في وحدات العنوان:
الاضطراب هو الاختلالُ والتحرُّك على غيرِ انتظامٍ، والمنهج هو الخطوات المنظَّمة التي يتتبَّعها المؤلف أو الباحث للوصول إلى نتيجة، أو بلوغ النجاح في إنجاز عملٍ علمي، لغوي أو أدبي، وقد عُرِّف المنهج بأنه «الطريقة أو مجموعة الطرق التي يتبعها الباحث للوصول إلى الحقيقة وإلى نتائج ذات قيمة مستلهماً معطيات العقل والوجدان ومستنداً إلى الوثائق التي يتحرّاها»[1]. وأما القاموس الكردي فهو إطلاق عام على الكتاب الذي يضم مفردات اللغة الكردية، مشروحة بهذه اللغة وحدَها، في معجم أحادي اللغة، أو بغيرها، في معجم ثنائيّ أو متعدّد اللغات، ويبين مستويات استعمالها، ويضع مقابل كلٍّ منها معانيَها الحقيقة أو المجازية وفق الأسيقة المختلفة والممكنة، وتكون تلك المفردات مرتَّبَة فيه وفق ترتيب مُعَيَّن لا يُضِلُّ مستعملَ القاموس ولا يتركه في حَيْرةٍ وَتِيه، ويغلب أن يخضع ترتيب المفردات والحروف لما هو مألوف ومتداوَل من الطرائق التي تعتمدها اللغات في حروفها هجائياً أو أبجدياً. و(القاموسُ الكرديّ)[2]
تأثر جگرخوين بمن سبقوه، وأثّر في مَن جاؤوا بعده واستفادوا من عمله وطريقته، من أمثال (علي سيدو گوراني) و(محمد جميل سيدا)، كما أنَّ النقدَ الذي تمارسه هذه الدراسة لا يهدف إلى التقليل من القيمة التاريخية له، ولا من الدور الأدبي، الاجتماعي والسياسيِّ لمؤلِّفه الذي عاش ظروف القهر، الحرمان، والأمية التي تحرر منها بجهوده الفردية، ومثابرته التي شهدت عليها أعماله الأدبية التي تجاوزت العشرين مصنّفاً يتوزع ما بين نصوصٍ ضعيفة طغى على معظمها التقليدُ، التكرارُ والركاكة في اللغة والأسلوب، ونصوصٍ قليلةٍ تتمثل فيها قدراتٌ إبداعيةٌ وسَعْيٌ إلى الابتكار والتجديد، ألفها (جگرخوين) على امتداد عقود من السنين جعلته واحداً من أعلام الأدب الكردي في القرن العشرين، وذلك كله لم يَعصمْ أعمالَه من الأغلاط المحتملة، ولم تحرِّزْ أعمالَه من هفواتٍ واضطرابات تمكُن مقاربتها بالنقد والتحليل العلميين.
وقد كان يُفترَض أن يشار بالنقد إلى هذا القاموس منذ عقود من السنين، حيث كان المؤلف إبّانَ تأليفه معلِّماً في جامعة بغداد، كلية الآداب، كما أوضح ذلك في مقدمة كتابه، وكان ذا صيت يحصِّنه من توجيه أيِّ نقد إلى كتاباته مهما انحرفت عن الدقة والصواب، وهو تحصين ثبَّط عملية النقد وجعلها مغيَّبةً أو متخلفة في الخطاب الثقافي، الأدبي واللغوي الكردي، حتى أيامنا هذه، حيث وقع المؤلف في أغلاط لا يمكن قبولها، تبريرها أو الدفاع عنها من الناحية اللغوية العلمية من معلِّم جامعيٍّ! أو من شاعر له هذا الحضور الكبير، وله هذه المكانة والشهرة. أما ما يقال عنه بأنه لم يتخرج من مدرسة أو كلية فهو تبرير لا طائل منه، لأن (الجزري)، (سياپـﯙش)، (نالي)، (ماجن)، (فقێ تَيران)، (مينا)، (خاني)، (ابن منظور)، (الفراهيدي)، (الجوهري)، (الفيروزآبادي)، (حافظ الشيرازي)، (سعدي الشيرازي)، (المعري).. كلهم عاشوا قبله بقرون طويلة ولم يتخرجوا من جامعات أو كليات، ولم يتعلموا القراءة والكتابة على أضواء المصابيح الكهربائية التي توفرت لجگرخوين، ولم يقعوا في الأغلاط اللغوية، المنهجية والمعجمية الكثيرة التي وقع فيها، فضلاً عن غنى المكتبات التي وقعت تحت تصرفه أكثر مما كان متوفِّراً لأولئك الذين سبقوه من الكرد وغيرهم، ما عدا التطور التقني الذي ساد في عهده.
كرَّر المؤلف معظم الأخطاء التي سبقه إليها ضياء الدين باشا الخالدي المقدسي، في معجم (الهدية الحميدية) وزاد على تلك الأخطاء أضعاف ما كان في ذلك المعجم، بل إن قاموسه لم يشتمل على كثير من المفردات التي وردت في كتاباته السابقة التي ألفها قبل القاموس، ولم ينجح في نقل الصورة الصحيحة للثروة اللفظية في اللهجة الكرمانجية التي كتب بها، وبذلك كثرَتْ مظاهر الخلل في هذا القاموس كثرة أفقدت ثقة القارئ به، حتى بات من الصعبِ التعويلُ عليه في شرح أو تعريف مفردات اللغة الكردية، أو معرفة ما يقابلها باللغة العربية؛ وبات من المخاطرة الاعتماد عليه في تدقيق مفردة، أو استشهادٍ بمادة معجمية، حيث لم ترِدْ معلومات صحيحة عن قواعد الصرف والنحو التي استند إليها في القاموس.
من مظاهر اضطراب المنهج في (القاموس الكردي) أن مؤلفه باشر في جمع مادته دون خطة واضحة المعالم، فهو لم يتقصَّ الحقائق، ولم يَسْتَقِ معلوماته بشكل علمي، بل إنه لم يرتِّبْ موادَّه وفق خطوات بَيِّنةٍ ومدروسة، مما خلق في قاموسه مُعْضِلات تتعذر معالجتها، وأما الأمثلة والأدلة على ذلك فهي أكثر من أن تُحصى، حيث هيمن الخلط عليه، وغابت آلاف المفردات التي لم يبذل المؤلف جهداً في جمعها وتحرِّيها، حتى أدى ذلك إلى تنزُّه هذا العمل المعجمي عن الروح العلمية؛ ذلك لأنه كان مطالَباً بأن يحقق شروطا أساسية، وأن يلتزم قواعدَ تحَرِّزه من السهو عن آلاف المفردات، أو إقرار معلومات دون التأكد من صحتها، وأهم تلك الشروط والقواعد يتمثل في الاستعانة بالمصادر والمراجع التي يبدو أن المؤلف تجاهلها، أو ترفَّع عنها، رغم أهميتها وضرورتها، ورغم أنها كانت متوفرة قبل وحين تأليف (القاموس الكردي)، حتى تسبَّب ذلك في إحداث قصور شديد في الأساليب، الكفاءات والمعارف اللغوية للمؤلف في عمله هذا، وفي التدني بالعمل المعجمي إلى مستوى الضعف في الشكل والمضمون تدنياً يستدعى النقد والتحليل، كما يستدعي الدهشة والاستغراب! وتسبب أيضاً في إصابة القاموس بمختلف أنواع العيوب والأمراض المعجمية.
مقدمة القاموس:
وضع المؤلف لقاموسه مقدمة مقتضبة، في الجزء الأول منه، عرض فيها معلومات عن نشوء اللغة، مبيناً أن التفاهم كان يتم بالإشارات، ثم انتقل إلى الحديث عن طريقة تأليف الكلمات محاكاةً لأصوات الطبيعة، وأشار إلى أن مفردات كثيرة لا تزال حتى الآن تحاكي أصوات الطبيعة في اللغة الكردية وغيرها من لغات العالم، كما ربط تطور اللغة بالتطور الاقتصادي، الصناعي والاجتماعي، وخصص صفحة واحدة، بيّنَ فيها قواعد ومنهج قاموسه، حيث شرح طريقة البحث عن الكلمات في القاموس، شرحاً اتسم بالقصور، لعدم كفايته، فقد بيَّن أنه اعتمد باب الحرف الأول مع مراعاة الحرف الأخير، دون اهتمام بترتيب الحروف التي تقع بينهما، على النحو التالي: «(آ – آ)- آباسا- آشيتا…/ (آ – ﯙ)- آخـﯙ- آپـﯙ- آژﯙ…». ولم يذكر الترتيب الألفبائي الذي اعتمده، وهو يختلف عن ترتيب ألفباء جلادت بدرخان بالأحرف اللاتينية، ويختلف أيضاً عن الترتيب الألفبائي العربي، أو عن الترتيب المستخدم حينذاك أو قبل ذلك الحين في كردستان العراق، ولهذا ظهرَ في تبويبه وفي ترتيب مواده ومداخله اضطرابٌ وخَلْطٌ كبيرانِ، كان لهما أثر في تصعيب طريقة البحث عن مفردة ما في القاموس الذي شرح في مقدمة جزئه الأول طريقة استعماله شرحاً اتسم بالإبهام لعدم تفصيله كيفيةَ ترتيبِ الأبواب ضمن القاموس، وترتيبِ المواد ضمن الأبواب، وترتيبِ المداخل ضمن المواد، وترتيب المفردات، التعريفات، الشروح، المرادفات، المشتقات والمعادلات المعجمية ضمن كل مدخل، وفق نظام معيَّن وواضح. ولم يذكر طريقته في الرسم الإملائي الذي حدث فيه تصحيف وتحريف في مواضع كثيرة لا تخضع فيها الكتابة لقاعدة إملائية واحدة موحَّدة[1] في القاموس على الأقل.
أما الجزء الثاني فقد بدأه أيضاً بمقدمة بيّن فيها أن أسباب طباعة جزأي القاموس بسرعة هي أنه كان مُكلَّفاً بتعليم اللهجة الكرمانجية في كلية الآداب، بجامعة بغداد، وتطَلَّبَ ذلك أن تكون ثمة كتبٌ بهذه اللهجة، لمساعدة الطلاب في دراستهم، والمساهمة في توحيد اللهجات الكردية. ثم أشار إلى أنه ينتظر مستعملي وقراء القاموس أن يُبْدوا آراءهم حتى يتم تجاوزُ النواقص والأخطاء والهفوات في الجزء الثالث[2]، وهو الجزء الذي لم يظهر بعدئذ. وهذا يعني أنه كان ينتوي تكملة قاموسه الذي بدأ بباب (آ) الكردية، برسمها كالمدّة العربية، وليس كما تعتمد في كردستان العراق (ئا)، وانتهى بباب (قا) الكردية، على النحو التالي تهجئة ورسماً:
آ | با | ﭘا | تا | سا | جا | چا | حا | خا | دا | زا | را | ژا | شا | غ | فا | ڤا | قا |
وكان يُفْترَضُ أن يشتمل الجزء الثالث على الأبواب الباقية، وهي:
گ | ها | ئێ | ك | ل | م | ن | ئوو | ئـﯙ | وه | يێ |
أما أسباب توقفه النهائي عن تكملة مشروعه فغير معروفة، إلا ما ذكره في مقدمة الجزء الثاني عن انعدام الدعم المادي الذي يتوقف عليه إنجاز وإكمال المشروع الذي بدأه! علماً أنه طبع عدداً ليس بالقليل من كتبه بعد ذلك ولم يكن الدعم المادي عائقاً أمام إصدارها ونشرها!
الإحصاءات:
رُتِّبَت المواد بحسب تسلسل الألفباء التي اعتمدها المؤلف، وتضمّنت كل مادة عدداً من المداخل تبعاً للحرف الأول والأخير من المفردة دون مراعاة ترتيب الحروف الأخرى في المفردة، وقد بلغ عدد أبوابه (18) باباً، توزعت على الجزأين: الجزء الأول ستة أبواب في (318) صفحة متوسطة القياس، والجزء الثاني (12) باباً في (253) صفحة، والفرق بينهما واضح! وأما مجموع مواد الجزأين فقد بلغ عددها (503) مادة، فيها واحد وثلاثون وثلاثمئة وأربعة آلاف (4331) مدخلٍ موزَّعٍ على عمودين في كل صفحة. ولعل الفارق الكبير بين الأرقام يدل على النقص الذي تميز به القاموس، فمثلاً بلغ عدد مواد باب (با) الكردية (95) مادة فيها سبعة وسبعون وخمسمئة (577) مدخلٍ، أما باب (ژا) الكردية فقد بلغ عدد مواده خمساً (5)، فيها أربعة وأربعون (44) مدخلاً! وبلغ عدد مواد (غ) الكردية مادة واحدة (1)! وهو فارق كبير! يضاف إلى ذلك أن الحِكم، الأمثالَ، الأمثلة والشواهد التي استخدمت في القاموس بعضها مسنَدٌ وبعضها غير مسنَدٍ إلى قائله أو مصدره، وبعضها محرَّف وغير دقيق، فضلاً عن التفاوت الكبير وانعدام التناسب والتنسيق بين استخدامها في باب وآخر، إضافة إلى الأغلاط المطبعية والإملائية الكثيرة في هذه الأبواب والمداخل، وهي أغلاط يصعب جمعها وإحصاؤها، كما يصعب تصويبها بيسرٍ، حيث لا تخلو مادة واحدة منها.
في نهاية كل جزء جدول بالتصويبات الضرورية، وهي تصويبات لم تكن شاملة كاملة، أو وافية، ووردت في تلك الأبواب مواد معجمية تشتمل على مداخل تعقبها معانٍ وتعريفاتٌ صاغها المؤلف وفق المداخل، ومن خلال تحديد العلاقة بين الدوالِّ والمدلولات، باللهجة الكرمانجية، مدعَّمَة غالباً بمقابل معجمي عربي رأى المؤلف أنه يعادل المادة المعجمية الكردية، زيادة في إفادة مستخدم القاموس، فضلاً عن إيراد مواد مكافئة لتلك الألفاظ باللهجة السـﯙرانية سعياً إلى تحقيق التقارب والتثاقف بين اللهجتين الرئيستين في اللغة الكردية، أما الإحصاء الذي أمكن لهذه الدراسة أن تنجزه فقد أجمل في الجدول التالي:
الجزء الأول | الجزء الثاني | المجموع العام | |||||||||||||||||
الأبواب | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 18 |
آ | با | ﭘا | تا | سا | جا | چا | حا | خا | دا | زا | را | ژا | شا | غ | فا | ڤا | قا | ||
المواد | 53 | 95 | 75 | 79 | 52 | 20 | 14 | 5 | 18 | 11 | 10 | 20 | 5 | 13 | 1 | 9 | 9 | 14 | 503 |
المداخل | 411 | 577 | 353 | 441 | 310 | 153 | 286 | 41 | 248 | 299 | 178 | 201 | 44 | 321 | 13 | 107 | 86 | 262 | 4331 |
أسماء الأعلام | 141 | 140 | 19 | 79 | 64 | 38 | 6 | 4 | 22 | 20 | 23 | 26 | 0 | 43 | 4 | 11 | 1 | 18 | 659 |
الرصيد المفرداتي في القاموس = المداخل – أسماء الأعلام = | 3672 |
يبَيّن الإحصاء أن القاموس عجز عجزاً شديداً عن بلوغ الحد الأدنى من الرصيد المفرداتي للغة الكردية، اللهجةِ الكرمانجيةِ منها، وهي لهجة غنية بمفرداتها لكن
(القاموس الكردي) لم يجمع بين دفتيه سوى نسبة قليلة من تلك المفردات، فضلاً عن قصوره في التقريب بين نسب المفردات في الأبواب، حيث زادت في أبواب، ونقصت نقصاً ملحوظاً في أبواب أخرى.
التحليل:
حاول المؤلف في مواطن من قاموسه أن يبيّنَ كيفيةَ ورود الكلمات في الاستعمال، متبعاً طريقة الاستشهاد بالشواهد المناسبة التي لم يحقق فيها – غالباً – شرطَ إسناد القول إلى قائله وإحالة المقتبس إلى مصدره، مرجعه أو صاحبه، حيث لم يلتزم الدقة في النقل والإسناد، كما أنه استعان بالأمثلة التوضيحية التي أوردها لتلك الغاية أيضاً، والتي لا تحتاج إلى إسناد أو إحالة، فضلاً عن الاعتماد على الإحالات الداخلية ضمن القاموس نفسه، وبذلك سعى، لكنْ لم يُوَفّق في سعيه، إلى الارتقاء بقاموسه إلى مستوى يليق بهذه الصناعة التي شهدت تطوراً هائلاً عند الشعوب الأخرى، المتطورة منها والمتأخرة، الغنية منها والفقيرة، ومن المفترض أنَّ المؤلف كان على عِلْمٍ بذلك التطور، وعلى علم بتأخر هذه الصناعة عند الكرد لعوامل كثيرة بعضها يتعلق بتقصيرهم في خدمة لغتهم، وبعضها يتعلق بظروف القهر، القمع والاستبداد التي سدت أمامهم سبل التأليف بلغتهم أمداً طويلاً، ومعظمها يتعلق بنقص كفاءات المشتغلين في هذا المجال العلمي، فكان لا بد أن يعتري مسعاه ثغرات، سيّما أنه لم يكن متخصصاً في هذا المجال، ولم يتفرغ لعمل واحد، إنما كان متنوع الاهتمام بمختلف جوانب ومجالات الإبداع من الشعر، القصة، قواعد اللغة، التاريخ، السيرة الذاتية، الفلكلور، النشاط الاجتماعي والسياسي..
لعل من أهم ما يؤخذ على القاموس أنه حشا قاموسه بأسماء أعلام قد تكون ضرورية في قاموس خاص بالأعلام، أو أن مستعمل القاموس كان يحتاج إلى أعلام أكثرَ أهمية، فقد وردت أسماء بلدان، مدن، قرى، أنهار وأشخاص، وأهملت أسماء أكثرَ أهميةً وضرورة لمستعمل القاموس. كما أن النباتات والحيوانات التي وردت لها أسماء في المتن لم يتم تعريفها تعريفاً وافياً واضحاً. فضلاً عن أسماء مئات النباتات، الأشجار، الطيور، الحيوانات والأشياء التي افتقر إليها القاموس مما أدى إلى خلق فجوات معجمية كثيرة. أما التعريفات فقد جاءت غامضة أحياناً وسطحية ومُشْكِلة، أو ناقصة، لاقتصاره فيها على المعاني المركزية المعجمية، وعدم الاكتراث للمعاني والدلالات التي تولدها الأسيقة المختلفة.
لم يخضع القاموس لترتيب مُعَيَّن؛ فَلَمْ تُعْرَضْ الموادُّ فيه وفق ترتيب هجائي عامٍّ أو خاصٍّ، لما اتسم به العَرْضُ من خلل جعل بلوغَ المادةِ المعجمية عملية يشوبها تشوّش واضطرابٌ، حيث اتسم الرسم الإملائي بالتصحيف، ولم يعكس دقةً في النظام الصوتي للغة الكردية. ولما كان المدخل «وحدة لغوية تندرج تحتها وحدات لغوية ومشتقات» فإن تعريفه كان يحتاج إلى دقة أكثر، أو أنه كان يحتاج إلى مرادفات أكثر دقة، حيث اكتفى القاموس بالحد الأدنى من خواص المدخل، أو اقتصر على عبارات عامة لا تفي بالمقاصد. وكان التركيز على أسماء الأعلام على حساب المواد اللغوية والاصطلاحية. وكثيراً ما تمَّ الاقتصار على تعريف المفردة بذاتها، ففي مادة «(آڤ) آو هه ركه س دزاني. عـ (الماء)» أي: [(الماء) هو الماء. كل واحد يعرفه][3]، وتكرر هذا الخطأ في مادة «(آو) سـﯙرانى يه. آڤه. ده رباس بويه.» أي [(الماء) سورانية. هو الماء. مرّت سابقاً] كَمَنْ (فسَّر الماءَ بعد الجهد بالماء) بهذا التعريف السطحي الذي اكتفى بعبارات عامة، وباللفظ السالب في عرض (آڤ = آو)، ظناً بأن مستعمل القاموس على علم بالمفردة ومعانيها. ومثلها مادة «(ده ست) – دياره. عـ (اليد).» أي [(ده ست) – واضحة. هي (اليد)]! فقد يظن مستعمل القاموس أن معنى (ده ست) هو (دياره)! لكن القاموس يقصد بذلك أن معناها واضح لا يحتاج إلى شرح وتعريف! وفي مادة «(چـﯙ)» قال: «زمانێ هندي گه له ك كوردي تێ ده هه يه. ژبه ر كـﯙ كوردي ژهندي هاتيه» أي [في اللغة الهندية كثير من الكردية. لأن الكردية جاءت من الهندية]! ولا يخفى على أحد أن في هذه المعلومة شططاً كبيراً.
كما أنه اتسم بالمبالغة في تأويل أو تأثيل الكلمة وتأريخها أحياناً، وذلك في نحو مادة «(سپاس) شكره. ژشاباش هاتيه» أي: [(سپاس) الشُّكْر. اشتُقَّت من شاباش)! ومثلها مادة «(سينما) ناڤ داره. دكـﯙكا خوده (سي نما) يه. ياني سي يا مرﯙڤ ئه شكه را دكي – دڤرده (سي)- (ته سويره – تصوير). لێ وا دياره ژ ئه ورپا هاتيه. عـ (سينما)» ومعنى التعريف المذكور هو أن [(سينما) مشهورة. في أصلها (سي نما). أي أنها تكشف صورة الإنسان – هنا (سي) يعني التصوير. لكن يبدو أنها قدمت من أورپا. وبالعربية (سينما)]. يبدو الضعف واضحاً في التركيب والتعريف، كما تبدو المبالغة جلِيَّة في تأويل (سي) بمعنى (التصوير/الصورة/الخيال/ الظل) وفي تأويل (نما) بمعنى (الكشف/ الظهور)! ثم عاد وأشار إلى أنها قادمة من أوربا كما بدا له، وأنها بالعربية (سينما)! وكذا في مادة «(جاموس) گاموشه – گامێشه. (موش) باژاره كى كوردستانێ يه. (مێشه) ده حله. دار وبه ر وآڤه. (مێش) و (كه لمێش) پێشى – پێشو يه. داخوازا ژ (گامێش) – جاموس – گاموشه… يا گايێ موشێ يه. يا گايێ مێشه يه. يا گا يێ كو ژبه ر مێشا دره ڤي ودكه ڤه ناڤ مێشه وآڤێ. ل جه م من يا پاشي راسته. ژبه ركو هاتيه گوتن: -(أكل ثور نحمل بيض الشجرة). (ثور نحل) بداخوازا (گامێش) هاتيه. (بيض الشجرة) سپي داره». [(جاموس) گاموش- گامێش. (موش) بلدة من كردستان. (مێشه) هي الأجمة، الشجر الكثيف والماء. (مێش) و(كه لمێش) البعوض. المقصد من (گامێش) – جاموس- هو (گاموش)/ ثور موش..أو (گايێ موش)/ ثور موش. أو (گايێ مێشه)/ ثور الأجمة. أو الثور الهارب من الذباب والذي يدخل بين الأجمة والماء. وأنا أرى أن المعنى الأخير هو الصحيح. حيث قيل (أكل ثور نحمل بيض الشجرة). (ثور نحل) جاءت بمعنى (گامێش/ ثور الذباب). (بيض الشجرة) شجر الحور]! إن هذه الركاكة في تعريف المادة المعجمية لا تخدم القاموس بل تسيء إليه، وتزيد المعاني عُجْمةً، والمنهجَ اضطراباً، والقارئ تيهاً وضياعاً؛ فلا علاقة لبلدة (موش) بـ(الجاموس/الگاموش)، ولا علاقة لـ (مێش/الذباب) و(كه لمێش/ پێشي/ البعوض) بها، ولا معنى لعبارة (أكل ثور نحمل بيض الشجرة) أو(ثور نحل) في مادة (جاموس)!
إن مثل هذا العمل المعجمي فيه ابتعاد شديد عن الصناعة المعجمية، وليس فيه أبسط شروط ومقومات هذه الصناعة التي كان المؤلف بعيداً عن ميادينها، بل كان على جهل بأصولها وعلومها كما يتم التأكيد على ذلك بالأمثلة التي يتعذر إحصاؤها وتستحيل معالجتها، بل كان يُفتَرَض أن يكون بعيداً عن الانشغال بها مادامت مهاراته لا تؤهّله لهذه المهمة الصعبة، لأن المشتغل بالمعجم مطالب قبل كل شيء أن يتقن قواعد الإملاء والصرف والنحو وعلوم المعاني والدلالة واللهجات إتقاناً لا لبْسَ فيه ولا ادِّعاء.
وعلى نحو مماثل كان المؤلف على علم بأن «(شێرگـﯙ)- ..أسد الجبال» على النحو الذي أورده، لكنه استدرك وجعله «أذن الأسد» تمشياً مع لفظ (گـﯙ) ظناً بأنه (Guh/ الأذن؛ عضو السمع)! مع أن الكلمة لا علاقة لها بالأذن، إنما هي تسمية مشتركة لدى الكرد والفرس على السواء، بمعنى (أسد الجبل). أما مادة «(قاشـﯙ) دروسته ژكه شه- قه شه- قس. هاتبي» ففيها اجتهاد لا مسوِّغ له، لِما في التأويل من تأثر بالمستوى الصوتي المتجانس بين تلك الألفاظ، كما أن الكلمة لم تُشرح بصورة تليق بها. كذلك ذهب المؤلف إلى أن «(قـﯙتك) …مرض (الكوليرا)» والصواب أن هذا المرض هو ضرب من السكتة القلبية التي تقضي على الدوابِّ بشكل مفاجئ، وليس هو الكوليرا!. وقد أورد حرف (ن) في آخر مادة «(فيش)- ئه وروپي يه. هاتيه عربي وكوردي. دخن هندروێ فيوزێ و رﯙني ددي دو آلاڤێ (ألتريك) ن» دون أن يُعرَف المقصد من ذلك. وعلى نحو مماثل أوغََلَ المؤلف في التأويل في مادة «(آگردان) تفكه. سـﯙرا دبێژن. جهێ آگره. دڤرده سـﯙراني راسته. آگردانه. نه تف گه هه. جهێ تفێ يه. عـ – (الموقد)»، ومع الإبقاء على طريقته في استخدام علامات الترقيم استخداماً خاطئاً، يقصد أن [(آگردان) الموقد. السـﯙرانيون يقولون. إنه مكان النار. هنا السـﯙرانية هي الصحيحة. إنها (الموقد). ليست (المَبْصَق). مكان (البَصْق). عـ – (الموقد)]، كما أنه عاد إلى الخطأ نفسه في مادة «(تفك) ژبه ركـﯙ هه ركه سي تفا خوه تاڤێته آگر دانێ ناڤێ وێ بويه تفـك- جهێ (تفێ). لێ (آگردان) راسته. ژبه ركـﯙ جهێ آگره. نه جهێ تفێ يه. عـ – (الموقد)» وأما ترجمة ذلك بدِقَّة فهو على النحو التالي: [(تفك) لأن كل واحد كان يُلقي بُصاقه في الموقد سميت بالمَبْصَق- مكان البُصاق. لكن الصواب هو (الموقِد). لأنه مكان النار. لا مكان البُصاق. عـ (الموقد)]. يبدو أن المؤلف انجرّ وراء المستوى الصوتي للفظة (تفك) فظن أنها سميت بهذا الاسم تمشياً مع دلالة (تف/ Tif) أو (تف گه هـ) وهو تأويل يدعو إلى الاستغراب والدهشة! وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على عدم معرفة المؤلف باعتباطية اللغة وبحقيقة التواضع والاصطلاح في إطلاق الأسماء على المسميات، وأن الانشغال الزائد بالتأويل والبحث عن أصول كل مفردة هو ضرب من العَبَث لا جدوى منه، بل إنه يودي بصاحبه إلى أغلاط لغوية قد تكون كبيرة جداً، وقد تكون لها انعكاسات وتأثيرات في وعي ومعارف مستعملي القاموس. وقد قال بعض من مجايلي المؤلف نفسه بأن تسمية (تفك/Tifik) قد تكون في أصلها (پفِكْ Pifik) وأنَّ تينك الكلمتين جاءتا محاكاة لصوت النفخ على نار الموقد، حيث كانوا ينفخون على الحطب أو نحوه في الموقد حتى يشتعلَ. وقد أدى سوء التأويل إلى عقد مفاضلة بين كلمتي (آگردان) و(تفك) وتفضيل الأولى على الثانية بحجة عدم دقة دلالة الأخيرة، وهي مفاضلة غير موفقة من الناحية اللغوية، لأن لكل كلمة استعمالاتها الخاصة، وقيمها الدلالية والسياقية، وتكررت مثل هذه المفاضلة أيضاً في موادَّ أخرى، ومن ذلك أنه فضّل كلمة (پائيز) على (چريا) دون أن يبيّن سبب تفضيل تلك على هذه، مع أن كلتيهما تدلان على الخريف كما أشار هو على النحو التالي:«(چـرى)- ل جه م بـﯙتا بداخوازا پائيزه. چريا پێشي، چريا ناڤێ، چريا پاشي. به لام پائيز خوه شتره». ويقصد أن [(چـرى) عند البوتانيين بمعنى (پائيز) أي الخريف… لكن (پائيز) أفضل]!.
ومن نحو الإغراق في التأويل غير الدقيق أن «(آپا) دڤا بو ژ خوشكا باڤێ ره بێ گوتن: – (آپا) لێ د وه لاتێ مه ده نايێ گـﯙتن. دبي وندا بوبي. ژبه ر كـﯙ (آپ) – آپـﯙ- براێ باڤه ل شونا (آپا) ئه م دبێژن: – مه تكا عـ (عمة)» ومعنى هذا التعريف الضعيف تركيباً، صرفاً، إملاءً ودلالة، وخلوّاً من علامات الترقيم الفاصلة بين المعاني والعبارات، هو في اللغة العربية: [(آپا) كان يجب أن يطلَقَ على أخت الأب: – (آپا) لكن في بلادنا لا يُستعمَل هذا الإطلاق. يمكن أن يكون قد ضاع. لأن (آپ) – آپـﯙ- أخو الأب في محل (آپا) نحن نقول: – مه تكا عـ (عمة)] أراد أن يجعل للكلمة الكردية (آپ) علامة تأنيث عربية على غرار (عمة) العربيةِ، حيث يعني قوله أن (آپ) هو (العم) فلا بد أن تكون (العمة) (آپا)! ومادامت المفردة لم تُستعملْ، فليس من الضروري أن يوجب المؤلف استعمالها، ولا مبرر لأسفه أن الكرمانجية لا تستعملها. كما أن لفظة (مه تكا) ليست بألِفٍ في آخرها، إنما هي باللهجة الكرمانجية التي كان يتقنها المؤلف هي (مه تك/ Metik/ العمة)، ومن هنا كانت (آپا) حشواً لا طائل منه، كما كان التأويل استطراداً لا فائدة منه.
أما الأمثلة عن عدم الدقة في التعريفات فكثيرة، وذلك من عيوب عدم سلامة المعلومات، ففي مادة «(آلا) د تاريخێ د ه ناڤێ مله ته كى خوين خوار و تالان كه ره. وه لا تێ كوردستانێ دناڤ خوينێ ده هشتيه عـ (عشيرة أو شعب)..» أي [(آلا) في التاريخ اسم شعب سفّاكٍ للدماء نهّابٍ. أغرق كوردستان في الدماء عـ (عشيرة أو شعب)] ففي الشرح جعل (آلا) شعباً، ثم خمَّن أن (آلا) عشيرة أو شعب! ولم يذكر متى غزا هذا الشعبُ (كوردستانَ)، وما هي آثاره التاريخية؟ كما لم يبين المراحل التاريخية التي ظهر أوغاب فيها هذا (الشعب) أو هذه (العشيرة)! وكذا في مادة «(خاتي)- ناڤێ مله ته كى كـﯙ د تاريخێ ده كوردستان دناڤ خونێ ده هشتيه. تالان وكوشتن وسه رگێژي يه كه مه زن چێكريه. ژناڤێ (خات) وا دياره كـﯙ ترك بن. عـ (اسم قوم هاجم على كوردستان قبل الإسلام)» أي [(خاتي)- اسم شعب أغرق كردستان في الدماء تاريخياً. قام بنهبٍ وقتلٍ وإقلاقٍ كبير. من اسم (خات) يبدو أنهم تُرْكٌ. عـ (اسم قوم هاجم على كوردستان قبل الإسلام)] أيُّ تُرك هؤلاء الذين (كانوا قبل الإسلام! وهاجموا كردستان)؟! وفي أي زمن كان ذلك؟ وما المصدر السليم الذي يوثّق هذه المعلومة التاريخية الضعيفة؟ ومثلها المعلومة التي وردت في مادة «(خه ز)- ناڤێ اێله كه تركه ب خوين خوارى د تاريخێ ده ناڤ دارن. كورد ژده ستێ وان گه له سه رگێژى و په ريشانى ديه» أي [(خه ز)- اسم عشيرة تركية معروفة في التاريخ بسفكها للدماء. عانى منها الكرد كثيراً]!.
وفي مادة «(ديدار)- جوانى وخوه شكاهي يه:- ژديدارا په رى ره نگێ… عـ (الجمال والحسن)» يبدو أن المؤلف لم يفهم مقاصد الشعراء الكلاسيكيين الكرد من كلمة (ديدار) التي استخدموها بصفتها مصطلحاً صوفياً بمعنى (المشاهدة) ويقصدون بها (مشاهدة الجمال) ولم يستخدموها بمعنى (الجمال) كما ذهب إلى ذلك مؤلف (القاموس الكردي) الذي انتقى من بين آلاف الأدوية اسم دواء واحد مضادٍّ للذباب وهو: «(دى دىتێ)- ده رمانێ مێش وته بايێ هوره. ژئه وروپى هاتيه.». ويقصد أن [(دى دىتێ)- دواء الذباب والحشرات الصغيرة. جاءت من الأوربية]!. وفي مادة «ديك» ذهب إلى أنها جاءت من العربية، ثم عاد واستدرك قائلاً بأن (العرب) لعلهم أخذوها من الكردية. وأردف قائلا بأن (دايك) هي الأم. فما علاقة هذه بمادة (ديك)؟.
وعلى الغلاف الأول وفي الصفحة (أ) وردت كلمتا «چاپكرن» و«فه رهه نگ» حيث تدل الأولى على (الطباعة) وتدل الثانية على (القاموس)، لكنهما لم ترِدا ضمن موادّه، وقد كان أَوْلى بالقاموس أن يورد هاتين الكلمتين لأسباب ثلاثة: الأول من تلك الأسباب أن هاتين المفردتين كثيرتا التداول والاستعمال والأهمية، وثاني تلك الأسباب أن القاموس معنيٌّ بتعريف لفظه (فه رهه نگ/ القاموس) وما يتعلق به من ألفاظ مثل (چاپكرن/ الطباعة)، وأما السبب الثالث فهو يتعلق بالالتزام؛ فليس من الصواب أن يخلوَ قاموس لغويٌّ من ألفاظ وَرَدَتْ في العنوان أو على الغلاف أو في الصفحة الأولى أو في المقدمة! وهذا من عيوب عدم الالتزام. ومن أمثلة ذلك أن المقدمة أيضاً فيها كلمات لم ترد في متن القاموس، مثل كلمة (بێ گانه) في الصفحة (ب)! وكلمتَيْ (آلي، آني) في الصفحة (د).
وفي باب (آ) أي (ئا)! بيّنَ أن «(آشيتا)..اسم عشيرة كردية في الجزيرة» ومثلها «(آباسا)..اسم عشيرة كوردية في الجزيرة» حيث لا يعرف المقصد من (الجزيرة) في كل من المادتين إن كانت (الجزيرة السورية) أو كانت (جزيرة بوتان)! كما يبدو الفرق في طريقة رسم كلمة (كردية/ كوردية) في كل منهما! وفي باب (آ) أيضاً قابل كلمة «آڤا» بكلمة «غاب» العربية، مع أن (آڤا) ليست فعلاً، ومن هنا كان يجدر به أن يقابلها بمصدر (غابَ) وهو (الغياب) ولعل الصواب هو (الغروب). أما ضمير جماعة المتكلمين «(ئه م)..» فقد شرحه بالعربية بأنه «ضمير للمتكلم مع غيره»! وفي هذا الشرح ما يكفي للدلالة على القصور الذي يعانيه التعريف في هذا (القاموس الكردي). وكذلك قوبلت «(بينا)..» التي تدل على ضياء النظر والرؤية بـ «الأعمى»! نتيجة خطأ في طريقة الشرح.
كما حُشي القاموس بمواد لا فائدة منها، وكان ذلك الحشو على حساب المواد الضرورية التي يحتاج إليها مستعمل القاموس، ومن ذلك العشرات من أسماء الأعلام وردت واكتفى القاموس بتعريفها بأنها أسماء أشخاص أو بلدان أو عائلات أو شعوب، من مثل ما ورد في باب (آ) –على سبيل المثال فحسب-: «(آلوجا)..قرية»، «(آرابخا)..اسم قديم لكركوك»، «(آمودا)..مدينة كوردية»، «(آلمانا)..قبيلة كوردية»، «(آرڤاسيا)..اسم لعائلة دينية»، «(آسيا)..معروف»، «(آلكا)..اسم عشيرة كوردية»، «(اێلونا)..قرية»، «(آخه گه ورا)..(مكان في شمال) (ماردين)»، «(آردﯙ)..اسم رجل»، «(آردﯙ)..[اسم رجل أرمني]»، «(آبرى).. اسم لـلقرية»، «(آق بيق)..اسم لـلعائلة الكردية»، «(ئه ستونيا)..»، «(ئه زڤستيا)..»، «(ئه ندﯙنـﯙسيا)..»، «(ئه لبانيا)..»، «(ئه ميركا)..»، «(ئه فريقا)..»، «(أنگلترا)..»، «(أرله ندا)..»، «(أسكـﯙتله ندا)..»، «(أزله ندا)..»، «(أفرانسا)..»، «(أدلب)..عـ (مدينة في شمال حلب)»، «(په تهـﯙڤن).. عـ (معروف)»!.
وفي عشرات المواد قابل المؤلف مفردات المداخل بكلمة (معروف) أو (مشهور) أو (مرت سابقاً) بعد الشرح بالكردية، أو دون شرح، من مثل: «(آلاهي)..(معروف)»! «(ئه سمهان) ناڤێ ژنه كه ده نگبێژه درزيه…دبێژن درزي هه مو كوردن… عـ (مشهورة)»، «(أسرافيل).. عـ (اسم معروف)» «(أێريانا)..عـ (معروف)»، «(به قدونس) ناڤداره..عـ (معروف)»!. (ئه رزنجان) ئه رزگانه- آرزگان. باژاره كي كوردستانێ يه. ده ر باس بويه.» [(ئه رزنجان).. مدينة كردستانية. مرت سابقاً]!. بيَّن المؤلف أنها مرت سابقاً، ولكنها لم ترِدْ لا سابقاً ولا لاحقاً، وهو من عيوب الخطأ في الإحالة، ومن عيوب عدم الالتزام! «(بـﯙز) ده ر باس بويه..عـ قد مرت تفسيرها». «(بيرا)..عـ (معروف)». «(پالتـﯙ) ژ(ساكـﯙ) مه زن تره. ژبـﯙ زڤستانا باشه. (پالتـﯙ) ناڤێ چيرﯙكا گـﯙگـﯙله» أي [(پالتـﯙ) أكبر من (ساكـﯙ). إنه جيد للأشتية. (پالتـﯙ) اسم قصة گـﯙگـﯙل] حيث لم يورد ما يقابلها بالعربية من نحو (المعْطف)، واكتفى بتعريف سطحي ناقص. كما أن مادة «(پايتـﯙن)..» التي لا يُفهَم المقصد منها ولا من شرحها بكلمة «العربية» التي قابلها بها دون قرينة تزيل الالتباس. ومثلها «(په لك)» التي قوبلت بعد شرحها بالكردية بعبارة «نوع من الرمي» دون أن يكون لهذا العبارة دلالة واضحة! وقابل كلمة «(سه ب)» بكلمة «(الظرف)» العربية. كما قابل «(شه به ش) – زه به ش. ناڤداره . دهه مبه ر (په تيخ) ده هاتيه. عـ (بطيخ الأصفر)»! مع أن (شه به ش) تطلق على الجبس، وهو ما يعرف بـ (البطيخ الأحمر) تحديداً.
ومما يؤخذ على (القاموس) أنه مطبوع بخطاب ضميرَي المتكلم المفرد أو الجماعة، وهيمن عليه حضور الميول والأمور الشخصية التي لا تهمُّ مستعمل القاموس، ولا تتسم بقيمة تاريخية أو لغوية جديرة بأن تكون في صفحات قاموس لغوي يعاني ما يعاني من آفات. وتمثَّل ذلك في مواضع كثيرة، منها مادة – على سبيل المثال- «(بـﯙكه) ناڤێ مروڤه كى كورده. ژ كوردێ شامێ يه. عزت بـﯙكه دﯙستێ م بو. عـ (رجل من أكراد الشام)» أي [(بـﯙكه) اسم رجل كردي. من كرد الشام. عزت بـﯙ بـﯙكه كان صديقي…]. وفي مادة «(جه گه رخون) يا جگرخوين. ناڤێ منه. ناڤ وده نگێ منه.. لێ ژده ستێ كێ بومه جه گه رخوين؟ ل ديوانا من ره قه م (1) يه ك ته ماشا بكن..عـ (جريح القلب) لقب صاحب الكتاب» أي [(جه گه رخون) أو جگرخوين. اسمي. اسمي ولقبي.. لكن مَنْ جعلني جريح القلب؟ انظروا إلى ديواني الأول…]!. وفي مادة «(جيم)- ناڤێ تيپه كێ يه. (جيم وگولپه رى) نا ڤێ چيرﯙكه كه منه» أي [(جيم)- اسم حرفٍ. (جيم وگولپه رى) اسم إحدى قصصي]. فالقارئ غير معنيٍّ بعلاقات المؤلف الشخصية وأصدقائه، ومؤلفاته ضمن أبواب معجم لغويٍّ، لأن مثل تلك الأمور لا تسعها مجلدات ومصنفات كثيرة.
الخلاصة:
يعدُّ (القاموس الكردي) لَبِنةً واهيةً في بناء المعجم الكردي المنشود، وهي لبِنةٌ لا يُعتمَدُ عليها إلا بحذر شديد، وهو ما لم ينتبه إليه من جاؤوا بعده فكرروا أغلاطه، وزادوا عليها، وهذا (القاموس الكردي) يمثل خطوة متأخرة بقرون طويلةٍ إذا ما قورنت بما أنجزه الآخرون في هذا المجال الذي لا تزال المكتبة الكردية فقيرة به؛ ومن ذلك أن العمل في المعجم العربي بدأ بالظهور على يد (نصر بن عاصم الليثيّ) (ت 707م)[4] واستمر متواصلاً حتى اليوم بمشاركة أكثرَ من مئة مؤلِّف[5] وبأساليب وطرائق متنوعة ومتباينة، فضلاً عن التجديد والتطوير الكبيرين اللذين شهدهما المعجم العربي في النصف الثاني من القرن العشرين، بفضل الدور الكبير للنقد والتحليل والموازنة، وشهدهما المعجم الفارسي والتركي والفرنسي والإنكليزي والروسي والألماني. وبمثل هذه التجارب الضعيفة ظل المعجم الكردي أسير الجهود الفردية، وضحية غياب المؤسسات القادرة على تقديم الدعم لإنجاز معجم مقبول تنهض به هيئات علمية تقوم على تضافر جهود الاختصاصيين من مختلف مجالات العلوم والفنون.