أسماء الأبناء بين الموروث والموضة

لافا خالد

في السابق وعلى الرغم من بدائية طرق المعيشة، كانت الكثير من الأمور تتيسر بسهولة، سيما لو تعلق الأمر بالزواج وإنجاب الأطفال وتسميتهم مهما بلغ عددهم. هذه النقطة التي هي محور الحديث، فقبل عقود ليست ببعيدة كثيراً لم تكن تسمية الأطفال تأخذ إبعاداً ولا تطول فترة التسمية ولا يتناقش حولها حتى الأبوين، فقد كانت تحسم من  جانب واحد.
وغالباً ما كان الجد يتولى هذا القرار فيسمي حفيده على اسمه أو اسم والد الجد أو باسم شخصية تاريخية أو أي اسم عابر قد تخطر في ذاكرة الجد، وتتم التسمية ويمضي الكل في طريقه حتى لو كان الاسم غير محبباً أوغريباً أو اسماً عاديا جداً. وقياساً على وقتنا الحاضر فإن عملية تسمية الأبناء هي قضية هامة في كل بيت فعندما ترزق الأسرة بطفل جديد يبدا أفرادها بالبحث والتواصل بين الشرق والغرب.. قد يستقى السم  من التلفزيون أويستعينون بالأصدقاء ويبحثون في الشبكة الدولية للمعلومات ويلجأوون للقواميس اللغوية والمراجع القديمة والحديثة أو قد يكون على اسم  أحد الفنانين أوالكواكب أوالصواعق أوعلى اسم أحد الأنهار الأوربية ومن شتى غرائب هذا الزمان.
وهي في نهاية المطاف أسماء غريبة جملة وتفصيلاً عن واقعنا ولا تكمن المفارقة هنا  بقدر ما يتعلق الأمر بثقافة كونية باتت تتوحد أقطابها لتشمل عالم الأسماء أيضا ويبقى الرهان عند الأبوين لما اختاروا هذا الاسم دون غيره؟ في وقت  يتناسى الكثيرون إن هذا الطفل سيكبر وسيسأل لما اختار أبويه هذا الاسمله دون سواه؟ وهو السؤال الذي يجب أن يطرح: هل وضع الأبوين أنفسهم في موضع المسائلة لقضية اعتبروها حساسة منذ البداية ؟ فالطفل نفسه إن لم يرق له هذا الأسم سيبدا بالسؤال: ما ذنبي ويبدأ البحث عن بدائل، واللافت إن ما يدفع الكثير من الآباء في إطلاق أسماء غريبة  هو التفرد في الاسم بحيث يتحاشى تشابه الاسم مع أسماء الجيران أو الأقارب، و الشرع ذاته أكد على واجب الأبوين حسن اختيار الأسماء ووصى بمناداة الإنسان بأحب الأسماء إلى نفسه. 

 بين الماضي والحاضر ( أطفال مخيرون لا مسيرون بأسمائهم ؟ ! )
 حلوة، أمينة، بديعة، عالية، جازيه، عدله، محيوه، جاسم، أسماء تختلف لآباء من ذاك الجيل يرونها   صالحةً لكل زمان ومكان.
 بينما هايدي، آراس، بروسك، نار الحياة، ليديا، وأسماء أخرى كثيرة.. يرى مناصروها إن المجتمع تبدلت مفاهيمه في اختيار الأسماء وبات مقرونا بالزمن الذي نعيشه. و أما عن أسماء الأولين التي ورثناها تحت مسميات عدة كالاحترام والتقدير الشديدين للآباء والأجداد والعرفان بالجميل وتخليدا للذكرى بعد الوفاة، فهو عرف ساد لوقت طويل، ويبقى السؤال هل لازال الأمر سارياً وهو تسمية الأبناء بأسماء السلف ولما كانت العادة سارية؟ 
جيل الأولين ادعوا احترامهم وتخليدهم للسابقين قبلهم، كيف يقرأ الجيل الجديد هذا الشعار؟ ونحن هل سنورث أبناءنا العادة نفسها فنسمي أحفادنا على أسمائنا حينما نتحول بحكم الزمن إلى آباء وأجداد؟ ألا يعد الموضوع مجحفاً؟ ولكن هل الإنسان يصنع اسماً أم الاسم يصنع الإنسان؟ كم من قادة عظام كانت أسمائهم غريبة وأفعالهم عظيمة؟ وكم من مستبدين عرفهم التاريخ بأسماء جميلة  تدندن لها الآذان وأفعال يندى لها جبين البشرية. 

 إذن هل بات تسمية الطفل مشكلة.
 ربما مشكلة الاسم تعانيها الفتاة أكثر من الشاب لأسباب معينة، حتى من باب المزاح قد ترى الفتاة الموضوع ثقيلا معها إن قال احدهم ما هذا الاسم القديم والفتاة بحكم نعومتها تميل أن يترافق اسم جميل مع أنوثة جميلة وقد لا يعني نفس الموضوع بتلك الحساسية الكبيرة كما عند الفتاة.
ربما اختيار اسم الطفل بات عملية معقدة و كثيرون ممن طرح عليهم السؤال ابدوا حيرتهم حينما قرروا تسمية أبنائهم.

جارنا حسين لم يسمي طفله البالغ خمسة أشهر يقول: العائلة تناديه بتسميات مختلفة وأسماء ناعمة لكن المسكين طفلي  لا يعرف من هو؟  قد يبدو حقا موضوع اختيار اسم الطفل في بادئ الأمر عملية سهلة ولكن حينما القرار النهائي يبدو الاختيار صعبا!! تتدخل أطراف كثيرة بدء من الجدين والإخوة وكل يريد اسما يتوافق وليلاه وحالما تجتمع الآراء يكون الطفل قد بلغ أشهر عديدة. وفي السنة النبوية الشريفة يجب أن يسمى الطفل في يومه السابع… فيما يسمى العقيقة  والغرابة ليس في أسماء الآباء وأسماء مودرن من عصرنا الحديث بقدر ما  يكون الأهم هو التركيز كيف يصنع هذا الإنسان ونفسه ومن ثم  اسمه.

—–

الثرى

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عصمت شاهين الدوسكي

 

ربما هناك ما یرھب الشاعر عندما یكون شعره تحت مجھر الناقد وھذا لیس بالأمر الحقیقي ، فالشاعر یكتب القصیدة وينتهي منھا لیتحول إلى تجربة جدیدة ،حتى لو تصدى لھ ناقد وبرز لھ الایجابیات وأشار إلى السلبیات إن وجدت ، فلیس هناك غرابة ، فالتحلیل والتأویل یصب في أساس الواقع الشعري ،وكلما كتب الشاعر…

فيان دلي

 

أرحْتُ رأسي عندَ عُنقِ السماءْ،

أصغيْتُ لأنفاسِ المساءْ،

بحثْتُ فيها عن عُودٍ ثقاب،

عن فتيلٍ يُشعلُ جمرةَ فؤادي،

ناري الحبيسةَ خلفَ جدرانِ الجليد.

 

* * *

 

فوجدْتُه،

وجدْتُه يوقظُ ركودَ النظرةِ،

ويفكّكُ حيرةَ الفكرةِ.

وجدْتُه في سحابةٍ ملتهبةٍ،

متوهّجةٍ بغضبٍ قديم،

أحيَتْ غمامةَ فكري،

تلك التي أثقلَتْ كاهلَ الباطنِ،

وأغرقَتْ سماءَ مسائي

بعبءِ المعنى.

 

* * *

 

مساءٌ وسماء:

شراعٌ يترنّحُ،

بينَ ميمٍ وسين.

ميمُ المرسى، عشبٌ للتأمّلِ وبابٌ للخيال

سينُ السموّ، بذرةٌ للوحي…

ربحـان رمضان

بسعادة لاتوصف استلمت هدية رائعة أرسلها إلي الكاتب سمكو عمر العلي من كردستان العراق مع صديقي الدكتور صبري آميدي أسماه ” حلم الأمل ” .

قراته فتداخلت في نفسي ذكريات الاعتقال في غياهب معتقلات النظام البائد الذي كان يحكمه المقبور حافظ أسد .. نظام القمع والارهاب والعنصرية البغيضة حيث أنه كتب عن مجريات اعتقاله في…

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…