عدوى إبراهيم حسو و محمد بيجو

 حسن أبو الشملات*

ربما بسبب قراءاتي الطائشة والتي حذرني منها محمد بيجو في أحد الأيام بصوته الهادئ ذي البحة الخاصة .. كنت أفكر حينها .. محمد ربما كان على الله أن يخلقك أنثى .. لكني لم أجرؤ على قول ذلك نظرا ً لطوله وعرض منكبيه.  
مازلت أذكر غرفته الصغيرة المرمية في أرض داره كهم ٍّكردي عتيق, غرفته التي تكاد تسقط من الصور والأزهار الذابلة على جدرانها.
أستل طيشي وأقرأ ما يكتب . . فتصيبني العدوى . . . أقول لنفسي سأحاول أن أكتب على طريقته .
رنين كؤوس ثلاث مازال طعمها أخضرا ً تحت أضراسي . . نرفعها عاليا ً . . ويبدأ  الشاعر إبراهيم حسو الحديث عن الشعر والشعراء بلغة تتساقط من فمه كعجائز تتعثر بعصيّها . . أفكر . . كيف يعقل أن يمتطي هذا الشاعر صهوة الحرف العربي . . لتلسعني نافذة الشعر الملونة : وهل في الشعر ما يعقل  .
لو كنت في قامشلو ــ كما يحب الأكراد تسميتها ــ  لهرولت ليس خوفا ً من أن يسيل الشاي من فتحات جسدي، فأينما ذهبت هناك تجدهم يشربون الشاي، فيقدمونه لك . .
ولكن لأبحث عن محمد بيجو وأحذره أن يتحصن داخل قصيدته، فهاهي حراب محمد علاء الدين عبد المولى تطلب دماء المرتدين، وتصرخ: يا لثارات الخليل بن أحمد . .
يضحك صديقي تيسير حتى تكاد أن تتساقط أسنانه، حين أحدّثه عن قلق ابراهيم حسو . .
دائما أسأل تيسير ــ من وين جوني ـ ؟ فيضحك ولا يجيب . .
أسأله: تيسير أتذكر حين علـّقوا ذنوبنا على لوحة إعلانات البيت، وأعلنونا أنبياء القذارة، ومن يومها انفردنا باشتقاق مصطلح ـ المقلقينة ـ فتغلبنا على قلق حسو . .
يضحك حتى يهتز بيته المتهالك . . أحيانا أخاله لا يجيد إلا الضحك . .
كم أتمنى أن أقتله أحيانا بقصيدة . . كم كنت سأفرح . .
ولكن إلى من سأحج بعد ذلك . .
أفكر . . تيسير شاعر . . وإلا لماذا يذهب إليه الشعراء والمتفننون . .
يسبهم . . ويحجون إليه
يعريهم من قشورهم . . ويحجون إليه
حتى أنه ينجّر الخوازيق لهم أحيانا ً ـ فهو يعلن نفسه نجارا ً هذه الأيام ـ . .
وأيضا ً يحجون إليه
أحيانا ً أفترش سجاد المشاكسة وأترصده بخبث حتى تخمد ناره الموقدة دائما ً . . لأنه من غير الممكن أن تكلم هذا المجوسي المجنون إن كانت النار مشتعلة . .
وحتى ينهي زجاجته المحتضرة دائما ً لأحاصره في خانة لينين، ولكنه وقبل أن أتم الحصار ينجو بدوشيش أخبث . .
. . . تبا ً لهذا الفيروس . . من أين أتيتني يا بيجو
أبرق له . . . أبشرك علقنا جدارنا الشعري في مقهى فسحة أمل ولكننا نمارس الشعر عليه بحياء . . لأن ممارسة الشعر في اللاذقية كممارسة العادة السرية . .
تبا ً لهذا الفيروس . . . سأفتش اليوم في الصيدليات عن مضاد حيوي، وإن لم أجد
سأعاجله بعدة كؤوس . . . . .

*شاعر من اللاذقية

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…

شكري شيخ نبي ( ş.ş.n)

 

والنهد

والنهد إذا غلا

وإذ اعتلى

صهوة الثريا وابتلى… ؟

فما ضل صاحبك

ولا جرى في الغوى… !

 

والنهد

اذا علا

حجلين اضناهما

الشرك في اللوى

او حمامتين

تهدلان التسابيح في الجوى… ؟!

 

والنهد

اذا غلا

عناقيد عنب

في عرائش السما… ؟

توقد الجلنار

نبيذا في الهوى… !

 

والنهد

اذا غلا

وإذ اعتلى صهوة الثريا والنوى

تنهيد في شفاه التهنيد…؟

كالحباري

بين مفاز الصحارى

اضناه

مشاق اللال والطوى… !

 

والنهد

اذا علا

وإذ اعتلى كالبدر وارتوى… ؟

فما ضل صاحبك

ولا وقع في شرك…