محمد قاسم (ابن الجزيرة)
ibneljezire@maktoob.com
ibneljezire@maktoob.com
كان أرسطو- ومن في عصره – يعتقد بان المعرفة كامنة في العقل، وما على العقل سوى إتباع الطرق الصحيحة لاستخراج هذه المعرفة (العلم) أو اكتشافها.
وقال شاعر كبير (أبو الطيب المتنبي):
الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول وهي المحل الثاني
والحديث عن مثل هذا الموضوع طويل وغزير ومتشعب.. ولكن السؤال هو :
كيف يتم التقدم؟
تقدم الإنسان الفرد، وتقدم الإنسان المجتمع؟.
قد يبدو طرح السؤال واضحا في ذهن البعض، ولكنه شديد الغموض في ذهن الأغلبية من الناس، بدليل أن أفرادا كثرا يعيشون حالة تخلف (في الوعي،في الأداء، في بلوغ الأهداف –مهما كانت-) وبدليل أن مجتمعات كثيرة تعيش حالة تخلف في مستوى الوعي العام، وفي مستوى الحال الاجتماعية، وفي مستوى الحال الاقتصادية.. والأدبية والعلمية والسياسية..الخ. وربما تقدم في ميدان وتخلف في آخر، كأن يتقدم في الأدب نوعا ولكنه يتخلف علميا مثلا، او يتقدم علميا ويتخلف أخلاقيا ربما.. وهكذا
لذا يبقى السؤال قائما وبقوة: كيف يتم التقدم ؟
ربما ظن البعض أن حروبا قام بها شعوب يتصف أبناؤها بالشجاعة وقبول الموت فتقدمت..
وربما ظن البعض أن القدرة على اقتناء المال (الاقتصاد) يوفر القدرة على التقدم..
وربما جمع البعض بين الأمرين.. بل بينهما وبين حالات أخرى أيضا.. ولكن كيف يتم التقدم؟
لنعد إلى البداية. العلم في العقل، والعقل يكتشفه بوسائله.. والتي اسماها أرسطو المنطق (آلة العلم أو صورته-هكذا عرفه أرسطو).
وإذا كنا قد نخالفه في نظرته إلى العلاقة بين العلم والعقل، لأن الواقع بيّن أن علوما ونتائجها قد اكتشفت بالتجربة، وهذا الاكتشاف هو ما دعا فرانسيس بيكون لمعارضة أرسطو حتى في عنوان الكتاب الذي ألفه حيث سمى كتابه ((الآلة الحديثة-neworganon.)
وبذلك لم يقتصر- كما فعل أرسطو- على تطابق الفكر مع ذاته، بل تعدى ذلك إلى تطابق الفكر مع الواقع أيضا (تطابق الفكر مع نفسه ومع الواقع) وكانت هذه الخطوة الحاسمة التي بدأ القرن السادس عشر بها مسيرته العلمية:
الأخذ بأسباب العلم، إتباع منهج منطقي علمي للوصول إلى الحقائق، والانطلاق من هذه الحقائق (النتائج) في التأسيس للتفاعل مع معطيات الكون جميعا-المادية خصوصا- وهكذا فعل الغرب فانكشفت أمامهم الحقائق العلمية على شكل اختراعات استثمرت في تسهيل الحياة منذ الكهرباء وما بني عليها، ومرورا باكتشاف بنية الذرة واستخداماتها الهائلة سلاحا للحروب أو وسيلة للتقنية السلمية، وكذلك الكمبيوتر ودوره في كل ميدان وأجهزة الاتصالات المختلفة.. باختصار كل التكنولوجيا التي غيرت وجه العالم، وسهلت أسلوب الحياة والمعالجة والتنقل…الخ.
إذن سبيل التقدم هو الأخذ بأسباب العلم والتكنولوجيا (تطبيق المكتشفات العلمية على الواقع). ولكن هل فعل المجتمع العربي والمجتمع الشرقي عموما ذلك؟
بالطبع.. لا ..ما عدا الهند وباكستان وماليزيا وبعض دول شرق آسيا. وهي إن وصلت إلى بعض علم وتكنولوجيا إلا أنها لم تحسن استثمارا كافيا يعود على شعوبها بالسعة والرفاه بسبب ظروف حياتها السياسية ، سواء أكانت بسببها هي نفسها كأنظمة، أو بسبب ظروف تكوينية ثقافية لشعوبها التي لا تزال مرتبطة بشدة إلى الإرث التاريخي بطريقة انفعالية عاطفية، تحول دون الاندماج مع مقتضيات التطور التكنولوجي المتناقضة –أحيانا – مع عقائد دينية أو اجتماعية لديهم (حتى المسابقات الترفيهية أو التي تعتبر علمية لا تخرج عن إطار التاريخ في صياغتها). الماضي يأسر الحاضر، وفي الحاضر السياسة المستبدة تأسر الفكر الحر والإمكانية العلمية..!
وفي حالة البلاد العربية فإن كل المعطيات تقف بالضد من إمكانية التقدم بسبب أسر السياسة الاستبدادية –مهما كان اسم شكل الحكم فيها- لكل الطاقات الفكرية والعلمية الخلاقة في جماجم أبناء شعبها..!
فيكفي أن يختلف عالم ذرة مثلا، مع اتجاه النظام الحاكم السياسي.. أو معتقدات الرموز الدينية والاجتماعية .. حتى يكون: إما قابعا في سجون النظام-د.عارف دليلة مثلا في سوريا- أو عرضة لاغتيال ملثم طائش ومأجور.. بحجج -أصبح ابتذالها معروفا للجميع-.
فكيف يمكن لمجتمع أن يتقدم إذا لم يحسن تقدير التأثير المستقبلي لعلمائها ومفكريها على واقعه..؟!
لذا يبقى السؤال قائما وبقوة: كيف يتم التقدم ؟
ربما ظن البعض أن حروبا قام بها شعوب يتصف أبناؤها بالشجاعة وقبول الموت فتقدمت..
وربما ظن البعض أن القدرة على اقتناء المال (الاقتصاد) يوفر القدرة على التقدم..
وربما جمع البعض بين الأمرين.. بل بينهما وبين حالات أخرى أيضا.. ولكن كيف يتم التقدم؟
لنعد إلى البداية. العلم في العقل، والعقل يكتشفه بوسائله.. والتي اسماها أرسطو المنطق (آلة العلم أو صورته-هكذا عرفه أرسطو).
وإذا كنا قد نخالفه في نظرته إلى العلاقة بين العلم والعقل، لأن الواقع بيّن أن علوما ونتائجها قد اكتشفت بالتجربة، وهذا الاكتشاف هو ما دعا فرانسيس بيكون لمعارضة أرسطو حتى في عنوان الكتاب الذي ألفه حيث سمى كتابه ((الآلة الحديثة-neworganon.)
وبذلك لم يقتصر- كما فعل أرسطو- على تطابق الفكر مع ذاته، بل تعدى ذلك إلى تطابق الفكر مع الواقع أيضا (تطابق الفكر مع نفسه ومع الواقع) وكانت هذه الخطوة الحاسمة التي بدأ القرن السادس عشر بها مسيرته العلمية:
الأخذ بأسباب العلم، إتباع منهج منطقي علمي للوصول إلى الحقائق، والانطلاق من هذه الحقائق (النتائج) في التأسيس للتفاعل مع معطيات الكون جميعا-المادية خصوصا- وهكذا فعل الغرب فانكشفت أمامهم الحقائق العلمية على شكل اختراعات استثمرت في تسهيل الحياة منذ الكهرباء وما بني عليها، ومرورا باكتشاف بنية الذرة واستخداماتها الهائلة سلاحا للحروب أو وسيلة للتقنية السلمية، وكذلك الكمبيوتر ودوره في كل ميدان وأجهزة الاتصالات المختلفة.. باختصار كل التكنولوجيا التي غيرت وجه العالم، وسهلت أسلوب الحياة والمعالجة والتنقل…الخ.
إذن سبيل التقدم هو الأخذ بأسباب العلم والتكنولوجيا (تطبيق المكتشفات العلمية على الواقع). ولكن هل فعل المجتمع العربي والمجتمع الشرقي عموما ذلك؟
بالطبع.. لا ..ما عدا الهند وباكستان وماليزيا وبعض دول شرق آسيا. وهي إن وصلت إلى بعض علم وتكنولوجيا إلا أنها لم تحسن استثمارا كافيا يعود على شعوبها بالسعة والرفاه بسبب ظروف حياتها السياسية ، سواء أكانت بسببها هي نفسها كأنظمة، أو بسبب ظروف تكوينية ثقافية لشعوبها التي لا تزال مرتبطة بشدة إلى الإرث التاريخي بطريقة انفعالية عاطفية، تحول دون الاندماج مع مقتضيات التطور التكنولوجي المتناقضة –أحيانا – مع عقائد دينية أو اجتماعية لديهم (حتى المسابقات الترفيهية أو التي تعتبر علمية لا تخرج عن إطار التاريخ في صياغتها). الماضي يأسر الحاضر، وفي الحاضر السياسة المستبدة تأسر الفكر الحر والإمكانية العلمية..!
وفي حالة البلاد العربية فإن كل المعطيات تقف بالضد من إمكانية التقدم بسبب أسر السياسة الاستبدادية –مهما كان اسم شكل الحكم فيها- لكل الطاقات الفكرية والعلمية الخلاقة في جماجم أبناء شعبها..!
فيكفي أن يختلف عالم ذرة مثلا، مع اتجاه النظام الحاكم السياسي.. أو معتقدات الرموز الدينية والاجتماعية .. حتى يكون: إما قابعا في سجون النظام-د.عارف دليلة مثلا في سوريا- أو عرضة لاغتيال ملثم طائش ومأجور.. بحجج -أصبح ابتذالها معروفا للجميع-.
فكيف يمكن لمجتمع أن يتقدم إذا لم يحسن تقدير التأثير المستقبلي لعلمائها ومفكريها على واقعه..؟!