قتلُ الجياد الكردية« عن محمد اوزون، عنه أيضاً » 1/3

ابراهيم محمود

(- أهذا هو السبب الوحيد؟
-إنهم يقتلون الجياد. أليس كذلك ؟)
” هوراس ماكوي: إنهم يفتلون الجياد أليس كذلك؟!، الترجمة العربية، ص 159.

في سيرة الجواد الكردي:
ربما صارمن نافل القول، أن كل تعرّضٍ لما  يتم التعامل به، أو معه، بين ظهرانينا، أو فيما بيننا، في المجال الثقافي تحديداً، وعندما أحدد المجال الثقافي، وبنوع من الحماس الذاتي، وربما التوتر الذي يرتسم في محيَّا النص، إن تراءى للقارىء وجهياً، فليس لأنني، أحيله قطَّاعاً يتضمن خدماً وحشماً! إن خدم الثقافة وحشمها، من داخل الثقافة ذاتها، وأن الثقافة التي تبحث عن خدم وحشم، تنقلب ثقافة ديوانية، ثقافة كباريه، وإن شئت، فثقافة قطاعاتية، تحمل اسمها فقط.، وبالتالي، ومن خلال عود على بدء، ليكون البدء المقدَّر أكثر توسعاً، هو ما أحاول مكاشفته نقدياً، أو مقاربته بالنظر الثقافي، إنما لمعاينة الثقافة هذه، بعيداً عن الخدمية والحشمية، محاولة الوقوف في ساحتها، باعتبارها كياناً، له استقلاليته، وإلا لما تمكنَت من تنوير مجتمعها، ولهذا أيضاَ، يكون الموقف من الثقافة، ومن داخلها، مواجهة اعتبارية، ونقدية- انتقادية لذات الأشخاص الذين هم حراسها، أو رموزها المرئيين والمخفيين، والمسالك التي تتحدد لها باسمهم في الواقع !
نعم،أن يكون حديث في الثقافة، فلأنها تحمل مجتمعها، تبرز نظامها الأدبي والفكري والفني، مثلما تحدد رموزها الذين يكون لهم مواقعهم، انتشاراتهم في ميادين حياتية مختلفة، ثقافة قائمة !
لكن كيف يمكن تناول ثقافةٍ، تراوحُ بين مزدوجتين تاريخيتين؟ مثلما أنها تريد التجلّي خارجهما، مثلما أنها لا تظهر إلا بينهما، كما هو حراكها الاجتماعي والأدبي والفكري والنقدي …الخ.
ثقافة ” المزدوجتين”، كما هو الموضوع القابل للمناقشة، من خلال عدتها: مواداً، وعتادها، أي حمَلةُ هذا العتاد، من المعنيين بشأنها، ثقافة، تنفتح على  بؤر توترٍ داخلها، وهي تسمّيها بذاتها .
ما أكثر المواد، ما أكثر المعنيين بشأن الثقافة هذه، ما أصعب النظر في بنية الثقافة برموزها هذه!
هو الواقع كذلك، لأن الحديث عن الثقافة هذه، يمتد ليقرر،على طريقته، مصيراً ما، هو فحوى الثقافة هذه، هو كيفية  تفاعل مكوناتها، كيفية تفاعل مقومات الحياة فيها، ولا ينفصل بعضٌ عن بعضه الآخر،كما هي صلة ألف الأبجدية بيائها، ولأنني، أريد من أي موضوع أتعرض له، أن يكون متضمنَ موضوعات في آن، وأنا أرغب في أن أُبقي المشهد الحركي له، بحريَّ المقام: أن يُرى البحر حتى مسافة معلومة، بما ينبسط فيه، ومن يريد معرفة البحر أكثر،ما عليه، إلا أن يمخر عبابه، أو يمارس غوصاً عميقاً فيه!وما بين يدي، أو أمامي، شائك، متشعب، رحبُ المدى، وفي الوقت ذاته، يتطلب المزيد من إدامة النظر، وتحرّي كل كلمة يجري العمل النقدي بموجبها.
والحديث هو عن الراحل الكبير، كبير الرواية كردياً : محمد اوزون 1953-2007، وفي إطار ارتأيت تسميته بـ ( قتل الجياد الكردية” عن محمد اوزون، عنه أيضاً) !
لماذا قتل الجياد، والجياد الكردية صفة، ولماذا التذكير بمحمد اوزون مضاعفاً؟
لأنني، مباشرة، رغبت في أن يكون الموضوع، ممتداً في أكثر من جهة، فكان التنويع بالمقابل، وهو التنويع الذي لا بد منه، لأن المتفرّع فيه، يضفي عليه طابعاً بانورامياً ضرورياً.
ولأن إحالة الكاتب الراحل، إلى جواد، فيه ما أعنيه تماماً، عندما يكون الجواد، متميزاً بكامل عنفوانه، أو رهوانيته، وكيف يكون الموقف منه، من وجهة نظر من يريدون ترويضه.
وأن يكون التفكير في محمد اوزون، مضاعفاً، فلأن تمحوراً للموضوع حوله، وذهاباً وإياباً إليه بالمقابل، وهذا التجاذب الجهاتي، ليس سوى محاولة لمقاربة أكثر من عمق دلالي أدبي في الموضوع، فالحديث عن اوزون، هو تقصي حقيقة الاسم، مثلما هوتبحرٌ في ممتلكات الاسم الرمزية والقيمية المتشكلة( تاريخاً حياتياً وكتابياً، والتواصل الحدودي: الواقعي والتخيلي بينهما)، مثلما هو مساءلة عن الذات الكاتبة: بنيةً واسكتش رؤىً، وردودها الجغرافية، وكيف يتم جردها كردياً، وما في عملية الجرد من تنوع وجهات النظر، والخاصية الأدبية، لما هو أدبي في ذلك .
الفرنسي جيل دولوز، يقول في كتابه ( بروست والإشارات)، وبصدد الحقيقة، كيف أن هذه  واقعاً ( تعتمد على لقاء مع شيء ما، يرغمنا على التفكير، والبحث عما هوحقيقي)1،  ووفقاً لتصور من هذا النوع، يبدو أننا إزاء حقيقة، حقيقة تتوجه صوب لقاء ما، واللقاء هنا اوزوني، وأن اللقاء هذا، هو الذي يحثنا على أن نفكر، فيما يقتضيه اللقاء الأدبي، وفي المهاد الثقافي الكردي، ولكي نقارب ما هو حقيقي، قدر المستطاع، من خلال المتاح من الملموسيات ضمناً .
محمد اوزون، المصنف أغزر كاتب روائي كردي، إذ نشر سبع روايات2،والذي نوَّع كتاباته، مزاوجاً بين الكردية لغته الأم، والتركية، وهو يكتب في حقول كتابية مختلفة، وقد كان بصدد كتابة رواية جديدة، تخص تاريخاً كلاسياً لشخصية كردية كاتبة، وأعمالها3، يظل كاتباً إشكالياً.
وهنا لا بد من توضيح هذه العبارة، خصوصاً، وأنها تقرَأ في أمكنة كثيرة، كما لو أن الكتابة، أي كتابة، تخلو أحياناً، من مفهوم الإشكالية هذه، إذ لا كتابة، إلا وتكون، من حيث المنبع والحافز، إشكالية الطابع، طالما الإشكال، هو تنوع الطرق، أو السبل المتعلقة بمسألة ما، بينما المنشود، هو سلك طرق أو سبيل ما، لكن الذي يثير هنا، هو أن الكاتب المعني إشكالي، ليس للسبب الذي تم ذكره، أو ما يرادفه، بصورة ما، وإنما لأن كتاباته، عدا عن كونها متخمَة بقضايا الواقع المعاش، وأنها تتحرك في محيط ما وراء حدوديٍّ، من ناحية ثانية، فيظهر أكثر من صوت أدبي فيها، وخصوصاً رواياته، فإنها تمارس إيقاظاً للكثير مما هو ملتبس، ومثير لحفيظة القارىء الواحد، بين ما يريد الحديث عنه، وما يتكتم عليه، ما يعتبره الآخرون، من بني جلدته عدواً، وهو يسميه تسمية أخرى، كون كتاباته تفتح الباب واسع، لاستيعاب كم أكبر من الأصوات، كما في روايته الضخمة والأكثر قابلية واستحقاقاً في بانوراميتها الآسرة والمقلقة معاً ( صرخة دجلة)، وأن اوزون موزع بين كردية صارمة، تأمل في أن يعطى لها الحق في البقاء كالآخرين، وكردية معتدلة، في وسعها التعايش مع المتواجدين في ذات المكان، وربما، بدت أكثر تساهلاً، للسبب ذاته، أكثر من معتدلة، من جهة إبراز الكردي أكثر حاجة ماسة، للانفتاح على الآخرين مكانياً ، أن مطلبية الاعتدال هذا، هي التي شنَّجت آخرين، تلمسوا في ذلك موقفاً هروبياً، وربما انهزامياً، لا يناسب كاتباً، يستحق أن يكون ( كاتب الشعب)، حيث يشدَّد على النيل منه، من قبل أعدائه !
أن تكون الكتابة عن اوزون، وفي هذا المبحث المركَّب، حيث التاريخ والجغرافيا يتضافران في تشكيل اللوحة الكتابية، فلأن ثمة حالة لا استقرار، تفترضها طبيعة البحث، مثلما تستوجبها البنية الاعتبارية لمكانة اوزون: الكاتب الكردي التركي الجنسية، الكاتب الكردي، السويدي الجنسية، الكاتب الكردي المتعدد في وظائفه، وتنوع صلاته خارج الحدود الضيقة لموطنه الكردي، والحدود الواسعة لوطنه بالهوية تركياً، ولوطنه الأكبر عالمياً، في المحيط الأوربي، ولتأتي الكتابة من جهة: تتبعية لهذه المكابدات، ولو بإيجاز، ومن جهة تدافعية، أي من يقترب أكثر منه، ومن يتحفظ على ذلك، ومن يصرّح بعلاقته معه، ومن يظل ضمن مسافة صمت، لها مغزاها هنا.
إن رحيله الأخير، وكما هي طبيعة الكتابات التي تعرضتُ له، وهي في غالبيتها العظمى بدت انطباعية ( كما سنرى)، وفي الوسط الذي أعيش فيه كردياً، إذ ما أقل ما أشير إليه، وما أكثر دلالات التحفظ على الكتابة الفعلية عنه، وسعة الساحة الجغرافية واللغوية التي آثرت إبرازها، في أكثر من مشهد اجتماعي، ووجداني، وأدبي، وموقعي، إن كل ذلك، مأخوذ بعين الاعتبار، مثلما أن هذا يضفي على العنوان الذي انطلقت منه، وفق تصور ثقافي محدد، قيمة أدبية وخُلُقية معاً .

لحظة الموت المرتقبة والكبرى:
لحظة انتشار نبأ رحيل محمد اوزون، كان انتشار نار الخبر، في هشيم المعنيين بأمره!
لكن علي أن أقوّم ما أعتبره صحيحاً، وهو أن الهشيم المذكور هنا، وفي جانبه الكردي، قبل سواه، واوزون كردي، كما أظن ( أستخدم عبارة” كما أظن”، من باب التساؤل الاستغرابي، وإزاء محاولات كثيرة، تم اعتمادها، للتعتيم عليه، منذ بداياته الأولى، بسبب طريقته الخاصة في ممارسة كرديته، والتعامل مع المحيطين به، ولأن حاولوا التعريف به، دون إمكانية قراءته: القراءة الأبسط، باعتباره أقل من أن يوصف بالروائي، من الكرد المعتبَرين قبل غيرهم: كتاباً قبل السياسيين، أو في إثرهم، ومعهم، وأن ما رافق نبأ انتشار رحيله الأخير، أكَّد ذلك، دونما حاجة الآن، إلى التذكير بالأسماء)، وأن مجموعة قصاصات الأوراق التي  تطايرت في فضاء الانترنت ” الكردي”، بأسماء كردية، باللغة الكردية وسواها، وتمثيلاً أولياً، لدوائر واتحادات ثقافية كردية، وهذه هي صرخة الوجع الأولى، في مخاض معايشة ألم الآخر، في رحيله الأخير، بقيت على حالها، لتكون الصرخة أقل من تسميتها بصرخة توجع أو تفجع أو تلوع( صرخة فرخة، إن جازالتعبير)، إنما هي مزيج من المكر بالذات، كما هو….أشبه بمن يتنفس الصعداء، لأن ” غريماً غريماً”، من داخل البيت الثقافي، الأدبي الكردي، قد انتهى أمره، ومن النفاق المعلوم، على أشده، كما هو المرئي في تالي النبأ القصاصاتي الورقي الانترنتي ( وتوضيح ذلك، يكون في حينه).
نعم ، رحل محمد اوزون، هكذا دقت ساعة رحيله، وهكذا كان عمره محصوراً، بين بداية ظهوره سنة 1953، في ” سيوريك Siwêrgê” التابعة لولاية أورفا، وانتقالٌ إلى عالم، لم يرجع منه أحد،عالم الموت، في الرحيل الأخير، في مشفى آمد، صباح11-102007، قبيل انتصاف النهار الثقيل الوطء، رغم أن الطبيعة تمارس عملها، دون أي تفكير بمفهوم كل من الموت والحياة، فالأمر سيان عندها، وهما بالمقابل، يندرجان في قانون كوني، يشمل الجميع..!
ولّد اوزون، عاش اوزون، رحل اوزون! هكذا يمكن الاختصار!
عاش اوزون، رحل اوزون، بقي اوزون ! هكذا يمكن التأكيد !
هل يمكن الحديث عن الحياة الاوزونية، عن اللحظة الاوزونية في الكتابة كردياً، وهو يكتب بلغة سواه بين الحين والآخر، لغاية عملية، اعتبارية، ثقافية، اعتبارية، عن الحضور الاوزوني الكردي واللاكردي، رغم عدم استحالة التحدث عن اوزون” اللقب التركي: بمعنى الطويل”، دون الكردية التي تحدده ولادة رحمية، ومكاناً أيضاً، عن أوزون الكرد، إثر لحظة الموت المرتقبة والكبرى؟ من خلال قصاصات الأوراق النعوية، وليس أكثر من النعوية، التي أُطلِقت فيما بعد، لتكون التعبير الأمثل، عما يكون عليه صدى رحيله، صدى حضور اوزون كردياً، في جهة دون أخرى، وعما يمكن أن يمنحه الرحيل من ” راحة” لمن ترقَّبوه، وإن لم يسموه، ولن يسموه بسهولة، لأن ذلك يتطلب أكثر من مواجهة مع الذات والآخر، وحين أشدد على ذلك، فلأن في الكلام كلاماً مستقدَماً، وحوله يكون كلام آخر وآخر، كما هو الجامع في  أدبيات الموت الكردية، من ناحية المعني الفعلي، وما يكونه الموقف من الآخر: الكردي، هنا وهناك .
هنا، لا أتحدث عن موت، لا منجىُ منه، ولا أتحدث هكذا، كما لو أن واعظاً يسكنني، إنما حديثي يطال الموت الآخر الذي يعني للكرد، كموضوع، ما يعنيه استرداد النفِس للموشك على الاختناق نفسياً، الموت المرغوب فيه للآخر، كما هو البعد الفضائحي المتَأمَّل للآخر” غير المهضوم”، من خلال طبيعة الكتابات( اللاكتابات) التي أشارت إليه، أعني : أغارت عليه، عدا كتابات أخرى كثيرة، قرِئت، كما هو مقدَّر، من خلال صمت متوقع، كردي النسب، يخص أكثر من رمز كردي، يشار إليه ببنان ” معقوف”، في الوسط الكتابي الكردي،تجاهلاً، تغافلاً، تحايلاً( بنتف كتابية)، ليكون الملأ الاوزوني في تعدد أطيافه، شاهدين على مدى نجاعة الموت، روعته، في حالات كهذه، إذ إنني، وبصريح العبارة، أعتبر كل من التزم الصمت، من الكتاب الكرد، وآثر النهي عن الكتابة عنه، وخصوصاً، ممن يعرَّف بهم كتاب اللغة الكردية، في صفوفها المتاريسية الأولى، خونة الانتماء القومي والانساني،مثلما أعتبر أن كثيراً مما تم تمريره، في نطاق النعويات الملحوظة، وفي العموم العائم، التفافاً على الذات، وأخيراً، مثلما أسمي الكثير الكثير ما تمت قراءته، في منحى التعزية البرقياتية، رفعاً لعتب، لا يمكن رفعه، إنما يتأكد وضعه أكثر.
هناك، يكون اوزون، ليكون مسطوره الحاضر الحي في وجدانات من يعنيه أمره، مختلفاً كما هو الاختلاف الفعلي، متعدد الأصداء، كما هو الكاتب الفعلي، وليكون النظر في أمره، كما هي طبيعة كتاباته،طبيعة الذين أرادوا الكتابة عنه، لأنهم لم يرضوا أن يظلوا دون اسم، في سجل الكتابة النعوية، الموتية، المناسباتية، وليُبرزوا طابعاً من المنافحاتية، كان الأفضل لهم لو أنهم لم يكتبوا، هناك، هنا، يتقاسم اوزون المكان اللا واحد، كما يظهر، تتقاسمه جهاته الكردية المعتقداتية، ذات الأصول الضاربة جذورها في التشيؤ، تحت تأثير الموقف اللا أدبي الحصيف كما هو المتوقع، تتبدى عنصرية الجهات الكردية، تماديها في التنافر، كما تقول جهات الأسماء المسطّرة لمكنوناتها انطباعاً أو نثراً في هيئة مقال، أو دراسة، أو بالتمازج، تتبدى الكردية المنقسمة على اسمها، عنصرية المكان المفتَّت المفتّت، فيكون الأكثر التفافاً عليه، من لدن الذين يتعرضون له كتابة، هم الأكثر قرباً منه: جغرافياً، ولتساهم الحدود المصطنعة، في إبراز فصل آخر، يتجدد، وهو تأكيد انقسامية الداخلية، افتئاتية داخل الداخل الكردي، وليس لأن الحدود وحدها، ولا تثريب على الأولى، لأنها حدود تعرّف براسميها ومنفذيها، والقائمين على حرابيتها النافذة جغرافياً،وإنما لأن ثمة استجابة ضمنية للحدود، خلفها، ضمنها، بابتداع مثيلاتها في التواصل العاطفي والاجتماعي والثقافي والأدبي، لتكون القيمة افتئاتية بدورها، وكما قلت، كان الأبعد عنه، من جهة التعبير عن الخسارة الفادحة في الأدب وتمثيل الأدب والثقافة الكردية، على نطاق واسع، ومن خلال الموقع البارز الذي عُرِف به صاحب ( صرخة دجلة)، بينما كان الأبعد عنه، في الصمت والتصميت، هم في الجهة الجنوبية الغربية من مقامه المحمود.!

الوقوف في الساحة:
كيف تم التعرض لاوزون إثر رحيله المتوقع، بسبب مرضه المدلهم في جسده الضامر؟
قائمة طويلة ، تضم كتابات نعي ومؤاساة، قائمة مختلفة من الكتابات التي  أظهرت مشاعر أهليها الكتاب، وبقيت متراوحة بين التعبير الوجداني العام، والتعبير القيمي الأدبي، من خلال معرفة الكاتب الراحل، ولعل التوقف عند هذه الأسماء، له ما يبرره، في منحى سبر حراك الموقف.

1- نعوات تستحق بئس نعي ٍ:
أستهلُّ مباشرة، بالأكثر حضوراً، من ناحية زخم المعنى المتضمَّن في الحالة الأولى.
أشير إلى الجانب النعوي، وما الذي يمكن استثارته في طريقة النعي، أي استباقية استعراضية أحياناً تتبدى في هذه النعواتية الكردية، ومن أهل الحرف القائمين على حرف.
أشير بداية إلى البيان النعوي( النعواتي) الذي يمثل ( اتحاد مثقفي غربي كردستان)4، والذي  يمكن قراءته، على الأقل، بلغتين : الكردية والعربية، وفي الحالتين: الصيغتين، تظهر الركاكة في الأسلوب، وكذلك الفرق في المضمون، وهذا يفترَض ألا يكون موجوداً، إنما بذات الصيغة، كما لو أن لا علاقة البتة، بين الذين كتبوا صيغة النعي بالكردية، والذين وضعوا الديباجة بالعربية.
ولعل الفرق الأكبر، والمثير للتساؤل، هو أن ديباجة النعي العربية، لا تشير إلى مكان وفاة الكاتب الكبير محمد اوزون، ولا حتى المدينة، وإنما تذكر التاريخ فقط، وهذه مفارقة لافتة للنظر، بينما في العربية، تكون الصيغة أكثر وضوحاً: المدينة ، دون ذكر المشفى الذي أسلم فيه الروح.
تُرى ما الذي يمكن مكاشفته في هذه المفارقة والتفارق؟ من هم الذين كانوا وراء صيغة مفارقاتية من هذا النوع، هل جاءت الكتابية النعوية وقوفاً، دون سفح دمع “أدبي” وتكليفاً دون اعتبار، وراء الواجهة الإعلامية العاكسة؟ كيف يمكن ارتكاب خطأ منظور، يفلل من مقام الراحل بالذات، من جهة عدم الاهتمام، كما لو أن المطلوب، هو كتابة بيان نعي، دون التفكير في الواجب ذكره.
في بطاقة النعي، بالعربية، نقرأ:
 (اتحاد مثقفي غربي كوردستان يشارك عائلة
الفقيد الروائي الكوردي محمد اوزون الذي وافته المنية في الحادي عشر من الشهر الجاري بمدينة ديار بكر، واصدقاءه  ومحبيه الحزن العميق بالمصاب الجلل ونقدم احر تعازيها ومواساتها الى ذويه وعائلة اوزون في الوطن والخارج وتواسي نفسها والثقافة الكوردية بفقدانها روائيا ومثقفا داقع عن اللغة الكوردية الى اخر لحظة في حياته )

أليس مؤسفاً أن تأتي البنية التركيبية في الصيغة العربية، لافتة بركاكتها،، كما في ( وتقدم احر تعازيها ومواساتها)، والصحيح( ويقدم أحر تعازيه ومؤاساته) وكذلك في العبارة الأخرى          ( وتواسي نفسها والثقافة الكوردية بفقدانها…)، والصحيح هنا( ويواسي نفسه والثقافة الكردية” أو الكوردية، كما هي الصيغة”، بفقدانها…الخ)، طبعاً دون نسيان تثبيت همزة قطع، في كل من       ( أصدقاءه- إلى)، والمد في ( آخر)، لأن ثمة من يقرأ خارجاً، والاهتمام باللغة، وكون الحديث يخص اللغة، يتطلب هذا الاعتناء، تشديداً على الحب الضمني لروح الراحل، كما أظن.
أما في بطاقة النعي بالكردية فنقرأ:

HEVGIRTINA REWŞENBÎRÊN KURDÊN ROJAVAYÊ KURDISTANÊ bi dilekî xemgîn û kovandar, sersaxiyên xwe pêşkêşî malbat û dost û hevalên nivîskarê kurd Mehemed Uzun, ku di roja 11.10.2007 an de , koça dawî kir, dike. Em vê şîniya dijwar digel malbat û xizm û heval û rewşenbîr û nivîskarên kurd hevpar dikin û sersaxiyê ji gelê kurd û malbata Uzun re dixwazin.
 والترجمة المقترحة هي :
 ( اتحاد مثقفي  كرد غربي كردستان ،بقلب حزين وكسير، يتقدم بتعازيه لعائلة الكاتب الكردي محمد اوزون، وأصدقائه ومحبيه، والذي كان رحيله الأخير في يوم 11-102007، نشارك بهذا المصاب الجلل عائلة الكرد وذويهم ومثقفيهم وكتابهم، ونتمنى دوام الحياة للشعب الكردي وعائلة أوزون).
في بضع كلمات، لم يحسن اتحاد كتَّابي : كردي، بكامله، أن يؤكد تقديره الفعلي لكاتب كبير، ومن خلال اللغة، لا في البناء اللغوي، وإنما في العلاقة بين المفردة والأخرى، كما في العبارة الأولى، تُرى أما كان كافياً ( اتحاد مثقفي غربي كردستان)؟ وماذا وراء هذه المطمطة في الكتابة؟ أليس من صيغة أكثر تماسكاً وقوة دلالة؟ وليس بمثل هذه العمومية والهشاشة في المعنى.
إن القارىء عندما يتوقف عند صيغة كتابية كتلك التي استعرضناها، وفي الحالتين، يمكنه أن يلاحظ مدى الاستهانة، ليس باللغة وحدها، وهذه تعتبَر رئيسة، كما هو المحرِك الرئيس في جملة أنشطة الاتحاد الموسوم، وإنما بالمعني بالذات، مثلما هو استهتار حتى بالقارىء ذاته، طالما أن ثمة توقعاً، وفي المدى الإعلامي الانترنتي المفتوح، حول أن ألوفاً مؤلفة، ستقرأ هذا البيان النعوي، وأنها ستتساءل عن مسئولية الاتحاد في المجمل عن ذلك، عن بؤس الاعتبار الذاتي !
وفي بيان نعوي آخر، أكثر احتواء بالمفارقات، مثير للسخرية المرة، داخل الوطن، قامشلوياً، هذه المرة، كما هو المقروء في نهاية البيان السالف الذكر، يمكن قراءة نص البيان ، وهو، يظهر ممثّلاً ناطقاً بكل الكتاب والمثقفين والكرد، أينما كانوا، إزاء هذا الحدث المفجع، وقد حاولتُ التفكير في بنيته، وكيف تمت الكتابة، ووفق أي دُرجة كتابية، وكم كان عدد الذين سعوا إلى كتابته، وأين، وهل حقاً أن هؤلاء المعدودين” المفقودين” ذاتياً، بوسعهم ادّعاء أنهم يمثلون كل هذه الجمهرة، ممن ذَكروا، بجهاتهم كافة، نعم، حاولت، فعجزت كثيراً، في الوصل بين مكونات البيان، مثلما عجزت كثيراً، في مقاربة حقيقة هذه الركاكة في التعبير، ومن نوع مختلف:

      ( Bi navê kovar,nivîser û xwênerên wan,bi navê hemî rewşenbîrên Kurd li Binxetê,em sersaxî û serxweşiya malî,malbat,dost,heval,dezgehên rewşenbîrî û rewşenbîriya Kurd li welêt û dervî welêt,bi koçkirina dawî ya rewşenbîr û romannivîsê Kurd,nemir Mihemed Uzun,dikin.
      Ji ber ku nemir Mihemed Uzun kuldarê çareserkirina piesa gelê xwe bû, beşekî mezin ji jiyana xwe di ber gelê xwe û pirsa wî de terxan kir. Hewil da,ku gelê xwe serfiraz, di ristika gelên cîhanê de cihgirtî , bibîne.Loma,di gelefeka jiyanê de,nemir Mihemed Uzun, berê xwe da çand û hunera Kurdî,da wê mijara nasnameyî,ya ku di riya wê re dikare gelê xwe bi gelên cîhanê bide nasîn ,bike karê xwe yê sereke.Ew karê,ku roj bi roj şûna xwe, bi banbilindî ,di toteya navnetewî de digirt û dibû neynika dêrîniya gelê Kurd.
      Hêviya me ji xwedanê jorî ew e,ku nemir Mihemed Uzun bi dilovaniya xwe şa bike ,di buhuştê de bihêwirîne û kulên ku bi şûn xwe de hiştin bi cih bîne.

 Kovar û rewşenbîrên Kurd
Aso
Deng
Gelawêj
 Gulîstan
 Jîn
 Newroz
Perwan
 Pirs
Roj
Vîn
Ziman
Komîta çalakiyên Kurdewarî

  Qamişlo 11.10.2007

ولعلي في ترجمة الوارد في صيغة البيان، أحاول لفت النظر، إلى طريقة التفكير في الكتابة، مثلما أنني، أحاول مكاشفة ماذا يعني أن تنُشر على الملأ البشري كتابة ركيكة كهذه.
 إن الممكن ترجمته للوارد في البيان النعوي السالف، هو التالي :
( باسم المجلات، ورؤساء التحرير، وقرائهم، باسم جميع المثقفين الكرد أسفل الخط، نعزي ونؤاسي عائلة المثقف والروائي الكردي، الخالد محمد اوزون، وذويه ومحبيه وأصحابه، والدوائر الثقافية والثقافة الكردية، في رحيله الأخير، داخل الوطن وخارجه.
لأن الخالد محمد اوزون، كان مُعاني حل قضية شعبه، إذ صرف قسماً كبيراً من حياته، من أجل شعبه. سعى ليجد شعبه بين شعوب العالم  مستقلاً ، لهذا، يمَّم الخالد محمد اوزون وجهه، في معترك الحياة، شطر الثقافة والفن الكرديين، حتى يتمكن، في مضمار الهوية تلك، ومن خلالها،يعرّف  شعوبَ العالم بشعبه، ولتكون هذه عمله الرئيس، ذلك العمل الذي يثمر أكثر يوماً بعد يوم، وبشكل لافت، في الأدب العالمي، ويتحول إلى مرآة، لعراقة شعبه الكردي.
رجاؤنا من رب السموات، هو أن يتغمد الخالد محمد اوزون برحمته، أن يُسكِنه الجنة، وأن يحقق له آماله التي تركها خلفه).
أما بالنسبة للذين يمثلون هذا البيان النعوي، البيّان الذي ينعي أصحابه، من خلال صيغته، والمنشور صبيحة يوم الخميس، يوم رحيل الكاتب الكبير، فلا استثناء لأحد، وهذا هو أقصى التمادي في اللامسئولية، طالما أن ليس في وسع أي كان، أن يتملص من مسئولية نشر بيان ركيك، مهلهل، بالطريقة هذه( المجلات والمثقفون الكرد)، ثم تتتالى أسماء إحدى عشرة مجلة، هي أحد عشر كوكباً كردياً،لا أحد يستطيع، أن يتكهن، أو يضمن نشر أي منها، في موعدها المفترض، أو آلية العمل فيها، في طابعها المتحفي والرزئي كثيراً، وكيفية نشرها، خارج التعريف بها( مجلة دورية، شهرية، فصلية، سنوية، مزاجية، مناسباتية…الخ)، ليكون محمد اوزون، يوسف الممثَّل فيه هنا، دون نسيان( لجنة الأنشطة الكردية).
في صيغة البيان: ذُكر اسم الكاتب الراحل” الخالد” ( وأقول الخالد، وربما يكون المقصود الشهيد أو الباقي أبداً، وهذا متروك للمعني: الناعي)، أربع مرات، ولا أظن، أن هذه بطريقة مدرِك لوظيفة النعوات، إذ يمكن لأي كان أن يتأكد من طريقة كتابتها، في أمثلة كثيرة، وهي تقرَأ معلقة، أو ملصقة على الحيطان وغيرها، إذاً، ثمة أمية كتابة، في الصيغة، والأهم من ذلك، عدم مراعاة مكانة الكاتب، والقارىء الذي يمكنه التساؤل حول المنشور في النعوة هذه.
الصيغة السالفة، كانت أقرب إلى أسلوب المقال الركيك تماماً، وهي تعكس ثقافة الكاتب المفوَّض ذاتياً، أو بالتشاور، وفي منحى استباقي، من باب الواجب، وقراءة الصيغة- المقال، تري ذلك.
ثمة حضور لافت للشعاراتية والاستعراضية القومجية  في الصيغة البيانية النعوية، وهذا يفصح عن أمرين، والذهنية واحدة: إما أن الكاتب( واحداً أو أكثر)، ينطلق من عقلية تحزبية، يريد تأكيد مكانة اعتبارية، ذات مردود عقائدي، شعاراتي، كما ذكرت، وإما أنه يريد مجاراة من هو مقيم في القرقول التحزبي: الترادفي التحزبي اعتباراً، وهو يثبت حسن سلوك كردوارياً، بالتماثل.
عدا ذلك، فإن الطرف الأخير في إظهار البيان ( لجنة الأنشطة الكردية)، يثير أكثر من تساؤل، عن هذه اللمة الكبيرة، وبمثل هذه الوفاقية اللارفاقية والتوافقية، فهل حقاً اجتمع الجميع، أو كان الجميع حاضرين، أنهم على علم بالبيان ذاك، أم كما هو معلوم، يتم الالتفاف على الموضوع، فيكون المفرد جمعاً، والجمع جموعاً مقدَّرة لإضفاء مسحة من الجماهيرية الاجماعية هنا؟
إن اللافت الأكبر، في الصيغة المهدورة، هو وجود كلمات يَحار المرء في معرفة مضمونها، كما في ( serxweşî)، في ( kuldar)، في ( tarxan) الأخيرة..الخ.
إذ لا معنى يمكن الاستئناس به، باعتباره في محله، طالما ( (sersaxî ، تفي بالغرض، وأن مفردة (xemxur)، بدلاً من ( kuldar)، وكذلك مفردة ( buhirand)، أو ( derbaskir)، أو بدقة أكثر0( mizaxt) بدلاً من ( terxand)…الخ، تمنح البيان النعوي قوة إيصال أكبر.
ومن جانب آخر، إذ كان الهدف الرئيس من البطاقة النعوية، هو إعلام الآخرين، وبسهولة، برحيل شخص، وليس استعراضاً لغوياً، أو التذكير بمناقب المنعي، من قبل الناعي، فهذا يحيل البيان النعوي، إلى بيان استثقافي، دعوي، لأن الصيغة هذه، لا تقرَأ على الملأ هنا، بقدر ما تأتي ملصقة، أو معلقة، في الأمكنة الأكثر إمكانية رؤية من قبل الآخرين، ولهذه الصيغة الجرارة تلك، بمحمولاتها الاستكبارية، والاستغفارية كذلك، كان يمكن اختصارها، هكذا 

      ( Bi navê kovar û nivîskarên kurd,em sersaxiyê dixwazin ji  malbata romannivîsê Kurd  yê nemir Mihemed Uzun, û dost û hevalên wî, li welêt û dervî welêt,bi koçkirina  wî ya dawî.
      Hêviya me  ku ew buhiştî be.)
 إن نظرة إلى صيغة كتلك التي استعرضناها( الصيغة الأصل)، وبتعمق، توقع بالكاتب الواحد، أو المعني الفردي أو الجماعي بها، وهي أبعد ما تكون عن البيان النعوي، لا من خلال الإفصاح عن مشاعر الحزن الشديد، أو التأكيد على التفجع برحيل المنعي، ولا من خلال التعبير الضمني، عما هو مرجوٌّ من أجله.
إن القيمة الأدبية المفتقدة في الصيغة المأتي على ذكرها، تعادل هدر القيمة المراهَن عليها، من جهة المزايدة المقروءة بجلاء في السطح الظاهري لها، كما في جملة التكرارات، والإطالة التي خدمت المعنى المغيَّب مثلما أن الورع التديني الذي تزركشت به النهاية، أحال مدوّن الصيغة، إلى منحى آخر، منحى دعائي، تضرعي، لا أظنه بفالح في موقعه ذاك.
وإذا كنت، قد تقدمت بصيغة كهذه( أي الكردية)، فليس من باب المجاراة، كما لو أنني أطلب من كل مدبج نعوة أن يتخذ مما كتبته ديباجة متداولة، وإنما، كان الهدف هو : نشدان الاختصار، إلى جانب الوضوح، بالقليل الدال من الكلمات.
يعني ذلك، أنه يمكن لسابر الصيغة في النطاق النفسي، أن يتلمس أكثر من توتر، من تزاحم انفعالات، أو تصارعات بين رغبة في اللامسمى: الرغبة في موت المعني، والرغبة في محاولة عدم الإفصاح عن ذلك، نظراً لفداحة المترتب على ذلك، لأن التقدم بصيغة كهذه، لا يمكن أن يبقي الكاتب بعيداً عن المساءلة، عما ألهجت به نفسه: فرداً واحداً، أو أكثر، وإنما يكون ثمة استنطاق لهذا التنافرفي مقام القول، في التباعد بين عبارة وأخرى، من ناحية الكل القيمي الموحد، في أن المسطور لم يأت عفو الخاطر، وإنما تحت وطأة ضغط ملموس، أكثر من كونه ( كُلدارياً)، إن جاز التعبير، بذات الكلمة، إنما هو ضغط أبقى المعني بين حجري رحى، هما: الإسراع إلى إعلان النعي، والعزوف عن ذلك،، حيث الإطالة، وإرباك الذات، شاهدان نصيان على ما تقدم  وأما عن حقيقة بيان كالذي توقفنا عنده مطوَّلاً، ومن يكون وراءه تخطيطاً، وكتابة، فهذا سيتضح لاحقاً.
وإزاء وضع كهذا، يمكن الإشارة إلى بطاقة النعي، أو التعزية المرفوعة باسم ( كومكار)5، حيث جاءت مختصرة، ولافتة، وقد ابتدأت بكلمة ( serxweşî)، دون الكلمة الأخرى المعروفة ( sersaxî)، كون الترادف قائماً بينهما، وبحسب المنطقة، يكون استخدام إحداهما أكثر من الأخرى، وكما هو متداول عندنا ( bera sere we sax be) أي ( ليكن رأسكم طيباً)،أما كلمة ( serxweşî) فقليلة الاستعمال هنا، كما في بيان ( كومكار)
 

SERXWEŞİ ji bo niviskarê Kurd yê hêja Mehmet Uzun
KOMKAR   
12.10.2007
Me bi xemgînî bihîst, ku niviskarê Kurd yê hêja Mehmet Uzun îro berî nîvro li Amedê çûyê ser dilovaniya xwe. Em ji bo mirina Mehmet Uzun xemgîn in. Ji malbata Uzun, heval û hogirên wî ra sersaxî dixwazin. Êşa wan, êşa me ye.

11.10.2007

Yekîtiya Komelên Kurdistan-KOMKAR-Elmanya


 وأظن أن المعنى واضح، واقتصاد الكلمات، كان في خدمة الحدث المفجع بالمقابل ( مؤاساة من أجل الكاتب الكردي الكبير محمد أوزون .
بقلب حزين، تلقينا  اليوم، قبيل الظهر في آمد، نبأ انتقال الكاتب الكردي الكبير، إلى رحمته.  نحن  مغمومون، على موت محمد أوزون، نؤاسي عائلة أوزون، وأصدقاءه ومحبيه. إن ألمهم هو ألمنا..).
أعتقد أن أياً كان، عندما يقرأ نعوة كهذه، يستطيع الإحاطة بها سريعاً، ودون تلكؤ، وهي في مجملها، تتضمن ما هو مطلوب: الإشارة إلى ألم الصدمة بسماع نبأ رحيل المعني، المشاركة في المصاب الجلل، تمني الحياة لعائلته ومحبيه وغيرهم … ما عدا ذلك، يخرج عن نطاق النعوة!
وبشكل عام، يمكن القول، أنه لحظة التفكير في أي نعوة، وعندما تبرز متجاوزة نطاق الكليشيه المعتادة، لا بد أن يتركز التساؤل على كاتب النعوة: من يكون، وأين هو، وكيف هي صلته بالمعني، وبالذين يعنون بأمره،وما مقامه الاجتماعي،الأدبي، والمغزى من الصيغة النعوية..الخ.

2- برقيات لا تصل طبعاً:
في الوقت الذي أعتبر البرقيات، أسلوباً رسائلياً ناجعاً، يمكن لها أن تقوّي العلاقات الوجدانية بين البشر، في حالات مختلفة: فرحاً أو ترحاً، وما بينهما، فإنني، وبشأن الحالة التي تعنينا، أجدني في غاية التحفظ، حين يتعلق الموضوع بالكتَّاب المحترفين، إذ تكون العلاقات  مختلفة بدورها هنا .
فأنا، وبصراحة تامة، أستطيع القول، أن اعتماد البرقية، في محاولة للتعبير عن مشاركة المفجوع بموت عزيز، دون تحديد من يكون هنا، لكنه مهم، قليلاً أو كثيراً، بالنسبة للناعي، سواء جاء ذلك من باب التأسي الفعلي، أو التأسي التقليدي، أو الطقوسي، أي المنخرط في إطار الأدبيات الاجتماعية الشعائرية الطابع، أقول، أن اعتماد البرقية، من قبل الكاتب الفعلي، أي المحترف، لا يُعتدُّ به، لأسباب، يمكن تحديدها في النقاط التالية:
لأن في وسع أي كان، ودون تمايز يستحق الذكر، يمكن أن يكتب بالصيغة ذاتها.
ولأن البرقية، لا تستهدف التمايز، وإنما إلغاء التمايز هذا؟ كيف؟ وذلك من خلال الأسلوب المتَّبع، حيث الصيغة، أو( الكليشيه) تكون معروفة، إلا ما ندر.
وكون البرقية تتطلب الحد الأدنى من الكلمات وضوحاً وعدداً، وإلا لانتفت أن تكون برقية، وقد تتجاوز البرقية الحدود المتصوَّرة لمفهوم البرقية، عندما تقرَأ فقط، لأي في جعلها برقية- مقالاً، أو شبهه !
أشير هنا مثلاً، إلى كل من ( درويش فرحو، وGabar çiyan، ومانييل بروكا..)، إذ تقرَأ برقياتهم، باعتبارها مقالات تقريظية، رثائية، وفي موقع ( عفرين نت..)، ومن ثم في ( حقل البرقيات)، وذلك في موقع ( نِت كرد) الكردي الالكتروني..
وربما يتصرف كاتب دون آخر، في اعتماد برقية ما، على عجل، ولكنه سرعان ما يردفها، بكتابة نص ما، هو النص الذي يكون لسان حاله، من ناحية التعريف بموقعه، وطبيعة علاقته مع المتوفى، وفي الحالة هذه، يكون اختلافٌ بين الكتاب، ومعرفة أكثر تنوعاً لمسلكياتهم الفكرية.
أما بالنسبة للراحل محمد اوزون، فكما هو معهود، بالنسبة للآخرين، وبصورة خاصة، بالنسبة للكتاب الذين يعرف كل منهم الآخر، سواء أكان قريباً منه، أو بعيداً، فإن الرهان على البرقية، كثيراً ما يرتد بالخسارة على الكاتب، لأسباب، لا أظنها، خافية على كل ذي بصيرة، فهي في الوقت الذي تؤكد اجتماعية الناعي، وتؤكد حضوره الأدبي أو الثقافي، إنما تبقيه في نطاق ناشد السلامة الذاتية، وتجنب مسئولية الكاتب المقتدر، عما وراء العلاقة الصريحة.
ووفقاً لتصور من هذا النوع، فقد تتبعتُ، قائمة طويلة من البرقيات، وكيف جاءت من جهة الاختصار أو الكثافة، أو الإسهاب أحياناً، وبصدد من عنيتهم، وذلك على مدى أكثر من أسبوع، ورأيت غياباً كاملاً لمجموعة من الكتاب الذي لهم حضورهم الكتابي، الأدبي، أو الثقافي، ليس لأنهم أحجموا عن الكتابة فقط، وإنما، وكما أرى، لأن ثمة أسباباً وجاهية، تبرز المكانة الشديدة الوعورة لممتهني الكتابة الفعلية كردياً، ثمة مساومات، واعتبارات، وحقل واسع من التجاذبات والتنافرات والمراهنات، عن توزع هؤلاء الكتاب الكرد، في المحيط الذي أعرفه، في تفرع جهاته وجبهاته، أقل ما يمكن التذكير به هنا،هو أنهم، في صمتهم، وبدون مقدمات: يمارسون خيانة ذات الكتابة التي يُعرفون بها، لا بل يمارسون خيانة ذواتهم، كما قلت، مثلما أنهم يؤكدون زيف الجانب الكتابي الذي به ينتشرون، ويزدهرون ويتنافسون، ومثلما أنهم يأتمرون هنا وهناك.
أقول هذا،ونحن إزاء كاتب، لا يمكن تجاهله، أو تنحيته جانباً، بالسهولة المتصورة، بقدر ما أن الصمت تجاهه، والكتابة عنه بطريقة ما، يتبدى مقام الكاتب هنا، تقديره لذاته، قبل الراحل، نظرته إلى الكلمة التي تعرّف به كاتباً، ما يكونه الآخر له، ليكون هو بالتالي، في موقع اعتباري ما، وأظن، أن ثمة الكثير من الفجائعية المتمترسة في هذا التيه الكتابي الكردي، خصوصاً أكثر، حين يجد الواحد نفسه، إزاء احتفائيات برقياتية، أو كتابية تهليلاتية لافتة، باسم متقدمين كتاباً كتاباً، مقابل أسماء، ليس لها هذا المقام الذي يمكن مقارنته بما نحن فيه هنا .
ماذا رأيت في حيثيات البرقيات التي تهمنا هنا، من أسماء شدت سواها، أو نفتها؟ 6:
غياب كتاب ، كان عليهم المساهمة، في المؤاساة، ولكنهم تنحُّوا جانباً، ذاتياً، مثلما أنهم تركوا الكتابة في الموضوع كلياً .
 اشتراك مجمل الذين أرسلوا برقياتهم، في صفة واحدة، هي إظهار التأسي والمؤاساة .
تكرار بعض البرقيات، لأسباب لها علاقة بالمرسِل، وتقديره لنصه .
ورود برقيات بأسماء مختصرة، قد يكون الاسم الأول، أو يكون الاسم حركياً، وهذا يلفت النظر، ومألوف بالمقابل، لاعتبارات تخص صاحب البرقية، ليس من باب الخوف مما هو مراقِبه، وإنما، ربما من سواه، في مجتمعه، لوجود حسابات اجتماعية وشخصية وغيرها …
أما بالنسبة لما يعنينا، فيمكن لفت النظر، إلى اللافت في البرقيات، وأهم ما لفت فيها، هو أن الصيغة النعوية الطويلة، كانت باسم الكاتب رزو أوسي، وتحت اسم ( مؤاساة المجلات الكردية)، وبتاريخ 12-102007، وفي الأسفل يكون التاريخ المدوَّن 11-102007، ولتبرز المشكلة من العبارة الأولى، إذ المؤاساة باسم المجلات الكردية، ولكن النص شمل الجميع، كما رأينا، فلماذا حدث هكذا، ومتى كان الكاتب ناطقاً رسمياً باسم المجلات الكردية، ولاحقاً، كل ممثلي الفعاليات الثقافية الكردية؟ حيث يعرف كل معني مدى نفوره بالذات من مجمل المجلات، سواء تعلقَ الأمر بطريقة إدارتها أو إخراجها، عدا تجنبه الخوض في فعاليات تستشرف طابعاً من الحزبية أو التحزبية، ورغم ذلك تجلى خلاف معهوده، ألأنَّ مستجدات مراهَنلإ عليها، أحالته كائناً آخر، هو ومن معه، باستجرار ذاته تحزبياً، أو تكتلياً مستحدثاً، تمثيلاً، لمن كان يستحيل عليه، وعلى سواه، تمثيله بالترادف أو بالتناظر، حتى عهد قريب جداً، وكذلك تفويضاً احتيالياً، دون إعلام مَن يمكن اعتبارهم الأغلبية هنا، من خلال توقيت زمن الكتابة النعوية!!!
في ضوء العلاقة الخفية- المخفية هذه، يغدو كل منهما إزاء الآخر، معه، تماهياً أو تماثلاً، ويغيب الاسم، لاعتبارات، لا يمكن النظر فيها، إيجابياً، طالما الاسم لم يكتَب، لأن ذلك يعني مساءلة مشروعة عن هذا التفويض المجاني والمعمم، من قبل هذه الجمهرة الزاحفة في  المهاد الثقافي العائم للبرقية الغفل عن الاسم، ولو كان الاسم قائماً، لاختلفت النظرة بالتأكيد، رغم أن المسئولية لا تتنحى جانباً، ولكن للصراحة توجهاً آخر، في الحالة هذه، وكانت الاستباحة بدلاً عنها!!!؟؟
وأعتقد أنه فيما إذا كان الاسم موجوداً بالنيابة أو دون ذكر الإحالة هذه، لما كانت الصيغة الواردة مقروءة هذه، إذ ثمة تفريط كثير بالموضوع- الحدث، حالة فرجة قومجية، كما قلت، وتدينية طارئة، وكل ذلك، يكون مسجلاً على حساب كل اسم ( مجلة، أو كاتباً، أو ممثل نشاط كردي ..الخ)، فهل حقاً أن المعنيين هم هكذا، هل كل ما ورد اسمه، كما هو في حقله الثقافي والدعائي، وبشكل منتظم، وأن ليس في وسع أحد التملص مما عُني به في مضمار البيان النعوي، والذي صير برقية بالمقابل؟ وهل في وسع كل من ذُكر اسمه، أن يتقبل ما ورد في البيان؟
أليس في الموضوع توريط لا مخرج منه، لأنها حالة مستديمة، مثلما هواستخفاف بالحدث؟
في الجانب الآخر، وفي برقية الكاتب الكردي، وفي ذات التاريخ، يفيض رزو أوسي مشاعرَ، في غاية من النبالة الاجتماعية المضافاتية،من جهة التأثر برحيل الكبير اوزون، بصيغة مستعيدة مما هو فولكلوري  كردي بداية( يموت الثور، يبقى جلده، يموت المرء، يبقى اسمه)، ليطبّق ذلك على المنعي، وكيف أن خيمة الحزن الحدادية، إثر رحيل الخالد اوزون( تتكرر مفردة” الخالد” ثلاث مرات”وفي سطور عدة)، لأن اسمه ومؤلفاته، هما اللذان يبقيانه ( النبع الصافي في الثقافة والأدب الكرديين، لكل كردي، يكونان مصدراً لتحليق الذات” طلاقتها xwerehîkirin”) وليأتي الباقي تقريباً، صيغة مختصرة مشابهة للصيغة الأولى، وإن كانت مفردة ( kurdewarî)، ثقيلة الوطء، ومن قبل كاتب متمرس في الكرديةxwerehîkiriye، حيث التعبير هذا، له صلة بما هو عملي، سياسي كردي، أما في نص البرقية، فالمقصود كل كردي ) لكل كردي ji her kurdekî re)، بعيداً عن التخصيص المعتقدي، رغم أن الكاتب، كما يعرّف بنفسه، بعيد عن هذه الصنافة المعتقدية وأضرابها.
لكن ما لا يجب تمريره، هو: هل حقاً، كان الكاتب متجاوباً ضمنياً مع نصه البرقياتي، وهل يشفع نص البرقية المقتضب ، له، ليبقى مكتفياً بما قاله هنا، ويكون على علم به، من هو قريب منه كثيراً؟ تُرى من أوعز إليه( من المقربين منه كردياً،طبعاً” حتى لا يُفهم الموضوع خارج نطاقه المعهود!!”)، في أن يكتفي هكذا؟ أليس ما كتبه هنا، يتداخل مع ما كتبه سابقاً نعوياً؟
والأهم من ذلك، وكما هو معروف، لذي الاطلاع، فإن الكاتب، هو أبعد ما يكون( هو ومن يشاطره الموقف الذاتي، لا الثقافي الفعلي، ولا الأدبي)، عما كتبه، لا هنا، ولا هناك، إذ لم يكن الراحل، بالصورة المعرَّف بها، في عرفه، أو عرف المقرَّب منه. لقد كان ثمة تجاهل كبير له من قبله، بدءاً مما كتبه عنه، قبل عشر سنوات ونيّف، حول روايته ( أنت)، من جهة تسخيف الروائي بداية ونهاية، إلى درجة التهكم المضاعف، كما لو أنه يتعرض لكتابة مبتدىء 7، فهل حقاً كان الكاتب هنا، على وئام- وفاق مع نفسه، وهو يفيض بمشاعر إنسية كردوارية؟
إن إيجاد مثال وحيد، يري القارىء أنه فعلاً، فيما ذهب إليه، عبر كتابة، تتجاوز نطاق البرقيات وسواها، ربما هو الوحيد الذي يبقي الكاتب، بعيداً عما أشرتُ إليه.
وربما ينطبق ذلك، ولو بصورة أقل، على الكاتب كوني ره ش، في برقيته التي تتداخل مع المادة التي أعدها مختصرةُ، عن سيرته الحياتية 8،( كما هو معهود فيه كثيرا: ولد في …عاش في … مات في …)،وتلك، وقبل كل شيء، مساهمة مؤثرة، إذ يأتي ذلك في سياق المتابعة والانهمام بالكتابة، وبالراحل( رغم أنه استخدم :مثل weka،مرتين، بصدد روايته ” مضاء كالحب، معتم كالموت”، وأن المفردة في العنوان، وكما ذكرها في الأسفل : mîna،ـ وفي هذا السياق،ثمة ناع ٍ آخر كتب ” معتم كالظلام، وليس كالموت، جزءاً من عنوان رئيس لمقاله)، وإظهار التأثر تأكيد لمقامه الكبير، ولكن، وكما أعلم، ليس لاوزون، أي حضور موقعي، يستحق الذكر، لدى كون، أقلها، اعتبار اوزون متطفلاً على الكتابة، وخصوصاً، في رواية( بئر القدر)، باعتباره سارقاً إياها من الأمير جلادت بدرخان، وأن هذا الموقف، ساري المفعول، في وسط كتَّابي كردي، وكون واحد من هؤلاء، وأن برقيته بالتالي، بما تدَّخره من عواطف جياشة مباغتة، لا أظنها في محلها، باعتبارها إعلاموية، وبعد صمت وتصميت مثيرين للتساؤل المألوف من ناحية مضمونه الشخصي كالعادة، إذ يرفل نص البرقية بالكثير من التقريظ رثائياً، في إثر من رحل، وكيف أنه صُدِم بنبأ رحيله، وهو يتهيأ مع آخرين، للاحتفاء بالذكرى السنوية الرابعة، عشرة لرحيل الشاعر الكردي الكبير أوصمان صبري( أسهب في الحديث عن الشاعر، حيث لا لزوم لذلك البتة، في نص البرقية، إلا لزوم من يذكر شيئاً، ليؤكد شيئاً آخر)، مثلما يتلبسه العجب المشوب بالفرح، لأن الاثنين ( أسلما الروح في يوم واحد)، وكما هو وارد نصاً  (Bi rastî tesadifiyek xweşe ku herdû di rojekê de cane ji dest dane)، وبلغة لا تخفي كلاسيكيتها المنسَّقة، كما في ( tesadifeyek)، اقتداء في غير محله، بالأمير جلادت، والمفردة عربية صرف، حيث كان الأقرب هو ( li hevrasthatinek)، رغم أن المصادفة هذه غير صحيحة، إنما الصحيح هو أنهما أسلما الروح في تاريخ متشابه، أي في 11-10،( أوصمان صبري، في سنة 1993، واوزون في سنة 2007)، أما عن اليوم، فليس صحيحاً طبعاً، لأن الأول كان قد أسلم الروح يوم الاثنين في (10-111993 )،وبعد الظهر، وأن الآخر، كما هو معروف، أسلم الروح صباح يوم ( الخميس)، وهنا يختلط التاريخ مع اليوم عنده9.
إن البرقية كأسلوب مشاطرة عزائية، وكتابية، لا تمنح الكاتب قيمة توكيدية، فيما يذهب إليه، في حالات كثيرة، وخصوصاً في الحالة التي نحن إزاءها، والملاحظة التي وجَّهتها إلى الكاتب رزو، أوجهها إلى الكاتب كون.
أما بالنسبة للكاتب برزو محمود، فهو بدوره اكتفى بالبرقية( هل تشفع هذه أيضاً)، ليؤكد مشاركته العزائية والكتابية؟
برزو، أرسل برقيتين، هما واحدة، كما قرأت، ربما لأن الأولى، كانت ناقصة، حيث إن مفردة    ( sersaxî)، لم تكن موجودة، فاستهلت بها الثانية، أما عن التاريخ، ففي الأولى، كان ثمة تاريخان(12-102007) و( يلي ذلك مباشرة( 14-102007) في الأعلى، ، وفي الثانية( 13-102007)، وفي الأسفل ( 12-102007)، مع ذكر الاختصاص( كاتب لغوي)، وتحديد المكان( قامشلو)،وكانت البداية( مؤاساة من أجل العامل في المجال الكتابي الجنتي محمد اوزون).
وثمة ما يلفت النظر في البرقية هذه، والمكونة من 9 أسطر تقريباً:
كتابة اسم ” محمد”، كما يتصرف بعضٌ من الكتاب الكرد، في كردستان الشمالية وغيرها، هكذا
( Mehmet)، ولا أظن أن أسلوباً كهذا، في محله، لأن العملية، تتضمن تجييراً لمعاني ودلالات، كما يتصرف آخرون، من خارج اللغة، وبقصد، بجعل( آذاد: آذات، شيرزاد: شيرزات، فرزاد: فرزات…الخ)، فيكون التقليد تبديداً للمعنى في النهاية.
من جانب آخر، لا ينسى الكاتب برزو، أن يشير إلى ضرورة الاهتمام بآثار الراحل، بتراثه، وتوجيه الأجيال القادمة إلى ذلك، وهذه لفتة جميلة، والسؤال الممكن طرحه مباشرة: هل لدى كاتبنا – حقاً- هذا الإلمام بتراث الراحل محمد اوزون، وليس ( محمت اوزون)، وبتسكين حرف الحاء، ولو في بعض منه، وأين مصداقية ذلك؟ أليس لأن انخراطاً قائماً، في صمت المتكتمين عليه هو الجاري؟
يشير ضمناً، إلى أن رحيله كان خسارة : xisaretek، وأنا أسأل( رغم حداثتي في هذا المجال)، أما كان بالوسع وضع مفردة بديلة، كأن تكون ( derçûnek)؟
طبعاً ثمة كتاب آخرون، أكدوا على أهمية اوزون، وعلى أن رحيله شكل خسارة كبيرة للثقافة والأدب الكرديين، وأنا أشير هنا إلى آرشف أوسكان، وهو كشاعر، يحمّل القدر بعضاً من مسئولية ما يجري للكرد ( ربما هو قدرنا، حيث أن الذين يجتهدون أكثر، سرعان ما يرحلون من وسطنا، والشعب الكردي يحتاج إلى مئات السنيين، لملء الفراغ الذي تركه أمثال هؤلاء)، وكاميران حاجو ككاتب، وهو يشير إلى البعد الرمزي والسياسي له ( كانت آمالنا كبيرة، عندما توجه نزيل الجنة  محمد اوزون، إلى كردستان، واعتقدنا أن تراب كردستان وهواءه سوف يكونان له دواء،ولكن المرض الغدار، وللأسف، خطف ذلك الانسان من بيننا ) …الخ.
بوسعي أن أمضي أكثر من ذلك، متتبّعاً القيمة الكتابية والإعلامية لجملة برقيات أخرى، ولكن الموضوع سوف يتجاوز نطاقه المرسوم، ولعلي فيما اعتمدته، كنت أحاول التركيز، على مسائل عدة، أراها في غاية الأهمية:
مسلكية الكاتب فيما يتفكره حياتياً، بينه وبين نفسه، وفي الحالة هذه، لا يمكن قراءة ما في داخله طبعاً، وإنما لا بد من انتظار ما يتفوه به، أو يسطره هنا وهناك ، فيكون المأخوذ بقوله.
ومسلكية الكاتب فيما يقوله، وفيما يمكن أن يتشكل الموقف منه، انطلاقاً مما يكتب، وفيما هو عليه واقعاً، وهنا، يكون الكاتب متحركاً بين ما هو عليه ككاتب، وما هو فيه كإنسان فرد في المجتمع.
وما انطلقت منه، وما أركّز عليه، هو ما مدى التفاعل الحي بين حقيقة ما  يعنيه الكاتب لنفسه، ويريد تحقيقه واقعاً، ما يكون هو، وما يريد أن يكونه للآخر، من خلال القول والفعل المتداخلين بالتأكيد؟ والبرقيات التي اعتمدتها  مصدر تحليل وتأويل، تكاشف جوانب كثيرة معتمة هنا !
الأكثر من ذلك أيضاً، أن بعضاً من بعض هؤلاء، انشغلوا بموضوعات، لا صلة لها البتة بحيثيات أوضاع يعيشها الكرد، لا يمكن تجاهل ضغوطها الاعتبارية والوجدانية، إنها موضوعات، تبقي كتابها، كما يظهر، في بر أمان، أو تصور أمان، بأكثر من معنى، وحين يجد الجَد، أو في أول محاولة، عمَّن يكون الواحد منهم أولاً، تأتي مفردة الكردية، كانتماء إنسي واجتماعي، وكتفعيل ثقافي، وكل ذلك ( بالدَّين). قل لي أي كتابة لديك، أقل لك أي كردي أنت !

———————–

إشارات :
1- انظر نص الكتاب المترجم إلى العربية، من قبل حسين عجة، والمنشور في موقع ( أدب وفن) الالكتروني.
2- انظر حول ذلك، مصنَّفه التاريخي : لائحة بأسماء الروايات الكردية، باللهجة الكرمانجية، في موقع ( كردوار كوم) الالكتروني، والتاريخ يرجع إلى أكثر من سنتين.
3- بحسب ما ذهب إليه لقمان بولات ، وذلك في مقاله الصنافي ( ماذا يفعل الروائيون الكرد) في موقع ( نت كرد كوم)، بتاريخ 30-82007، هو الآخر، ولكن، من خلال التعريف بالشخصية الروائية، وبعض الأعمال المكتوبة
4- نُشر في موقع ( روزآفا) الالكتروني، والذي يشكل موقعاً رسمياً له.
5- نقلاً عن موقع ( عفرين ) الالكتروني .
6- طبعاً، يمكن مراجعة اللائحة الأسمائية لهذه البرقيات، في موقع ( نت كرد كوم) الالكتروني، وكما قلت، فإنني، ومن خلال ما أشير إليه آنفاً، شملت مراجعتي لأسماء مختلفة، على مدى أسبوع ونيّف، أما عن مصادر أخرى، فقد تكون موجودة، في مواقع أخرى: انترنتية، بالدرجة الأولى، ولكنني، هنا، وفي إشارات أخيرة، أحدد المصدر المستقى منه : الخبر، أو المعلومة..
7- انظر حول ذلك مقاله ( كتاب أوزون : Uzunname)، في مجلة ( Dugir) الفصلية، العدد الثالث، 1996، ص ( 37- 53)،حيث لا تخلو صفحة من مقاله، من عبارات في غاية التهكم والإيلام، وأحياناً: التحقير البيّن، وهو يتساءل مثلاً، عن سبب قيامه بحمل هذا العبء الثقيل، بتوسع، ورغم أنه يعترف أن ما قام به، ليس من مهامه، كناقد متخصص، باعتباره مهندساً، ومهندس بترول، وهو يوضح موقفه بشبه حكاية فولكورية كردية( أترك قراءتها، للمعني)، تهوّل الأمر، في النتيجة، مثلما أن الكاتب، يريد إلغاء كل صبغة أدبية عن روائيّه المنقود( انظر ص 53، العمود الأول فيها)..
8– انظر موقع ( ولاتى مه) الالكتروني.
9- طبعاً، هذا ناجم عن عدم التدقيق في المعلومة، والاندفاعة العاطفية والارتجالية في الكتابة، واللافت هو أن كون ذاته، أصدر كراساً يدوياً ( في أربعين صفحة، من الحجم الصغير، سنة 1997)عن المرحوم أوصمان صبري، إثر رحيله، وذكر هذه المعلومات التي أوردتها ( انظر كراسه ذاك ، ص 30).

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ألمانيا- إيسن – في حدث أدبي يثري المكتبة الكردية، صدرت حديثاً رواية “Piştî Çi? (بعد.. ماذا؟)” للكاتب الكردي عباس عباس، أحد أصحاب الأقلام في مجال الأدب الكردي منذ السبعينيات. الرواية صدرت في قامشلي وهي مكتوبة باللغة الكردية الأم، تقع في 200 صفحة من القطع المتوسط، وبطباعة أنيقة وغلاف جميل وسميك، وقدّم لها الناقد برزو محمود بمقدمة…

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…