سيامند إبراهيم
تسير الحياة غير آبهة لشيء, وتدور عجلات الزمان إلى الأمام, وتتسع واحة الأفراح والمباهج, وفي نفس الوقت تزداد جزيئات من تراجيدية الزمن التي تلتف حول أعناقنا, إنها الحياة التي تغدو سريعاً كمسيل السيل الذي يجر معه مختلف أنواع المصائب والنوائب, هي دورة الأيام وهي تحمل في ثناياها الحلو والمر, وهي لا تأبه لأي نداء داخلي يختلج في قلوبنا
تسير الحياة غير آبهة لشيء, وتدور عجلات الزمان إلى الأمام, وتتسع واحة الأفراح والمباهج, وفي نفس الوقت تزداد جزيئات من تراجيدية الزمن التي تلتف حول أعناقنا, إنها الحياة التي تغدو سريعاً كمسيل السيل الذي يجر معه مختلف أنواع المصائب والنوائب, هي دورة الأيام وهي تحمل في ثناياها الحلو والمر, وهي لا تأبه لأي نداء داخلي يختلج في قلوبنا
أجل يخرج من القلب ليسطر الآمال والآلام, وهي تتناوب في إيقاظ ألم الخوالي المأسوية, بسبب ذاكرتنا جبلت بأحداث مرةٍ وتمتلئ مرة ثالثة, ومائة بالخيبات التي أصابتك, وعلاوة على هذه التراجيديات, تنمو طحالب المغرضين, تتغذى هذه الطحالب وتخرج من قاع أماكن وبؤر غير نظيفة, ويحاولن تحريف أشياء لم تقوم بها, أو تتخيل أدمغتهم المريضة أشياء لاكتها وأجترتها ألسن تفوق الجِمالَ في اجترار القصص والروايات, هذا الإلصاق يبعث في القلب الأسى عن هذا الإسفاف اللاأخلاقي, تحاول التكيف وتنطلق نحو آفاق جديدة, تتعرف على أصدقاء جدد, يقتربون كثيراً من عالمك, يظهرون الود, لكن ثمة سموم الكوبرا تخرج من أنيابهم, يتظاهرون بشفافية القلب الرقيق, يتظاهرون بالوفاء أكثر من السموءل, لكن هيهات أن تنقى قلوبهم, هكذا هو مسيل حياتهم, إنه خراب الحياة, وخراب الدورة الدموية لدى الغالبية العظمى في الشرق, مرض الأنا, الأنا المثقف, الأنا السياسي, إنها حياة الإنسان المتشعبة والمملوءة بالفوضى المزروعة في أعماق القلوب, وهنا لا يستطيع أحد أن ينقد, ويقول: أنا السياسي الذي لا يصل أحد إلى مستواي, وكذلك المثقف, وهنا تعود بي الذاكرة إلى أحد فرسان وملوك الأكراد العظماء إنه أبو مسلم الخراساني الذي قضى على الدولة الأموية وقدم الحكم على طبق من ذهب للعباسيين, وقد قوبل هذا الإحسان بقتله غدراً, وعندما سئل عن هذه المكانة والنجاح الذي وصل إليه فقال : “إنني لم أؤجل عمل اليوم إلى الغد” إنه الوقت كما شبهه أحد بقوله الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك, لذا يجب علينا أغتنام الفرص قبل زوالها, وكسب كل شيء يقدمنا درجات إلى الأمام قبل أن يدركنا العمر, أما بالنسبة لي فإنني أنظر إلى مكتبتي, وأنظر إلى هذه الكتب العربية والكردية, وأقول متى سأنتهي فعلياً من قراءة هذه الكتب؟, متى تصبح هذه الكتب لقمة سائغة في قلبي, وأتقدم معرفياً أكثر وأكثر, متى ألتقط جميع دقائق وعلوم هذه الكتب الرائعة المنتقاة, وأنا الذي كنت اخترتها من بين مئات الكتب المعروضة في أسواق بيروت وعمان ودياربكر وكردستان, متى نتخلص من رقابة العسس وتصل هذه الكتب إلى منزلك بسلام, ألا يفكرون بهذه النعمة العلمية الرائعة, الانترنت, الذي كسر الحواجز وماتت الرقابة, تترك المكتبة وتتجه نحو حاسوبك وتبدأ بقراءة شيئاً ما بالنسبة لي وللكثيرين مات القلم, الحاسوب الذي استحوذ على كل شيء في حياتنا أتصبب عرقاً في هذا المساء القامشلاوي الساخن, الصمت يجوس في المكان, نداء الصرصار يؤرقني, أنظر إلى القمر وهو يمشي ويختال في مسيرته, خيوطه الفضية تلفها بعض الغمام الخفيف, وفي هذا الجو الشبه صحراوي, تتصبب عرقاً, وتخرج من المكتبة إلى الفراش حيث السرير العالي الذي يستقبلك, ويمد يديه إليك, وتبتعد عن نوعين من الحشرات, الأولى الليلية, والثانية الحشرات النهارية الذين يزينون لك أجمل باقات الورد المحكي المنثور وعليه شتى أنواع الدسائس الرخيصة, كثيرة هي الأسئلة التي تدور في ذهنك, يرن جرس الهاتف, ثمة شكوى من صديق يشكو فيه الوضع المزري ويتابع بالسؤال عن الأحوال فقلت له: يا لقد أكتب يومياً وأقرأ أكثر مما أكتب, كم نحن حاجة يا صديقي إلى شحن أنفسنا بالمزيد من ماء الورد الصافي, ماء النقاء والعذوبة والطهارة من دن الحياة الرائعة, لماذا لا تتحول القلوب نحو العطاء الشريف, لماذا الحسد؟ لماذا نواجه المعروف والإحسان بالبغضاء, أهذه هي التربية التي تربينا عليها, أهذه مختلف القيم التي درسناها في كل المحافل, وفي مدرسة الحياة التي استقبلتنا بحرارة الولادة الأولى ؟ إنها الحياة التي سوف نرى في أضلعها أشياء أخرى بحلوها ومرها, لكن لنسبر أغوار القلوب ونبحث عن الشفافية التي تزيد من رقة قلوبنا في زحمة هذه الحياة.
Siyamend02@yahoo.com
Siyamend02@yahoo.com