المرأة في يومها العالمي ما لها ما عليها

بقلم: نارين عمر

باقاتٌ التهاني والتبريكات أقدّمها إلى كلّ امرأة في العالم, بمناسبة يومها العالمي الذي انطلق عام 1910 وإن كانت الولادة الحقيقية لهذا العيد في الثامن من آذار عام 1857 إثر مظاهرةٍ قامت بها عاملات النسيج في نيويورك للمطالبة بتخفيض ساعات عملهنّ
وزيادة أجورهنّ التي لا تتناسبُ وجهدهنّ المبذول وأنتهز الفرصة لأبعث ببطاقة تهنئةٍ إلى المشاركات في المؤتمر الدّولي للمرأة نحو السّلام والمساواة في كردستان العراق.
ما بين الأمس البعيد واليوم, وما بين عيدها الأوّل والأخير, أسئلة عدّة تطرحُ نفسها وأبرزها تدور حول ما حققته المرأة خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة وخاصة المرأة الشّرقية ومن ضمنها الكردية طبعاً.
المرأة الغربية إذا جاز التعبير استطاعت أن تختصر مسيرة مئات السّنين بعشرات السّنين فقط, من خلال عملها الجاد والمتواصل ليلاً نهاراً لذلك حصدت ثمارها بأسرع ما يمكن وفي كافة المجالات, ولا داعي أن نذكرها لأنّها واضحة وبيّنة للجميع.
أمّا المرأة الشّرقية فقد ظلت وحتى انقضاء النّصف الأوّل من القرن العشرين تعيش في دوامةِ اللوم والعتاب على المجتمع بعاداته وتقاليده وأعرافه من جهة, وعلى الرّجل/ الأب,الأخ, والزّوج/ من جهة أخرى وتعليق كلّ أسباب وعوامل تخلفها عليهما طبعاً مع وجود بعض النّساء اللواتي حاولن وبشتى الوسائل الخروج من تلك الدّوامة, والسّعي وراء تلمّس الأسباب والدّوافع الحقيقية وراء تخلفها وانحطاطها.لكن صحوة ملفتة قد دبّت في فكرها وإحساسها منذ النّصف الثاني من القرن نفسه وحتى يومنا هذا وكانت نتائجها ملموسة حيثُ استطاعت أن تحققَ الكثير ممّا كان يعدّ حلماً مستحيل التحقيق بالنّسبة إليها سابقاً وبدأت تهتدي شيئاً فشيئاً إلى الدّرب التي توصلها إلى معالجةِ قضاياها بشكل عقلي ومنطقي بعيدٍ عن التشنج والأحكام المسبقة وباتت تتأمّلُ جيّداً في الأخطاء التي ارتكبتها قرابة نصف قرن لأنّ هذه السّنوات الطويلة جعلتها متخلفة عن المرأة الغربية بعدد هذه السّنين ولكن ولأنصافها لا بدّ أن نذكر بأوجه الحضارة وتحديدا التكنولوجية بينها وبين المرأة الغربية. المرأة الغربية بدأت رحلة البحث عن قضاياها مع بدء المخترعات والتقنيات الحديثة بدءاً من ظهور الطباعة ومروراً بوسائل الإعلام المسموعة والمرئية, بينما الشّرقية لم تتعرّف إلى كلّ هذا إلا مع بداية الفترة التي ازدادت فيها حركتها العملية, حيثُ وجدت أبواب العالم تفتح أمامها شيئاً فشيئاً, ووجدت نفسها وجهاً لوجه أما عالم جديد لم تألفه من قبل فاستغلت الفرصة بشكل معقول وواقعي وما زالت رحلة بحثها متواصلة, وهي تتأمل في الكثير الكثير الذي ستحققه خلال الفترة القادمة.
وإذ أتحدّثُ عن المرأة الشّرقية فإنّني أقصدُ الكردية أيضاً للتشابه والتقارب بين البيئة التي تعيشها المرأة الكردية والمرأة لدى الشّعوب الأخرى مع وجود فوارق طبقاً لطبيعة هذا الشّعب أو ذاك ولكن الكردية تمكنت من إثباتِ ذاتها في مختلف مناحي الحياة ولن أطيل الحديث عن ذلك لأنّ المؤتمر الذي يُقامُ الآن في كردستان العراق لنصرةِ المرأة الكردية خير دليل على ما توصلت إليه الكردية على السّاحة الكردية والشّرقية والعالمية.

تحية حبّ أرسلها إلى كلّ امرأة مناضلة من أجل نصرة قضيتها العادلة, وإلى كلّ أمّ تغزلُ على نول أمومتها أسرة خيّرة تعدّ النواة الأولى في بناء المجتمع الإنساني الكبير, وإلى كلّ فتاة يافعة تحاولُ جهدها التوفيق بين أنوثتها كفتاة وقضيتها كإنسان وتحية تقدير إلى كلّ رجل يرى المرأة نصفه الذي لا يجوز تجاهله, وأنّه شريك حقيقي في أبوته مع أمومة المرأة ودعوة صادقة أرسلها له وللمرأة بأنّ كليهما يشكلان المجتمع البشري السّليم والقويم, فلنتكاتف, ولنتعاون لأجل كلّ ما يحفزنا للرقي الإنساني والحضاري.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كانت الورشة ساكنة، تشبه لحظة ما قبل العاصفة.

الضوء الأصفر المنبعث من المصباح الوحيد ينساب بخجل على ملامح رجلٍ أنهكه الشغف أكثر مما أنهكته الحياة. أمامه قالب معدني ينتظر أن يُسكب فيه الحلم، وأكواب وأدوات تتناثر كأنها جنود في معركة صامتة.

مدّ يده إلى البيدون الأول، حمله على كتفه بقوة، وسكبه في القالب كمن يسكب روحه…

صدر حديثاً عن منشورات رامينا في لندن كتاب “كلّ الأشياء تخلو من الفلسفة” للكاتب والباحث العراقيّ مشهد العلّاف الذي يستعيد معنى الفلسفة في أصلها الأعمق، باعتبارها يقظةً داخل العيش، واصغاءً إلى ما يتسرّب من صمت الوجود.

في هذا الكتاب تتقدّم الفلسفة كأثرٍ للحياة أكثر مما هي تأمّل فيها، وكأنّ الكاتب يعيد تعريفها من خلال تجربته الشخصية…

غريب ملا زلال

بعد إنقطاع طويل دام عقدين من الزمن تقريباً عاد التشكيلي إبراهيم بريمو إلى الساحة الفنية، ولكن هذه المرة بلغة مغايرة تماماً.

ولعل سبب غيابه يعود إلى أمرين كما يقول في أحد أحاديثه، الأول كونه إتجه إلى التصميم الإعلاني وغرق فيه، والثاني كون الساحة التشكيلية السورية كانت ممتلئة بالكثير من اللغط الفني.

وبعد صيام دام طويلاً…

ياسر بادلي

في عمله الروائي “قلعة الملح”، يسلّط الكاتب السوري ثائر الناشف الضوء على واحدة من أعقد الإشكاليات التي تواجه اللاجئ الشرق أوسطي في أوروبا: الهوية، والاندماج، وصراع الانتماء. بأسلوب سردي يزاوج بين التوثيق والرمزية، يغوص الناشف في تفاصيل الاغتراب النفسي والوجودي للاجئ، واضعًا القارئ أمام مرآة تعكس هشاشة الإنسان في مواجهة مجتمعات جديدة بثقافات مغايرة،…