كارت بلانش: كتبة كذابون إعلاميون مهرجون

فتح الله حسيني

بين الفينة والأخرى، أو بين لحظة وأخرى، ينبري لك أحدهم، من المحمودين، ويقول لك، أنا كاتب، نعم يقولها بالفم الملآن أنا كاتبببببب، ولا تتفاجئ، لأنك يومياً ترى هكذا نشازات في سوق الباليه وفي أي تجمع ثقافي يلتم حوله مئات المدعين للإعلام والكتابة وروح الإبداع، فتقول يلالالالا، ها هو كذاب آخر أنضم وينضم بملئ هذيانه وترهاته الى قافلة الكتبة والكذبة في مشهد واهي واهم. ثم تريح جسمك ومخك ومخيخك من أتعاب يومك المضني، المشؤوم مثلك، لانك اخترت زاوية الكتابة، وتخلد الى النوم، بعد وجبة سكر وعربدة من الويسكي أو العرق المعتق، أو ماشابههما من شرابات الربّ الكحولية، وأي كحول يستطيع أن ينسيك آثام زمن قمئ بات مليئاً بالكتبة والإعلاميين المهجرين.
فلا تحلم بشئ. تستيقظ من نومك لتذهب الى السهر في حانة أو تجمع ثقافي آخر قبل الولوج الى دخان الحانة، فتجد بعشرات اعينك التي لا تأكلها الدخان، عشرات الكاميرات محملة على ظهور المصورين، وترى فتيات أشكال ألوان ، وهن يحملن أوارقاً بيضاء كسواعدهن، أشيائهن الاخرى، قتقول ما لي وهذا البؤس الثقافي السخافي النجس، فتجد نفسك في معمعة أخرى، لترى أتتك فتاة وتقول: أستاذ ما رأيك بهذا الكرنفال؟ فتقول الكرنفال سخيف ولكنك جميلة، لتقول لك يا أستاذ شكراً لشعورك وأحاسيسك، ولكن أريد رأيك في الكرنفال؟ فتقول: والله ما قلته هو رأيي، إذا بدك إحذفيه بالموتناج. ما يهم يعني. ثم تأتيك غنوجة أخرى، ببنطلونها الجينز، وقميصها الجينز وجسمها الجينز، وقد حمل مصورها كاميرا ثقيلة على ظهره ، ولتقول ممكن نأخذ رأيك..
فأقاطعها بشو؟
لتقول بهذا الحدث الثقافي الفخم الضخم..  آه ، حدث ، فأقول والله الحدث جميل بوجود أمثالك من المراسلات.والإعلاميات..
لترّد بعصبية: أنا بدي رأيك بالحدث أستاذ، مو بجسمي..
فاٌقول آه، الحدث، وأي حدث يستطيع أن يضاهي شعرك المفرود على مؤخرتك، كأنك “الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع” حسب وصف أنسي الحاج لفيروز..

تزعل وتروح.. أهمشُ أنا، ويهمش الحدث، ويهمش الكرنفال و ربّ المهرجان.. ويبقى الله شاهداً على عصر الإعلاميات البراقات مثل جسد إمرأة غادرت للتو من مضجعي. ففي أيام ولوجنا الى متاهات الإبداع كانت لنا فتاة واحدة بخمس كتاب نتبادلها أدواراً، والآن خمس فتيات لكاتب واحد، ويا بلاش.. اللهم اجعلنا من اللاتوابين.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

لَيْسَ الاستبدادُ حادثةً عابرةً في تاريخِ البَشَرِ ، بَلْ بُنْيَة مُعَقَّدَة تَتكرَّر بأقنعةٍ مُختلفة ، وَتُغَيِّر لُغَتَهَا دُونَ أنْ تُغيِّر جَوْهَرَها . إنَّه مَرَضُ السُّلطةِ حِينَ تنفصلُ عَن الإنسانِ ، وَحِينَ يَتحوَّل الحُكْمُ مِنْ وَظيفةٍ لِخِدمةِ المُجتمعِ إلى آلَةٍ لإخضاعه .

بَيْنَ عبد الرَّحمن الكواكبي (…