أرهقتني بطلباتها …!!

د.علاء الدين جنكو

من نتائج الحب وآثاره الحقيقية أن يفتح الطريق إمام الحبيبين ليصل كل منهما إلى الآخر من غير أية صعوبات وعوائق، وبقدر قوة الحب يكون جرأة كل منهما على الآخر في طلب ما يريده وما يحتاج إليه.

وكثير ما يُستَغَل الحب المنسوج بين الحبيبين من قبل أحدهما ليحقق له بعض الرغبات التي قد يكون محروما منها ويجد الفرصة متاحة بعد إن بنى جسرا من الحب بينهما ليصل إلى تلك الأماني ويرى تحقيقها من أهم حقوقه في عنق حبيبه في الطرف الآخر.
وهنا اجزم أن الفتاة هي الأكثر طلبا لما تريد من الشاب وخاصة في الماديات بحكم استقلالية الشاب المالية المبكرة عكس الفتاة التي تتأخر نوعا ما في هذه الاستقلالية إن حصلت عليها أصلا.
ويقف الشاب الحبيب أمام هذه الطلبات التي تصل إلى ذروتها عندما يصلا إلى نقطة ما قبيل الزواج حينما تعلم الفتاة أن حبيبها لم يعد أمامه إلا خيارين ، إما تحقيق طلباتها وإما تركها بعد فترة قضياها في أجمل أيام الحب العذري !!
مسألة لابد أن يقف الشاب أمامها بنوع من الذكاء والدهاء ، ذكاء لا يوقعه في فخ نصب له ، ودهاء لا يحرمه من فتاة قد لا يكون الأمر بيدها !!
ولست مدعيا أني طبيب يحسن كتابة الوصفات الطبية لأمراض القلوب ، ولكني أتصور أن من تجاوز العقد الأول من زواجه من حبيبته قادر على أن ينصح غيره ببعض ما اكتسبه  من خبرات ، فاسمع مني أيها المحب :
أ – بداية أوضح أمرا في غاية الأهمية ، أن يفرق الإنسان بين التربية بالمنع وبين الحرمان بسبب البخل، فالرجل يتمنى أن يقدم روحه لأبنائه وأطفاله لكنه يلجئ لحرمانهم في كثير من الأحيان كوسيلة تربوية لزرع معان وقيم لا تتأتى إلا بتك الوسائل.
ب – نجاح الحبيبة في الحصول على طلباتها بسرعة البرق من قبل حبيب قتله الهوى سيكون فاترا تقل فرحته فيما لو حصلت عليه بعد محاولات محفوفة بالحذر..
ج – ما إن تتأكد الفتاة من تأمين عش لحبها في قلب شاب حتى تعمل جاهدة أن تأخذ مكانها الطبيعي المرسوم بخيالها في شخصية حبيبها.
وباعتبار الفتاة مجبولة على الدلع والرهف ورقة المشاعر فإنها تسعى واثقة من نفسها إلى تحقيق آمالها المنسوجة في أطيافها الساكنة في فضاءاتها القريبة من خلال شخصية حبيبها الذي بات ملكا لها !!
فطلبات الحبيبة وهي تعيش حبا عذريا بعيدا عن برتوكولات الحب في واقعه السيئ المنافي للشرع تزداد عندما تكون نظرة الفتاة إلى هذا الحبيب نظرة مادية بحتة بعيدة عن نظرة التي تخطط لحياة سعيدة بنيانها أسرة سعيدة قائمة على التفاهم تسودها علاقة زوجية نابع من حب متجذر في أغوار القلوب.
وهنا أنبه الفتاة المحرومة من أمورها الحياتية بسبب ظروف أسرتها السيئة، ألا تقع في شباك وشرك شهوتها، فترى من علاقة الحب مع شاب خير وسيلة لتحقيق وتلبية رغباتها وتأمين ما حرمت منه بمثل هذه الوسائل.
حتى أن كثير من الناس يستغلون ما يسمى بعلاقة الحب لتحقيق طلباتهم، فقد اخبرني أحد الأصدقاء أن فتى جمع رصيدا كبيرا لهاتفه بطريقة يحتال فيها على الشباب عن طريق الانترنيت، وذلك بتقمصه شخصية فتاة تبحث عن حبيب وعلاقة حب.
فإذا كان هذا حال شباب تم إغراؤهم بطريقة قذرة مستغلين ما يسمى بالحب بطرق مشبوهة مع من لا يعرفون سواء كان شاب يتقمص شخصية فتاة أو مع فتاة حقيقية، فكيف سيكون الموقف من هذه الطلبات لو كانت مع فتاة تعرفه ويأمل بأن تكون له زوجة يوما من الأيام ؟!
طلبات قد تقصم ظهر الحبيب، وقد تكون بمفردها في حدود طاقته، لكنها بكثرتها ترهق كاهله من جهة ، وتزيد من جرأة حبيبته في طلب ما تشاء ، وفي الوقت الذي تشاء ..
حرمان الفتاة من أمورها الحياتية قد تؤدي بها للوقوع في الحرام إذا لم يكن هناك سياج عقدي يحميها ويمنعها من الوقوع في الحرام لتواجه تلك المغريات !!
وقبل أن أنهي هذا اللحن أريد أن أنوه بأن التعامل مع طلبات الحبيبة لا يختلف إذا كانت بعد الزواج أيضا ، فلا شك أن حق الزوجية يفرض على الزوج أن يؤمن لزوجته ما تريد في نطاق الممكن والمعقول حسب العرف.
فإذا ما بالغت الزوجة في طلباتها ، على الزوج أن يعلم بأن التريث في تحقيق ما تريده زوجته دواء ناجع في كثير من الأحيان..

الذي يحب حقا لا يرضى أن يكون درعا دائما لمحبوبته، بل يضعها في موقف التحدي والمواجهة حتى لا يحرمها واحدة من ألذ اللذات.. وألا يصل معها إلى درجة محاسبة نفسه على علاقته وحبه معها ، ليتساءل : أين أنا منها ؟ أرهقتني بطلباتها … وتقول : أحبك !!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…