في يوم رحيلك

جمال عبدالله ئاكره يي

كم كان وقعك كبيرا على قلوبنا عندما كنت تزورنا بين حين واخر ، كم كنا ونحن في اوج العمل المهني اليومي نبتهج بقدومك ، وتطل علينا بقامتك وهندامك وابتسامتك المليئة بالبراءة .
كم كنت حريصا ومجدا على إلقاء افضل التحايا علينا ، وتتنقل كالفراشة بين مناضدنا في القسم السياسي لتطمئن علينا واحدا واحدا ، وتسأل عن اوضاعنا ، وتختار المقعد بقربي وامام الاخرين لتجلس ، فنتشوق جميعا لتبادل الاحاديث.
نقاشنا ، ضحكاتنا ، حواراتنا كانت دوما لا تبدأ إلا بحديث عن المحبة والالفة والعلاقات الانسانية ، إلا انك قد استعجلت الامر ، فلم يكن يبقى بيننا وبين (عيد الحب) سوى ايام معدودة .
كم الحت عليك يا محمد امين ان تزورنا ، وان نتبادل الزيارات ، وان نتعارف عائليا ، ولمشاغلك تقول وتتواعد هذه المرة ، ومرة اخرى ، وعندما تعود ام كاوة سنزوركم ، لقد سافرت على عجل .. لكن عند اول عودتها سنزوركم .
واخيرا زرتنا في فرصة توفرت لي في ذلك اليوم الشتوي المشمس ، عندما قمنا بجولة في (كورى) فاستغلت الموقف كي نتغدى ولاول مرة (الكبة الآكرية) سوية ، وهذه احلى واجمل واخلد ذكرياتي معك .
هل تعلم يا ابا كاوة انك قد تركت انطباعا مثيرا لدى اطفالي الذين كانوا يفضلون الجلوس معك ، غير انهم لم يكونوا يألفونك اول الامر ، فعندما سمعوا بالفاجعة نحبوا لك واذرفوا دموعا حارا على ذكراك .
كم كنت سديد الرأي ، مجاملا ، ودودا ، حنونا ، لطيفا ، بريئا في طرح الافكار والتوجهات ، حريصا على المكاسب ، حريصا على العمل الوطني هنا وهناك . نشم الوطنية الصادقة منك ونقول لك مازحين : انتم لازلتم تعيشون اجواء ايلول .
لقد ابكرت في الرحيل يا محمد امين ، فالكل .. من ام كاوا الى اصغر طفل في مدينتك واقليمك كانوا على وعد معك ، ومع عطائاتك ، مع ما كرست له حياتك وبنيت عليه امالك واحلامك .. وما اكثرهم في قلبك الذي سيظل ينبض فينا ، ونظل نحيي ذكراك ، فانت موجود دوما .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…