يلماز غونه في ذكراه العطرة

  نارين عمر

كلّما مرّ عامٌ , تطلقُ السّينما الكرديّة زفرة حزنٍ جديدة, وحسرةٍ متجدّدة على مُخرجٍ كانتِ السّينما الكردية قد عقدتْ عليه آمالاً وطموحاتٍ لاتُحصى.

لأنّه يلماز غونه, المهندسُ الذي أبدعَ مخطّط هذه السّينما, والمعلّم الذي رسّخَ بنيانَ مدرسةٍ سينمائيةٍ كرديّة متميّزة, ما زالَ الجيلُ الذي تلاه والأجيال الأخرى تجدُ فيه المعلّمَ والمؤسّس, والطّبيب الذي كشفَ عن أمراضها وآفاتها, والحقوقيّ الذي دافعَ عن قضاياها وقضايا مجتمعه والمجتمعاتِ الأخرى, وهو أوّلاً وأخيراً المهنيّ والحرفيّ الذي أهدرَ سنواتِ عمره قرباناً لتطوّرها وازدهارها.
لعلّه سوءُ الطّالع الذي لازمهُ طوالَ حياته التي أمضى معظمها في عوَزٍ وفقرٍ وتعاسةٍ, وبمجرّدِ أن ظنّ أنّ الحظّ قد ابتسمَ له, وأضاءَ سبيله ليتعرّفَ إلى العثراتِ التي تعترضُ هذا السّبيل حتى يزيلها من الأساس, ليفاجئه سهم الموتِ بضربةٍ واحدةٍ لم ولن تتكرّرَ أبداً.لتؤكّدَ على أنّ الإنسانَ قادرٌ على صنع ما يفوقُ المعجزاتِ –على الرّغم من كلّ المصائب والمتاعبِ التي ترافقه كظلّه, وتحاولُ النّيلَ منه دوماً وأبداً.
أهمية يلماز لاتكمنُ في كونه كان مخرجاً متميّزاً وممثّلاً بارعاً, بل كونه كان كاتباً روائياً وقصصياً أيضاً. ولاشكّ أنّ لواقعه الذي عاشه وواقعِ أهله ومجتمعه وشعبه أبرز الأثر في حياته كلّها,وفي رسم الخطوطِ العريضة والخفيّة في مستقبله, وهو الذي جرّبَ العومَ بينَ كلّ تيّاراتِ الحياةِ القوّية منها والخفيفة, وذاق مرّ الدّنيا وحلوها.
كلّ ما نملكه أيّها الملك الجميل أن نغزلَ من أرواحنا ونفوسنا باقاتِ حبّ وإخلاصٍ , ونزرعها في فضاءِ روحكَ التي ما زالتْ متعطّشة للحبّ والأمان والطّمأنينة, ولنجعلَ من يومِ التاسع من الشّهرِ التاسعِ منارة وفاءٍ تخلّدُ ذكراكَ, وتنيرُ دروب المتعطشينَ لسينما جادة ومتميّزة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أ. فازع دراوشة| فلسطين

المبيّض أو كما يلفظ باللهجة القروية الفلسطينية، ” المبيّظ”. والمبيض هذا كريم الذكر لا علاقة له قدّس الله سره بالبيض.

لم أره عمري، ولكن كنت في أوائل الابتدائية (الصف الاول والثاني) وكان يطرق سمعي هذا المسمى، علمت أنه حرفي ( صنايعي) يجوب القرى أو يكون له حانوت يمارس فيه حرفته. يجوب القرى، وربما…

مسلم عبدالله علي

بعد كل مناقشة في نادي المدى للقراءة في أربيل، اعتدنا أن نجلس مع الأصدقاء ونكمل الحديث، نفتح موضوعاً ونقفز إلى آخر، حتى يسرقنا الوقت من دون أن نشعر.

أحياناً يكون ما نتعلمه من هذه الأحاديث والتجارب الحياتية أكثر قيمة من مناقشة الكتب نفسها، لأن الكلام حين يخرج من واقع ملموس وتجربة…

أحمد جويل

طفل تاه في قلبي
يبحث عن أرجوحة
صنعت له أمه
هزازة من أكياس الخيش القديمة……
ومصاصة حليب فارغة
مدهونة بالأبيض
لتسكت جوعه بكذبة بيضاء
……………
شبل بعمر الورد
يخرج كل يوم …..
حاملا كتبه المدرسية
في كيس من النايلون
كان يجمع فيه سكاكرالعيد
ويحمل بيده الأخرى
علب الكبريت…..
يبيعها في الطريق
ليشتري قلم الرصاص
وربطة خبز لأمه الأرملة
………
شاب في مقتبل العمر
بدر جميل….
يترك المدارس ..
بحثا…

مكرمة العيسى

أنا من تلك القرية الصغيرة التي بالكاد تُرى كنقطة على خريطة. تلك النقطة، أحملها معي أينما ذهبت، أطويها في قلبي، وأتأمل تفاصيلها بحب عميق.

أومريك، النقطة في الخريطة، والكبيرة بأهلها وأصلها وعشيرتها. بناها الحاجي سليماني حسن العيسى، أحد أبرز وجهاء العشيرة، ويسكنها اليوم أحفاده وأبناء عمومته من آل أحمد العيسى.

ومن الشخصيات البارزة في مملكة أومريك،…