إبراهيم اليوسف
هاهو يوم الثامن عشر من حزيران لعام ألفين وسبعة ، قد أصرّ أن يترك علامةً من الأسى في أرواحنا ، وهو يختطف من بيننا شاعراً ، عذب الرّوح ، طفلاً حليماً حكيماً كنّا قد أحببناه ، وأحبّه كلّ من عرفه على امتداد عقود حياته ، وهو يترك بصماته على كلّ ماهو حوله : البيوت – الأصدقاء – الحياة الثقافية – الحياة السياسية، إنه سيدايي كلش ، الشاعر الذي نذر حياته منذ سني طفولته الأولى للثقافة، والمعرفة ، وحبّ الإنسان ، بل والذّود عن إنسانه الكردي الذي شهده يتجرّع سائر صنوف الحرمان والظلم ،والتعسف، والاستبداد ، وهو يعيش فوق أرضه ، دون أن يحمل إلا رسالة الحبّ إلى الآخرين على الدوام .
لقد ذاق الشّاعر كلش ، كما رواه لي ، في حوارات مسجّلة ، شتّى صنوف العذاب منذ طفولته ، وكأنّه يستعيد صورة صديقه جكر خوين ، صورة إنسانه الكردي ، يتجرّع علقم اليتم والجوع والشقاء ، يسوح لاهثاً بين خطوط خريطة وطنه ، عساه يظفر بواحة أمان ، دون أن يتوقف قطّ ، كي تكون القصيدة أخيراً، ذلك المركب الذي يوصله إلى من حوله ، دون التخلّي عن أن يكون رجل موقف ، ملتزماً بقضيته، كما هو ملتزم بقصيدته ، لم تلن له قناة في يوم ما ، وهو يواجه الظلم والظالمين ، قائلاً كلمة” لا “بأعلى ما يمكن من صوت ، كي يتصادى ذلك في أربع جهات المكان ..!
حقيقةً ، لقد كان الشاعر الكبير سيدايي كلش ، صورة عن الشاعر الحقيقي المؤمن بقضيته ، المحبّ لكلّ من حوله ، المتفاني من أجل رؤاه ، دون أن يساوم عليها البتة ..
لقد عرفت سيدايي كلش ، عن قرب ، وأنا على مدارج الشباب ، لأرى فيه ذلك الشّخص المناضل ، البارّ ، لا يفتأ يترجم رؤاه ، لحظةً لحظةً ، يجلس وراء – آلته الكاتبة – التي تصادر أكثر من مرّة ، وتمارس عليه الضغوط بسبب موقفه من أهله ، وثقافتهم الملاحقة ، المطلوب إمّحاؤها ، كما هو شأن شعبه الذي يشكّل ثاني أكبر قومية في سوريا ، وليظلّ على هذا المنوال نفسه ، وهو يقود سنوات عقده الثامن ، يتنقل من مكان إلى آخر ، وهو يعلّم النشىء- في مابعد- فكّ حروف الأبجدية الكردية ، يحضر حفلات تخرّجهم ، يسلمهم وثائق التخرج ، بروح شاب لا يعرف الكلل أو الملل، وكان منزلي شاهداً على إحد ى أولى تلك الدورات …!
هاهو سيدايي كلش ، المثقف والحزبي الذي ينسب إلى الدائرة الأوسع ، يغادرنا بعد ساعات من الاحتفال بذكرى مرور أول تنظيم كرديّ ، حيث كل ّشيء على حاله :
الديمقراطية ترتدّ إلى الوراء، ولقد كانت الانتخابات الماضية خير دليل عليها تغيير ديمغرافيا المنطقة الكردية كما كان
حيث نقرأ عن استقدام حوالي مائة وخمسين عائلة إلى عدد من قرى المنطقة امتدادا ًلمشروع محمد طلب هلال، ومهندسه عبدالله الأحمد ، وحرمان أهل المنطقة الذين هم أولى بتلك الأرض
-لا جريدة كردية مرخّص لها
-لا جمعية ثقافية – مرخّص لها
-لا مدرسة يتعلم فيها الطفل الكردي بلغته
-لا وزير يدخل الوزارة يمثل الشعب الكردي في سوريا بملايينه
-لا عضو مجلس شعب في البرلمان لأنّه كردي
-لا محافظ كردي
-لا ولا ولا …….إلخ…….
قضية المنسلخة عنهم جنسيتهم السورية، هاهي تنتظر التوقيع عليها منذ خمسة وأربعين عاماً – وهو عمر كاف لبناء أربعين دولة ً…
كلّ هذا، وسواه ، وهو غيض من فيض، من معاناة إنساننا الكردي ، بل وان الأكثر مرارة منها آفات البغضاء التي تتوسع دائرتها بين مثقفينا ، بكلّ أسف ، بعد أن توارثناها عن بعض ساستنا ، وكلّها مدعاة ألم !!
إيه أيّها الراحل الكبير !!
هي ذي صورة طبق الأصل عن بعض جروحنا
صورة عن حالة كنت لا تريدها ، وتريد مجاوزتها
ترى –
هل تريدون رسالة كلش إليكم…….؟
هل تريدون رسالة جكرخوين إليكم …؟
هل تريدون رسالة أوصمان صبري…..؟
هل تريدون رسالة نورالدين ظاظا ، تيريج ، وغيرهم ….وغيرهم من القامات العالية………..؟
ارفعوا جدر الأحقاد الوهميّة التي تعيق تواصلكم
وتواصلوا …..!
أجل تلكم رسالة هؤلاء …….مختصرة ……فهلا أطعناهم….!
تلكم رسالة قضيتكم …..قضيتنا……
وكفى ، أن نلتقي أثناء تشييع راحلينا ، وتحت خيم عزائهم ، كي نرمي أرضاً أعمدة الخيمة الأكبر التي تجمعنا ، خيمة الحب
خيمة القضية ، لئلا تجرب فيكم ، فينا ، مرّة بعد مرة ، تجارب الحاقدين علينا ، ممّن لاهم لهم سوى الانصراف إلى مؤامراتهم ..البائسة ضدنا…….
تحية إلى أكبرنا قلباً نابضاً بالحبّ والحنان
ونبذ الضغائن والأحقاد
تحية إلى روح كلش ….
ولتطمئن روحك ياصديقي
لأن الأجيال المقبلة ، لأن أبناء انتفاضة قامشلو ، لن يرضوا أن نستمرّ في فلسفة الخلافات بأكثر مما نحن عليه …!
حقيقةً ، لقد كان الشاعر الكبير سيدايي كلش ، صورة عن الشاعر الحقيقي المؤمن بقضيته ، المحبّ لكلّ من حوله ، المتفاني من أجل رؤاه ، دون أن يساوم عليها البتة ..
لقد عرفت سيدايي كلش ، عن قرب ، وأنا على مدارج الشباب ، لأرى فيه ذلك الشّخص المناضل ، البارّ ، لا يفتأ يترجم رؤاه ، لحظةً لحظةً ، يجلس وراء – آلته الكاتبة – التي تصادر أكثر من مرّة ، وتمارس عليه الضغوط بسبب موقفه من أهله ، وثقافتهم الملاحقة ، المطلوب إمّحاؤها ، كما هو شأن شعبه الذي يشكّل ثاني أكبر قومية في سوريا ، وليظلّ على هذا المنوال نفسه ، وهو يقود سنوات عقده الثامن ، يتنقل من مكان إلى آخر ، وهو يعلّم النشىء- في مابعد- فكّ حروف الأبجدية الكردية ، يحضر حفلات تخرّجهم ، يسلمهم وثائق التخرج ، بروح شاب لا يعرف الكلل أو الملل، وكان منزلي شاهداً على إحد ى أولى تلك الدورات …!
هاهو سيدايي كلش ، المثقف والحزبي الذي ينسب إلى الدائرة الأوسع ، يغادرنا بعد ساعات من الاحتفال بذكرى مرور أول تنظيم كرديّ ، حيث كل ّشيء على حاله :
الديمقراطية ترتدّ إلى الوراء، ولقد كانت الانتخابات الماضية خير دليل عليها تغيير ديمغرافيا المنطقة الكردية كما كان
حيث نقرأ عن استقدام حوالي مائة وخمسين عائلة إلى عدد من قرى المنطقة امتدادا ًلمشروع محمد طلب هلال، ومهندسه عبدالله الأحمد ، وحرمان أهل المنطقة الذين هم أولى بتلك الأرض
-لا جريدة كردية مرخّص لها
-لا جمعية ثقافية – مرخّص لها
-لا مدرسة يتعلم فيها الطفل الكردي بلغته
-لا وزير يدخل الوزارة يمثل الشعب الكردي في سوريا بملايينه
-لا عضو مجلس شعب في البرلمان لأنّه كردي
-لا محافظ كردي
-لا ولا ولا …….إلخ…….
قضية المنسلخة عنهم جنسيتهم السورية، هاهي تنتظر التوقيع عليها منذ خمسة وأربعين عاماً – وهو عمر كاف لبناء أربعين دولة ً…
كلّ هذا، وسواه ، وهو غيض من فيض، من معاناة إنساننا الكردي ، بل وان الأكثر مرارة منها آفات البغضاء التي تتوسع دائرتها بين مثقفينا ، بكلّ أسف ، بعد أن توارثناها عن بعض ساستنا ، وكلّها مدعاة ألم !!
إيه أيّها الراحل الكبير !!
هي ذي صورة طبق الأصل عن بعض جروحنا
صورة عن حالة كنت لا تريدها ، وتريد مجاوزتها
ترى –
هل تريدون رسالة كلش إليكم…….؟
هل تريدون رسالة جكرخوين إليكم …؟
هل تريدون رسالة أوصمان صبري…..؟
هل تريدون رسالة نورالدين ظاظا ، تيريج ، وغيرهم ….وغيرهم من القامات العالية………..؟
ارفعوا جدر الأحقاد الوهميّة التي تعيق تواصلكم
وتواصلوا …..!
أجل تلكم رسالة هؤلاء …….مختصرة ……فهلا أطعناهم….!
تلكم رسالة قضيتكم …..قضيتنا……
وكفى ، أن نلتقي أثناء تشييع راحلينا ، وتحت خيم عزائهم ، كي نرمي أرضاً أعمدة الخيمة الأكبر التي تجمعنا ، خيمة الحب
خيمة القضية ، لئلا تجرب فيكم ، فينا ، مرّة بعد مرة ، تجارب الحاقدين علينا ، ممّن لاهم لهم سوى الانصراف إلى مؤامراتهم ..البائسة ضدنا…….
تحية إلى أكبرنا قلباً نابضاً بالحبّ والحنان
ونبذ الضغائن والأحقاد
تحية إلى روح كلش ….
ولتطمئن روحك ياصديقي
لأن الأجيال المقبلة ، لأن أبناء انتفاضة قامشلو ، لن يرضوا أن نستمرّ في فلسفة الخلافات بأكثر مما نحن عليه …!
قامشلي
18-6-2007
18-6-2007
هوامش :
– لم أتمكّن من إلقاء الكلمة أعلاه أثناء التشييع، رغم جاهزيتها أثناء التشييع……!
– كذلك اكتفيت بمشاركتي في” أربعين الراحل “عبر نص نشرته على المواقع الألكترونية …!
– أول حوار أجري مع سيدايي كلش خلال مسيرته كان في تسعينيات القرن الماضي من قبل أسرة مجلة مواسم، قمت بالإعداد له، بالتعاون مع عضوي تحرير المجلة: خورشيد أحمد وأحمد حيدر
– كان الرّاحل من المشاركين في فعّاليات الملتقى الثقافي في الجزيرة الذي أطلق في العام 1982
-كما أن هذا الملتقى ومجلة مواسم وأسرة جائزة جكرخوين قاموا بمنحه جائزة جكرخوين في دورتها الأولى وكانت أولى جائزة باسم جكر خوين يتم إطلاقها ، بعد الإعلان عنها في العام2001، في عدد من المنابر
– قام الملتقى وأسرة الجائزة بإحياء حفل تكريميّ كبير للشاعر في أواخر20.2
– لم أتمكّن من إلقاء الكلمة أعلاه أثناء التشييع، رغم جاهزيتها أثناء التشييع……!
– كذلك اكتفيت بمشاركتي في” أربعين الراحل “عبر نص نشرته على المواقع الألكترونية …!
– أول حوار أجري مع سيدايي كلش خلال مسيرته كان في تسعينيات القرن الماضي من قبل أسرة مجلة مواسم، قمت بالإعداد له، بالتعاون مع عضوي تحرير المجلة: خورشيد أحمد وأحمد حيدر
– كان الرّاحل من المشاركين في فعّاليات الملتقى الثقافي في الجزيرة الذي أطلق في العام 1982
-كما أن هذا الملتقى ومجلة مواسم وأسرة جائزة جكرخوين قاموا بمنحه جائزة جكرخوين في دورتها الأولى وكانت أولى جائزة باسم جكر خوين يتم إطلاقها ، بعد الإعلان عنها في العام2001، في عدد من المنابر
– قام الملتقى وأسرة الجائزة بإحياء حفل تكريميّ كبير للشاعر في أواخر20.2
– لعلّ الحوارات المدوّنة والمسجّلة عبر الفيديو مع الشاعر والتي ستقدّم ضمن فيلم وثائقي عن حياة الشاعر، هي من الحوارات النّادرة معه، إن لم تكن الوحيدة ، على امتداد السنوات العشر الأخيرة من عمره…………….!