بنفسجُكَ ناعِمٌ يا مُحَمَّد

عمركوجري

صديقي الذي لم ألتقه يوماً محمد:
تحية لك وأنت في ذلك البياض الأبدي
وأنت في ذلك السرمد النقي
كنت أسمع عنك من الأصدقاء، وأسمع بشهامتك وتفانيك من أجل أن تكون للكرد شمس عالية .. حنونة .. لاتوجع أعين الصغار وهم يحدقون بعيونهم البريئة إلى غمزات عيونها .
قبل أن تغادرنا إلى الحبيبة كردستان تناهى إلى مسمعي أن شاباً مثقفاً سيرحل إلى بلاد الجبل والحجل ، وفي خلده مشاريع ، ورأسه وقلبه مفعم بالأفكار والرؤى اسمه محمد أمين محمد حزنت قليلاً وفرحت أيضاً .
 حزنت لأن قلت في نفسي أن طاقة غادرتنا إلى ساحة – ربما – قادرة على خلق وكشف الطاقات ، وفرحت لأنني قلت : لربما أن هذه الساحة بظروفها – المعروفة للجميع – عاجزة عن تقديم الأيادي البيضاء له ، وتوفر له غطاء التحرك التي تليق ، وتستوعب هذه الطاقة الخلاقة من شاب يريد أن يعطي بلا حساب .
وفيما بعد تعرفت عليك جيداً من خلال إسهاماتك ،وتقديم القرابين في حريق وسيزيف الكتابة والتلظي بشواظها المر ..
صديقي العزيز:
لاأعرف لماذا الموت قاس إلى هذه الدرجة ؟؟
لاأعرف لماذا الموت يفتك بالبنفسج بسرعة ، ولاينظر إلى جمال البنفسج ، ومن المؤكد أنه يسير بلا هدى لأنه بلا عيون    وإلا فكيف يفتك بالأنيقين .. الرائعين من أمثالك !!
بأي قلب قادتك يد المنون إلى تلك الهاوية !!
كنا ننتظر بقاءك معنا على قيد الحياة ” والحكام”
كنا سنغني معاً لو تمهلت قليلاً
ولو أخبرتنا بأن ” للنيل عادات وإنك راحل”
لو أخبرتنا بأن لدجلة لوناً آخر .. باهتاً قليلاً .. وأنت ستضفي قليلاً أو كثيراً من نبع ألوانك على تلك اللوحة التي نحب .
لقلنا لك
يا صديقنا، تمهل قليلاً لنرسل معك إلى هناك شكوانا التي لم تنته بعد
لقلنا للقصائد : على رسلك وأنت تزفين العريس
لقلنا لجبالنا : استقبلي هذا الصبي على قممك .. فهو يليق بذؤاباتك .. برعوناتك .. بمجدك العظيم .ولملأنا جيوبك زبيباً وحقا .. وذكريات من غادرنا إلى هناك .
صديقي:
وأنت هناك أتخيلك تتأبط أوراقك ومحفظتك ، وتجمع التواقيع .. الأحزان .. الأحلام .. الأمنيات الأنيقة .. وكل رغبات شعبك الكردي لتقدمها إلى من يهمه الأمر .. لعلها تجد من يسمعها .. لعلها تخصص شمساً كما قلنا حنونة لأهلك ..لأحبتك .. لكردك .. وكل المحبين ..
  دمشق

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كانت الورشة ساكنة، تشبه لحظة ما قبل العاصفة.

الضوء الأصفر المنبعث من المصباح الوحيد ينساب بخجل على ملامح رجلٍ أنهكه الشغف أكثر مما أنهكته الحياة. أمامه قالب معدني ينتظر أن يُسكب فيه الحلم، وأكواب وأدوات تتناثر كأنها جنود في معركة صامتة.

مدّ يده إلى البيدون الأول، حمله على كتفه بقوة، وسكبه في القالب كمن يسكب روحه…

صدر حديثاً عن منشورات رامينا في لندن كتاب “كلّ الأشياء تخلو من الفلسفة” للكاتب والباحث العراقيّ مشهد العلّاف الذي يستعيد معنى الفلسفة في أصلها الأعمق، باعتبارها يقظةً داخل العيش، واصغاءً إلى ما يتسرّب من صمت الوجود.

في هذا الكتاب تتقدّم الفلسفة كأثرٍ للحياة أكثر مما هي تأمّل فيها، وكأنّ الكاتب يعيد تعريفها من خلال تجربته الشخصية…

غريب ملا زلال

بعد إنقطاع طويل دام عقدين من الزمن تقريباً عاد التشكيلي إبراهيم بريمو إلى الساحة الفنية، ولكن هذه المرة بلغة مغايرة تماماً.

ولعل سبب غيابه يعود إلى أمرين كما يقول في أحد أحاديثه، الأول كونه إتجه إلى التصميم الإعلاني وغرق فيه، والثاني كون الساحة التشكيلية السورية كانت ممتلئة بالكثير من اللغط الفني.

وبعد صيام دام طويلاً…

ياسر بادلي

في عمله الروائي “قلعة الملح”، يسلّط الكاتب السوري ثائر الناشف الضوء على واحدة من أعقد الإشكاليات التي تواجه اللاجئ الشرق أوسطي في أوروبا: الهوية، والاندماج، وصراع الانتماء. بأسلوب سردي يزاوج بين التوثيق والرمزية، يغوص الناشف في تفاصيل الاغتراب النفسي والوجودي للاجئ، واضعًا القارئ أمام مرآة تعكس هشاشة الإنسان في مواجهة مجتمعات جديدة بثقافات مغايرة،…