سيداي كلش يرحلُ بهدوء, ويودّعُ بدمعة

  نارين عمر

على الرّغم من علمنا نحنُ البشر جميعاً بأنّ يدَ الملكِ ستلامسُ روحنا في القريبِ العاجل,أو في البعيدِ الآجل,وأنّ الكائناتِ كلها تعيشُ ضيوفاً على شرفِ الكونِ,على الرّغم من ذلكَ نظلّ نبكي على مَنْ يمدّ يده ليدِ الملكِ,ويرحلُ معه إلى حيثُ العالمُ الآخر الذي لا يعرفُ كنهه سوى خالقه,ونظلّ نأسفُ, ونحزنُ وكأنّنا نحاولُ أن نتناسى أنّنا مثله راحلون لا محالة
وقد يكونُ وقعُ الخبرِ أكثرَ ثقلاً إذا كانَ الرّاحلُ ممّنْ نذر حياته الدّنيوية لِمَا كان يسعى إليه من تحقيق السّلام والخير والطّمأنينةِ له ولشعبه ولسائر البشر انطلاقاً من ذلك,أرى أنّه كان لزاماً علينا أن نذرفَ الدّموعَ بحرقةٍ البارحة /الاثنين18/6/2007/ على راحلٍ قضى عمره المديد محاولاً أن يغرسَ غرسة ودّ وسلام في حدائقِ شعبه الكرديّ وحدائق الإنسانية,سواء من خلال عمله الأدبي,كشاعرٍ كلاسيكيّ, وبغضّ النّظر عمّا كان يكتب,وكيف كان يكتب,ظلّ يكتبُ الشّعر وحسب قناعاته,لأنّه وجدَ فيه الوسيلة الأكثر تاثيراً في النّفوس,والأكثر إيصالاً للفكرة التي يودّ طرحها,أو التّعبير من خلالها عمّا يجولُ في خاطره ووجدانه,وظلّ جريئاً في كتابته,وفي شعره,وفي آرائه وأفكاره,ولم يأبه لمَا كان يُثار حوله وحولَ ما يكتب ويطرحُ من أفكار وآراء وملاحظات.ربّما كان يبرّرُ ذلك بأنّه يكتبُ ويطرحُ عصارة فكره ووجدانه المنبثقين من نبع حبّه لأسرته ومجتمعه وشعبه والإنسانية ككلّ.
سيداي كلش, امتدّ عمره بين قرنين( 1/1/1925 و18/6/2007) وعاصرَ خلال هذا العمر المديد أجيالاً عدّة,من الكتّاب والشّعراءِ والسّياسيين والقياديين وعامّة النّاس وخاصتهم, امتطى صهوة الحياةِ,بغثّها وسمينها,عامَ بين تيّارات الدّهر,القوّية منها والهادئة,نالَ حظه من القدر ما نالَ,وظلّ صامداً وقادراً على مواجهة كلّ ما يعترضُ طريقه,لأنّه كان مفعماً بإيمان عميق بأن الحياة يجب أن تُعاش بأمل على الرّغم من شراسةِ اليأس, وأنّ العمر يجب أن يُكلّلَ بما فيه خيرنا وخير البشر,طويلاً كان أم قصيراً,وأنّ كلّ لحظةٍ تمرّ تدوّنُ نفسها في ذاكرةِ تاريخنا الشّخصيّ والعام.
إنّني إذ أعزّي نفسي وأعزي القلم, أعزّي أسرته الفاضلة وأتمنّى لهم الصّبر والسّلوان.
كما أعزّي رفاقَ دربه وأصدقاءه وزملاءه.

إنّا لله وإنّا إله راجعون.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف

إلى أنيس حنا مديواية ذي المئة سنة صاحب أقدم مكتبة في الجزيرة

 

ننتمي إلى ذلك الجيل الذي كانت فيه الكتابة أمضى من السيف، لا بل كانت السيف ذاته. لم تكن ترفاً، ولا وسيلة للتسلية، بل كانت فعلاً وجودياً، حاسماً، مزلزلاً. فما إن يُنشر كتاب، أو بحث، أو مقال مهم لأحد الأسماء، حتى نبادر إلى قراءته، ونتناقش فيه…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…