محمد أوزون: ألم تبكر في الرّحيل؟!

  نارين عمر

صبيحة يوم الخميس 11/10/2007 تجمّعتِ الرّواياتُ كلّها,ومن شتّى الملل واللّغاتِ والأجناسِ حولَ الرّوايةِ الكرديةِ التي كانتْ قد فقدتِ الوعيَ,ودخلتِ الغيبوبة التّامّة,إِثْرَ تسلّلِ القدَرِ إلى مِحْرابها,وانتشالِ أغلى وأعزّ أحبّتها من حضنها الداّفئ الذي ظلّ يسرحُ ويمرحُ فيه طيلة عشرينَ عاماً و يزيد,وبعدما عجزَ أمهرُ الأطبّاءِ والحكماءِ على إعادتِها إلى صحوتِها, بهمسةٍ من روحِهِ إلى روحها بدأتِ أنسامُ الحياةِ تنفثُ فيها شيئاً فشيئاً,تهدهدها وتقول:
لا تحْزَني…هوّني عليكِ, ما ماتَ مَنِ ارتشفَ من عشقكِ أيّتها الرّواية الكردية,أنا محمد أوزون أكثر مَنْ تلذّذَ بنفحاتِ عشقكِ,أكثر مَنِ احتمى في ملكوتِ عرشكِ حينَ القدرُ حاولَ قهري متضامناً مع الدّهرِ والبشرِ,أنا محمد أوزون الذي نالَ شرفَ الدّيمومةِ والخلود من قدسيةِ نبضك,ومن ابتهالاتِ روحكِ.
أنا الذي لم تستطعْ كلّ نكباتِ الكون وعثراتِهِ من ردْع فكري,ومن صدّ أناملي التي كانتْ تجعلُ القلمَ يتراقصُ لها ومعها نشوة وطرباً.
الرّوايةُ بعدَ أن تغذتْ بنَسَماتِ روحه,بدأ الفكر ينبّه الحوّاسَ الأخرى بهولِ الفاجعة,لتعزفَ جميعها سيمفونية النّحيبِ والعويلِ واللّطم.تقولُ يا محمد ما ماتَ مَنْ رحلَ صوبَ اللاعودة ؟!لكنّكَ رحلتَ مبكراً, رحلْتَ ورحّلتَ معكَ عشراتُ الرّواياتِ والحكاياتِ والأحاديثِ,رحلتَ مبكراً جدّاً,يا ذا الأربع والخمسينَ عامّاً,ألمْ تبكرْ في الرّحيل يــــــــــ
وهنا قاطعها محمد,وبسرعةٍ أجابها:
عزيزتي:
مفهومنا نحنُ البشر للحياةِ والموتِ خاطئ دوماً,فلا يهمّ كم من السّنين والأعوامِ عشتُ,ولا يهمّني إن طالَ بي العمرُ أم قَصُرَ؟؟ما يهمّني:
كيفَ قضيتُ عمريَ بسنواتِهِ وأعوامه,ما يهمّني سؤالٌ كان يرافقني حتى في أحلامي اليقظة والنّائمة:
يا محمد أوزون,أنتَ شخصٌ تنتمي إلى هذه المنظومةِ الكونيةِ التي تسمّى بمنظومةِ البَشَرِ,وإلى خليّةٍ منتميةٍ إلى هذه المنظومةِ البشريّةِ تسمّى بالخليّةِ الكرديةِ:
ماذا أنتَ فاعلٌ في حياتكَ؟هل تستطيعُ أن تعيشَ متميّزاً بشكلٍ أو بآخرَ عن بشرِ منظومتكَ الأمّ وبشرِ خليّتكَ؟؟
كيفَ ستخدمُ نفسكَ أوّلاً وتخدمهما,وتخدمُ بشرهما؟؟!
أجَلْ حبيبتي,من أجل كلّ هذا, ومن أجلِ استفساراتٍ وتساؤلا تٍ أخرى عشقتُ الحياة وتمسّكتُ بها, وصرتُُ أبحثُ عن عرينٍ أمارسُ فيه طقوسَ انتمائي ووجودي, حتى لاقيتُكِ لتعلّميني أصولَ العشقِ المنشود,ولتهندسينَ لي
ليَ حكاية الحياةِ والموت,الانتماءِ واللاانتماء ,ونمتِ الحكاية وتطوّرتْ حتى صارت قصّة, فرواية تروي ملحمة وجودنا وانتمائنا, وملحمة عشقيَ الأزلي لكِ.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عصمت شاهين الدوسكي

 

ربما هناك ما یرھب الشاعر عندما یكون شعره تحت مجھر الناقد وھذا لیس بالأمر الحقیقي ، فالشاعر یكتب القصیدة وينتهي منھا لیتحول إلى تجربة جدیدة ،حتى لو تصدى لھ ناقد وبرز لھ الایجابیات وأشار إلى السلبیات إن وجدت ، فلیس هناك غرابة ، فالتحلیل والتأویل یصب في أساس الواقع الشعري ،وكلما كتب الشاعر…

فيان دلي

 

أرحْتُ رأسي عندَ عُنقِ السماءْ،

أصغيْتُ لأنفاسِ المساءْ،

بحثْتُ فيها عن عُودٍ ثقاب،

عن فتيلٍ يُشعلُ جمرةَ فؤادي،

ناري الحبيسةَ خلفَ جدرانِ الجليد.

 

* * *

 

فوجدْتُه،

وجدْتُه يوقظُ ركودَ النظرةِ،

ويفكّكُ حيرةَ الفكرةِ.

وجدْتُه في سحابةٍ ملتهبةٍ،

متوهّجةٍ بغضبٍ قديم،

أحيَتْ غمامةَ فكري،

تلك التي أثقلَتْ كاهلَ الباطنِ،

وأغرقَتْ سماءَ مسائي

بعبءِ المعنى.

 

* * *

 

مساءٌ وسماء:

شراعٌ يترنّحُ،

بينَ ميمٍ وسين.

ميمُ المرسى، عشبٌ للتأمّلِ وبابٌ للخيال

سينُ السموّ، بذرةٌ للوحي…

ربحـان رمضان

بسعادة لاتوصف استلمت هدية رائعة أرسلها إلي الكاتب سمكو عمر العلي من كردستان العراق مع صديقي الدكتور صبري آميدي أسماه ” حلم الأمل ” .

قراته فتداخلت في نفسي ذكريات الاعتقال في غياهب معتقلات النظام البائد الذي كان يحكمه المقبور حافظ أسد .. نظام القمع والارهاب والعنصرية البغيضة حيث أنه كتب عن مجريات اعتقاله في…

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…