الأنامل المضرجة في دمائها …!!

  حسين أحمد :

يهرول في تقلباته الجدالية الأولى كمولود صغير حينما يحبو بوقفةً متمسكة بجدار الشهرة العالمية ثم يسقط سريعاً كقدس مضرج في براءته البوهيمية ليعيّد الكرّة ثانية حتىّ يبرهن عن قامته الإلهية إلى أن يستيقظ من غرقه أو ربما من كوابيسه الشبحية.

يبدأ بسرد أقاصيص عن غابر الأزمان لنده الغائب الوهمي الحاضر في حركاته البهلوانية الكامنة ثم يتوقف برهةً ويردّ بالسؤال على ذاته بكلام عقيم مٌرتبك ,كما في بوحه السفري وإظهار آدميته السمحاء على مرأى الكل و المشهودة له, تتكدس في تجاعيد وجهه العابس معاني الريبة والخوف والفجيعة, ساعياً بتحديه المكشوف, منطلقاً من فضاءات أسئلته الرثة .!! متحدث بإحداقه في هذا الخراب الذي غابت عنه البراءة كلياً مهيبا بانتشال جثته الغارقة في ظلمات الكناية الفعلية, يفتش عن بقايا أشلائه المرمية في سبل وعرة وعن أنامله الموؤدة في هذه البرّية الخائنة أو في زوبعة مدبرة آتية وفي أبعاده الثملة  وفي إرضاءاته الانحنائية.
فجأة ً: يصرخ بأعلى جبروته الانفلاشية معلنا عن أناه المريرة وأمام شموع ميلاده ليطفئ الإضاءات الحالمة عن رؤاه الشيطانية, أسقطها القدر بشرارة جاءت من جوف غمامةً كانت قد أعدت تلاطماتها بدهاء غريب خلال دهاليزا آمنة.
في سبره لسحب الجدال مؤشرا الحضور بنقلة خاملة وبهذيانا عكرا ينفث أوامر الغير يميناً وشمالا ليزيح الستار عن ذاته العقيمة وعن كبرياءه الباهي وعن القامة الرشيقة التي انحنت طوعنا لمرات ومرات ً لرغبة أسياده ليلجم انكساراته المتتالية . انه هاوي لا محال كنيزك عند انتهاء شعلته المضيئة ليبقر به أحشاء الكلمات سماً وعلقماً ثم يتبخر منه الفضيلة والعفة كاصدائ في أتون كوامنه قليلا… قليلا.. حتى يفاجئ المشهد بثورة ضغائنية.

تعيد به الذاكرة مرة أخرى إلى حبوه الشللي برعدة خاطفة من المشهد الاختلافي عنه ليتعرى سجوده التاريخي , وليظهر له المشهد مكشوفا أمام ناظره لملاقاة انكساراته الكثيرة متدحرجا إلى دركه السفلي ومن جديد ينطلق من دربا آخر ربما يعود به إلى أصداء نواحه البدائي ..!!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…