إبراهيم محمود.. «عنزة ولو طارت »

جميل داري

ما كنت أتخيل أن السيد- إبراهيم محمود- سيثير زوبعة كلامية… بعد قراءته ل-ملاحظاتي اللغوية- التي أصر على أنها صائبة على الرغم من دحضه لها.. ولي وكأنه معصوم من كل خلل وزلل.. كما لا يتورع أن يجعل نفسه فقيها لغويا (غصبا عني) – فمعاشه- صح و- معيشي- خطأ.. إلخ… و ينصر نفسه -ظالما أومظلوما- ويعدني جاهلا بقواعد اللغة العربية التي أمارسها وأدرسها منذ أكثر من ثلاثين عاما ويلصق بي أوصافا وتهما لا علاقة لها بالعلم والأدب.. بدءا من العنوان العتيد (قراءة موسوسة- هل ما زال حيا يرزق- دفاع بائس- في مقام تديني أصولي- موالاة عمياء- أستاذ اللغة العربية وحاميها العتيد- اللغة الموميائية- ضحالة ثقافته اللغوية- مريد الشيخ الطوعي- خواء التفكير- المريد اللغوي- اللغة المراءاتية- سقط متاع اللغة- معلقته-حارس اللغة- معجمه البائس)
أجل ذكر كل ذلك وغير ذلك دون أدنى خجل أو حياء.. غير أني لا أريد الهبوط معه و السقوط في حضيض هذه التخرصات الدالة على هشاشة واضحة في وضعه النفسي المضطرب.. لأن القارئ لن يستفيد منها شيئا قط..
لا داعي أن أكرر ما قلته في مقالي السابق “ملاحظات لغوية” وكان عليه أن يرد عليها وقد رد-حسنا فعل- أما سوى ذلك فنعوت جزافية يمكنني أن أرد عليه الصاع صاعين بل أصواعا.. لكن أربأ بنفسي عن ذلك ولا يسعدني أن أكون بهذا المستوى؟
قلت في دحام: “إنه شديد التمكن من اللغة العربية” ……… ما العيب في هذا الكلام؟؟ لم أقل: إنه سيبويه اللغة العربية.. فالتمكن من اللغة قد يتوفر في أي مدرس للغة العربية.. فما بالك بدحام الأديب الشاعر الباحث..؟ وهل هذا يستدعي أن يجعلني بلطجيا في عصابته أو مريدا في تكيته أو “أصوليا أكثر من الأصولي ذاته” على حد تعبيره.. وكأن المطلوب مني أن أشوه اللغة العربية – كنوع- من النضال ضد الآخر..؟؟ هل الدعوة إلى تخليص حنطة اللغة من زؤانها دعوة أصولية..؟؟
ما المانع أن يكون المرء متمكنا من اللغة – أية لغة- ليحمي لسانه من زلاتها وعلاتها؟ .. أذكر الآن- والشيء بالشيء يذكر- أن السيد إبراهيم محمود نشر مقالا في مجلة “الطريق” اللبنانية- منذ زهاء عشرين عاما- يدعو فيه إلى تطوير اللغة العربية – وقتذاك كان حريصا على العربية أكثر مني ومن دحام – وكان مقاله كالعادة يعج بما هب ودب من أخطاء لغوية وشكلية ومضمونية.. تقشعر لها الأبدان.. ويشيب لهولها شعر الولدان- حقا لغتي موميائية- في ذلك الوقت كتبت ردا “عرمرما ” لا يبقي ولا يذر.. وقد نشر ذلكم الرد في المجلة نفسها… لكنهم لم ينشروا الصفحات الثلاث المتعلقة بجدول الخطأ والصواب- فالطريق- ليست مجلة في فقه اللغة- كما قيل لي…. قلت حينذاك: إن من يدعو إلى تطوير اللغة العربية ينبغي عليه إتقانها وإجادتها.. فأين وجه الغلط إذا دعي إنسان إلى الصواب…. بدلا من ارتكاب الخطأ في اللغة وغيرها؟
هل يعيب سليم بركات مثلا أنه فقيه وضليع في اللغة العربية – ولست مريدا له- وليتني كنت أحسن التعامل معها مثله..؟
أما عن (ضحالتي اللغوية وضيق أفقها) وسوى ذلك.. فأنا موافق على ذلك وسآخذ بهذا الكلام (مصباحا منيرا) في ليل جهلي ولغتي العربية الضعيفة -خلي لسري م به – ( xweli li sere mi bi)
لا..  لا أريد الإطالة.. فإني خاسر في معركة غير متكافئة إيمانا مني بقول أحد الحكماء “ما جادلني عاقل إلا غلبته.. وما جادلني أحمق إلا غلبني”
أتمنى- إذا رد إبراهيم ثانية على كلامي- أن ينأى عن لغة السب والشتم والتجريح لسبب بسيط وهو:اني قادر على أن أرد عليه بالمثل- وقد لاحظ ذلك قبل سطر .. يلوح أمامي الآن شبح بيت جاهلي كان قدوة لي في زمن ما..أما الآن فلم يعد يتناسب مع صلعتي.. ورأسي الذي اشتعل شيبا.. والبيت هو: ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا..
الأخطاء في رده علي كانت أقل عددا وعدة من مقاله الأول وهذا يبشر بالخير.. لكن ما الفائدة من ذكر هذه الأخطاء إذا كان ولي أمرها مصرا عليها إصرار صاحب هذه المقولة المرحة: (عنزة ولو طارت) ؟؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…