هل تتزوج من امرأة معاقة؟ وأنتِ هل تتزوجين من رجل معاق؟

  لافا خالد  

 قضية ذوي الاحتياجات الخاصة أو دائرة الألم الإنساني موضوع وحدث قائم دائما له شجونه بالنسبة للجنسين ومما يقاسونه في مجتمع لا يفقه حقوقه حتى يعي مما للآخرين من حقوق , في وقت آخر تطرقت لقضية ذوي الاحتياجات الخاصة ببعد آخر حول بعض القوانين التي صدرت لأجلهم وبين واقع لا يعرف التطبيق لأدنى الحقوق.
في هذه العجالة سنتطرق على جانب مؤسف من رؤية المجتمع لهذه الفئة وللمرأة منها على وجه الخصوص وسنكتفي ببعد واحد وسؤال مهم وهو  إمكانية أن  يقترن أو يتزوج شاب بامرأة تعاني الإعاقة مع يقيننا لحساسية الموضوع ولكن انطلاقاً من يقيننا المطلق أيضا إننا مخلوقات الله جميعاً, ولكل واحد مناله الحق في أن يعيش ويتكلم ويسافر ويفعل بما يمليه ظروفه وبيئته وإمكانياته
حينما فكرت الخوض في هذا الموضوع وددت أن يكون ريبورتاجاً ميدانياً يشمل فئة واسعة وبدأت بذلك مع ملاحظة واضحة جداً في ظل المتغيرات الكثيرة التي نعيشها والظروف المعيشية الصعبة لم أجد يعطيني الإجابة الشافية من فئة الذكور وإن وافق أحدهم فكانت عاطفته من تمليّ عليه ذلك مع الإشارة إن موافقة فئة من الفتيات على الاقتران بشاب معاق كون الظروف وأشياء كثيرة فرضت أن يفوتهم قطار العمر فلا بأس من الزواج بشاب لديه عجز ما علها تجد بعضاً من الاستقرار في حياة هي جديدة بكل تفاصيلها .
في الحالات التالية هي رؤية ووقائع لعل المجتمع يلتفت إليها بمختلف تكويناته ومؤسساته :
فاطمة فتاة أكثر من واعية ومثقفة تقرأ لكبار الكتاب  والمثقفين  كما تقول ,تتابع الشعر لكنها  شديدة الحساسية في نفس الوقت التقيتها مرة سابقة قبل الآن في دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل بمحافظة الحسكة كانت تسجل لها دوراً لدى اللجنة الطبية لتقييم نسبة الإعاقة عندها وتحصل على بعضاً من حقوقها مع إنها يائسة تماما من أن يتغير أدنى جانب في حياتها وسنوات عمرها وهي في عقدها الثاني
بادرت الاتصال بها لتبقى الغصة عندي إنها ظنت باتصالي بها  إنني وجدت لها عملاً أو جهة ما يتبنى متابعة وضعها الصحي أو يساعدها بأي شئ كان , وليقيني إنها واعية وبما أنها ارتاحت للحديث معي قبل الآن , بدوري عرفت كيف اقتحم هكذا عوالم سامية وشفافة وأكثر من إنسانية ؟ قلت لها أود لقاءك علنا نلقي الضوء على أكثر من جانب معتم في حياة هذه الفئة وبخاصة عند المرأة وكما تصورت وافقت على أي سؤال فهي تبحث عن الحلول والمساعدة ولا تمانع أن تتكلم وتطلب المساعدة في مجتمع علاوة إنه فقير تبقى عزة النفس والكرامة تمانع أن يطلبوا العون من الآخرين بالعلم إن تقديم العون من قبل الجميع لهم هو أبسط المتاح مما يمكن مساعدتهم به ولكن ؟
سألتها هل فكرتي بالزواج بما إنك تقولين عرض عليّ هكذا مشروع مع إحساسي الكامل بحجم هذا السؤال الذي أحرجت به رجلاً كبيرا كان يعاني قصوراً في القامة حينما سألته هل أنت متزوج ليجيب ب نعم لا / نعم و/ لا؟
 تتابع فاطمة :
كلنا يعلم إن المجتمع تختلف نظرته للمرأة المعاقة عما ينظر إليه للرجل فهي تبقى الضلع القاصر ونظرة الجميع لها هي الشفقة تقول فاطمة : حسين شاب  يقربنا في العائلة معاق ويمشي على العكازة وهو نفسه من يرفض هذه الفتاة وتلك,  بمعنى المرأة تقبل الزواج بشخص معاق ولكن في الحالة المعاكسة قلما تحدث هكذا حالات, بالإضافة  إلى أن الجميع ينظر للمرأة  كونها عاجزة عن إدارة متطلبات بيت وأسرة وإنجاب الأطفال ورعايتهم مع إغفال جانب مهم إن نسبة الإعاقة من سيدة لأخرى تختلف ولكن لو وجدوا تشوها في إصبع اليد فإنهم يرفضون الزواج منها وهو ما حصل مع فتاة تجاورنا السكن في مدينة المالكية
أما عن سؤالك فهو من المفترض أن يتوجه لمن يعتبر نفسه سوياً جسدياً هل يوافق أن يتزوج من فتاة تعاني الإعاقة بشكل أو بآخر  ؟
تمضي فاطمة بالكلام :
قد يكون حلمي الأول هو أن أتعافى من مرضي أو يمنح لي بعضاً من مستحقاتي بالعلم إنني وبالرغم من وضعي الصحي فإنني أقاوم عجزي وأعمل كل شيء بمفردي مع إحساسي بقوة ما لا أشعرها عند الآخرين
كما كل فتاة كان حلمي بيت وأسرة واستقرار ما جعلني اكره حتى مجرد التفكير بهكذا موضوع هو محاولة أهلي تزويجي لأبن عمي الذي لا يسمع ولا يتكلم وليت المشكلة توقفت هنا فهو مصاب بمرض عقلي أي مجنون تقريباً , لو توقفت مشكلته  إعاقته عند السمع والكلام لما ترددت لحظة لكني شعرت إنهم يودون التخلص من عبئه وربما حتى من عبئي وأنا التي تبحث بالرغم من قوتي الداخلية, ابحث عمن يعطيني قوة إضافية ما كي استمر  ,دائما أتسائل نحن لسنا معوقين إنما نعيش في مجتمع أشعره نصفه معاق ذهنياً والآخرون قست قلوبهم فماتت بذور الرحمة والإنسانية معهم وحتى لا أطيل الكلام ثقي تماماً القلة يجازفون ويتجرءون ويرتبطون بامرأة تعاني هكذا مشكلة
نماذج أكثر من إنسانية / السيدة جميلة نموذجاً/ 
أما السيد جميلة المتزوجة من السيد إبراهيم الذي يعاني عوقاً جسدياً بالغاً ارتضت تلك السيدة بأن يكون هذا الإنسان شريك حياتها الأبدي والله عز جلاله هو من خلق الجميع ومن يدري قد يصاب أي أحد معافى منا بتشوه ما يجعله جليس البيت أو الكرسي أو طريح الفراش , السيدة جميلة بطيب خاطر وبسعادة ودفئ في كلامها تكلمنا عن أسرتها الصغيرة الجميلة مع معاناتها ليس من زوجها  ولا من نظرة المجتمع التي لا تعني لها شيئاً ولكنها مع أسرتها تعاني الحالة الاقتصادية التي تضاعف من أعبائهم ومصاريف أسرة تكبر وتتزايد احتياجاتها , لا أتصور أن تكون الإعاقة وحدها السبب الكافي الذي يمنع أحدا ما منا عن الزواج بالآخر سواء أكان الشخص المريض امرأة أم رجل
ويبقى للموضوع كله  شجونه ويحتاج لوقفة متأنية لمن هم في دوائر صنع القرار ومن المجتمع عموماً
 وتبقى لهذه الفئة أحلامهم:
 إنهم بشر وما أصابهم ابتلاء من الله جل جلاله ونبقى نحن تائهين صامتين وصخب الحياة يسرق منا آدميتنا حتى نسينا أو تناسينا
إن الخلل يكمن في هذا العالم المعاق الذي يتجاهل إن قضيتهم تهدد آدميتنا ونحن  يتجاهل اعتي القرارات الدولية التي صنفت ذوي الاحتياجات الخاصة إنهم من الفئات المهمشة  وفق مؤتمر جوهانسبرغ 26اب -4 أيلول 2003 الذي أدرجهم ضمن مجموعة الفئات السكانية الضعيفة والتي تحتاج لكل أشكال الرعاية والاهتمام.
 ويبقى السؤال مفتوحا؟
هل قدمت أنت كفرد في المجتمع  لهذه الفئة شيء ما يذكر؟
كيف تنظر إليهم ؟
هل تصورت نفسك مكانهم كي تغير من نظرتك تجاههم؟
إن كنت رجلاً هل تتزوج بقناعة من امرأة معاقة ؟
وأنت هل تفعلينها يا سيدة؟
—-

مجلة الثرى

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…