أميٌّ…أنا

 الدكتور شمدين شمدين
 
أميٌّ
أنا….
أخطأت قدماي
طريق المدرسة
واحترقت أصابعي
من أسفلتها المتشقق
فرحت اصفف دفاتر المغيب
على أريكة المطر

كرعشة الدخان
المنبعث من تنورنا الريفي
امتهنت أمي ترتيلة العجن
والصراخ
ومزقت بقسوة
عند الفجر
لحاف أحلامي
وأهدتني بحب
صدرية ترابية
وقبعة
وقلم رصاص وحيد
حتى إذا ما دار الزمان
ونسيت دون قصد
نشيد الصباح
والسجود
سكبت من قربة
سمنها الكردي
على جسدي
تعويذة الطهارة
لتكن النار بردا
وسلاما
عليك بني
أمي التي أهدتني
قلادة الأمان
نامت بصمت دون ضجيج
 كأوركيش
ملفوفة بشالهاالابيض
المعطر
….
أميٌّ
أنا….
لم اتقن مخارج الحروف
ولفظ الضاد
مثلما أتقنت الجري
خلف الأرانب البرية
في كرأنيشك
لم أتعلم التلاوة من فم أبي
حين كان يسبح
بحمد يزدان
عند طلوع الشمس
مقلدا طيور الفردوس
التي  أسدلت ستارة الريش
على عيني
وفجرت في قلبي ينابيع
العشق والرحيل
راحلاً غدا أبي
تركني وحيدا
في زمن الكفر
مثل أمي
لقبا بلا اسم
جدولا بلا مياه
واقحوانة ذابلة تبحث عن عطرها
المخنوق
في عباءة ليل بلا نجوم

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…