سيامند إبراهيم *
في ظهيرة أحد الأيام من شهر أيار في مدينة السليمانية, اتصل بي أحد الأصدقاء من مدينة كركوك, وأصر هذا الصديق على دعوتي واستضافتي في منزله, وبالفعل وصلت إلى مدينة كركوك ظهراً, ونحن نتصبب عرقاً من شدة حرارة هذه المدينة الملتهبة, كنت أعد الدقائق وأنا في أطراف المدينة, كنت أحسب ألف حساب, تشهدت بالشهادتين, وقرأت الفاتحة على روحي قبل أن تباغتني سيارة مفخخة, تطيح برأسي قبل أحلامي, وتقضي على ماتبقى من انكسارات أحلامنا التراجيدية, وأعد كم قطعة ستقطعني هذه السيارة المفخخة إن انفجرت بالقرب مني؟
في ظهيرة أحد الأيام من شهر أيار في مدينة السليمانية, اتصل بي أحد الأصدقاء من مدينة كركوك, وأصر هذا الصديق على دعوتي واستضافتي في منزله, وبالفعل وصلت إلى مدينة كركوك ظهراً, ونحن نتصبب عرقاً من شدة حرارة هذه المدينة الملتهبة, كنت أعد الدقائق وأنا في أطراف المدينة, كنت أحسب ألف حساب, تشهدت بالشهادتين, وقرأت الفاتحة على روحي قبل أن تباغتني سيارة مفخخة, تطيح برأسي قبل أحلامي, وتقضي على ماتبقى من انكسارات أحلامنا التراجيدية, وأعد كم قطعة ستقطعني هذه السيارة المفخخة إن انفجرت بالقرب مني؟
لكن شوقي وحبي لمدينة بابا كركر, وكما وصفها البارزاني الخالد بقلب كردستان, أنستني كل شيء قد أتعرض له؟ وما هي لحظات حتى وصل صديقي, وكلي شوق لرؤية هذه المدينة والتعرف على قلعتها, أسواقها, وما هي دقائق حتى وصل صديقي, واستقبلني بحرارة ومضينا إلى منزله المليء بالدفء والحب في (رحيم آواه) , ومن هناك توجهنا إلى فرع نقابة الصحافيين في المدينة, وهناك التقيت برئيس النقابة في كركوك فقالوا لي إنه الصحافي (صديق شيخي) وهو شيوعي – وتعرفت على صحافيين عرب وصابئة وكانوا يناقشون في مختلف أمور المدينة وشجون الصحافة وواقعها في كركوك والعراق وكردستان خاصة, وقد كانت الروح الأخوية الصادقة تجمعهم.
موقفان اثنان حزا في قلبي أحدهما كنت كلي غبطة وفرح لا متناهياً هو هذا الجو الأخوي الرائع, حيث المحبة والسلام تجمع الكل, وشيء آخر أحزن قلبي – وأنا في هذه المدينة النارية, تذكرت الوطن السوري الجميل, وتذكرت أن الفكر القوموي العروبي يسيطر على نقابة الصحافيين, وتجري الانتخابات في جو شمولي خاص ممنوع الدخول إليه سوى الأقلام الخشبية؟ أولئك الذين لا يزالون يبحثون عن المزيد من المصالح الخاصة, والامتيازات النقابية هنا وهناك حيث الارتزاق, وتألمت لواقعنا نحن الأكراد السوريين وما نتعرض له من قمع حيث نمنع من إصدار الصحف الكردية, وتذكرت الأيام التي سجنت فيها قبل رحيل الرئيس حافظ الأسد بثلاثة أشهر, وأودعت سجن عدرا لأنني طبعت مجلة آسو الثقافية المستقلة في دمشق, وبدون إذن وزارة الإعلام؟! لكن نحن نسأل وزارة الاعلام أين قانون المطبوعات الذي يعترف بصحف الأثنيات الأخرى من كرد, سريان, وغيرهم؟!
أين الصحافة الحرة في سورية. وأين الصحف والمجلات التي تدخل إلى كل بلدة ومدينة وقرية, أين هي سورية الحضارة, سورية التي دخلت إليها المطبعة قبل كل من مصر ولبنان وغيرها, هل تعلمون أن أول مطبعة دخلت سورية هي في سنة 1702 إلى مدينة حلب حيث جاء بها الأخوة السريان, لكن أعزائي القراء أريد منكم أن تذكروا لي أسم صحافي واحد تألق وأصبح نجماً في تاريخ المنطقة, هل برز صحافي ولمع أسمه كحسنين هيكل- أو غسان تويني- سمير عطا الله – نبيل خوري أو – أنيس منصور, أو عباس البدري, أو مصطفى صالح كريم في العراق.
كانت الوجوه كثيرة تعمل بدأب ونشاط لا مثيل له, وفي إحدى الغرف كانت العشرات من الصحف التي كانت تصدر في كركوك باللغات الكوردية والتركية والعربية, وتوقفت عند جريدة (هوال) التي تصدر باللغة الكوردية, وجريدة (النبأ) باللغة العربية, وكنت قد كتبت فيها عن رحلاتي الكردستانية قبل عدة أشهر, ويكتب فيها أيضاً الصحفي, والناقد الفني جليل البصري, وشاهدت جرائد تركمانية تصدر باللغات العربية والتركية والكلدانية, وهناك جريدة( كركوك أمرو) (كركوك اليوم) وتصفحت الكثير من صفحاتها , وكانت غاية في الروعة الإخراجية من حيث المواد الجيدة التي كانت منشورة فيها, لكن للأسف تلقيت نبأ استشهاد الكاتب (مصطفى كرمياني) عقب التفجير الإرهابي الذي أودى بحياته وأطفأ شمعته في التفجير الإرهابي الذي تعرض له من قبل إحدى المجموعات الإرهابية في كركوك .
وفي نيسان من هذا العام قامت وزارة الثقافة الكوردية بتكريم العديد من الصحافيات الكورديات اللواتي ساهمن في الصحافة الكردستانية وكنت من بين المدعوين, من قبل وزير الثقافة الكوردية الأستاذ (فلك الدين كاكائي), وفيها كرم تلك الأقلام النسوية الرائعة الجريئة, كان الاحتفال غاية في الروعة, وقد حضر الاحتفال العديد من الشخصيات النسائية البارزة في كردستان كـ( د. كردستان مكرياني وشيرين آميدي وغيرهن من النساء اللواتي تبوأن مراكز مرموقة في الصحافة, كرئاسة الصحف النسائية وأولئك النساء اللواتي عملن في خدمة الاتحاد النسائي الكوردي والأدب الكوردي ومنهم الشاعرة الكوردية (مهاباد قره داغي) التي كانت حاضرة في هذا الاحتفال وتم التعارف بيننا وعرفتها بنفسي, وقد كلمتني بإسهاب عن زوجها (مصطفى كرمياني) وعن أسرتها, لكن للأسف لم تتح لي فرصة التعرف عليه , ثم ودعتها على أمل اللقاء بهم مجددا الأخت مهاباد وزوجها الأستاذ مصطفى كرمياني .
ولكن الإرهابيين جعلوا في قلبي حسرة كحسرتها على كل الصحافيين اللذين تغتالهم اليد الآثمة .
وهنا أشد على يديك أيتها الأخت العزيزة, ويد الأخ الكاتب قيس قره داغي وأقول لكم إنا لله وإنا إليه راجعون ولكم العمر الطويل ورحم الله كاتبنا الجريء وليمت هؤلاء الأرهاربيون.
———
*كاتب ورئيس تحرير مجلة آسو الثقافية الكردية في سوريا
*عضو نقابة الصحافيين في كردستان العراق
*عضو حركة الشعراء العالمي.
موقفان اثنان حزا في قلبي أحدهما كنت كلي غبطة وفرح لا متناهياً هو هذا الجو الأخوي الرائع, حيث المحبة والسلام تجمع الكل, وشيء آخر أحزن قلبي – وأنا في هذه المدينة النارية, تذكرت الوطن السوري الجميل, وتذكرت أن الفكر القوموي العروبي يسيطر على نقابة الصحافيين, وتجري الانتخابات في جو شمولي خاص ممنوع الدخول إليه سوى الأقلام الخشبية؟ أولئك الذين لا يزالون يبحثون عن المزيد من المصالح الخاصة, والامتيازات النقابية هنا وهناك حيث الارتزاق, وتألمت لواقعنا نحن الأكراد السوريين وما نتعرض له من قمع حيث نمنع من إصدار الصحف الكردية, وتذكرت الأيام التي سجنت فيها قبل رحيل الرئيس حافظ الأسد بثلاثة أشهر, وأودعت سجن عدرا لأنني طبعت مجلة آسو الثقافية المستقلة في دمشق, وبدون إذن وزارة الإعلام؟! لكن نحن نسأل وزارة الاعلام أين قانون المطبوعات الذي يعترف بصحف الأثنيات الأخرى من كرد, سريان, وغيرهم؟!
أين الصحافة الحرة في سورية. وأين الصحف والمجلات التي تدخل إلى كل بلدة ومدينة وقرية, أين هي سورية الحضارة, سورية التي دخلت إليها المطبعة قبل كل من مصر ولبنان وغيرها, هل تعلمون أن أول مطبعة دخلت سورية هي في سنة 1702 إلى مدينة حلب حيث جاء بها الأخوة السريان, لكن أعزائي القراء أريد منكم أن تذكروا لي أسم صحافي واحد تألق وأصبح نجماً في تاريخ المنطقة, هل برز صحافي ولمع أسمه كحسنين هيكل- أو غسان تويني- سمير عطا الله – نبيل خوري أو – أنيس منصور, أو عباس البدري, أو مصطفى صالح كريم في العراق.
كانت الوجوه كثيرة تعمل بدأب ونشاط لا مثيل له, وفي إحدى الغرف كانت العشرات من الصحف التي كانت تصدر في كركوك باللغات الكوردية والتركية والعربية, وتوقفت عند جريدة (هوال) التي تصدر باللغة الكوردية, وجريدة (النبأ) باللغة العربية, وكنت قد كتبت فيها عن رحلاتي الكردستانية قبل عدة أشهر, ويكتب فيها أيضاً الصحفي, والناقد الفني جليل البصري, وشاهدت جرائد تركمانية تصدر باللغات العربية والتركية والكلدانية, وهناك جريدة( كركوك أمرو) (كركوك اليوم) وتصفحت الكثير من صفحاتها , وكانت غاية في الروعة الإخراجية من حيث المواد الجيدة التي كانت منشورة فيها, لكن للأسف تلقيت نبأ استشهاد الكاتب (مصطفى كرمياني) عقب التفجير الإرهابي الذي أودى بحياته وأطفأ شمعته في التفجير الإرهابي الذي تعرض له من قبل إحدى المجموعات الإرهابية في كركوك .
وفي نيسان من هذا العام قامت وزارة الثقافة الكوردية بتكريم العديد من الصحافيات الكورديات اللواتي ساهمن في الصحافة الكردستانية وكنت من بين المدعوين, من قبل وزير الثقافة الكوردية الأستاذ (فلك الدين كاكائي), وفيها كرم تلك الأقلام النسوية الرائعة الجريئة, كان الاحتفال غاية في الروعة, وقد حضر الاحتفال العديد من الشخصيات النسائية البارزة في كردستان كـ( د. كردستان مكرياني وشيرين آميدي وغيرهن من النساء اللواتي تبوأن مراكز مرموقة في الصحافة, كرئاسة الصحف النسائية وأولئك النساء اللواتي عملن في خدمة الاتحاد النسائي الكوردي والأدب الكوردي ومنهم الشاعرة الكوردية (مهاباد قره داغي) التي كانت حاضرة في هذا الاحتفال وتم التعارف بيننا وعرفتها بنفسي, وقد كلمتني بإسهاب عن زوجها (مصطفى كرمياني) وعن أسرتها, لكن للأسف لم تتح لي فرصة التعرف عليه , ثم ودعتها على أمل اللقاء بهم مجددا الأخت مهاباد وزوجها الأستاذ مصطفى كرمياني .
ولكن الإرهابيين جعلوا في قلبي حسرة كحسرتها على كل الصحافيين اللذين تغتالهم اليد الآثمة .
وهنا أشد على يديك أيتها الأخت العزيزة, ويد الأخ الكاتب قيس قره داغي وأقول لكم إنا لله وإنا إليه راجعون ولكم العمر الطويل ورحم الله كاتبنا الجريء وليمت هؤلاء الأرهاربيون.
———
*كاتب ورئيس تحرير مجلة آسو الثقافية الكردية في سوريا
*عضو نقابة الصحافيين في كردستان العراق
*عضو حركة الشعراء العالمي.