المرأة عبر التاريخ

 حسان أيو

لعبت المرأة دوراً فعالاً عبر الحضارات ، كانت الأم والحبيبة والزوجة والأخت ، لذالك نجد تاريخ المرأة قد تعرض لفترات صعود في كافة الجوانب القانونية والاجتماعية والدينية وفترات سقوط ليس لها أي دور. فلقد كانت الرمز للعطاء والولادة، رمز للأرض التي تعطي دائماً ، وفي مراحل أخرى من التاريخ كانت الخزي والدنس ليس لها دور ، كانت غير مرغوبة بها
ففي عصر النيوليتي كان هناك ظهور النظام الأمومي فكانت الظاهرة التي حولت مشهد التاريخ في جملة من التغيرات ، بذلك خسر الرجل بعض من مكانته على حساب ظهور المرأة . ففي نظام الأمومة كانت المرأة هي التي تتقلد السلطة السياسية ، وكانت هي الحل والربط بأمور الحياة ، فكانت تتزوج من أكثر من رجل وكانت الأولاد يكنون باسم أمهم وليس باسم والدهم ، وهي التي كانت تختار أزواجها وتتزعم العشيرة وإن البنى الأنظمة الأمومة تتجلى بأن المرأة هي خالقة الحياة والاستقرار و الأمن . فكانت المرأة تعمل ولا تكل من العمل ، عملت في الزراعة كانت لها علاقة في تكوين الزراعة من بدء وضع البذار في التربة وسقايتها متابعة أنبات البادرات حتى الحصاد، ولأنها كانت ترمز بالأرض أي الأم لذلك كان موضوع الزراعة متعلق بها ، وكانت تعمل بالغزل والنسيج وربة البيت ، بالإضافة لما كانت تلعبه من دور من الجانب الديني فلقد كانت تؤدي الرقصات الدينية المقدسة وكانت تنشد المواعض الدينية وكانت الكهنوت لقد شكلت لدى غالبية الشعوب القديمة في مجال الديني إلى مرتبة كاهنة في عبادة الخصب ولا سيما في الألف الثاني قبل الميلاد ومنها عشتار ما بين النهرين القادرة على كل شيء وإيزيس المصر و الآلهة الكريتية في العالم الإيجي وقيبيليا الأم في الأناضول . هذا أدى لخلق تصور لدى الرجل في العصور القديمة عن المرأة إنها قبل كل شيء الأم، التي تتمتع بقوى غامضة توضع لخدمة الجميع ، فكانت المرأة بالنسبة له القدسية والعبودية وبين هاتين المقولتين ضلت المرأة تتأرجح على امتداد العصور ، وهذه الصورة القديمة للأم أدت إلى تقديس المرأة . فروحانية الأم أدت إلى خلق لبنة ثقافية وإعطاء كيان كامل من المفاهيم تداولتها العصور المتلاحقة ،لكن وضع المرأة المتأرجح جعل ذاك الثرات يسقط على يد عبدةآلهة السماوية . من خلال الدور الذي لعبته في عهد الأمومة ووضع الرجل التابع لها الذي كان يقتصر دوره بتلبية متطلبات المرأة من هنا خلق الرد الفعل السلبي للرجل وبدء يفكر كيفية التخلص من سيطرة المرأة ، فبدء يروج للآلهة السماوية والكون المذكر ، حيث بدء دور المرأة وتقديسها يتضائل ويتراجع تحت ضغط ميتولوجيا الآلهة السماوية ، والسعي إلى طرح آله الذكر الذي كان يتمثل برجل الذي ربطه بسماء التي كانت تعطي الحرارة والدفء والشمس للأرض والتي كانت تتمثل بمرأة ، وهذا أعطى التصور لدى العديد من الشعوب القديمة للآلهة ، فتصوروا صورة الإله الخالق المنجب وصوره على صورة الثور رمز الرجولة والفحولة . إن التعارض بين الايديولوجتين، إيديولوجية الأرض الأنثوية و إيديولوجية السماوية الذكورية مع كل ما يرافقه من تجليات ومرافقات اجتماعية وجنسية وثقافية والذي أثر بدوره لخلق صراع دائم مما جعل التأثير واضح على الدور النسوي ، ومن الملاحظ بأنه كانت هناك مراحل من التعايش والوائم و التكافلي بين الآيديولوجتين في الحضارات القديمة ( سومر – الصين – الحثيين والهند في فترة ما قبل الألف الثاني ) والصراع أكثر وضوحاً والتناقض كانت في فترة نهاية الألف الثاني قبل الميلاد وبداية الألف الأول ، ومع تضائل دور المرأة واستمرار الصراع بين المذهبين من خلال مجريات التاريخ والتي دلت على انتصار الديانات السماوية الرافضة للمرأة ففي الإمبراطورية الرومانية كانو يقدسون الشمس والتي أتت من إيران وهي عبادة اميترا والتي كانت تنهي دور المرأة ، ومن هنا ضهرت هزائم آلهة الأم . نلاحظ التقلبات التي لحقت في وضع المرأة ، فتاريخ الشرق الذي ضل لمرحلة ولفترة طويلة من الزمن مخلص لميراث الأرض –الأم ولروحانية الخصب ولكهنوت النسوي ولسلطة المرأة السياسية ( ملكات – حاكمات – وصيات على العرش ) لكن كل ذلك بدء يغرق وعلى مراحل تحت فيض الديانات والبنى الاجتماعية الذكورية ز حتى أصبحت المرأة محجبة ومأسورة ، متروكة في ظلمة وغيرة الزوج، وقليلاً قليلاً فقدت المرأةمعظم إمتيازاتها من جراء هذا الصراع . فقد لفظ المجتمع الذكوري الكاهنات ولم يتحفظ إلا بالغانيات، حيث اسقط القدسية وأبقى على العبودية ، ومزج بين العادات الاجتماعية والتقاليد الدنية مما أذى إلى التحجر والتصلب من كلاهما . نلاحض بأن المرأة عبر التاريخ مرت في حالة تقلبات فأحياناً يبرز له دور وأهمية إجتماعي ة ومرحلة يتضائل هذا الدور وتبقى المرأة تابع للرجل وضمن هذه الصيرورة تحيى المرأة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…