف حلمها.
الحصاد
النقطة تتهاوي بسنابل ناضجة
أمام أشعة الآمال- كلتا اليدان
أصيبت بالشلل
فرشت النظرة على العزلة
مظلة
منجل
بآذان
من حراك درْس عمر متيبس
تذرو الأيام
للانبات
المغنّي
يغنّي
قائم هو الرقص الأخرس
من فوضى الصمت
نايه شاهدة عمر تليد.
عمود الهاتف
بجوار طرق وحشية
تنقُّل أخرس
لحسرة ونسيان صدره
وجدان
للهوى الشرقي
على رأسه
طائر مترقّب
دون عش.
كم قمراً، كان نواطيرَ قدك؟
كم أمنية وأحلام أيام يبست
على شباكك؟
متى ستُشهَر شفتاك
من غمد الصمت
امطرار
عندما أمطرت عيناها
يبس الزرع
جبل” بيخير”
عندما أطلت الشمس
من على مناكبه
تخض جدتي
دم كرديتك
في قربة ذكرياتها
ما عدا العزلة
ووقائعك
لا شيء يتمخض عنها .
خرابة
نظراتك
تبحث عن جسدي
مساماً مساماً
شامة شامة
وتخلفه
هيكلاً عظمياً يابساً
للهموم .
نسج
أوجاع
خفيفة الروح
كبكوبة التمنيات
تلفها على يديها
وتغزل
نسيجاً
لمجيئاتك.
أنت
أنت وراء جدار الانتظار
يتردد صدى هدير من بكائك الحاد
في حجرة اليسار
من القلب
يخفي القلب نفسه
من الهموم
مثل كرديتك التعبة
على رائحة عيون الليل
وهي تختلج
على آثار خطاك المنسية
في إهاب طرق ناعسة
في حفاضة خيالات منفطمة
في إنبات اشراقاتك .
الولادة وسط صرَّتين
على صدى ارتطام جثة في قاع عميق
عارية تماماً من نسج المساءات
بعبور نشيج ظلالك المتضافرة
القادمات في احتكاك بساط نعاس صباحات مبكرة
إذ تحك عيونها بجنازات منسية
نائمة وحامات الجدود
من سيلان ينابيع ناشفة
بجوار هامة عزلة في كبكوبة حلم
اشتهاء اشتعال علامة
من قوافل نظراتك الهائجة
في مهب الريح
تكون أغنيات أرجوحة ضحكتك
في إسوارة لامبالاة
ذات لسان خامد.
في ليل وديان غيوم غير سالكة
تنهمر بإجهاضاتي
في عقد أمكنة مزرية
أمد يدي
بحثاً عن رجولتي
رجولتهم
طيَّ حيَل محمومة مشلولة.
أنكمش خريفات
من رصاصات فطام نظراتي
ملفوفة على أيدي فراغات
في سكب تأوهات مطحلبة
في حركة الانفجار
كل الخطوات مدرَّبة
بتعثر ملامح أعشاب محمرة
من حالات خجل فجَّة.
لقاء مواجهة العمر الرابع عشر لخدر
عويل أخرس
طي ظل أجنحة طائر
دون شظية
من أضحيات عش متهاوٍ
على ثوران اشتياقات.
* * * * *
ويسألونك..؟؟
عن شرعية تهنئة الحب
في اصفرار وعود فعلية
وتطمر صورة ملتقطة لوجود عاقر
برائحتها الدبقة.
في حضرة رياح شمالات عدة
عذريتك بوابة
عبورات مبتلة لتعفرات مترنحة
غطت خطيئة العري
بتحديقات زائغة.
شظايا نشوة رجولة منثلمة
لرعي انباتات لياليك
التي تنوخ بهمهمة صيد الريح
تسقط عن كتف بلادة
شفاهة أنوثتك الخاشعة
من انكسار دعاء وترداد نشيد
تنذهل في خيمة إعلان تصويتك الطاهر-
من جسد مبعثر
من وجع زوايا
نظرات رخوة
تلتم عليه
قيود من عقَد مستحيلة الحصر.
بجوار الندامة
حدود الشجاعة
يجري طيُّها بشظايا مندفعة
الأشعة الفلتانة من الخزي
مفتوحةٌ خطوات الغربة
على صدوع مشاهدات متحشرجة
تحت آباط أيام منفوشة
تساقطت منّي
رائحة جبن الأصابع
مقابل واجهة مواقف دفن
دون علامات.
في أي تخمر
دللت ملامح وجهي
في تجاعيد وقاحة
* * * * *
يا لهذه الأمنية
أغبرة وترابات عويل بلا ظلال
تزينت بنسيانات مخصية
في جراب بقايا متطرفة- لعزلتها.
تلك هي عصي طرية نافذة
تفجّر ربيعات
في نهايات فصول
على حواف زلقة دبقة
رؤية معتقد نبوة تترقب خطاها المحبوكة
في حوافي معايشة الليل
بحيث أسقطت الحدود من خرائب النشوة.
الغيوم التي تفر من الفِلاحات
فرشت أمواج زوابع
في مواجهة الأنوثة
حكايا تقاعس رجولة منفوشة
بأصابع دائخة
من حصاد ضفائرها المنسية
* * * * *
يا لي…
وسرد هذا النشيد
بعُقَد معقدة عالقة
في سرد لغتي
في مواجهة قاع صمت لا قرار له
ذاهل منسوج في طيران العزلة
زعَّلت مني
مفاصل الحركة
بفضيلة اسمي.
يا لي…
وهزْل هذه الأمكنة الظليلة الزعلانة
من لحس عقْد ليال ٍ طليقات
على مص أحلام محمومة
من غليان رؤية حلم.
يا لي..
وهذه الشفاه الحوامل
بقبلات ناضجة
بتعابير منفتحة
على أسئلة معيوبة
من قدود ناضجة بنظرات متمطمطة
جهة طرق ملتهمة زمنها
سؤال وجود مختنق
في لفتات ربيعاتك التي
تترنح في أطراف حرارتك
من استطالة ضحكات ذابلة
في خطوات مباشرة للمرة الأولى
تلتف علي
مطمطة جهات ضائعة
* * * * *
مشاهداتي
حرَّرت نفسها وهي لاطية
من زنزانة رموشها
تختلس الجمال- عدة آلاف… شظية
وقبلة…؟؟
تستطيع إيقاظ تنبلة ذكورة مهزومة مسمَّاة..
تلك التي مضت
بنباتات
من تعفر شبح الليالي
والعفاريت المختبئة في الفجر الوقور.
تعبة
أمنياتك وروائحك
من رخاوة أوتار عمر مستهلَك
في ملاءات وردية
تلك التي يبست ببياض شعر أمي
صلابة رقيمات محنّاة
وغسيل خائف
بجوار هامة تل مهتوك
من الجهر بحيَل بيادر سكان القرى
مصففة في تعابير سراب متباه.
على استدارة نهود فجة- بارزة مقصوفة
مثل صباحات غرَّة
من بيض يفقَّس في تأوه الحصادين
تغدو مرصوصة
في أغاني الحب المفطومة
تصبح لصق الصدور عاشقة
مشغولة بحمل أثقال اصفرار الشوارب والمسبحات
في لمستها الناعمة
بتطهير عرَق حجارة سود
في صرَّة رضيع
لم يشبع من رحمه
متزحلقة بنفخة غير مجدية ومرجوة
سباق إطلاق اسم خائف
شفاه ذات نبات أرضي
لأول مرة
تنفجر بقبلة عاشقة
إزاء همهمة أمكنة تناقل الأخبار
تردد صدى الزغاريد
على خلفية افتضاض عذرية فتاة
بشهادة الخرقة حمّالة الذنوب الحمراء
تبيّض الوجه
==========
عندما لم تكن تشبع
من ابتلاع أمكنة
-5-
تفطر أمواهك
على تخوم الأمنيات
-7-
المدينة المروية بالحب
منزوعة القوة
-13-
هأنذا
أثر من غبرة الرحيل
-14-
من القد
تمطر أزمنة
تلف الاشتياق على إصبعها
تشع
بظل حقيبتها
-15-
الأراضي المحروثة
برائحتي
-17-
ذاك الذي كان يرفع
نشيد رجولته
مثل الجبال
-18-
هأنذا
تقويم
لشروقاتك.
إزاء نفضة عينيك
ثمة أفق مفتوح روح
مشلولة من نسيانات
يطير
تلك اللحظات الممتلئة حباً
كلاب حلم مسعورة
جثة…مثقَلة بالتوحدات
تسند محطات ليل عميقة
صوب القاع
في وحامات ليل وديان مفكرة
بعطف ضرع العتمة…
مغروسة في قمة المباح
مع تطاير عزلتي
وشمال تعب
ومهب رياح مخصية
في حرارة دماء الولادات تلك
تصفّيت
وديانك المتصدعة
أمام هامة صحار محمولة تراباً منطفئاً
جهةَ بكاءات مغامرة متدلية
من التضرع…تلتف علي ابتسامة الطفولة
في وجه قدومك المنتعش
جرّاء خطى تلك النشوة
في رعب اشتهاءات…
ملساء بأصابع تلك الأنوثة التي لا تشبع.
أبصرت ذاتها