خالص مسور
فلك الدين كاكائي هذا المثقف الكردي الإنسان…! كنت أعرفه من قبل، من خلال الجرائد والمجلات الكردية التي كانت تصل تباعاً إلى مدينة القامشلي منذ زمن مضى، أو من خلال إذاعة صوت كردستان العراق أيام الثورة الكردية والصراع المرير بين الحكومة العراقية وقائد الثورة الملا مصطفى البارزاني، ولكني لم أكن أعلم عنه أي شيء آخر سوى أنه مثقف كأي مثقف كردي آخر
بالإضافة إلى ما أعلمه من أنه يشغل منصب وزير الثقافة في حكومة إقليم كردستان العراق. ولكني في الحقيقة فوجئت بهذا الرجل ووقفت مبهوراً أمام أفكاره الكردايتية بل التنويرية والإنسانية الرائعة…! وأنا أستمع إلى رسالته التي اعتبرها تاريخية حقاً، و(مانيفستو) الثقافة الكردية في العقد الأول من الألفية الثانية للميلاد. والرسالة موجهة إلى المثقفين الكرد، تحملها الكاتبة والشاعرة الكردية الرقيقة والمعروفة بـ(ديا جوان). وللحقيقة أقول: لقد سحرتني كلمات الإستاذ الكبير فلك الدين كاكائي، وسحرتني شخصيته حتى قبل أن أراه…! فأنا هنا لا أجامل ولن أجامل أحداً، ولكني خرجت بهذا الإنطباع الأصيل بعد قراءة الرسالة مباشرة من قبل أحد الأصدقاء الأجلاء، بعدها عبرت عن شعوري هذا وانبهاري بمحتويات الرسالة أمام نخبة من المثقفين الكرد الحاضرين في إحدى الجلسات الثقافية. وسأقول لكم لاحقاً لماذا انبهرت بمحتويات رسالة هذا الرجل الكردي المثقف الذي استوعب بفكره العالم كله…؟ ولماذا اعتبرتها تاريخية حقاً…؟.
وكما هو معلوم فإن الرسالة – أية رسالة- تعبر عن شخصية مرسلها وتحمل نفحات أفكاره وبوح روحه وآهات أنفاسه المتلاحقة، ولكن كان الإنبهار بسب الشيفرة (الكود) التي يحملها مضمون الرسالة والتي حلقت عالياً في فضاءات آمال وطموحات ليس المثقف الكردي وحده، بل جميع أفراد الشعب الكردي وفي كل مكان من موطنهم وفي العالم أيضاً.
وقد يكون من المناسب أن أذكر القراء الكرام الآن، لماذا كان الإنبهار برسالة هذا المثقف الكردي المخضرم والأصيل، والذي قضى زهرة شبابه يكد ويجتهد في سبيل تقدم الثقافة الكردية وازدهارها…؟. ولأجل هذا فلتتابعوا معي كل الفقرات القادمة بانتباه وتمعن، لتدركوا فائدة ومعنى كلام الرجل ليس في الناحية الثقافية فقط، بل في زوايا وعتبات نصوص السياسة الكردية أيضاً. والحق أقول لكم: لقد صيغت الرسالة ببراعة فائقة، وإحساس عال بالمسؤولية، وقوة إقناعية كبيرة، وإسلوب عاطفي مثير…! وفي المذهب الأدبي الرومانسي يقولون أن الإسلوب هو الرجل. وهكذا، بكل تواضع العلماء رسم الكاكائي في رسالته التاريخية طموحات وآفاق مستقبلية للثقافة الكردية، تعتزم وزارة الثقافة في إقليم كردستان العراق التي يشغلها الكاكائي حالياً، القيام بها على صعيد المشاريع الثقافية في المستقبل المنظور، بل خلال أشهر معدودات. وهو ما استشف من سرد الرسالة وما تتضمنه من برنامج ثقافي حافل، كإقامة مشاريع ومهرجانات ثقافية، يتم فيها الإلتقاء مع المثقفين الكرد في الأجزاء الأخرى لكردستان، ومع مثقفي الدول العربية والأوربية أيضاً، وأنهم بصدد إقامة تمثال للشاعر الكردي الشهير (جكرخوين) في إحدى ساحات مدن الإقليم. وفي الرسالة أيضاً أنه يدعى دوماً إلى الفعاليات الثقافية المتعلقة باللغة الكردية التي تنظمها سنوياً بلديات المدن الكردية في كردستان تركية، ولكن الحكومة التركية تقيم في وجهه العراقيل، وتمنعه على الدوام من الإلتقاء بهذه الفعاليات والمهرجانات الثقافية للبلديات الكردية.
ولكن الأجمل في الرسالة هو نظرته الثاقبة والبعيدة المدى بأهمية الجزء الشمالي الكبير من الوطن في النواحي الثقافية والسياسية كذلك، بالنسبة لباقي أجزاء كردستان الأخرى، وأنه يؤيد باستمرار كفاح هذا الجزء من كردستان ونضاله السلمي في سبيل نيل حقوقه المشروعة.
ولكن الشيء الأكثر إثارة مما جاء في مضمون الرسالة، هو وصفه لـ(عبدالله أوجلان) المسجون منذ عام 1999م، في جزيرة إيمرالي في تركية بـ(المناضل الكردي عبدالله أوجلان). لاحظوا الآفاق الواسعة للرجل الذي استوعب هنا كردستان كلها، وهذا في الحقيقة إن دل على شيء، فإنما يدل على منهج رجل إتصف بالعقلانية والرزانة والإتزان، رجل أظهر أنه ثاقب النظر بعيد الهمة، ، غائص فعلاًُ في لجة ثقافة أصيلة عريقة وعميقة الجذور. لأن من يفكر جيداً في مغزى كلامه، سيرى أنه سد برسالته التاريخية هذه الجرح الكردي النازف الذي استعصي حله على مر التاريخ الكردي المبتلى بالتشتت والفرقة، والتي طالما عصفت الفرقة بشعب كردستان خلال تاريخه المديد، ولم يترك له كما يقول عنه الشاعر الفلسطيني محمود درويش(قبض الريح). ولاأخفي عنكم بأني سمعت لأول مرة شيئاً جديداً وأنا أستمع لرسالة (مانيفستو) الثقافة الكردية هذه، وأيقنت عندها أن كردستان – وبجميع أجزائها- قد توحدت الآن – ولو معنوياً- حول مضمون رسالة هذا المثقف الكردي الكبير والقدير فلك الدين كاكائي، وبالفعل فقد أعطت الرسالة ليس فقط بصيص أمل، بل يحرمن الآمال والوعود لهذا الشعب الكردي المكافح على مر الأزمان، في سبيل تماسكه ووحدته الأثيرة على قلبه.
وأقول: لربما لم يتوضح معنى كلمة الأديب الملتزم لقراء الرسالة، من قراءة عشرات الكتب والمقالات كما توضح لديهم الآن بهذه الرسالة الملهمة بكلماتها القليلة، ولكنها الموحية إيحاء في غاية البلاغة والوضوح. حقاً، لقد أعطى هذا المثقف الكردي الجاد والملتزم، دروساً بليغة عن واجبات المثقف لدى الشعوب المضطهدة كالمثقف الكردي بشكل خاص، وبين له وبهذه الكلمات الحكيمة والبليغة، كيف يمكن أن يكون المرء مثقفاً عن حق وحقيقة، وكيف أن المثقف الجاد يجمع في نفسه تواضع العلماء وعلوم البلغاء، وكاريزمات الإنسانية الحقة في الوقت نفسه. ومن هنا أعتقد أن الرجل فرض نفسه بهذه الأفكار التنويرية قدوة صالحة للمثقف الإنسان في المجتمع الكردي، وكل مثقفي العالم الثالث بل العالم قاطبة.
بعدها، فلنعلم بأن الثقافة هي من العناصر الأساسية في تكوين شخصية الفرد الذي ينمو ويترعرع في أجوائها، وهي التي تسبب في نمو مباديء ومشاعر شخصية واهتمامات وأنماط سلوكية مشتركة، تعمل على تنمية شعور الجماعة بالإنتماء إلى المجتمع، وتقوية روح التضامن والتعاون بين أفراد هذا المجتمع الكردي المشتت والمجزأ أصلاً. وفي الختام فقد اثبت هذا المثقف الكبير، الحاجة الى ثقافة واحدة وفكرة موحدة تجمع فئات الشعب، وتلم شمل عناصره نحو طريق واحد ومجتمع حر ومزدهر. ولسوف لن يدرك أحد قيمة ماجاء في رسالة الإستاذ القدير والمثقف الكردي الكبير فلك الدين كاكائي من معالم طريق، ومعاني، ورؤى، وأفكار، إلا لمن يتأمل فيها بعيون فاحصة، وقلوب عامرة بالأهداف والمباديء السامية، وبعمق الرؤية وأصالة التفكير والتعبيبر.
وكما هو معلوم فإن الرسالة – أية رسالة- تعبر عن شخصية مرسلها وتحمل نفحات أفكاره وبوح روحه وآهات أنفاسه المتلاحقة، ولكن كان الإنبهار بسب الشيفرة (الكود) التي يحملها مضمون الرسالة والتي حلقت عالياً في فضاءات آمال وطموحات ليس المثقف الكردي وحده، بل جميع أفراد الشعب الكردي وفي كل مكان من موطنهم وفي العالم أيضاً.
وقد يكون من المناسب أن أذكر القراء الكرام الآن، لماذا كان الإنبهار برسالة هذا المثقف الكردي المخضرم والأصيل، والذي قضى زهرة شبابه يكد ويجتهد في سبيل تقدم الثقافة الكردية وازدهارها…؟. ولأجل هذا فلتتابعوا معي كل الفقرات القادمة بانتباه وتمعن، لتدركوا فائدة ومعنى كلام الرجل ليس في الناحية الثقافية فقط، بل في زوايا وعتبات نصوص السياسة الكردية أيضاً. والحق أقول لكم: لقد صيغت الرسالة ببراعة فائقة، وإحساس عال بالمسؤولية، وقوة إقناعية كبيرة، وإسلوب عاطفي مثير…! وفي المذهب الأدبي الرومانسي يقولون أن الإسلوب هو الرجل. وهكذا، بكل تواضع العلماء رسم الكاكائي في رسالته التاريخية طموحات وآفاق مستقبلية للثقافة الكردية، تعتزم وزارة الثقافة في إقليم كردستان العراق التي يشغلها الكاكائي حالياً، القيام بها على صعيد المشاريع الثقافية في المستقبل المنظور، بل خلال أشهر معدودات. وهو ما استشف من سرد الرسالة وما تتضمنه من برنامج ثقافي حافل، كإقامة مشاريع ومهرجانات ثقافية، يتم فيها الإلتقاء مع المثقفين الكرد في الأجزاء الأخرى لكردستان، ومع مثقفي الدول العربية والأوربية أيضاً، وأنهم بصدد إقامة تمثال للشاعر الكردي الشهير (جكرخوين) في إحدى ساحات مدن الإقليم. وفي الرسالة أيضاً أنه يدعى دوماً إلى الفعاليات الثقافية المتعلقة باللغة الكردية التي تنظمها سنوياً بلديات المدن الكردية في كردستان تركية، ولكن الحكومة التركية تقيم في وجهه العراقيل، وتمنعه على الدوام من الإلتقاء بهذه الفعاليات والمهرجانات الثقافية للبلديات الكردية.
ولكن الأجمل في الرسالة هو نظرته الثاقبة والبعيدة المدى بأهمية الجزء الشمالي الكبير من الوطن في النواحي الثقافية والسياسية كذلك، بالنسبة لباقي أجزاء كردستان الأخرى، وأنه يؤيد باستمرار كفاح هذا الجزء من كردستان ونضاله السلمي في سبيل نيل حقوقه المشروعة.
ولكن الشيء الأكثر إثارة مما جاء في مضمون الرسالة، هو وصفه لـ(عبدالله أوجلان) المسجون منذ عام 1999م، في جزيرة إيمرالي في تركية بـ(المناضل الكردي عبدالله أوجلان). لاحظوا الآفاق الواسعة للرجل الذي استوعب هنا كردستان كلها، وهذا في الحقيقة إن دل على شيء، فإنما يدل على منهج رجل إتصف بالعقلانية والرزانة والإتزان، رجل أظهر أنه ثاقب النظر بعيد الهمة، ، غائص فعلاًُ في لجة ثقافة أصيلة عريقة وعميقة الجذور. لأن من يفكر جيداً في مغزى كلامه، سيرى أنه سد برسالته التاريخية هذه الجرح الكردي النازف الذي استعصي حله على مر التاريخ الكردي المبتلى بالتشتت والفرقة، والتي طالما عصفت الفرقة بشعب كردستان خلال تاريخه المديد، ولم يترك له كما يقول عنه الشاعر الفلسطيني محمود درويش(قبض الريح). ولاأخفي عنكم بأني سمعت لأول مرة شيئاً جديداً وأنا أستمع لرسالة (مانيفستو) الثقافة الكردية هذه، وأيقنت عندها أن كردستان – وبجميع أجزائها- قد توحدت الآن – ولو معنوياً- حول مضمون رسالة هذا المثقف الكردي الكبير والقدير فلك الدين كاكائي، وبالفعل فقد أعطت الرسالة ليس فقط بصيص أمل، بل يحرمن الآمال والوعود لهذا الشعب الكردي المكافح على مر الأزمان، في سبيل تماسكه ووحدته الأثيرة على قلبه.
وأقول: لربما لم يتوضح معنى كلمة الأديب الملتزم لقراء الرسالة، من قراءة عشرات الكتب والمقالات كما توضح لديهم الآن بهذه الرسالة الملهمة بكلماتها القليلة، ولكنها الموحية إيحاء في غاية البلاغة والوضوح. حقاً، لقد أعطى هذا المثقف الكردي الجاد والملتزم، دروساً بليغة عن واجبات المثقف لدى الشعوب المضطهدة كالمثقف الكردي بشكل خاص، وبين له وبهذه الكلمات الحكيمة والبليغة، كيف يمكن أن يكون المرء مثقفاً عن حق وحقيقة، وكيف أن المثقف الجاد يجمع في نفسه تواضع العلماء وعلوم البلغاء، وكاريزمات الإنسانية الحقة في الوقت نفسه. ومن هنا أعتقد أن الرجل فرض نفسه بهذه الأفكار التنويرية قدوة صالحة للمثقف الإنسان في المجتمع الكردي، وكل مثقفي العالم الثالث بل العالم قاطبة.
بعدها، فلنعلم بأن الثقافة هي من العناصر الأساسية في تكوين شخصية الفرد الذي ينمو ويترعرع في أجوائها، وهي التي تسبب في نمو مباديء ومشاعر شخصية واهتمامات وأنماط سلوكية مشتركة، تعمل على تنمية شعور الجماعة بالإنتماء إلى المجتمع، وتقوية روح التضامن والتعاون بين أفراد هذا المجتمع الكردي المشتت والمجزأ أصلاً. وفي الختام فقد اثبت هذا المثقف الكبير، الحاجة الى ثقافة واحدة وفكرة موحدة تجمع فئات الشعب، وتلم شمل عناصره نحو طريق واحد ومجتمع حر ومزدهر. ولسوف لن يدرك أحد قيمة ماجاء في رسالة الإستاذ القدير والمثقف الكردي الكبير فلك الدين كاكائي من معالم طريق، ومعاني، ورؤى، وأفكار، إلا لمن يتأمل فيها بعيون فاحصة، وقلوب عامرة بالأهداف والمباديء السامية، وبعمق الرؤية وأصالة التفكير والتعبيبر.